|
|
المنتدى :
قسـم الفتـاوى العامـة
هل المصيبة تكون بسبب الذنوب الصغيرة ؟ وهل يكون لي أجر بالصبر إذا كانت المصائب بسبب ذنوب ؟
بتاريخ : 11-01-2017 الساعة : 09:46 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً شيخنا الفاضل ووفقكم
أعاني من وقت طويل من هموم ومصائب والحمد لله على كل حال ، ولا أقصد بكلامي هنا استعجال الإجابة ، والحمد لله صابرة لما في الصبر من خير لي ، ولكن هل يمكن أن تكون هذه المصائب ليست ابتلاء ؟
وهل الذنوب الصغيرة تكون سبب في المصائب ؟ وهل يكون لي أجر بالصبر إذا كانت المصائب بسبب ذنوب ؟
دعواتكم لي بالفرج
وجزاكم الله خيراً وحفظكم
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
وفرّج الله هَمَّك وكل مهموم ..
المصائب والهموم مما يُكفِّر الله بها السيئات .
وأنت مأجورة على ما يُصيبك مِن الْهَمّ والغمّ ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ما يُصيب المسلم مِن نَصب ولا وَصَب ، ولا هَمّ ولا حزن ، ولا أذى ولا غَم ، حتى الشوكة يُشاكها ، إلا كَفَّر الله بها من خطاياه . رواه البخاري ومسلم .
وبوّب الإمام البخاري : باب ما جَاء في كَفَّارة الْمَرَض ، وقَول الله تعالى : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) ، ثم رَوى حديث عائشة مَرْفُوعًا : مَا مِن مُصِيبَة تُصِيب الْمُسْلِم إلاَّ كَفّر الله بِهَا عنه حتى الشَّوكَة يُشَاكها .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن يُرِد الله به خيرا يُصِب منه . رواه البخاري .
ويكون لك أجر بالصبر ، إذا كانت المصائب بسبب ذنوب ، مع ما يكون مِن الْمَغْفِرَة .
ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : لَمَّا نَزَلَت : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) بَلَغَت مِن المسلمين مَبْلَغا شديدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قارِبوا ، وسَدّدوا ، ففي كل ما يُصاب به المسلم كفارة ، حتى النكبة ينكبها ، أو الشوكة يشاكها . رواه مسلم .
ولَمَّا نَزَلَتْ : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) قال أبو بكر: يا رسول الله ، إنا لَنُجَازَى بِكُل سوء نعمله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يَرحمك الله يا أبا بكر ، ألست تَنْصب ؟ ألست تَحْزن ؟ ألست تُصيبك اللأواء ؟ فهذا ما تُجْزَون به . رواه الإمام أحمد ، وقال الأرنؤوط : حديث صحيح بِطُرُقِه وشَواهِده .
وفي حديث عَائِشَة رَضِي اللَّه عنها عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا اشْتَكَى الْمُؤْمِنُ أَخْلَصَهُ اللَّهُ كَمَا يُخَلِّصُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيد . رواه البخاري في " الأدب الْمُفْرَد " ، وصححه الألباني .
والأمراض والابتلاءات كفّارات
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء أعرابي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل أخَذَتك أمّ مِلْدَم قطّ ؟
قال : وما أمّ مِلْدَم ؟
قال : حَرّ بَيْن الْجِلْد واللحْم .
قال : مَا وَجَدْتُ هَذا قَطّ .
قال : فَهَل أَخَذَك الصُّدَاعُ قَطّ ؟
قال : وَمَا الصُّدَاع ؟
قال : عُرُوقٌ تَضْرِبُ عَلَى الإِنْسَان فِي رَأْسِه .
قال : مَا وَجَدْتُ هَذا قَطّ .
قال : فَلَمَّا وَلَّى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن أَحَبّ أن يَنْظُر إلى رَجُل مِن أَهْلِ النَّار فَلْيَنْظُر إلى هَذا . رواه الإمام أحمد والبخاري في " الأدب الْمُفْرَد " والنسائي في " الكُبرى " وابن حِبّان ، وحسّنه الألباني والأرنؤوط .
قال ابن حِبّان جَعَل اللَّه جَلَّ وَعَلا الْعِلَلَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَالْغُمُوم وَالأَحْزَان سَبَبَ تَكْفِيرِ الْخَطَايَا عَن الْمُسْلِمِين ، فَأَرَادَ صلى الله عليه وسلم إِعْلامَ أُمَّتِه أنّ الْمَرء لا يَكَادُ يَتَعَرَّى عَن مُقَارَفَة مَا نَهَى اللَّهُ عَنه فِي أَيَّامِهِ وَلَيَالِيهِ ، وَإِيجَابِ النَّارِ لَه بِذَلِك إِن لَم يُتَفَضَّل عَلَيه بِالْعَفْو . فَكَأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مُرْتَهَنٌ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاه . وَالْعِلَلُ تُكَفَّرُ بَعْضُهَا عَنه فِي هَذِهِ الدُّنْيَا ، لا أنّ مَن عُوفِيَ فِي هَذِه الدنيا يكون مِن أهلِ النار .
(الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان)
وكان الصحابة رضي الله عنهم مَع تَقواهم وتَخفّفهم مِن الذّنُوب يَرون أن ما يُصيبهم يكون كفّارة لهم ، وليس لهم فيه أجر .
قال عِيَاض بن غُطَيْف : دَخَلْنَا عَلى أبِي عُبَيْدَة بن الْجَرَّاح نَعُودُه مِن شَكْوًى أَصَابَه ، وَامْرَأَتُهُ تُحَيْفَةُ قَاعِدَةٌ عِنْد رَأْسِه ، قلنا : كَيف بَات أبو عُبَيْدَةَ ؟ قَالَت : وَاللهِ لَقَدْ بَاتَ بِأَجْرٍ ، فقال أبو عُبَيْدَة : مَا بِتُّ بِأَجْرٍ - وَكَان مُقْبِلا بِوَجْهِه عَلى الْحَائِط - فَأَقْبَل عَلى الْقَوْم بِوَجْهِه ، فقال : أَلا تَسْأَلُونَنِي عَمَّا قُلْتُ ؟ قَالُوا : مَا أَعْجَبَنَا مَا قُلْت ، فَنَسْأَلُكَ عَنْهُ !
قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول : مَن أنْفَق نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيل الله ؛ فَبِسَبْعِ مِائَة ، وَمَن أنْفَق عَلى نَفْسِه وَأَهْلِه ، أَوْ عَادَ مَرِيضًا ، أَوْ مَازَ أَذًى ؛ فَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا ، وَمَن ابْتَلاهُ اللهُ بِبَلاء فِي جَسَدِه ؛ فَهُو لَه حِطَّة . رواه الإمام أحمد والبَزّار ، وحسّنه الأرنؤوط .
قوله : " فَهُو لَه حِطَّة " أي : يُحطّ به عنه مِن خطاياه .
وسبق :
هل صحيح أنّ مَن همَّ بِذَنْبٍ ولم يَعمله يُبتلى بِالغمِّ ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11855
ما معنى ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10560
أصبحت أقلل مِن دعائي الله فهل هذا شِرك ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10561
هل يجوز للإنسان أن يظن بأن دعاءه لا يُستجاب بسبب المعصية ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=748
إذا دعوت الله بأمر وتحقق فكيف أعرِف أنه اُستجيب لي أو أنه أمر مقدّر ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13395
يوسوس له الشيطان أنّ الله لا يُحبّه ؛ لأنه َبتليه ولا يَبتلي الكافِر
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10186
أحدهم يقول : لجأت للمعاصي لأن ابتلائي زاد
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4640
أريد إفادتنا بعمل لتفرج همنا وقضاء ديننا
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3803
ما تفسير : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1819
كيف يُفرِّق المرء بين العقاب من الله والابتلاء ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2083
كفاية الهمّ بالصلاة على النبي الأكرم
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3141
تأملاتفي المَرض
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7935
والله تعالى أعلم .
محرم 1436 هـ
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
|
|
|
|
|