العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد أقسام الدعوة والإنتـرنت والفتاوى العامة قسـم الفتـاوى العامـة
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفتـاوى العامـة
افتراضي الرد على من يبيح نقد الصحابة ويعترض على مناصحة ولي الأمر سرا
قديم بتاريخ : 09-06-2016 الساعة : 05:46 AM

أحسن الله إليكم ورفع الله قَـدركم وذبَّ الله عن وجهكم النار ووسّع الله عليكم فضيلة الشيخ في كل نعمة أنعمها عليكم
فضيلة الشيخ ما الرد على الكلام الذي قيل عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب وعن الاعتراض على السكوت عمّا شجر بين الصحابة ..
قال أحدهم : الوهابية حركة إصلاحية معينة في وقت معين أدّت دورًا معينًا ، لها ما لها وعليها ما عليها ، ليس بالضرورة أن تكون صالحة لكل مرحلة
وقال : أنا أقبل بنقد كل شيء وأقبل بنقد التابعين والصحابة أيضًا
أما عبارة (تلك دماء طهر الله منها أيدينا فلا نلوث بها ألسنتنا) فهذه العبارة ليست بالعبارة المقدّسة
نحن سكتنا عن الأزمة السياسية في نهاية عهد عثمان وعهد علي فأصبحت هذه الأزمة تلاحقنا
قُتل أنبياء ولم يحصل في تاريخ الإنسانية كما حصل في مقتل الحسين
والحروب الصليبية أكبر من أزمة موقعة الجمل ومع ذلك دُرست وعُرفت دوافعها وعُرف الذي وراءها فبدأ الناس يحتاطون
واعترَض على عدم جواز نصيحة ولي الأمر نصيحة علنية
وقال عن حديث " من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ، ولكن يأخذ بيده فيخلوا به ، فإن قبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذي عليه" : هذا الحديث صححه الألباني وصححه الحاكم
أما الألباني فمعلوم عند طلبة العِلم أنه لا ينظر إلى العِلل الخفية ، وأما الحاكم فمعلوم أنه متساهل في التصحيح .

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

نعوذ بالله مِن الخذلان ، وأن يَرى الإنسان المخذول أنه فوق الجيل الذين رضي الله عنهم وزكّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن يَرى أنه فوقهم بالفهم والعِلْم !
ومِن الخذلان أن يَكون لدى الإنسان جُرأة على انتقاد الصحابة ، بأي حُجّة كانت .

وانتقاد الصحابة رضي الله عنهم مُتضمّن لِعدّة محاذير :
الأول : مُشابَهة أهل البِدع الذين يُطلِقون لأنفسهم العنان في الوَقيعة بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، أو الوقيعة في آل البيت رضي الله عنهم .

الثاني : انتقاص قَدْر أهل الفضل ، فالذي يتجرّأ على انتقاد الصحابة رضي الله عنهم لن يبقى عنده شيء فوق النقد ؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم هم الذين نَقَلوا للأمّة الكِتاب والسنة .
ولا ينتقص أهل الفضل إلاّ ناقص ! كَمَا لا يَعرف الفضل لأهل الفضل إلاّ فاضِل !

الثالث : ما في هذه النّبرَة مِن الترفّع والتعالي وتزكية النفس ، وادِّعاء الصلاح ، بل وادِّعاء العِلْم والعقل !!
وكأن انتقاد الصحابة رضي الله عنهم خَفْي على أهل العِلْم والحكمة وادُّخِر لِمَخْذُول يأتي في آخر الزمان ! يَهرِف بِما لا يَعرِف ، ويتكلَّم فيما لا يُحسِن !

الرابع : مُخالَفة عقيدة أهل السنة والجماعة ؛ فقد أجمع المسلمون على وُجوب توقير الصحابة رضي الله عنهم وعدم التعرّض لأحدٍ منهم بِشيء مِن التنقّص .

واتّفق الأئمة على احترام وتوقير الصحابة رضي الله عنهم

قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله :

مَن تَنقّص أحدا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو كان في قلبه عليهم غِلّ ، فليس له حقّ في فيء المسلمين ، ثم تلا قوله تعالى : (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ) حتى أتى قوله : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ) الآية ، فَمَن تَنَقَصّهم ، أو كان في قلبه عليهم غِل ، فليس له في الفيء حق .
وذَكَروا عند الإمام مالك رجلا ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ مالك هذه الآية : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ) حتى بلغ : (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) ، فقال مالك : مَن أصبح في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد أصابَته الآية .

وقال الإمام الشافعي رحمه الله :
أثنى الله تعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم في القرآن والتوراة والإنجيل .
وسَبق لهم على لِسان رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن الفضل ما ليس لأحد بعدهم ، فَرَحِمَهم الله وهَنّأهُم ما آتاهم مِن ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين ...
وهُم فَوقنا في كل عِلم واجتهاد ووَرَع وعَقل ، وأمْرٍ استُدرِك به عِلم واستُنبِط به , وآراؤهم لنا أحْمد وأوْلى بنا مِن آرائنا عندنا لأنفسنا . رواه البيهقي في " المدخل إلى السنن " .

وقال سفيان بن عُيينة : مَن نطق في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بِكلِمَة فهو صاحب هَوى .

وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :
أصول السنة عندنا :
التمسُّك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والاقتداء بهم ، وترك البدع ... ومَن انتقص أحدا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو أبغضه لِحَدث كان منه ، أو ذَكر مساوئه ، كان مُبتدِعا حتى يَترحّم عليهم جميعا ، ويكون قلبه لهم سليما .

وقال رحمه الله :
إذا رأيتَ رجلا يذكُر أحدا مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بِسوءٍ فاتَّهِمْهُ على الإسلامِ .
وقال رحمه الله : من انتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو أبغضه لِحَدَثٍ كان منه ، أو ذَكَر مساوئه ؛ كان مُبْتَدعا حتى يَترحّم عليهم جميعا ، ويكون قلبه لهم سليما .

وقال الإمام البربهاري : إذا رأيت الرجل يَطعن على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاعلم أنه صاحب قول سُوء وهَوى .
ولا تُحَدِّث بِشيء مِن زَلَلهم ، ولا حَرْبِهم ، ولا ما غاب عنك عِلْمه ، ولا تَسمعه مِن أحد يُحَدِّث به ، فإنه لا يَسلم لك قلبك إن سَمِعْتَ .
ونصّ الإمام البربهاري على أن مِن عقيدة أهل السنة والجماعة : " الْكَفّ عن حرب علي ومعاوية وعائشة وطلحة والزبير رحمهم الله أجمعين ، ومن كان معهم ، لا تُخاصِم فيهم ، وكِلْ أمْرهم إلى الله تعالى " .
وقال رحمه الله :
واعلم أنه مَن تناول أحدًا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه إنما أراد محمدا صلى الله عليه وسلم ، وقد آذاه في قَبره . اهـ .

وقال الإمام الطحاوي رحمه الله :
ونُحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم. ونُبغِض مَن يُبغضهم ، وبِغير الخير يذكرهم . ولا نذكرهم إلاّ بِخير . وحُبهم دِين وإيمان وإحسان ، وبُغضهم كُفر ونفاق وطغيان . اهـ .

قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر " : وأجْمَعوا على الكَفّ عن ذِكر الصحابة عليهم السلام إلاّ بِخير ما يُذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر مَحَاسِنهم ، ويُلتمس لأفعالهم أفضل المخارِج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب . ممتثلين في ذلك لِقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا ذُكِر أصحابي فأمْسِكُوا " .
وقال أهل العِلم : معنى ذلك : لا تَذكُرُوهم إلاّ بِخير الذِّكر . اهـ .

وقال الإمام البيهقي في " الاعتقاد " عن الصحابة : فأثنى عليهم ربهم وأحسن الثناء عليهم ، ورَفَع ذِكْرهم في التوراة والإنجيل والقرآن الكريم ، ثم وَعَدهم المغفرة والأجر العظيم ، فقال : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) ، وأخبر في آية أخرى برضاه عنهم ورضاهم عنه ، فقال : (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ، ثم بَشَّرَهم بِمَا أعَدّ لهم ، فقال : (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ، وأمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعفو عنهم والاستغفار لهم ، فقال : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) ، وأمَره بِمُشَاوَرَتِهم تطييبا لِقُلُوبهم وتَنْبِيهًا لِمَن بعده مِن الحكام على المشاوَرة في الأحكام ، فقال : (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) ، ونَدَب من جاء بعدهم إلى الاستغفار لهم وأن لا يجعل في قلوبهم غِلاًّ للذين آمنوا ، فقال : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) . اهـ .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ومِن أصول أهل السنة والجماعة : سَلامة قلوبهم وألْسِنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما وَصَفهم الله به في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاَّ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " لا تسبوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحُد ذهَبا ما بَلغ مُدّ أحدهم ولا نَصيفه " . ويَقْبَلُون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع مِن فضائلهم ومراتبهم ؛ فيفَضّلون مَن أنفق من قبل الفتح - وهو صلح الحديبية - وقاتَل على مَن أنفق مِن بعده وقاتل ، ويُقدّمون المهاجرين على الأنصار . اهـ .

وقال الإمام الذهبي : مَن تعرّض إلى أحد مِن الصحابة بِسَبّ فهو شيعي غالٍ ، نبرأ منه ، ومَن تعرَّض لأبي بكر وعمر فهو رافضي خبيث حِمَار ! نعوذ بالله منه . اهـ .

وقال ابن حجر الهيتمي : اعلم أن الذي أجمع عليه أهل السنة والجماعة أنه يجب على كل مسلم تزكية جميع الصحابة بإثبات العدالة لهم ، والكفّ عن الطعن فيهم والثناء عليهم . اهـ .

وقال ابن عاشور في تفسيره :
وقد أوصى أئمة سلفنا الصالح أن لا يُذكر أحدٌ مِن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلاّ بأحسن ذِكر ، وبالإمساك عمّا شَجَر بينهم ، وأنهم أحق الناس بأن يُلتمس لهم أحسن المخارِج فيما جرى بين بعضهم ، ويُظن بهم أحسن المذاهِب ، ولذلك اتفق السلف على تفسيق ابن الأشتر النخعي ومَن لفّ لَفّه مِن الثوار الذين جاءوا مِن مصر إلى المدينة لِخَلع عثمان بن عفان ، واتفقوا على أن أصحاب الجمل وأصحاب صِفّين كانوا مُتنازِعين عن اجتهاد وما دَفعهم عليه إلاّ السعي لصلاح الإسلام والذبّ عن جامِعته مِن أن تَتسرّب إليها الفُرقة والاختلال ، فإنهم جميعا قدوتنا وواسطة تبليغ الشريعة إلينا ، والطعن في بعضهم يُفضي إلى مخاوف في الدِّين ، ولذلك أثبت علماؤنا عدالة جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . اهـ .

ولا يَكاد أحد يُؤلِّف في عقيدة أهل السنة والجماعة إلاّ نَصّ على وُجوب توقير الصحابة رضي الله عنهم والترضّي عنهم ، وعدم التعرّض لأحد منهم .

وما ذلك إلاّ لِكمال عقول الصحابة وصِدق تديّنهم ، وبذلهم الغالي والنفيس في نُصرة الدِّين ، وبذل الجهد وكل ما في الوسع لإظهار الحق والعمل به .

قال الإمام ابن عبد البر عن الصحابة رضيَ اللّهُ عنهم : الرُّشْد كله في اتباعهم واتباع السُّنة التي نَقلوها وفَهِموها وعَمِلُوا بها . اهـ .

وأما ردّه لِمَقُولة : (تلك دماء طهر الله منها أيدينا فلا نلوث بها ألسنتنا) بأنها عبارة ليست مُقدّسة ! فإنه دَالّ على هَوى وجَهل !
لأنه يجب قبول الحقّ ممن جاء به .
ولأنه يجب معرفة قَدْر أهل العِلْم والفضل .

قال رجل لِعبد الله بن مسعود رضي الله عنه : علّمني كلمات جوامع نوافع ، فقال : لا تشرك به شيئا، وزِل مع القرآن حيث زال ، ومَن جاءك بالحق فاقْبل منه ، وإن كان بعيدا بغيضا ، ومَن جاءك بالباطل ، فارْدُده عليه ، وإن كان قريبا حبيبا .

واشتهرت مَقولة " تلك دماء طَهّر الله منها .. " عن عُمر بن عبد العزيز رحمه الله ، وهو إمام هُدى ، فقد قيل لِعمر بن عبد العزيز : ما تقول في أهل صِفِّين ؟ قال : تلك دماء طَهّر الله منها يدي فلا أُحِبّ أن أَخْضِب بها لساني .

وكلامه عليه نُور الكتاب والسنة ، فقد قال الله عزَّ وجَلّ : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ذُكر أصحابي فأمْسِكُوا . رواه الطبراني في الكبير واللالكائي في الاعتقاد . وصححه الألباني .
لأنه لا مصلحة في الخوض فيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم ، بل فيه مفاسِد لا تخفى على عاقِل .

ولذلك قال الإمام أحمد رحمه الله : لا نقول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الحسنى . رواه الخلاّل في كِتاب " السُّنة " .

قال الإمام القرطبي في تفسيره :
وقد سُئلَ بعضهم عن الدماء التي أُرِيقَتْ فيما بينهم ، فقال : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .

وقد اشتهرت هذه المقولة عن غير واحد مِن أهل العِلم .
سُئل أبو حنيفة عن عليّ رضي الله عنه ومعاوية رضي الله عنه وقَتْلَى صِفِّين ، فقال : إذا قَدِمْتُ على الله يسألني عما كَلَّفَنِي ولا يسألني عن أمورهم .
ورُوي أنه حين سُئل عنه قال : تلك الدماء طَهّر الله منها شأننا ، أفلا نُطهّر منها لِساننا ؟!
وبهذا القول قال الشافعي .

وقال ابن المبارك : السَّيف الذي وقع بين الصحابة فتنة ، ولا أقول لأحدٍ منهم هو مَفتون .
وقال يعقوب بن شيبة : سمعت أحمد بن حنبل سُئل عن هذا ، فقال : فيه غير حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وَكَرِه أن يَتكلَّم في هذا بأكثر من هذا .
يعني حينما سُئل عن حديث : " وَيحَ عَمّار تقتله الفئة الباغية " .

وما كان الأئمة يَرْضَون أن تُروى أو تُسمَع أحاديث فيها شيء مِن تنقّص الصحابة رضي الله عنهم ، بل يَعتبرون ذلك قَدْحًا في الراوي !

قال أبو بكر المروذي : قلت لأبي عبد الله [الإمام أحمد بن حنبل] : مَن عَرَفته يَكْتب هذه الأحاديث الرديئة ويَجْمَعها أيُهجَر ؟ قال : نعم ، يستأهل صاحِب هذه الأحاديث الرّدِيئة الرّجْم ! رواه الخلاّل في كِتاب " السُّنّة " .

وقال مُهنى بن يحيى : سألت أحمد عن عبيد الله بن موسى العبسي ؟ فقال : كوفي ، فقلت : فكيف هو ؟ قال : كما شاء الله ، قلت : كيف هو يا أبا عبد الله ؟! قال : لا يُعجبني أن أُحدِّث عنه ، قلت : لِمَ ؟ قال : يُحدِّث بأحاديث فيها تنقّص لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه الخلاّل في كِتاب " السُّنة " .

وقال يحيى بن مَعين : كانوا عند عبد الرزاق : أحمد [يعني : ابن حنبل] ، وخلف [يعني : ابن سالم المخرَمي] ، ورَجل آخر ، فلمّا مَرّت أحاديث المثالِب وَضَع أحمد بن حنبل إصبعيه في أذنيه طويلا حتى مَرّ بعض الأحاديث ، ثم أخرجهما ، ثم رَدّهما حتى مَضَت الأحاديث كلها ، أو كما قال . رواه الخلاّل في كِتاب " السُّنة " .

وجاء في ترجمة خلف بن سالم المخرمي : قال أبو بكر المروزي عن أحمد بن حنبل : نَقَمُوا عليه تَتَبّعه هذه الأحاديث . يعني : الأحاديث التي فيها تنقّص للصحابة . رواه الخلاّل في كِتاب " السُّنة " .

ونَهَى العلماء عن طَلَب وتدوين الأحاديث التي فيها تنقّص للصحابة رضي الله عنهم ، بل ويتّهِمون مَن حدَّث بها !
قال أبو الحارث الصائغ : سألت أبا عبد الله [أحمد بن حنبل] قلت : هذه الأحاديث التي رُوِيت في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ترى لأحد أن يَكتبها ؟ قال : لا أرى لأحد أن يَكتب منها شيئا ، قلت : فإذا رَأينا الرجل يَطلبها ويسأل عنها - فيها ذِكر عثمان وعلي ومعاوية ، وغيرهم مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم – قال : إذا رأيت الرجل يَطلب هذه ويَجمَعها ، فأخاف أن يَكون له خَبيئة سُوء . رواه الخلاّل في كِتاب " السُّنة " .

وأمَر الأئمة بِهَجْر وتأديب وزَجر مَن تكلّم في أحدٍ مِن الصحابة .
فقد سُئل الإمام أحمد : ما تقول فيمن زعم أنه مُباح له أن يتكلم في مساوئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال أبو عبد الله : هذا كلام سُوء رَديء ، يُجَانَبون هؤلاء القوم ، ولا يُجَالَسُون ، ويُبَيَّن أمْرهم للناس . رواه الخلاّل في كِتاب " السُّنة " .

ولَمّا جاء عبد الرحمن بن صالح الأزدي إلى أبي مَعمر القَطيعي ، فَذَكر بعض الأحاديث الرديئة ، قال أبو معمر : خُذُوا بِرِجْلِه ، وجُرّوه ، وأخْرِجُوه مِن المسجد ، فَجُرّ بِرِجْليه ، وأُخْرِج مِن المسجد ! رواه الخلاّل في كِتاب " السُّنة " .
والمقصود الأحاديث الرديئة : ما فيها ذِكْر مثالب الصحابة رضي الله عنهم .

والمصلحة تقتضي ذِكْر محاسِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، وطوي ما يُذكر عنهم مِن مساوئ .
قال العوام بن حوشب : اذكروا مَحاسِن أصحاب محمد عليه السلام تأتَلِف عليه القلوب ، ولا تذكروا مَساويهم ، فتُحَرِّشوا الناس عليهم . رواه الخلاّل في كِتاب " السُّنة " .

ولا يَعرِف قَدْر أهل الفضل إلاّ الأفاضل .
كان محمد بن سيرين أحيانا يُسأل عن شيء مِن الأشربة ، فيقول : نَهَى عنه إمام هُدى : عمر بن عبد العزيز .
وقال الإمام مالك : ما أعرف في نصف الدِّية
فيهم [الْيَهُودِيّ أوْ النَّصْرَانِيّ] إلاّ قضاء عمر بن عبد العزيز ، وكان إمام هدى ، وأنا أتّبِعه .
وقال ابن الحاجّ : وقد قال مالك رضي الله عنه في حقه [يعني: عمر بن عبد العزيز] : هو إمام هدى ، وأنا أقتَدِي به .

وأما طَعنه في حديث " مَن أراد أن يَنصح لِسلطان بأمْر ، فلا يُبْدِ له علانية ، ولكن ليأخذ بِيده ، فيَخْلو به ، فإن قَبِل منه فَذَاك ، وإلاّ كان قد أدّى الذي عليه له " ؛ فهذا دالّ على جَهله ! وهو في هذا القَول مُقلّد لِغيره ، وناقِل لِكلام غَيره !

والحقّ أن النصيحة تكون علانية ، وتكون سِرًّا ، بحسب ما يَقتضيه الحال ، وهذا ما دلّت عليه السنة .
ففي الصحيحين من طريق أبي وائل ، قال : قيل لأسامة : لو أتيت فلانا فكلّمته . قال : إنكم لَتَرون أني لا أُكلّمه إلاّ أسمعكم ؟! إني أكلمه فى السِّر دون أن أفتح بابا لا أكون أول مَن فَتَحه .
وفي رواية مسلم : عن أسامة بن زيد ، قال : قيل له : ألاَ تدخل على عثمان فتكَلّمه ؟ فقال : أترون أني لا أُكلّمه إلاّ أسمعكم ؟ والله لقد كلّمته فيما بيني وبينه ، ما دون أن أفتتح أمْرا لا أُحِب أن أكُون أول مَن فتَحه .

وفي صحيح مسلم أن عُمَارَةَ بن رُؤَيْبَةَ رَأَى بِشْرَ بن مَرْوَان عَلَى الْمِنْبَر رَافِعًا يَدَيْه ، فقال : قَبَّح اللهُ هَاتَيْن الْيَدَيْن ، لَقَد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا يَزِيد عَلَى أن يَقُول بِيَدِه هَكَذا ، وَأَشَار بِإِصْبَعِه الْمُسَبِّحَة .

وأنْكر كعب بن عجرة رضي الله عنه على عبد الرحمن بن أم الحكم حين خَطب قاعدا ، فقال كعب رضي الله عنه : انظروا إلى هذا الْخَبِيث يَخْطُب قَاعِدًا ، وقال الله تعالى : (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) . رواه مسلم .
إلى غير ذلك من النصوص .

فالإنكار يكون تارة سِرًّا ، ويكون تارة علانية ، بحسب ما يقتضيه الحال والمصلحة .

وأما نقده للشيخ الألباني رحمه الله ؛ فهذا أنقص قَدْر المتكلِّم ، ولم يُنقِص قَدْر الشيخ الألباني رحمه الله ؛ لأن الشيخ الألباني عَلَم مِن أعلام السّنة في هذا العصر ، وقد شَهِد له كِبار علماء عَصره بإمامته وتقدّمه في الحديث في هذا العصر .
وقديما قال ابن حزم عن الإمام الترمذي : مجهول !
قال ابن حجر عن هذا القول : وأما أبو محمد بن حزم فإنه نادَى على نفسه بِعدَم الاطلاع ، فقال في كتاب الفرائض مِن الاتصال : محمد بن عيسى بن سَورة : مَجهول . اهـ .

فَلا يتعرّض أحد لأئمة الْهُدى إلاّ نادى على نفسه بالجهل !

ومِن عَجب أن يتصدّر لانتقاد الدعوات الإصلاحية ، بل ونَقَد العلماء ، والكلام على تصحيح الأحاديث وتضعيفها مَن لم يُعرَف بالعِلْم الشرعي ، ولا عُرِف عنه طَلَب العِلْم الشرعي ، وليس هو تخصّصه !
فليته اقتَصَر على تخصصه ، وتكلّم فيما يُحسِن (التُّراب والنبات) ، أو سَكَت !

وهذا الذي يَجرؤ على انتقاد الصحابة ، ويُعرِّض بِدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ويَنبِزها بِما يَنبِزها به أداء السّنة ! هذا الشخص لا يَسمَح بانتقاد جماعة الإخوان ! ولا أن تُنتقَص ، بل زأر وزَمْجَر وهَدَر حينما انتقد بعض المتنفّذِين جماعة الإخوان ، وانبَرى يُدافِع ويُنافِح عن الجماعة !
وهذا هو حال كل مَن تحزّب وتعصّب لِحِزب أو جَماعة ، لا يكون ولاؤه لله ولِرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين وللحَقّ ، وإنما يكون ولاؤه لِحِزبه وجماعته وطائفته !
ولا يَرى الْحَقّ إلاّ مع حِزبِه وجماعته وطائفته !
يَرى أن حِزبه وجماعته هُم الذين حازوا قَصَب السّبق في كل مجال ؛ فهم الذين يَفهمون في السياسة ، بينما يصف غيرهم بالسذاجة والسطحية !
وأنهم هم الذين يَعمَلون للإسلام ، وغيرهم لا يُحسن العَمل !

وأي فضيلة حازَها حِزبه وجماعته ؟!
والحقّ يُقال : إن الجماعة التي ينتمي إليها لا تثبت على قَدَم راسخة ، لا في الاعتقاد ، ولا في العِلْم الشرعي ، ولا في العمل السياسي !
وهذا ليس تحامُلا على الجماعة ، بل يُقرّ بذلك كِبار المنظّرين ممن عَمِلوا مع الجماعة فترة مِن الزمن !

بل قد تَجِد من تصدّى لِنقد الصحابة مَن لم يَحْسُن تديّنه بعد ! وقد ينطبق على بعضهم وصف مُخنّثة الرجال ، كما قال ابن الهمَام الحنفي عن الأخذ مِن اللحية دون القَبضة : وأما الأخذ منها وهي دون ذلك [دون القبضة] كما يفعله بعض المغاربة ومُخنّثة الرّجال ؛ فلم يُبِحه أحد . اهـ .

ورأيناه كيف داهَن مَن قال بِعصبية وجَهل : حَشَرَك الله مع معاوية !
فالْتُمَسَ له الدكتور المذكور الأعذار !
عجبا !! كيف يلتمس العُذر لِمن قال تلك الكلمة المنْطَوِية على خُبث ؟ ولم يلتمس الأعذار لِمن هُم أحقّ الناس بالْتِماس الأعذار ، وهُم الصحابة الكِرام رضي الله عنهم .

وقد يكون بعضهم بحاجة إلى تأديب وأطْر على الحق !
قال الإمام الدارمي : وَلَو كَانَ لَكَ سُلْطَانٌ صَارِمٌ يَغْضَبُ لأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَوْجَعَ بَطْنَكَ وَظَهْرَكَ ، وأثَّر فِي شَعْرِكَ وبَشَرِكَ حَتَّى لا تَعُودَ تَسُبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا تَرْمِيهم بِالْكَذِبِ مِنْ غَيْرِ ثَبْتٍ .

ويكفي الصحابة رضي الله عنهم أن الله تبارك وتعالى زَكّاهم ومدَحهم وأثنى عليهم .
قال الله تبارك وتعالى : (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) .
قال ابن كثير : فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، فَيَا وَيل مَن أبغضهم أو سَبَّهم أو أبغض أو سبَّ بعضهم ، ولا سِيّما سَيّد الصحابة بعد الرسول وخَيْرهم وأفضلهم ، أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم : أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه ، فإن الطائفة المخذولة مِن الرافضة يُعَادُون أفضل الصحابة ويُبغضونهم ويَسُبُّونهم ، عياذًا بالله من ذلك . وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة ، وقلوبهم منكوسة ، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن ، إذ يسبُّون من رضي الله عنهم ؟ . اهـ .

وقال عزَّ وجَلّ : (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) .
قال ابن عاشور في تفسيره :
في هذه الآية دلالة على أن رُتبة صحبة النبي صلى الله عليه وسلم عظيمة . اهـ .

وقد أجْمَع العلماء على عدالة الصحابة ، فلا يُسأل عنهم ، ولا يُطلَب توثيقهم ؛ لأن مَن أثنى الله عليه ومُدحه ، وزكّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يَحتاج إلى توثيق أحد بعد ذلك .
ومِن أجل ذلك : قُبِلَتْ رواية التابعي وإن لم يُسمِّ الصحابي ، كما لو قال : حدثني رَجُل مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن جَهَالة الصحابي لا تضرّ .
قال ابن الصلاح : الجهالةُ بالصحابيِّ غيرُ قادحةٍ ؛ لأنَّ الصحابةَ كُلَّهُمْ عدول . اهـ .

وكما يُقال : مِن فَمِك أُدِينُك !
قال المخذول مُعرّفا الفِتنة : الفِتنة كما قال الله عَزّ وَجَلّ في سورة النور : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
فأقول :

أولا : هذا اختِزال للفِتنة ، وتقصير في تعريفها .
ثانيا : لو افترضنا أن هذا هو تعريف الفِتنة ؛ فقد وَقَع مُنتَقِد الصحابة في هذه الفِتْنَة .
كيف ذلك ؟
هو خالَف أمْر النبي صلى الله عليه وسلم القائل : لا تسبّوا أصحابي . رواه البخاري ومسلم .
والنّقد نَوْع مِن السبّ والترفّع عليهم .

وخَالَف أمْر النبي صلى الله عليه وسلم القائل : إذا ذُكِر أصحابي فأمْسِكوا . رواه الطبراني في الكبير واللالكائي في الاعتقاد. وصححه الألباني .

وقد أوْصَى النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته بالأنصار خيرا .
قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَرَ ، وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلْحَفَةً عَلَى مَنْكِبَيْهِ قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِلَيَّ ، فَثَابُوا إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الأَنْصَارِ يَقِلُّونَ وَيَكْثُرُ النَّاسُ ، فَمَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَضُرَّ فِيهِ أَحَدًا ، أَوْ يَنْفَعَ فِيهِ أَحَدًا ؛ فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئهِمْ . رواه البخاري ، ورواه مسلم بِنحوه مِن حديث أنس رضي الله عنه .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احْفَظُونِي في أصحابي ، ثم الذين يَلُونَهم ، ثم الذين يَلُونَهم . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني والأرنؤوط .
وفي رواية : أكْرِمُوا أصحَابي فإنهم خِيارُكم ، ثم الذين يَلُونَهم ، ثم الذين يَلُونَهم . رواه عبد الرزاق وابن بطّة في " الإبانة الكبرى " ، ومِن طريق عبد الرزاق : رواه البغوي في " شرح السّنَة " .

فالذي يَنْتَقِد الصحابة رضي الله عنهم لم يَلتَزم هذه الأوامر النبوية الكريمة .
ولم يسلَم مِن الفِتنة على تعريفه هو ! بل وَقَع فيما نَهَى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وخالَف أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، ووقَع في الفِتنة !


وانتقاد الصحابة وذِكر ما شَجَر بينهم داخل في هذا النهي ، ومُخالِف لِما أثْنَى الله عليهم به وزكّاهم به .

قال ابن عباس رضي الله عنهما : أَخْبَرَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ ، عَنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ ، فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ، هَلْ حَدَّثَنَا أَنَّهُ سَخِطَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ ؟! رواه الإمام أحمد ومِن طريقِه : الحاكم في المستدرك وصححه ، ومِن طريقِ الحاكم : البيهقي في "الاعتقاد " . ورواه النسائي في " الكبرَى " .

وأما انتقاده لِدعوة التوحيد والتجديد : دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ؛ فهو لم يذكر ما يَنتَقِد عليها !!
ولو عُرّض بِجماعة الإخوان المسلمين مثل هذا التعريض لانْتَفَض ، ولرُبّما أعلَن أنها فَوق النّقْد !!!


فنعوذ بالله مِن الهَوى والفَظَاظَة .

وسبق :
لِم يُحكم بِكُفر سابّ الصحابة ولم يحكم بِكُفر مَن قَتلهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15958

الرافضة يثيرون الشبهات ويسألون "من قتل الحسين" ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12549

بماذا يُردّ على رافضي يقول : خالد بن الوليد قتل مالك بن نويرة وتزوج امرأة مالك بن نويرة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1403

ما صحة موضوع (أخطاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الثلاثة) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11972

الرافضة يطعنون في عمر لأنه غاب عنه أحاديث الاستئذان والتيمم
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5116

هل صحيح أنّ معاوية كان يكره علي ويأمر بسبِّه ولعنه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11045

هل معاوية وجيشه فئة باغية ؟ وما صِحة منْع أبي بكر فاطمة مِن ميراث أبيها ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=16279

هل قالت أم سلمة عن بيعة معاوية بالخلافة بأنها بيعة ضلالة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11423

هل صحيح أنَّ معاوية رضي الله عنه قتل عائشة رضي الله عنها بمؤامرة ومكيدة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14581

هل الحديث الذي رواه مسلم : " تطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالَك " ضعيف ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12495

سؤال حول عدالة الصحابة
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17650

هل يمكن لأحدٍ اليوم أن يَصِل إلى مرتبة الصحابة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=6258

حكم مَن أقرَّ مَن يَسبّ الصحابة
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17651

تقول إنها تَكرَه معاوية ويزيد والزبير وطلحة ، وتريد أدلّة تثبِت عدالة الصحابة
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10737

ما قولك في إزالة عميد كلية لِصُور ذوات الأرواح ، وهل يشترَط لإزالة المنكر علم صاحبه به ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13417

كيف نردّ على مَن يقدح في الصحابة رضي الله عنهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7270

شخص يتنقص معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه .. كيف يُرد عليه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14580

يستشهد الروافض بأحاديث من كُتب السنة في ذمّ معاوية رضي الله عنه ، فكيف يُرد عليهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4046

ما صحة حديث : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=64

ما ردّك على مَن يطعنون في الصحابة بسبب خلافة علي ومعاوية ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3079

خُطبة جُمعة عن .. (مكانةِ الصحابةِ)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13327

وبالله تعالى التوفيق .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
رجب 1437 هـ


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أرجو الرد المفصل على تلك الشبهة المجيزة للخروج على ولي الأمر ؟ نسمات الفجر قسـم الفتـاوى العامـة 0 23-09-2015 10:18 PM
هل يجوز للمرأة أن تلبس ما يبدي كتفيها ؟ نسمات الفجر إرشـاد اللبـاس والزيـنـة 0 20-11-2013 08:08 PM
كيف نرد على من يقول بأنه كان في مجتمع الصحابة بعض المخالفات الشرعية ولم ينكرها الصحابة؟ ناصرة السنة قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 17-11-2012 10:09 PM
مناصحة صاحب منكر راجية العفو قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 21-03-2010 05:07 PM
كيف الرد على الصوفية القائلين بأن الأدب مقدم على الأمر ؟ عبق قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 24-02-2010 08:36 PM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 10:10 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى