عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : إرشـاد الأدعـيــة
افتراضي لماذا يتأخر وقوع العقوبة على الظالم رغم دعاء المظلوم عليه ؟
قديم بتاريخ : 03-10-2016 الساعة : 07:26 AM

أفتوني يا فضيلة الشيخ وجزاكم ربي خيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير فضيلة الشيخ الكريم
لماذا يا شيخ الناس الطيبين والمؤمنين يعيشون حياة قاسية وصعبة ويتعرضون للأذى والناس الشريرين حياتهم سهلة ؟ أقاربنا يا فضيلة الشيخ يؤذوننا ويؤذون والدتي وخالاتي ويعيشون حياة مرفهة ونحن العكس وندعو عليهم لأنهم يظلموننا ويؤذوننا كثير ولكن لم ينتقم منهم الله .
لماذا يا شيخنا ؟
بارك الله فيكم

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك .

أولا : الدنيا دار ابتلاء واختبار ، ومِن الابتلاء : ابتلاء الأخيار بالأشرار ، كما ابْتُلِي آدمَ بإبليس .
وربّما كان هذا الابتلاء مما تُغفر به الذنوب ، وتُكفّر به السيئات ، وتُرْفَع به الدَّرَجات في الآخرة إذا صَبَر واحتسب الأجر مِن الله ، ولم يُكثر الشكوى ، ولم يتسخّط .

ثانيا : ربما سُلِّط الأشرار على الأخيار بِسبب ذنوبهم ، وكان السَّلَف يَرَون أن تسليط الأشرار عليهم إنما هو بسبب ذنوبهم .

ولذلك : لَمَّا أغلظ رجل في القول للإمام وَكِيع بن الجرّاح دخل وَكِيعٌ بيتًا فَعَفَّر وَجهه ، ثم خرج إلى الرجل . فقال : زِدْ وَكِيعا بِذَنْبِه ، فَلَوْلاه ما سُلِّطت عليه .
أي لولا ذنوبي لَمَا سُلّطت عليّ تُغلظ لي القول .

ولَمَّا استطال رجل على أبي معاوية الأسود ، فقال له رجل كان عنده : مه ! فقال أبو معاوية : دعه يَشْتَفِي ، ثم قال : اللهم اغفر الذّنب الذي سَلَّطت عليّ به هذا .

ومِن فقه المصيبة أن يَنظر الإنسان إلى سبب وقوعها ..
قال الحسن : إن الرَّجل كان يُشاك الشّوكة يقول : إني لأعلم أنك بِذَنْب ، وما ظَلَمَني ربي عزّ وجَلّ . رواه الإمام أحمد في " الزهد " .

ثالثا : عَلينا أن ننظر إلى ذنوبنا ، ونَعْرِف ما يترتّب عليها مِن آثار ، دون تزكية لنفوسنا بالطِّيبة والسلامة مِن الذنوب ، فإنه ما مِن أحدٍ يَخلو مِن ذنوب .
قال الله عَزّ وَجَلّ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا) .
وقال تبارك وتعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) .

رابعا : لا يُستجاب للظَّالِم ، وربما كان المظلوم هو الظَّالِم دون أن يشعر بذلك ، وذلك إذا استوفى حقّه مِن الظِّالِم وزاد عليه ، فالذي يَقَع في عِرْض مَن ظَلَمه ، ويَتكلَّم فيه ، ويَشتمه في كل مجلس ، ويدعو عليه ، قد يكون اسْتَوْفَى حقَّه وزيادة ؛ فيكون حينئذ ظالِمًا ، وليس مظلوما .

وهذا كثير ومُشاهَد : فكثير مِن الناس إذا ظُلِم لم يَكن له هَمّ إلاّ الكلام فيمن ظَلَمه ، والوَقِيعة فيه ، وسَبّه وشَتْمه ، وربما لو تَمَكَّن مِن الاقتصاص منه في مال أو غيره ؛ لاقْتَصّ منه ، متأوِّلاً أنه يأخذ حقّه ممن ظَلَمه !
فَيَنْقَلِب الْمَظْلُوم ظَالِمًا ، وهو لا يشعر .

وربما اشْتَدّ الاعتداء مِن المظلوم حتى يَقَع في الكفر هو لا يشعر .
فإذا دعا المظلوم على الظالِم مثلا : بالخلود في النار والتأبيد فيها ، فإن هذا الدعاء كُفر ، كما بيّنه الإمام القرافي ، فإنه قال عن قَاعِدَةِ مَا هُوَ مِنْ الدُّعَاءِ كُفْر :
القسم الثاني : أن يَطلب الداعي مِن الله تعالى ثبوت ما دلّ القاطع السمعي على نَفْيِه وله أمثلة :
الأول : أن يقول : اللهم خَلِّد فلانا المسلم عَدوّي في النار ، ولم يُرِد به سُوء الخاتمة ، وقد أخبر الله تعالى إخبارا قاطعا بأن كُل مُؤمن لا يُخلَّد في النار ولا بُدّ له من الجنة لقوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) ، فيكون هذا الدعاء مُسْتَلزِما لتكذيب خَبر الله تعالى ؛ فيكون كُفرا . اهـ .

وهذا خِلاف الحكمة مِن الابتلاء ، وهي التمحيص والمغفرة ورِفعة الدرجات ، إلاّ أن بعض الناس إذا ابْتُلِي كَفَر .
قال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)
قال قُطْرب : نِعم العبد الصبار الشكور ، الذي إذا أُعْطِي شكر وإذا ابْتُلِي صبر .
وقال عَون بن عبد الله : فَكَم مِن مُنْعَم عليه غير شاكر ، وكَم مِن مُبْتَلى غير صابر .
وقال قتادة : نِعمَ العبدُ عَبْدٌ إذا ابْتُلِي صَبَر، وإذا أُعْطِي شَكَر .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عَجَبا لأمْر المؤمن ، إن أمْرَه كُله خير ، وليس ذاك لأحدٍ إلاّ للمؤمن ؛ إن أصابته سَرّاء شكر ، فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء ، صَبَر ، فكان خيرا له . رواه مسلم .

قال أحمد بن أبي الحوارى : قلت لِسُفيان بن عُيينة : مَن الزاهد في الدنيا ؟ قال : مَن إذا أُنْعِم عليه شَكَر ، وإذا ابْتُلِي صَبَر ، فقلت : يا أبا محمد ، قد أُنْعِم عليه فَشَكَر ، وإذا ابْتُلِي فَصَبَر ، وَحَبَس النعمة ، كيف يكون زاهدا ؟ فقال : اسكُت ، مَن لَم تَمْنَعه النعماء مِن الشُّكْر ، ولا البَلوى من الصَّبر ، فذلك الزاهد . رواه ابن أبي الدنيا في " الزهد " .

خامسا : قد يُستجاب للمظلوم إذا لم يعتدِ في دعائه ، وليس مِن شَرْط إجابة الدعاء أن يَرى المظلوم الانتقام ممن ظَلَمه ؛ لأن المسلم إذا دَعَا – ولم يتلبّس بشيء مِن موانع إجابة الدعاء – فالاستجابة تكون على ثلاث صُور ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : ما مِن مُسلم يدعو بِدَعوة ليس فيها إثم ، ولا قطيعة رَحِم ، إلاَّ أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن تُعَجَّل له دعوته ، وإما أن يَدَّخِرها له في الآخرة ، وإما أن يَصرف عنه مِن السوء مثلَها . رواه الإمام أحمد . وهو حديث صحيح .

فَعلينا أن ندعو الله ، وليس لَنَا أن نُحدد نوع إجابة الدعاء .

وادِّخار وتأجيل الإجابة إلى يوم القيامة خير للعبد مِن استجابة دُعائه على مَن ظَلَمه في الدنيا .

ويوم القيامة يتمنّى الإنسان أن يَجِد حسنة واحدة ، ولو مِن أقرب الناس إليه .
قال ابن مسعود رَضي الله عنه : يُؤخَذ بِيَدِ العَبْد أوْ الأمَة يَوْم القِيَامَة فيُنْصَب على رُؤوس الأوَّلِين والآخِرِين ، ثم يُنادِي مُنَادٍ : هذا فُلان بن فُلان ، مَن كَان لَه حَقّ فَلْيَأتِ إلى حَقِّه ؛ فَتَفْرَح الْمَرْأة أن يَدُور لَهَا الْحَقّ عَلى أبِيهَا ، أوْ عَلى زَوْجِهَا ، أوْ عَلى أخِيهَا ، أوْ على ابْنِهَا ، ثُمّ قَرأ ابنُ مَسْعُود : (فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ) .

وسبق :
هذا بِذنْبِي
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2050

وسبق الجواب عن :
كيف نُوفّق بين حديث (إن العبد ليحرم الرزق من ذنب يصيبه) وبين التوسيع على العصاة في الرزق ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10428

لماذا يملك العاصون والمجاهرون بالمعصية اموالا طائلة؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9454

هل الدعاء على الظالم يخفِّف مِن عقوبته ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10958

إذا دعا المظلوم بأكبر مما تعرض له .. هل تستجاب دعوته ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15202

سؤال عن معنى قولك : (وربما كانت ذنوب المظلوم حِراسة للظالِم) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9987

هل يأثم والداي بالقطيعة لأن أقاربنا يُسيئون إليهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6724

ما حكم قطيعة الرحم في حالة الخوف من مكرهم وكيدهم وحسدهم و من عمل سحر ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3050

كيف أعفو عمّن ظلمني ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10051

صديقاتي يغتبن الناس ويقُلْنَ أنّ السيئة لا تُكتَب إلا بعد ساعة . فما صحّة هذا القول ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13084

ما حُكم قول عظم الله أجرك يا وطن ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13691

والله تعالى أعلم .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إذا دعا المظلوم بأكبر مما تعرض له .. هل تستجاب دعوته ؟ نسمات الفجر إرشـاد الأدعـيــة 0 17-12-2014 12:44 AM
يتأخر في السجود حتى يكبر الإمام للسجدة الثانية راجية العفو إرشــاد الـصــلاة 0 03-10-2012 03:54 PM
لماذا لا يتفاعل العالم الإسلامي، مع بداية رأس السنة الهجرية، رولينا قسـم الفقه العـام 0 18-02-2010 06:20 PM
ما صِحة دعاء آدم عليه السلام الذي دعا به فتاب الله عليه ؟ عبق إرشـاد الأدعـيــة 0 17-02-2010 11:17 PM
دعاء ( اللهم بلّغنا رمضان ) لماذا لا نعتبره بدعة ؟ نسمات الفجر إرشـاد الأدعـيــة 0 14-02-2010 01:23 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 01:31 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى