العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد أقسام الدعوة والإنتـرنت والفتاوى العامة قسـم الفتـاوى العامـة
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفتـاوى العامـة
افتراضي هل صحيح أنَّ معاوية رضي الله عنه قتل عائشة رضي الله عنها بمؤامرة ومكيدة ؟
قديم بتاريخ : 01-06-2016 الساعة : 02:05 AM


ما رأيك بهذا ؟
مَن قتل عائشة وكيف ؟
بقلم الدكتور .... من جامعة قطر
من يدري كيف ماتت عائشة ؟ ومن هو السبب في موتها؟ وأين دفنت ؟ وكيف دفنت ؟وفي أي وقت ؟
لا يتم الحديث في هذا الأمر عادة ؟ لأنه ربما يكون بمثابة صدمة قوية للبعض وكارثة عظمى!!
من كتب السنّة إليكم هذا مع مصادره :
في زيارة معاوية للمدينة لأخذ البيعة لابنه يزيد عارضه الكثير من الصحابة لفسق يزيد وجهله , وعندما قرر معاوية الانتقام منهم بالخصوص من قتلة عثمان بن عفان فأمر بقتل عبد الرحمن بن أبي بكر وأخته عائشة بنت أبي بكر وقد قتل الاثنين غيلة. إذ قتل عبد الرحمن بالسم وقيل بدفنه حيا, وقد يكون معاوية قد استخدم الوسيلتين معا أي سما ودفنه حيا
المصدر: البداية والنهاية ,ابن كثير 8/123
المستدرك الحاكم

وكانت السيدة عائشة قد ثارت على معاوية لقتله أخيها عبد الرحمن وتخاصمت علنا مع مروان بن الحكم والي معاوية على المدينة فألحقها معاوية بأخويها عبد الرحمن و محمد في سنة 58 هجرية
المصدر: البداية و النهاية 8/96
وقال ابن كثير في البداية والنهاية بأن السيدة عائشة وعبد الرحمن بن ابي بكر ماتا في سنة واحدة وماتت السيدة عائشة وعمرها 67 سنة
وقال صاحب المصالت : كان (معاوية) على المنبر يأخذ البيعه ليزيد (في المدينة) فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها هل استدعى الشيوخ لبنيهم البيعة , أي هل أوصي ابو بكر وعمر لابنائهم
قال : لا
قالت فبمن تقتدي ؟؟
فخجل (معاوية) وهيأ لها حفرة فوقعت فيها وماتت فقال عبد الله بن الزبير يعرض بمعاوية : "لقد ذهب الحمار بأم عمرو ( يقصد السيد عائشة ) فلا رجعت ولا رجع الحمار "
المصدر : الصراط المستقيم 3 باب 12

وللتغطية على اغتيالها أشاع الأمويون بأنها أمرت أن تدفن ليلا فدفنوها ليلا مثلما دفنوا أباها !
المصدر : تهذيب الكمال 35/235
الطبقات الكبرى 8/77

وقتل معاوية السيدة عائشة بحفر بئر لها وغطى فتحة ذلك البئر عن الأنظار
المصدر : كتاب حبيب السير , غياث الدين بن همام الدين الحسيني ص 425
والآن وبعد معرفة هذه الحقائق التي طالما حاولوا أن يخفوها هل يستطيعون الآن أن يقولوا : أن سيدنا معاوية قتل أمنا عائشة ؟ والاثنان بالجنة؟
ما صحة هذا ؟

الجواب :

كاتب هذه الكلمات خان الأمانة العلمية ؛ لأن الأمانة العلمية تقتضي أن يَكون مُنْصِفا ، وأن يعتمد على مصادر مُعتَمَدة ، وأن يُنقِّح ما يَنقل ، ولا يكون كَحَاطِب ليل !
وهذه طريقة أهل الأهواء في إثارة الشبهات والطعن في خيار هذ هالأمة بهذه الطريقة ، وبالأخبار الواهية .

وما أوْرَده ليس فيه ما يُعتمَد عليه ؛ لأنه ينقل مِن مصادر تاريخية ، ليس مِن شرطها صِحّة كل ما يُروى ، ولا ثبوته .

والذي في مستدرك الحاكم : وَمَاتَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ بَعْدَ صَلاةِ الْوِتْرِ، وَدُفِنَتْ مِنْ لَيْلَتِهَا بِالْبَقِيعِ لِخَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَصَلَّى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَانَ مَرْوَانُ غَائِبًا ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَخْلُفُهُ .
وفي إسناد الحاكم : عَبد اللَّهِ بْن معاوية . قال عنه الإمام البخاري : في بعض أحاديثه مناكير . قال ابن عديّ : وفي موضعٍ آخر : منكر الحديث . وذَكَر ابن عديّ تضعيف الإمام النسائي له .
ولو صَحّت هذه الرواية فليس فيها شيء مما ذُكِر عن المؤامرة والقَتْل غِيلة .
فَعَزْو المؤامرة والقِتْل إلى مُستدرك الحاكم تلبيس وتدليس وكَذِب وتَضليل للقُرّاء .
ففي المستدرَك أيضا عَنْ سَالِمٍ سَبَلانَ ، قَالَ : مَاتَتْ عَائِشَةُ لَيْلَةَ السَّابِعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ الْوِتْرِ، فَأَمَرَتْ أَنْ تُدْفَنَ مِنْ لَيْلَتِهَا، وَاجْتَمَعَ الأَنْصَارُ وَحَضَرُوا ، فَلَمْ تُرَ لَيْلَةً أَكْثَرَ نَاسًا مِنْهَا ، نَزَلَ أَهْلُ الْعَوَالِي ، فَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ .

كما نَقَل صاحب المقال عن كُتب التراجِم ، مثل : تهذيب الكمال ، ولبّس على القُرّاء حينما عَزَا قوله : (وللتغطية على اغتيالها أشاع الأمويون بأنها أمرت أن تدفن ليلا فدفنوها ليلا مثلما دفنوا أباها !) وقد عَزَاه إلى تهذيب الكمال ، وليس فيه شيء مِن هذا .
فإن النصّ في " تهذيب الكمال " للمزِّي (35 / 235) :
وقِيلَ : توفيت ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان سنة ثمان وخمسين، وأَمَرَتْ أن تُدْفَن ليلا، فَدُفِنَتْ بعد الوتر بالبقيع ، وصلى عليها أبو هُرَيْرة ونزل في قبرها خمسة: عَبد الله بن الزبير، وعروة بْن الزبير، والقاسم بْن محمد بن أَبي بكر، وأخوه عَبد الله بْن مُحَمَّد بْن أَبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أَبي بكر . اهـ .
وهذا حكاية قول بِصِيغة التمريض ، وهي ( قيل ) .
ومعلوم أن صِيغة التمريض لا يُثبَت بها حُكم ، كأنه قال : يُقال كذا .

ومثله ما نَقَله عن " البداية والنهاية " لابن كثير ، فإن النص الذي ذَكَرَه ابن كثير غير معزوّ لأحَد ، بل يحكيه ابن كثير حكاية السَّرْد التاريخي دون إسناد .
وهو النصّ الذي في تهذيب الكمال ، وليس فيه أي ذِكْر لِمؤامرة على قتل أم المؤمنين رضي الله عنها .
وقريب منه ما في الطبقات الكبرى .
مع أن ما ذَكره عن " الطبقات الكبرى " لابن سعد إنما يَرْويه ابن سعد مِن طريق الواقدي ، وهو إخباري متروك ، بل قال عنه الإمام أَحْمَد بْن حنبل: كذَّاب .

ومن كان هذا حاله ، فلا يُمكن اعتماد أخباره في مقام الاستدلال والاستشهاد وإثبات الحقائق التاريخية .

ومع ذلك فليس في هذه النصوص المذكورة في كُتب أهل السنة إلاّ أن عائشة رضي الله عنها أوْصَت أن تُدْفَن ليلا ، وقد تكون اختارت أن تُدْفَن ليلا ؛ لأنه أسْتَر للمرأة .
ولعلها أرادت أن لا تُؤخِّر جنازتها ؛ لأنها ماتت ليلا – كما تقدَّم – ولعلها فعلت ذلك لبيان جواز الدفن ليلا .
وفي رواية الحاكم : فَأَمَرَتْ أَنْ تُدْفَنَ مِنْ لَيْلَتِهَا . وهذا لو صحّ لَكان سبب الدفن ليلا أنها أرادت تعجيل جنازتها .

ولم يَفْهَم أحدٌ أن الدفن ليلا مِن أجل أنها قُتِلت غِيلة ، ولا لِيُخفَى قبرها ، فإن موضع قبرها معلوم غير مجهول .
وكيف يكون مجهولا وقد حضره أمير المدينة أوْ مَن ينوب عنه ؟! وحضَره الْجَمْع الغفير .

مع أن في " البداية والنهاية " : أن عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي بَكْرٍ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَمَاتَ بِهَا .
كما ذَكَر ابن كثير الاختلاف في وفاة عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه .
قال ابن كثير في " البداية والنهاية " : وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذَا الْعَامِ فِي قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ التَّارِيخِ ، وَيُقَالُ : إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ وَكَاتِبُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ ، وَقِيلَ : سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ . فالله أعلم . اهـ .

وكلّ هذا لم يلتفت إليه ! بل جَعَله قولا واحدا : أنه مات هو وعائشة رضي الله عنها في سنة واحدة .
مع الاختلاف أيضا في سَنَةِ وَفاة عائشة رضي الله عنها .
قال ابن عبد البر في " الاستيعاب (4 / 1885) : وتُوفّيت عائشة سنة سبع وخمسين، ذكره المدائني ، عَنْ سُفْيَان بْن عيينة، عَنْ هشام بْن عروة عَنْ أبيه . وَقَالَ خليفة بن خياط : وقد قيل: إنها تُوفّيت سنة ثمان وخمسين ، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان . اهـ .

وقال ابن كثير : وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهَا فِي هَذَا الْعَامِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ . وَقِيلَ : قَبْلَهُ بِسَنَةٍ، وَقِيلَ : بَعْدَهُ بِسَنَةٍ، وَالْمَشْهُورُ فِي رَمَضَانَ مِنْهُ . وَقِيلَ : فِي شَوَّالٍ ، وَالأَشْهَرُ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ السَّابِعُ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ . اهـ .

مع أنه لو كانت وفاة عائشة رضي الله عنها ووفاة أخيها بسبب مكر ومكيدة ، لم يخْفَ ذلك على الناس في ذلك الزمان ، مع قيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما هو دون ذلك ، والتشديد في الإنكار على الولاة .

فقد أنْكر كعب بن عجرة رضي الله عنه على عبد الرحمن بن أم الحكم حين خَطب قاعدا ، فقال كعب رضي الله عنه : انظروا إلى هذا الْخَبِيث يَخْطُب قَاعِدًا ، وقال الله تعالى : (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) . رواه مسلم .
وأنْكر عمارة بن رؤيبة على بِشْر بنِ مروان حينما رآه على المنبر رافعا يديه ، فقال : قبح الله هاتين اليدين ! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا ، وأشار بإصبعه المسبحة .
وهذا إنكار علني يوم الجمعة أمام الناس على أمير من الأمراء .

كما نقل الكاتب عن مصادر رَافضية ، مثل : كتاب حبيب السير ! والكتاب مطبوع ومُحقق في إيران !

وفي كتاب " الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام " أن غياث الدين بن همام الدين الهروي مؤلِّف كتاب حبيب السير : ومن مصنفاته : " خلاصة الأخبار في أحوال الأخيار " ألَّفَه لِـ مير على شير ، ورَتَّبَه على مقدمة وعشر مقالات وخاتمة ، المقدمة في بدء الخلق، والمقالات في الأنبياء والحكماء وملوك العجم والتتر والخلفاء من بني أمية والعباسية ومعاصريهم وآل جنكيز خان وآل تيمور . اهـ .
فما أعَجب هذا ! أن يَذمّ معاوية رضي الله عنه ، في حين يَجعل مِن " الأخيار " آل جنكيز خان وملوك العجم والتتر !!

وذِكْر المؤامرة إنما يُنقل عن مصادر الرافضة ، وإلاّ فإن أهل السنة أعفّ وأعقل مِن أن ينقلوا مثل هذا السَّخف والكذب !

وليس في المصادر السُّـنِّـيَّة التي ذَكَرها شيء عن المؤامرة التي ينتحلها ويصنعها وينسج خيوطها الرافضة ؛ لأنهم اعتادوا على حياكة المؤامرات ، فيُريدون أن يَصِفوا الناس بِقبيح صِفاتِهم ! على قاعدة : وَدَّت الزانية لو أن كل النساء زواني !
وإنما عزا ذلك إلى المصادر السنيَّة ليُوهِم القُرّاء ويُلبِّس على العوام ، وهذا هو ديدن الرافضة !

ومِن الْمُضْحِكات قوله : (والآن وبعد معرفة هذه الحقائق التي طالما حاولوا أن يخفوها هل يستطيعون الآن أن يقولوا : إن سيدنا معاوية قتل أمنا عائشة ؟ والاثنان بالجنة؟)
يُقال لمثل هذا : أثْبِت العَرْش ثم انقُش !
أثْبِت أوّلاً ما زَعَمْته حقائق ! وإنما هي أباطيل وظُلمات وأكاذيب !

وهل يقول عن معاوية إنه في النار ؟!
إن قال : لا ، فقد حَجّ نفسه ، ونَقَض قَولَه !

وإن قال : نعم ، فقد حَكَم على رَجُل مِن أهل القِبْلَة بأنه في النار ، بل مِن أفضل أهل القِبْلَة ، ويَكفي معاوية رضي الله عنه شَرَفا صُحبة ونَسَب خير البرية ، فهو صحابي وابن صحابي وأمّه صحابية ، وهو خال المؤمنين ، فإنه أخو أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنهم أجمعين .

كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اسْتَأمَن معاوية رضي الله عنه على كِتابة الوحي ، فهو مِن كُتّاب الوحي ، وكِتابة الوحي أعْظَم ما يُستأمَن عليه مُسْلِم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .
وجَمَع القرآن أبو بكر ووافقه عمر رضي الله عنهما ، ثم كان الْجَمْع الأخير جَمْع عثمان رضي الله عنه ، ولا يزال المصحف يُعرَف بـ " المصحّف العثماني " .
فمن طَعن في معاوية رضي الله عنه وفي الخلفاء الثلاثة ، إنما يَطعن في كِتاب الله .
ومَن قَبِل بالمصحف وأقَرّ بِالقرآن ، لَزِمه أن يقبَل بإمامة الخلفاء الثلاثة ( أبي بكر وعمر وعثمان ) ، وأن يَقول بِعَدَالة معاوية رضي الله عنه ؛ لأنه مِن كُتّاب الوحي .
وإلا لَزِمَه إنكار وَرَدّ القرآن الذي جَمَعه هؤلاء ، وكان مِن كَتبَتِه معاوية رضي الله عنه .

وقد زَعَم بعض الزنادقة أن معاوية رضيَ اللّهُ عنه لم يَكن مِن كُتّاب الوحي ، وكَذَب في دعواه .
فقد قال أبو سفيان لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ثَلاَثٌ أَعْطِنِيهِنَّ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ ، أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ ، أُزَوِّجُكَهَا ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَمُعَاوِيَةُ ، تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَتُؤَمِّرُنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ ، كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ : نَعَمْ . رواه مسلم .
وروى أبو داود الطيالسي مِن حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَكْتُبُ لَهُ .

ولو افترضنا ان معاوية رضيَ اللّهُ عنه لم يكن مِن كتّاب الوحي ، فإنه مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد نال شَرَف الصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكفى بها شَرَفا .

وقد حَكَم ذلك الزنديق على معاوية رضيَ اللّهُ عنه بالنفاق ، وهو أحقَّ بذلك الوَصْف ، ولا يُسيء الظنّ بالأخيار إلاّ الأشرار !

وهل أراد ذلك المخذول إلاّ أن يكون حَكَما على خيار عباد الله ؟!

قال عاصم ابن أَبي النجود : مَا رَأَيْتُ أَبَا وَائِلٍ [ يعني : شقيق بن سَلَمة ] مُلْتَفِتًا فِي صَلاةٍ، وَلا فِي غَيْرِهَا، وَلا سَمِعْتُهُ يَسُبُّ دَابَّةً قَطُّ، إِلاَّ أَنَّهُ ذَكَرَ الْحَجَّاجَ يَوْمًا فَقَالَ : اللهُمَّ أَطْعِمِ الْحَجَّاجَ مِنْ ضَرِيعٍ لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ . ثُمَّ تَدَارَكَهَا ، فَقَالَ : إِنْ كَانَ ذَاكَ أَحَبَّ إِلَيْكَ . فَقُلْتُ : وَتَسْتَثْنِي فِي الْحَجَّاجِ . فَقَال : نَعُدُّهَا ذَنْبًا . رواه ابن أبي شيبة وأبو نعيم في الحلية.

وسُئل شقيق بن سلمة : بِمَ تَشهد على الْحَجَّاج ، تشهد أنه في النار؟ فقال : سبحان الله ، أحكم على الله عز وجل؟
وفي رواية: ما تقول في الحجاج ؟ قال : سبحان الله، نحن نحكم على الله ؟
فأسلافنا تورّعوا في الْحُكْم على الْحَجَّاج بِدخول النار ، فكيف بِمن هو أفضل من الْحَجَّاج بلا ريب ؟

وقد جاءت الآياتُ الصريحة والأحاديث الصّحيحة في فضائل الصحابة رضي الله عنهم
، فمِن ذلك :

قوله عزّ وجلّ: (وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ، وقال عزّ وجلّ : (لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) ، وفيهم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ " رواه الإمام أحمد وأبو داود الترمذي ، وهو حديث صحيح .
قال ابن كثير : فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، فَيَا وَيل مَن أبغضهم أو سَبَّهم أو أبغض أو سبَّ بعضهم ، ولا سيما سيدُ الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم ، أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه ، فإن الطائفة المخذولة مِن الرافضة يُعَادُون أفضل الصحابة ويُبغضونهم ويَسُبُّونهم، عياذًا بالله من ذلك . وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة، وقلوبهم منكوسة ، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن ، إذ يسبُّون من رضي الله عنهم ؟ . اهـ .

إنّ الخيرَ كلّ الخير في ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فَهُم مَن حفِظ الله بهم كتابَه أمينًا عن أمين ، حتّى أدّوا أمانةَ ربّهم .

ونال الصحابة رضي الله عنهم شرفَ صُحبة النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فكان لهم النصيب الأوْفى مِن محبّته وتعظيمه، سُئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كيف كان حبُّكم لرسول الله ؟ قال: كان والله أحبَّ إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمّهاتنا ، ومِن الماء البارد على الظمأ.

وفَـدَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلنفس والنفيس ، بل ضحّوا بأنفسهم دُون نفسِه .
فقد أُفْرِدَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ فِي سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُريْشٍ ، فَلَمّا رَهِقُوهُ قَالَ : مَنْ يَرُدّهُمْ عَنّا وَلَهُ الْجَنّةُ أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنّةِ ؟ فَتَقَدّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتّىَ قُتِلَ , ثُمّ رَهِقُوهُ أَيْضاً . فَقَالَ: مَنْ يَرُدّهُمْ عَنّا وَلَهُ الْجَنّةُ أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنّةِ ؟ فَتَقَدّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتّىَ قُتِلَ ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتّىَ قُتِلَ السّبْعَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبَيْهِ : مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا . رواه مسلم .

وقد حَكََّم الصحابة رضي الله عنهم رسولَ الله في أنفسهم وأموالهم ، فقالوا: هذه أموالنا بين يدَيك ، فاحكُم فيها بما شئت، هذه نفوسنا بين يديك لو استعرضتَ بنا البحرَ لخضناه نقاتِل بين يديك ومن خلفك ، وعن يمينك وعن شمالك .

وحُبّ الصحابة عقيدة يعتقدها أهل الإسلام قاطبة ، إلاّ مَن شذّ .
قال الإمام الطحاوي : وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا نُفَرِّطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلا نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ. وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ، وَبِغَيْرِ الْخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ . وَلا نَذْكُرُهُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ . وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ .

والصحابة رضي الله عنهم قومٌ قد أثنى الله عليهم ومَدَحهم وزكّاهم .
قال تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) .
قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله : مَن أصبح وفي قَلْبه غَيظ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية .
وقال القرطبي رحمه الله : لقد أحسن مَالِكٌ في مقالته ، وأصاب في تأويله ، فمن نقص واحدًا منهم أو طعن عليه في روايته فقد ردّ على الله رب العالمين ، وأبطل شرائع المسلمين
وقد نَهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النيل مِن أحدٍ مِن أصحابه رضيَ اللّهُ عنهم ؛ لِمَا لهم مِن مكانة عالية وفضل عظيم ، فقال عليه الصلاة والسلام : لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ . رواه البخاري ومسلم . اهـ .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَب *** وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل

وإن مِن الخذلان أن يتطاول الأقزام على قامات أصحاب المقامات الْعُلَى ، الذين حطّوا رِحالهم في الجنة ، كالعَشَرة المبشّرين ، أوْ أصحاب بَدْر ، رضيَ اللّهُ عنهم أجمعين ، وسائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد نالُوا شَرَف صُحبة سيِّد الْخَلْق صلى الله عليه وسلم ، وكَفَى به شَرَفا ورِفعة .
سُئِلَ عبد الله ابْن الْمُبَارك : أَيّمَا أفضل مُعَاوِيَة أَو عُمر بن عبد الْعَزِيز ؟ فَقَالَ : الْغُبَار الَّذِي دخل أنف فرس مُعَاوِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير مِن عمر بْن عبد الْعَزِيز كَذَا وَكَذَا مرّة !
ولعل هذا محمول على سبيل المبالغة في تفضيل الصحابة رضي الله عنهم .

قال ابن القيم : وَأما مَا اخْتصَّ بِهِ الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم ، وفازُوا بِهِ مِن مُشَاهدَة طلعته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، ورؤية ذَاته المشرَّفة المكرَّمة ، فَأمْـرٌ مِن وَرَاء الْعقل ، إِذْ لا يَسَع أحَد أَن يَأْتِي من الأَعْمَال - وَإِن جَلَّت - بِمَا يُقَارب ذَلِك ، فضلا عَن أَن يُمَاثِله . اهـ .

ومَن سبّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد تَعَرّضَ لِلّعْن والطَّرْد مِن رحمة الله .
قال عليه الصلاة والسلام : مَن سَبَّ أصحابي فعليه لَعنة الله . رواه ابن أبي عاصم في كتاب " السنة " وقال الألباني : حديث حسن .

وقال الربيع بن نافع : معاوية بن أبي سفيان ستر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإذا كَشَف الرَّجُل الستر اجترأ على ما وراءه . رواه ابن عساكر .

وقال الإمام أحمد بن حنبل : إذا رأيت رجلا يَذْكُر أحدًا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بِسوء فاتَّهِمه على الإسلام .

وروى الخلال في كتاب السنة عن أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى أَنَّ أَبَا طَالِبٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ [الإمام أحمد] : أَقُولُ : مُعَاوِيَةُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ؟ وَابْنُ عُمَرَ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، مُعَاوِيَةُ أَخُو أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَحِمَهُمَا ، وَابْنُ عُمَرَ أَخُو حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَحِمَهُمَا ، قُلْتُ : أَقُولُ : مُعَاوِيَةُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ : نَعَمْ .

وأمَر الإمام أحمد رحمه الله بِهَجْر مَن لا يعتبر معاوية رضي الله عنه خالاً للمؤمنين ..

روى الخلال أن هارون بن عبد الله قال لأبي عبد الله [الإمام أحمد]: جاءني كتاب من الرَّقة أن قوما قالوا : لا نقول : معاوية خال المؤمنين ، فغضب وقال : ما اعتراضهم في هذا الموضع ؟ يُجْفَون حتى يتوبوا .

وروى الخلال أيضا أن أبا الحارث قال : وَجّهنا رُقعة إلى أبي عبد الله : ما تقول رحمك الله فيمن قال : لا أقول إن معاوية كاتب الوحي ، ولا أقول إنه خال المؤمنين ، فإنه أخذها بالسيف غصبا ؟ قال أبو عبد الله : هذا قول سُوء رَديء ، يُجانبون هؤلاء القوم ، ولا يُجالسون ، ونُبَيّن أمرهم للناس .

ولا يَطعَن في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضيَ اللّهُ عنهم إلاّ زِنديق يُريد أن يَطعن في دِينِ الله .

قال الإمام مالك بن أنس : قومٌ أرادوا الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يُمكنهم ذلك ، فَطَعَنُوا في الصحابة ، ليقول القائل : رَجُل سُوء كان له أصحاب سُوء ، ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صَالِحِين .

وقال أبو زرعة الرازي : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعْلم أنه زِنديق ، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق ، وإنما أدّى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى ، وَهُم زنادقة .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الصحابة رضي الله عنهم : فإن القَدْح في خير القرون الذين صَحِبُوا الرسول صلى الله عليه وسلم قَدْحٌ في الرسول عليه الصلاة والسلام ... فهؤلاء الذين نَقَلُوا القرآن والإسلام وشرائع النبي صلى الله عليه وسلم . اهـ .

ولو افترضنا – جَدَلاً – أن معاوية رضي الله عنه قَتَل عائشة رضي الله عنها ، فإننا نقول : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .
ولو افترضنا ذلك جَدَلاً ، فإننا لا نَحكُم على مَن قَتَل مُؤمِنا بالخلود في النار ، فإن قاتِل المؤمن عند أهل السنة تحت مشيئة الله إن شاء غَفَر له ، وإن شاء عذّبه ؛ لأنه داخِل في ُكم مرتكب الكبيرة ، كيف إذا كان ممن سَبَقَتْ لهم عند الله الْمَنْزِلة العالية ، والمرتبة الرفيعة ؟
فإنه يُغْفَر لِمن سَبَقَتْ له الْحُسنى ، ما لا يُغفر لِغيره .
وقد قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ) .
ولو افترضنا صِحّة ذلك القول جَدَلاً : فإنه لا مصلحة دينية ولا دُنيوية مِن إثارة مثل ذلك القول إلاّ إيغار الصدور ، ومَخَالَفَة أمْرِ الله عزّ وَجَلّ في قوله : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) .
ومُخالَفة أمْرِه عليه الصلاة والسلام حيث قال : إذا ذُكر أصحابي فأمْسِكُوا . رواه الطبراني في الكبير واللالكائي في الاعتقاد . وصححه الألباني .

ولقوله عليه الصلاة والسلام : لا تَسُبُّوا أصحابي . لا تَسُبُّوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهبا ما أدرك مُـدّ أحدهم ولا نَصيفه . رواه البخاري ومسلم .

وباتفاق الجميع فإن معاوية رضي الله عنه كان مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
فمَن كان سامِعا مُطيعا لِرَسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يَسُبّ أحدًا مِن أصحابه رضي الله عنهم .

ولذلك كان سبيل أهل العِلم والإيمان والعَدْل والعقل والإنصاف : الكَفّ عَمّا شَجَر بين الصحابة رضي الله عنهم ، والترضّي عنهم جميعا .
وأن لا نَذْكُر الصحابة رضي الله عنهم إلاّ بِخَير .

قال الإمام الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة : ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم . ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير يذكرهم . ولا نذكرهم إلاَّ بخير . وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كُفر ونفاق وطغيان . اهـ .

وجَرَت العادة أنه لا يَعرِف لأهل الفضل إلاّ أهل الفضل .
وما عَبَّر الإنسان عن فَضْل نَفْسه… …بمثل اعتقاد الفضل في كُلّ فاضِل
وإن أخَسّ النقص أن يَرْمِي الفتى ……قَذَى العين عنه بانتقاص الأفاضل

وفي المقابِل : لا يُسيء الظنّ بالأخيار ويَطْعَن فيهم إلاّ سيئ السيرة خبيث الطوية ، فهو كما قيل :
إذا ساء فِعْل الْمَرء ساءت ظنونه *** وَصَدَّق ما يعتاده بالتوهّـم

ومُعاوية رضي الله عنه مِن كُتّاب الوَحي ، ففي صحيح مسلم أن أبا سُفيان قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا نبي الله ثلاث أعطنيهن ، قال : نعم ، قال : عندي أحسن العرب وأجمله ، أم حبيبة بنت أبي سفيان ، أزوّجكها ، قال : نعم ، قال : ومعاوية ، تَجْعَله كَاتِبا بَيْن يَدَيْك ، قال : نعم ، قال : وتُؤمّرني حتى أُقاتِل الكفار ، كما كنت أقاتل المسلمين ، قال : نعم .

ولو افترضنا جدلا وتَنَزّلا مع الخصم : أن معاوية رضي الله عنه قَتَل عائشة رذي الله عنها ، فهل مَن قَتَل مُسلما صار كافِرا مُخلّدا في النار ؟
فبَطَل قوله الباطل : (هل يستطيعون الآن أن يقولوا : أن سيدنا معاوية قتل أمنا عائشة ؟ والاثنان بالجنة؟)
ومِن مُعتقد اهل السُّنة والجماعة : أن صاحِب الكبيرة تحت مشيئة الله ؛ إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذّبه .. يُقال هذا مِن باب التّنَزّل مع الخصم .



وإلاّ فقد شَهِد النبي صلى الله عليه وسلم بِصِحّة خِلافة معاوية وبِإسلامه رضي الله عنه ، حينما قال : إن ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْن فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ . رواه البخاري .
ووقع الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حينما تنازَل الحسن بن علي لِمعاوية
وأصلح الله به بين فئتين مِن المسلمين . وسُمّي ذلك العام بِعام الْجَمَاعة .
وهذا يُثبِت أن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما يَرى صِحّة خلافة مُعاوية رضي الله عنه ، وإلاّ كيف يتنازل له عن الخلافة ويُبايعه ؟

وهل بعد هذه الشهادة مِن النبي صلى الله عليه وسلم بِصِحّة إسلام وخلافة معاوية ، وشهادة ريحانَته (الحسن بن علي) هل بعد ذلك شهادة ؟
وهل نأخذ بِقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أم نأخُذ بِقول صاحِب الشُّبْهَة ؟!! ومَن يقدح ويطعن في معاوية رضي الله عنه ؟؟

ومِن الْخُذلان : أن يُسلِّط الإنسان لسانه وقلَمه مِن أجل الطعن في الأخيار ، وفي أقوام حَطّوا رِحالهم في الجنة .. أمّا عائشة رضي الله عنها ؛ فهي مِن أهل الجنة بِنصّ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال عمّار بن ياسر رضي الله عنهما : والله إنها لَزَوْجة نَبِيّكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة . رواه البخاري .
وهذا لا يُمكن أن يقوله عمّار رضي الله عنه مِن قِبَل نفسه ؛ لأنه أمر غيبي لا يُخبِر عنه إلاّ مَن سَمِعه مِن النبي صلى الله عليه وسلم

قال الإمام حيى بن معين : إنّا لنطْعَن على أقوام لَعلهم قد حَطّوا رِحَالهم في الجنة مِن أكثر مِن مائتي سنة .
(سِير أعلام النبلاء)

وأما يزيد بن معاوية ، فقال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية : كان المقتصدون مِن أئمة السلف يقولون في " يزيد " وأمثاله : إنا لا نَسبهم ولا نُحبهم ، أي : لا نُحِبّ ما صَدَر مِنهم مِن ظُلم . والشخص الواحد يجتمع فيه حسنات وسيئات ، وطاعات ومعاصٍ ، وبِرّ وفُجور وشَرّ ، فَيُثِيبه الله على حسناته ، ويُعاقبه على سيئاته إن شاء أو يغفر له ، ويُحِب ما فعله مِن الخير ويُبْغِض ما فَعَله مِن الشَّر .

وقال رحمه الله : فَيَزِيد عند علماء أئمة المسلمين ملك من الملوك . لا يُحبونه مَحبة الصالحين وأولياء الله ، ولا يسبونه ، فإنهم لا يحبون لَعنة المسلم الْمُعَيَّن .. ومع هذا فطائفة من أهل السنة يجيزون لعنه لإنهم يعتقدون أنه فعل من الظلم ما يجوز لعن فاعله. وطائفة أخرى ترى محبته لأنه مسلم تولى على عهد الصحابة؛ وبايعه الصحابة. ويقولون: لم يصحّ عنه ما نُقل عنه ، وكانت له محاسن أو كان مجتهدا فيما فعله .

والصواب هو ما عليه الأئمة : من أنه لا يخص بمحبة ولا يُلْعَن . ومع هذا فإن كان فاسقا أو ظالما فالله يغفر للفاسق والظالم ، لا سيما إذا أتى بحسنات عظيمة .
وقال : وكان المسلمون قد غزوا القسطنطينية غزوتين : الأولى في خلافة معاوية ، أمَّر فيها ابنه يزيد ، وغزا معه أبو أيوب الأنصاري الذي نَزل النبي صلى الله عليه وسلم في داره لَمَّا قَدِم مهاجرا إلى المدينة . ومات أبو أيوب في تلك الغزوة ودفن إلى جانب القسطنطينية .
والغزوة الثانية في خلافة عبد الملك بن مروان . اهـ .

وسبق :
لِم يُحكم بِكُفر سابّ الصحابة ولم يحكم بِكُفر مَن قَتلهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15958

الرافضة يثيرون الشبهات ويسألون "من قتل الحسين" ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12549

الرد على مَن يُبيح نقد الصحابة ، ويعترض على مناصحة ولي الأمر سرا
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14602

ما صحة الروايتين عن طلحة بن عبيد الله وأنه منع الماء عن عثمان بن عفان ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7090

يريد جوابا حول قِـصّـة قتل خالد بن الوليد لمالك بن النويرة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1403

يستشهد الروافض بأحاديث من كُتب السنة في قدح معاوية ودعاء الرسول عليه فكيف أرد عليهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4046

سؤال عن التنوخي وقدحه في معاوية بن أبي سفيان ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4052

شخص يتنقص معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه .. كيف يُرد عليه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17652

ما ردّ فضيلتكم على مَن يطعنون في الصحابة بسبب خلافة علي ومعاوية ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3079

تقول إنها تكره معاوية ويزيد والزبير وطلحة ، وتريد أدلّة تثبِت عدالة الصحابة
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10737

ما صحة حديث : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=64

سؤال حول عدالة الصحابة
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17650

حكم من أقرَّ من يسب الصحابة
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17651

وهنا :
كيف نردّ على مَن يقدح في الصحابة رضي الله عنهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7270

بماذا يُردّ على رافضي يقول : خالد بن الوليد قتل مالك بن نويرة وتزوج امرأة مالك بن نويرة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1403

ما صحة موضوع (أخطاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الثلاثة) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11972

الرافضة يطعنون في عمر لأنه غاب عنه أحاديث الاستئذان والتيمم
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5116

مذهب آل البيت بين السنة والرافضة ، وهل يأخذ أهل السنة بمذهب آل البيت ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5115

شخص يتنقص معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه .. كيف يُرد عليه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14580

هل صحيح أنّ معاوية كان يكره علي ويأمر بسبِّه ولعنه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11045

هل معاوية وجيشه فئة باغية ؟ وما صِحة منْع أبي بكر فاطمة مِن ميراث أبيها ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=16279

هل قالت أم سلمة عن بيعة معاوية بالخلافة بأنها بيعة ضلالة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11423

خُطبة جُمعة عن .. (مكانةِ الصحابةِ)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13327

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم



إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما الردّ على مَن يقول أنّ عائشة رضي الله عنها أجازت للنساء النمص ؟ نسمات الفجر إرشـاد اللبـاس والزيـنـة 0 10-12-2014 12:50 AM
سؤال عن تسجيل الدخول في المنتديات بمدح الله تعالى أو عائشة رضي الله عنها راجية العفو قسـم الأنترنـت 0 02-09-2014 12:55 AM
هل ورد عن السيدة عائشة - رضي الله عنها و أرضاها - دعاء الاحتلام ؟ راجية العفو إرشـاد الأدعـيــة 0 29-10-2013 09:08 PM
ما صحة قصة المرأة مشلولة اليد مع السيدة عائشة رضى الله عنها؟ ناصرة السنة إرشـاد القـصــص 0 01-12-2012 12:08 AM
هل عائشة رضي الله عنها أنجبت أولاد من الرسول صلى الله عليه وسلم عبق قسـم الفقه العـام 0 14-02-2010 01:16 AM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 12:40 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى