عبق
عضو مميز
رقم العضوية : 8
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في أرض الله الواسعة
المشاركات : 1,788
بمعدل : 0.34 يوميا

عبق غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبق


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم العقـيدة والـتوحيد
افتراضي استفسارات ونقاش حول صفات الله تعالى ومنهج السلف فيها وهل هي معلومة المعنى ؟
قديم بتاريخ : 07-03-2010 الساعة : 05:35 PM

السلام عليكم
ما رأيكم بالرأي القائل بالتفويض أي تفويض هذه النصوص إلى الله تعالى وعدم الخوض فيها والإيمان بها على سبيل الإجمال، أي الإيمان بما علم الله أنه الحق، وإمرارها كما جاءت بلا كيف ولا معنى، مع تنـزيه الله تعالى عن الاتِّصاف بشيء من سمات نقص وهذا هو الذي كان عليه جمهور السلف ، كانوا لا يخوضون في هذه الأمور ولا يتكلمون فيها، بل ينهون عامة الناس عن الكلام فيها، ويأمرونهم بتنـزيه الله تعالى عن سمات النقص.



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك

التفويض ليس هو مذهب السلف ، بل هو مذهب الخلف الذين فـرُّوا من إثبات الصفات فقالوا بالتفويض .

ومذهب السلف إثبات الصفات كما أثبتها الله تبارك وتعالى لنفسه من غير تمثيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تعطيل ، ويُثبتون ما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم كذلك .
إلاّ أن سلف هذه الأمة لا يتكلّفون الكلام في كيفية الصفات ، إذ لا يجوز السؤال عن كيفية الصفة ، لقصور العقول عن إدراك بعض المحسوسات فكيف تُدرك من لا تُدرِكه الأبصار ؟
ولذا اشتهر عن الإمام مالك رحمه الله أن رجلاً سأله فقال : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) كيف استوى ؟
فأطرق مالكٌ وأخذته الرحضاء - يعني العَرَق - ثم رفع رأسه فقال : الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ، ولا يُقال : كيف ، وكيف عنه مرفوع ، وأنت صاحب بدعة . أخْرِجُوه .
وفي رواية قال : الكيف غير معقول ، والاستواء منه غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وإني أخاف أن تكون ضالاً ، وأمَرَ به فأُخْرِج .

وهذا معنى قولهم : أمرُّوها كما جاءت .

فالمقصود بها عند السلف عدم السؤال عن الكيفية ، أن لا يُسأل عن الكيفية بل تُمـرّ كما جاءت ، بلا كيفية .

روى أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن الأوزاعي قال : سُئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث ، فقال : أمرُّوها كما جاءت .
وروى أيضا عن الوليد بن مسلم قال : سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات ، فقالوا : أمِرّوها كما جاءت ، وفي رواية ، فقالوا : أمروها كما جاءت بلا كيف . وكذاك قال الشافعي ، حكاه عنه البيهقي .

فهذا معنى قول السلف : أمرِّوها كما جاءت . أي بلا كيف ، لا أنه لا يُعرف معنى الاستواء مثلا ، وإنما لا يُسأل عن كيفية الاستواء لعدم العلم بها .

والله تبارك وتعالى أخبر عن نفسه أنه استوى على عرشه .
فإما أن يُثبت لله ما أثبته الله لنفسه ، وإما أن ينُكر ما أثبت الله لنفسه .
وقد يقع إنكار ما أثبته الله لنفسه تحت اسم التأويل ، فـيُحرّف المعنى ويُصرف عن ظاهره .

وهذا خلاف ما عليه سلف هذه الأمة ، فإن السلف يُثبتون لله ما أثبته لنفسه ، من غير تحريف ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف .
أي لا يسألون عن كيفية الصفة .

وهذا ما يدلّ عليه قوله عليه الصلاة والسلام : تفكّروا في آلاء الله ، ولا تفكّروا في الله . رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان ، وحسنه الألباني .

ومن حَـاد عن هذه الجادة فَقَدَ الصواب !

قال الإمام الرازي - وهو من المتكلّمين - بعد أن جرّب الطرق الكلامية ، والمذاهب الفلسفية قال :
لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا .

وقال أيضا :
واعلم أن بعد التوغل في هذه المضائق والتعمق في الاستكشاف عن أسرار هذه الحقائق رأيت الأصوب الأصلح في هذا الباب طريقة القرآن العظيم والفرقان الكريم وهو ترك التعمق والاستدلال بأقسام أجسام السموات والأرضين على وجود رب العالمين ثم المبالغة في التعظيم من غير خوض في التفاصيل ، فاقرأ في التنـزيه قوله تعالى : ( والله الغني وأنتم الفقراء ) وقوله تعالى : ( ليس كمثله شيء ) وقوله تعالى : ( قل هو الله أحد ) واقرأ في الإثبات قوله : ( الرحمن على العرش استوى ) وقوله تعالى : ( يخافون ربهم من فوقهم ) وقوله تعالى : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) وقوله تعالى : ( قل كلٌّ من عند الله ) وفي تنـزيهه عما لا ينبغي قوله : ( ما أصابك من حسنة فمن الله ) الآية ، وعلى هذا القانون فقس . اهـ .

والخلاصة - حفظك الله - أن السلف يُثبتون المعنى دون الكيف ، فالمعنى معلوم والكيف مجهول .

والله تعالى أعلم .
===========================

الأخ الشيخ المحترم
أرجو أن تتحمل مناقشتي لك.
أنت قلت(فهذا معنى قول السلف : أمرِّوها كما جاءت . أي بلا كيف ، لا أنه لا يُعرف معنى الاستواء مثلا ، وإنما لا يُسأل عن كيفية الاستواء لعدم العلم بها .) وهذا لم افهمه من قول السلف.
ما فهمته هو ان المعنى غير معروف لهم لذلك نهوا عن الخوض فيها وكان تفسيرها هو اعادة قراءتها وكذلك الكلام في الكيفيات--- فالكيفيات من خواص المخلوقات.
اما اذا كان المعنى معروفا فقل لي لو سمحت ما المعنى الذي قالوه للاستواء واليد والساق والعلو----الخ
ارجو ان تكون صبورا معي
والسلام



الجواب/

أسأل الله التوفيق والإعانة ، وان يكون طلب الحق هو الهدف

هل يُمكن أن نُعامِل مثلا صِفَة السمع أو البصر ، كما نُعامِل الْحروف الْمثقطّعة في أوائل السُّوَر ؟!
بحيث نقرأ الفاتحة ، ولا نعرف معناها ؟!
ونقول : إن كلمة ( ربّ ) و(رحمن) و(رحيم) و(مالِك) مثل : (كهيعص) و(ألمص) ؟!
هذا لا يُمكن أن يقوله مُسلم جاهِل ، فضلا عن طالِب عِلْم !

وفيما نقلته أعلاه [في أول النقاش] :
روى أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن الأوزاعي قال : سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث ، فقال : أمرُّوها كما جاءت .
وروى أيضا عن الوليد بن مسلم قال : سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات ، فقالوا : أمروها كما جاءت ، وفي رواية ، فقالوا : أمروها كما جاءت بلا كيف . وكذاك قال الشافعي حكاه عنه البيهقي .

وأنت قلت - حفظك الله - :
وهذا لم افهمه من قول السلف.

هذا هو قول السلف صراحة وفقك الله .

أمروها كما جاءت بلا كيف .

أما معنى الاستواء فقد أطال ابن جرير الطبري في تفسيره في معنى الاستواء

وقد أطال في تقرير مسألة الاستواء في أوائل سورة البقرة عند تفسيره لقوله تعالى : ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ) وقد استغرق تحقيق هذه المسألة عشر صفحات وقرر المسألة وناقش المخالِف .
ورجّح ما رآه في الآية فقال : وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ) علا عليهن وارتفع ، فدبّـرهن بقدرته ، وخلقهن سبع سماوات .

فائدة :
العلماء يُفرِّقون بين ( استوى إلى ) وبين ( استوى على ) وبين ( استوى ) مُجرّدة

فالاستواء في اللغة يُطلق على معان تدور على الكمال والانتهاء ، وقد ورد في القرآن على ثلاثة وجوه :
1 - مُطلق ، كقوله تعالى ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) أي كَمُل .
2 - مُقيّد بـ " إلى " ، كقوله تعالى ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ) أي قَصَد بإرادة تامة .
3 - ومُقيّد بـ " على " ، كقوله تعالى ( لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ) ومعناه حينئذ : العلو والاستقرار .

فاستواء الله على عرشه معناه : علوه واستقراره عليه علوا واستقراراً يليق بجلاله وعظمته . انتهى من فتح رب البرية بتلخيص الحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية ، والتلخيص للشيخ ابن عثيمين .

أما ( واليد والساق والعلو ) فإن السلف يُثبتونها لله كما أثبتها لنفسه من غير تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تكييف ، بل يُثبتون لله يـداً تليق بجلاله سبحانه ، ويُثبتون لله الساق ، لمجئ ذكره في الكتاب والسنة

أما في الكتاب ففي قوله تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاق وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ )
وجاء تفسيره في صحيح وصريح السنة

روى البخاري من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا .
هذا لفظ البخاري .

وهو مُخرّج في الصحيحين بأطول من هذه الرواية
فقد أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري قال : قلنا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
قال : هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا ؟
قلنا : لا .
قال : فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما .
ثم قال : يُنادي مناد ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم ، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم ، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ، حتى يبقى من كان يعبد الله من بَـرّ أو فاجر وغبرات من أهل الكتاب ، ثم يؤتى بجهنم تُعرض كأنها سراب ، فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟
قالوا : كنا نعبد عزير ابن الله .
فيُقال : كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟
قالوا : نريد أن تسقينا .
فيقال : اشربوا فيتساقطون في جهنم .
ثم يُقال للنصارى : ما كنتم تعبدون ؟
فيقولون : كنا نعبد المسيح ابن الله .
فيقال : كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟
فيقولون : نريد أن تسقينا .
فيقال : اشربوا فيتساقطون في جهنم .
حتى يبقى من كان يعبد الله من بَـرّ أو فاجر ، فيقال لهم : ما يحبسكم وقد ذهب الناس ؟
فيقولون : فارقناهم ونحن أحوج منا إليهم اليوم ، وإنا سمعنا مناديا ينادي : ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون ، وإنما ننتظر ربنا .
قال : فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء ، فيقول : هل بينكم وبينه آية تعرفونه ؟
فيقولون : الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة ، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ، ثم يُؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم .
قال أبو سعيد : قلنا : يا رسول الله وما الجسر ؟
قال مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شكوة عقيفة تكون بنجد ، يُقال لها : السعدان ؛ المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب ، فَنَاج مسلّم ، وناج مخدوش ، ومكدوس في نار جهنم ، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا ، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون : ربنا إخواننا كانوا يُصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا .
فيقول الله تعالى : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه ، ويحرم الله صورهم على النار ، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه ، وإلى أنصاف ساقيه ، فيُخرِجون من عرفوا ، ثم يعودون فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه ، فيُخرِجون من عرفوا ، ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه ، فيخرجون من عرفوا ... الحديث .

ولا يُتصوّر أن النبي العربي صلى الله عليه وسلم يُخاطِب أصحابه بما لا يفهمونه !
وإنما يُخاطبهم بلسان عربي مُبين .

فمذهب سلف هذه الأمة وعقيدة أهل السنة والجماعة إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل .

والله الهادي إلى سواء السبيل .
ا===========================

السيد الأخ الإمام المبجل
لدي نقول عن السلف الصالح تؤيد ما أرمي إليه وهي واضحة بأنهم كانوا لا يفسرون (امروها كما جاءت بلا كيف) أي لا تضعوا لها معنى ولا كيف.
انظر إلى قول الإمام أحمد (الثابت عن أئمة السلف مثل الإمام أحمد رحمه الله تعالى، قال عندما سئل عن أحاديث الصفات: "نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى".)
هذا هو مذهب السلف رحمهم الله تعالى، فهم يفوضون في المعنى ولا يفسرون، فأين هذا المذهب من قول من يفسر وينسب لله تعالى اليد والجارحة، والاستواء الذي هو جلوس واستقرار وماسة، ونزول هو حركة وانتقال
قال الإمام الأكبر أبو حنيفة في كتابه الوصية "ونُقِرُّ بأن الله تعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة واستقرار عليه وهو حافظ العرش وغير العرش من غير احتياج
أرجو ان تكون صابرا علي
والسلام



الجواب/

أرجو توثيق الكلام في حال النقل
فأنت أوردت هذا الكلام المنسوب إلى الإمام أحمد دون ذكر مصدره

وأنت تلحظ أنني ما نقلت إلا وذكرت المصدر غالبا

حتى نكون على بينة

فأنا أنقل لك إثبات السلف للمعاني في نصوص كثيرة وقد أتيت - حفظك الله - بنص واحد يُقال فيه :
( الثابت عن أئمة السلف مثل الإمام أحمد رحمه الله تعالى، قال عندما سئل عن أحاديث الصفات: "نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى".)

إن كل إنسان يستطيع أن ينسب إلى السلف ما شاء

ولكن عند التحقيق يتبين المقصود ، وأن الكلام إما لم يثبت وإما أنه محمول على التفصيل في كلام الإمام

ونصوص السلف في إثبات المعاني أكثر وأشهر من أن تُحصر

أما قولك - وفقك الله للصواب - :
هذا هو مذهب السلف رحمهم الله تعالى، فهم يفوضون في المعنى ولا يفسرون ، فأين هذا المذهب من قول من يفسر وينسب لله تعالى اليد والجارحة ، والاستواء الذي هو جلوس واستقرار وماسة، ونزول هو حركة وانتقال

أولاً : أرجو أن يكون النقاش نقاشا علميا بالحجة والبرهان .
وأن يكون بالنقل الثابت عن سلف هذه الأمة من الصحابة فمن بعدهم .

ثانياً : من الذي أثبت لله جارحة ؟

نحن أثبتنا لله يــدًا تليق به سبحانه وتعالى ونُنَزِّهه عن الجوارح

ومن الذي قال إن الاستواء جلوس ؟

وأما المعاني فهذا كلام أئمة السلف أنهم يُثبتون المعنى

ولكن أخي الكريم :
هذه الأحاديث التي سُقتها لك ما الذي قاله فيها النبي صلى الله عليه وسلم ؟

هل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم السابقة ليس لها معنى ؟

إما أن يكون لها معنى ، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطَبَ أصحابه بما يفهمون

وإما أن لا يكون لها معنى ويُنزّه كلام النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يكون خِلواً من المعاني .

إذ الكلام إما يُفيد معنى وإما لا يُفيد

فألأول هو الكلام المفيد

والثاني غير مفيد

فأيهما قلت به لزمك لازمه

هل النبي صلى الله عليه وسلم خاطَب أصحابه في مثل هذه الأحاديث التي ورد فيها إثبات بعض الصفات لله عز وجل - بما يفهمون ؟

هل خاطبهم بما يفهمون معناه أوْ لا ؟

أريد جوابا شافياً وفقك الله .
===========================

السيد الأخ الإمام
السلام عليكم
1- إليك التوثيق الذي طلبته ("قال الإمام أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه في قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ( إن الله ينزل الى سماء الدنيا ) ) ( 3 ) و ( ( إن الله يرى في القيامة ) ) ( 4 ) وما أشبه هذه الأحاديث نؤمن بها ونصدق بها لا كيف ولا معنى ولا نرد شيئا منها ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} الشورى 11"
-----------------------------
2-حتى يكون النقاش دقيقا فأنا أطلب منك حضرة الإمام نقولا موثقة عن الصحابة أو التابعين بأنهم وضعوا معاني تفصيلية لآيات أو أحاديث الصفات . ما أعلمه أنهم فهموا المقصود بشكل مجمل وفوضوا المعنى لله تعالى
والبعض أول مثل ابن عباس .
ورد في تفسير القرطبي({ أَأَمِنتُمْ مَّن فِي ظ±لسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ظ±لأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ }
قال ابن عباس: أأمِنتم عذاب من في السماء إن عصيتموه. وقيل: تقديره أأمِنتم من في السماء قدرته وسلطانُه وعرشُه ومملكتُه. وخصّ السماء وإن عَمّ مُلْكُه تنبيهاً على أن الإلظ°ه الذي تنفذ قدرته في السماء لا من يعظّمونه في الأرض. وقيل: هو إشارة إلى الملائكة. وقيل: إلى جبريل وهو المَلَك المُوَكّل بالعذاب.
والسلام



الجواب/

بارك الله فيك

ما نقلته - حفظك الله - عن لمعة الاعتقاد انظر الجواب عنه في شرح اللمعة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وإلا فإن عامة النصوص المنقولة عن السلف فيها إثبات المعاني

وقد نقلت لك طرفا منها سابقا

أعيده هنا :
روى أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن الأوزاعي قال : سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث ، فقال : أمرُّوها كما جاءت .
وروى أيضا عن الوليد بن مسلم قال : سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات ، فقالوا : أمروها كما جاءت ، وفي رواية ، فقالوا : أمروها كما جاءت بلا كيف . وكذاك قال الشافعي حكاه عنه البيهقي .

وقال ابن جرير الطبري (1/192 ) وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ) علا عليهن وارتفع ، فدبّـرهن بقدرته ، وخلقهن سبع سماوات .

وأزيد عليه هنا :
وسئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله : ( الرحمن على العرش استوى ) فقال : الاستواء معقول ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب . شرح أصول اعتقاد أهل السنة للإمام اللالكائي ( 3/527 ) .

وربيعة هذا هو شيخ الإمام مالك ، وهذه الكلمة اشتهَرتْ عن الإمام مالك رحمه الله .

حيث سُئل : ( الرحمن على العرش استوى )

قال ابن عبد البر المالكي ( الاستذكار ( 2/529 ) :
وقد روي عن عبد الله بن نافع عن مالك نحو ذلك قال سئل مالك عن قول الله عز وجل : ( الرحمن على العرش استوى ) كيف استوى ؟
فقال استواؤه معلوم وكيفيته مجهولة ، وسؤالك عن هذا بدعة ، وأراك رجل سوء .

فما هو المعقول والمعلوم من الاستواء ؟

قال ابن القيم ( الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة 2/426 ) :
وكذلك قولنا في وجهه تبارك وتعالى ويديه وسمعه وبصره وكلامه واستوائه ولا يمنعنا ذلك أن نفهم المراد من تلك الصفات وحقائقها كما لم يمنع ذلك من أثبت لله شيئا من صفات الكمال من فهم معنى الصفة وتحقيقها فإن من أثبت له سبحانه السمع والبصر أثبتهما حقيقة وفهم معناهما فهكذا سائر صفاته المقدسة يجب أن تجري هذا المجرى وإن كان لا سبيل لنا إلى معرفة كنهها وكيفيتها فإن الله سبحانه لم يكلف عباده بذلك ولا أراده منهم ولم يجعل لهم إليه سبيلا بل كثير من مخلوقاته أو أكثرها لم يجعل لهم سبيلا إلى معرفة كنهه وكيفيته وهذه أرواحهم التي هي أدنى إليهم من كل دان قد حجب عنهم معرفة كنهها وكيفيتها وجعل لهم السبيل إلى معرفتها والتمييز بينها وبين أرواح البهائم . وقد أخبرنا سبحانه عن تفاصيل يوم القيامة وما في الجنة والنار فقامت حقائق ذلك في قلوب أهل الإيمان وشاهدته عقولهم ولم يعرفوا كيفيته وكنهه فلا يشك المسلمون أن في الجنة أنهارا من خمر وأنهارا من عسل وأنهارا من لبن ولكن لا يعرفون كنه ذلك ومادته وكيفيته إذ كانوا لا يعرفون في الدنيا الخمر إلا ما اعتصر من الأعناب والعسل إلا ما قذفت به النحل في بيوتها واللبن إلا ما خرج من الضروع والحرير إلا ما خرج من فم دود القزّ ، وقد فهموا معاني ذلك في الجنة من غير أن يكون مماثلا لما في الدنيا كما قال ابن عباس ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء ولم يمنعهم عدم النظير في الدنيا من فهم ما أخبروا به من ذلك فهكذا الأسماء والصفات لم يمنعهم انتفاء نظيرها في الدنيا ومثالها من فهم حقائقها ومعانيها بل قام بقلوبهم معرفة حقائقها وانتفاء التمثيل والتشبيه عنها وهذا هو المثل الأعلى الذي أثبته سبحانه لنفسه في ثلاثة مواضع من القرآن . انتهى .

وقال ابن أبي العز في شرح الطحاوية ( 129 ) :
وكذلك مسالة الصفة هل هي زائدة على الذات أم لا ؟ لفظها مجمل وكذلك لفظ الغير فيه اجمال ، فقد يراد به ما ليس هو إياه ، وقد يراد به ما جاز مفارقته له .
ولهذا كان أئمة السنة رحمهم الله تعالى لا يطلقون على صفات الله وكلامه أنه غيره ولا أنه ليس غيره ؛ لأن اطلاق الإثبات قد يشعر أن ذلك مباين له ، وإطلاق النفي قد يشعر بأنه هو هو إذا كان لفظ الغير فيه إجمال ، فلا يطلق إلا مع البيان والتفصيل ، فإن أريد به أن هناك ذاتا مجردة قائمة بنفسها منفصلة عن الصفات الزائدة عليها فهذا غير صحيح ، وإن أريد به أن الصفات زائدة على الذات التي يفهم من معناها غير ما يفهم من معنى الصفة فهذا حق ، ولكن ليس في الخارج ذات مجردة عن الصفات ، بل الذات الموصوفة بصفات الكمال الثابتة لها لا تنفصل عنها . اهـ .

وأنا الآن على سفر ، ولو كنت مُقيما لأتيتك بنصوص السلف في إثبات المعاني ، وهي كثيرة مشهورة ، وقد أطال النفس فيها الإمام اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة .

وحتى لا يطول النقاش ولا يقع النزاع
أريد أن أسألك سؤالاً :
هل خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بما يفهمون معناه أوْ بما لا يفهمون معناه ؟

تنبيه :
الإمام أبو عبد الله القرطبي ( صاحب التفسير الكبير المسمى " الجامع لأحكام القرآن " ) مُتأثِر بالأشاعرة ، وكذلك الحافظ ابن حجر .. وليسا أشعريين ..
فإذا نقلت منهما مسائل الاعتقاد فكن على ذِكر من ذلك .

===========================

في لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
قال الإمام أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه في قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ( إن الله ينزل الى سماء الدنيا ) ) ( 3 ) و ( ( إن الله يرى في القيامة ) ) ( 4 ) وما أشبه هذه الأحاديث نؤمن بها ونصدق بها لا كيف ولا معنى ولا نرد شيئا منها ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } الشورى 11 ونقول كما قال ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك ولا يبلغه وصف الواصفين نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت ولا نتعدى القرآن والحديث ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت القرآن
كتاب الإعتقاد، الجزء 1، صفحة 9.



الجواب/

قال شيخنا العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح لمعة الاعتقاد :
ما تضمنه كلام الإمام أحمد في أحاديث النزول وشبهها

تضمن كلام الإمام أحمد رحمه الله الذي نقله عن المؤلف ما يأتي:
1- وجوب الإيمان والتصديق بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أحاديث الصفات من غير زيادة ولا نقص ولا حد ولا غاية.
2- أنه لا كيف ولا معنى أي لا نكيف هذه الصفات؛ لأن تكييفها ممتنع لما سبق، وليس مراده أنه لا كيفية لصفاته؛ لأن صفاته ثابتة حقاً، وكل شيء ثابت فلابد له من كيفية، لكن كيفية صفات الله غير معلومة لنا.

وقوله: ولا معنى
أي: لا نثبت لها معنى يخالف ظاهرها كما فعله أهل التأويل وليس مراده نفي المعنى الصحيح الموافق لظاهرها الذي فسرها به السلف ، فإن هذا ثابت ، ويدل على هذا قوله: "ولا نرد شيئاً منها، ونصفه بما وصف به نفسه ، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شُنعت ، ولا نعلم كيفية كنه ذلك". فإن نفيه لرد شيء منها، ونفيه لعلم كيفيتها دليل على إثبات المعنى المراد منها.
3- وجوب الإيمان بالقرآن كله محكمه ، وهو ما اتضح معناه ، ومتشابه وهو ما أشكل معناه ، فنرد المتشابه إلى المحكم ليتضح معناه ، فإن لم يتضح وجب الإيمان به لفظاً ، وتفويض معناه إلى الله تعالى. انتهى كلامه رحمه الله .

وقد سئل شيخنا رحمه الله :
هل آيات الصفات من الـمُحكَم أو من المتشابه ؟
فقال رحمه الله : هي من الـمُحكَم ؛ لأنها معلومة المعنى .

والله أعلم .
===========================


تأويل الإمام العثيمين لقول الإمام أحمد (وقوله: ولا معنى)
أي: لا نثبت لها معنى يخالف ظاهرها كما فعله أهل التأويل وليس مراده نفي المعنى الصحيح الموافق لظاهرها الذي فسرها به السلف ، فإن هذا ثابت ، ويدل على هذا قوله: "ولا نرد شيئاً منها، ونصفه بما وصف به نفسه ، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شُنعت ، ولا نعلم كيفية كنه ذلك". فإن نفيه لرد شيء منها، ونفيه لعلم كيفيتها دليل على إثبات المعنى المراد منها.) أراه بعيدا فقول الإمام أحمد صريح بنفي معرفة المعنى التفصيلي . أي القول بالتفويض



الجواب/

أقول :
ليس بعيدا

فنصوص الإمام أحمد كلها تدلّ على أنه يقول بالمعنى ولا يُفوِّضه

ويجب حمل نصوص الإمام المجملة على المفصَّلة

قال الإمام أحمد :
إنما التشبيه أن يقول : ( يَـدٌ كَيَـد ) أو ( وجـه كَوَجْه ) فأما إثبات ( يـد ) ليست كالأيادي ، ووجه ليس كالوجوه فهو كإثبات ذات ليست كالذّوات ، وحياة ليست كغيرها من الحياة ، وسمع وبصر ليس كالأسماع والأبصار ، وهو سبحانه موصوف بصفات الكمال ، مُنـزّه عن كل عيب ونقص.

وقال الإمام أحمد في الرد على الزنادقة والجهمية :
قوله : ( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) ومن الإعتبار في ذلك لو أن رجلا كان في يديه قدح من قوارير صاف وفيه شراب صاف كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم القدح ، فالله - وله المثل الأعلى - قد أحاط بجميع خلقه من غير أن يكون في شيء من خلقه .

ولكلامه بقية وزيادة تُنظر في كتاب السُّـنة لعبد الله بن الإمام أحمد .

===========================

الأخ السيد الإمام
السلام عليكم
1- أنا يا أخي أفخر بتواضعكم معي ومناقشتكم إياي
2-أما أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد خاطبنا بما نفهم فهو كلام حق وفيه تفصيل لكل حديث أو آية آحادا
3-لا يحق لأحد أن يأخذ لفظة وردت في آية أو حديث ويحدد لها معنى من بين المعاني التي وضعت لها في اللغة ويقول هذا هو المعنى فقط وما سواه تأويل
أشكركم على سعة صدركم



الجواب :

الكتاب والسّنة وأقوال السلف ناطِقة بإثبات الصفات لله عز وجل على ما يليق بِجلاله وعظَمَته .


والكلام في الصفات وإثباتها هو عقيدة الصحابة رضي الله عنهم ، وهو ما أقَرّهم النبي صلى الله عليه وسلم عليه ، بل هي مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وتَكلَّم بها ، ولم يَسكت عنها .
ففي حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سَرِية ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم ، فيختم بِـ " قُل هو الله أحد " ، فلمّا رَجَعوا ذُكِر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سَلُوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ فسألُوه ، فقال : لأنها صفة الرحمن ، فأنا أحبّ أن أقرأ بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبروه أن الله يُحبّه . رواه البخاري ومسلم .
فالنبي صلى الله عليه وسلم يَسمَع قول الصحابي عن سورة الإخلاص " لأنها صفة الرحمن " ويُقرّه على قوله ، ويُوافِقه على ذلك ، ولم يَقُل له : هذا مُتَشَابِه ، ولم يَنتَهِرَه ولم يَزجُره لأن هذا خلاف التفويض ، كما زَعَموا - !

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) إلى قوله تعالى : (سَمِيعًا بَصِيرًا) قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَضَع إبهامه على أُذنه والتى تَلِيها على عَينه . قال أبو هريرة : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقرؤها ويضع إصبعيه . قال ابن يونس : قال المقرئ يعنى : إن الله سميع بصير ، يعنى أن لله سَمْعًا وبَصَرًا . رواه أبو داود قال : وهذا ردّ على الْجَهْمِيّة .
وبوّب عليه أبو داود : باب في الجهمية والمعتزلة . وأوْرَد تحت هذا الباب أحاديث في صِفات الله عزَّ وجَلّ . وهذا يَعني أن هذا هو اعتقاد السلف ، وأن هذه النصوص تردّ على الجهمية والمعتزلة ، وعلى مَن تأثّر بهم !

والنبي العربي الفصيح صلى الله عليه وسلم يَقول لأصحابه العَرب الأقحاح : يا أيّها الناسُ ، ارْبَعوا على أنفُسكم ، فإنكم لا تَدْعونَ أصمَّ ولا غائبا ، إنهُ معكم إنهُ سميعُ قَريب ، تَبارَكَ اسمهُ ، وتَعالى جَدُّه . رواه البخاري ومسلم .
قال النووي : معناه : ارْفُقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم ، فإن رَفع الصوت إنما يَفعله الإنسان لِبُعْد مَن يُخاطبه ليُسمِعه ، وأنتم تَدْعُون الله تعالى وليس هو بأصَمّ ولا غائب ، بل هو سَميع قَريب . اهـ .
فهذه صِفات مِن صِفات الله عزَّ وجَلّ ، نُثبِتها لله عزَّ وجَلّ على ما يَلِيق بِجلال الله وعَظَمَته .

والنصوص في هذا الصدد كثيرة جدا .
وهذا الأمر مما أجَمَع عليه السلف ، ولم يَكونوا يُنازِعون فيه ، ولا كانوا يُجادِلون فيه ، ولا يخوضون في ردّه ، ولم يَقولوا بأنه مِن الْمُتَشَابِه !


قد نقلت لك الإجماع عن أكثر من إمام على أن أهل السنة يثبتون لله الصفات مع إثبات المعاني

قال أبو عمر بن عبد البر : أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز . اهـ .

وقال الإمام الذهبي في كتاب " العلوّ " :
وهو قول أهل السنة قاطبة أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها ، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه .

وقال أيضا : قال أحمد بن إبراهيم الدورقي : حدثني أحمد بن نصر قال : سألت سفيان بن عيينة وأنا في منـزله بعد العتمة ، فجعلت ألحّ عليه في المسألة ، فقال : دعني أتنفس ! فقلت : كيف حديث عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يحمل السموات على إصبع والأرضين على إصبع ، وحديث : إن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن ، وحديث : إن الله يعجب أو يضحك ممن يذكره في الأسواق ، فقال سفيان : هي كما جاءت نُقِرّ بها ونُحدِّث بها بلا كيف .

وقول شيخ الإسلام ابن تيمية في المعاني وتليذه ابن القيم

وأزيد هنا :
قال عبد الله بن أحمد في كتاب السنة : حدثني أحمد بن إبراهيم سمعت وكيعا يقول : نُسلِّم هذه الأحاديث كما جاءت ، ولا نقول : كيف كذا ؟ ولا : لِمَ كذا ، يعني مثل حديث ابن مسعود : " إن الله عز وجل يحمل السموات على أصبع والجبال على أصبع .. " وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن " ونحوها من الأحاديث .
وروى عبد الله بن أحمد بإسناده عن عباد بن العوام قال : قدم علينا شريك ، فسألناه عن الحديث " إن الله ينـزل ليلة النصف من شعبان " قلنا : إن قوما يُنكرون هذه الأحاديث . قال : فما يقولون ؟ قلنا : يَطعنون فيها ، فقال : إن الذين جاءوا بهذه الأحاديث هم الذين جاءوا بالقرآن ، وبأن الصلوات خمس ، وبحج البيت ، وبصوم رمضان ، فما نعرف الله إلا بهذه الأحاديث .

وروى عن أبيه فقال : وقال أبي رحمه الله : حديث ابن مسعود رضي الله عنه " إذا تكلم الله عز وجل سمع له صوت كجر السلسلة على الصفوان " قال أبي : وهذا الجهمية تنكره .

وقال أبي : هؤلاء كفار يريدون أن يموِّهوا على الناس ، من زعم أن الله عز وجل لم يتكلم فهو كافر ، ألا إنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت .

وإن كنت تريد الحق في هذه المسألة فهذه كُتب أئمة السنة
كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ففيه مزيد تفصيل وبيان شاف كاف
وكتاب السنة للخلال
وكتاب العلو للذهبي

فهات لي نصّا واحدا قالوا فيه إن معنى الساق أو اليد أو الوجـه أو الاستواء أو غيرها من الصفات هي مُجرّد كلمات لا تُـفهم أو هي كالرموز !!

وأما حمل الكلام على معنى له في اللغة ، فإذا كان هو المعنى المتبادِر ولم يسأل عنه السامع وفهمه كما هو ، فهذا ما يقتضيه البلاغ المبين .

فإما أن يكون الرسول خاطبهم بما يفهمون وفهموا وسكتوا ولم يستفصلوا ، فيكون قد بلّغ البلاغ المبين

وإما أنه خاطبهم بما لا يفهمون ، وهذا لا يقول به عاقل فضلا عن مسلم !

وإما أن يكون خاطبهم بكلام محتمل لأوجه متعددة ، ولم يُبيّن لهم أي الوجوه أراد فهذا يقتضي التقصير في البلاغ .

وهذا لا يقول به مسلم .

لست أُحدِّد معنى مِن عندي نفسي تشهّيًا ، ولا اتِّبَاعا للهوى . وأرجو أن نكون كذلك .
فلو أخذنا مثلا لفظ (الصلاة) أو (الزكاة) أو (الصيام) أو (الحج) ، فهي ألفاظ ذات معانٍ مُتعددة ، وليس لنا أن نُحدِّد المعنى المراد شَرْعا إلاّ وِفق ضوابط وقواعد .
ولذلك نحن نتقيّد بِفَهمنا وسُلوكنا واعتقادنا بِما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح ، وهُم أهل العِلْم مِن أهل القرون الثلاثة الفاضلة .
فالصلاة في اللغة : الدعاء . والصيام في اللغة : الإمساك .
وليست هذه المعاني وحدا هي المرادة في الشرع عند الأمر بالصلاة والأمر بالصيام .
وتبيَّن لنا ذلك عندما احتَكمْنا إلى الكتاب والسنة وإلى فَهْم السلف الصالح .

ونقول أيضا : لا يجوز لأحد أن يتكلَّم في القرآن وفي السنة ويَزعم أن هذا هو مُراد الله ومُراد رسوله صلى الله عليه وسلم ، مما لم يتكلَّم فيه أصحاب القرون الفاضلة .

فهل يُحرُم علينا الاقتصار على ما جاءت به النصوص ، والاقتصار على فَهْم السلف ، ويُجوز لِغيرنا أن يَتكلَّم بِما شاء كما شاء بلا حدّ ولا قيد ؟!

وهل يَحرُم علينا التمسّك بِما هو مُتّفق عليه بين السلف ، ويَجوز لِغيرنا التمسّك بِما هو مُختَلَف فيه بين الْخَلَف ؟!

ولذلك فإن الأئمة الأربعة لم يَقعوا في التحريف ، ولا لَوَوا النصوص عن معانيها ، ولا حرّفوا الكَلِم عن مواضِعه !

ولَمّا نوقش شيخ الإسلام ابن تيمية ونوُظِر في العقيدة الواسطية ، الْتُمِس له العُذر في أنه ألّف في عقيدة إمامه الإمام أحمد بن حنبل .
فقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ما جَمَعتُ إلاّ عقيدة السلف الصالح جَميعهم ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا ، والإمام أحمد إنما هو مُبلِّغ العِلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو قال أحمد مِن تلقاء نفسه ما لم يَجئ به الرسول صلى الله عليه وسلم لَم نَقْبَله ، وهذه عقيدة محمد صلى الله عليه وسلم . وقلتُ مَرَّات : قد أمْهلتُ كل مَن خَالَفَني في شيء منها ثلاث سنين ، فإن جاء بِحرف واحد عن أحد مِن القرون الثلاثة - التي أثنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : " خير القرون القرن الذي بُعثتُ فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " - يُخالِف ما ذَكَرتُه فأنا أرجع عن ذلك وعليّ أن آتي بِنُقول جَميع الطوائف - عن القرون الثلاثة تُوافق ما ذَكرتُه - مِن الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنبلية ، والأشعرية ، وأهل الحديث ، والصوفية ، وغيرهم . اهـ .

والله يحفظك .

وأودّ لو تُجيب على أسئلتي بكل وضوح وصراحة دون حيدة في الجواب .

وأسئلتي قد مرّت معك ومَضَتْ .

فإن أجبت استمر القول والكلام .

وهنا :
هل يجوز أن نصف الله تعالى بما لم يصف به نفسه ؟ أو ننفي عنه ما وصف به نفسه ؟ [أول النقاش في هذه المسائل]
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5478

تفويض المعنى ، هل هو مذهب أهل السنة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3719

أريد أن أعرف معنى التفويض فى الأسماء والصفات
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1135

هل الصفات هي عين الذات ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3898

معنى الوَجه في قول النبي صلى الله عليه وسلم "...تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ ..."
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3538

مِمَ احترز شيخ الإسلام بهذا القول (عين المسمى وللمسمى) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4386

ما معنى شِرْك التشبيه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=10327

هل تعتبر آيات الصفات في القرآن الكريم من المتشابه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15388

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
معنى حديث " يد الله ملأى لا يغيضها نفقة " ، وهل المعنى هنا حسي أو معنوي ؟ ناصرة السنة قسـم السنـة النبويـة 0 06-09-2012 05:01 AM
ما حُـكم من قال : " أسجد لصفة من صفات الله تعالى " ؟ عبق قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 26-02-2010 09:05 PM
هل صِفَة الشمّ مِن صفات الله تبارك وتعالى ؟ عبق قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 12-02-2010 01:02 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 03:32 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى