راجية العفو
الصورة الرمزية راجية العفو

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.86 يوميا

راجية العفو غير متواجد حالياً عرض البوم صور راجية العفو


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المحرمـات والمنهيات
افتراضي نريد ردًّا على مَن يحيا ويُمارس المعاصي ولا يحمل همّ الدِّين .
قديم بتاريخ : 16-03-2010 الساعة : 05:14 PM

شيخنا الفاضل
نريد رداً حسبما يتسع وقتكم
على من يحيا و يمارس المعاصي و لا يحمل همّ الدين
أوْ لا يشغله حكم الدين أصلا في أموره و لا يسير الدين حياته .
و جوابه كلما حدثناه عن أثر المعصية أو أهمية العمل لله تعالى
خلاصته أنه يتعامل مع المغفرة و الرحمة
بمعنى أنه لا حرج من المعصية
و الجنة مستقرنا الأخير ؟

الجواب:

بارك الله فيك

ما هذا حال من يرجو لقاء الله ، فإنه لو لم يكن إلا الحياء حين الوقوف بين يَدي الله لكفى زاجرا عن المعاصي .

وكما قيل :
يا حسرة العاصين يوم معادهم *** ولو أنهم سِيقُـوا إلى الجنات
لو لم يكن إلا الحياء من الذي ***ستر الذنوب لأكثروا الحسرات

قال ابن الجوزي :
يا عظيم الجرأة يا كثير الانبساط ، ما تخاف عواقب هذا الإفراط ؟ يا مؤثر الفاني على الباقي غَلْطة لا كالأغلاط ، ألَكَ صبر يُقاوم ألَم السِّياط ؟ ألَكَ قدم يصلح للمشي على الصراط ؟ أيُعجبك لباس الصحة ؟ كلا وثوب البلاء يُخاط . اهـ .

وما كان هذا حال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، وأعلم الخلق بالله بعد الأنبياء ، لأنهم عايشوا التّنْزيل ، وتربّوا على يدي خاتم المرسلين ، ومع ذلك كانوا أخوف الناس ، وأحرص الناس على العمل الصالح .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إن المؤمن يَرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يَقَعَ عليه ، وإن الفاجر يَرى ذنوبه كَذُباب مَرّ على أنفه فقال به هكذا . رواه البخاري .
ولما جاء سائل إلى ابن عمر فقال لابنه : أعطه دينارا ، فلما انصرف قال له ابنه : تقبل الله منك يا أبتاه ، فقال : لو علمت أن الله يقبل مني سجدة واحدة وصدقة درهم لم يكن غائب أحب إلي من الموت . أتدري ممن يتقبل ؟ (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) .
وقال فضالة بن عبيد : لأن أعلم أن الله تقبل مِنِّي مثقال حبة أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها ، لأنه تعالى يقول : (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) .
وكان مُطرِّف يقول : اللهم تقبل مني صلاة يوم . اللهم تقبل مِنِّي صوم يوم . اللهم اكتب لي حسنة ، ثم يقول (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) . رواه ابن أبي شيبة .

وقال الحسن البصري في وصف خير القرون :
عَمِلُوا والله بالطاعات واجتهدوا فيها ، وخافوا أن تُردّ عليهم ، إن المؤمن جمع إحسانا وخشية ، والمنافق جمع إساءة وأمنا .

وقد أنْزل الله آية الرجاء مع آية الخوف ليكون العبد راغبا وراهباً ، خائفا وراجيا .

وقال أبو بكر رضي الله عنه في وصيته لِعُمر رضي الله عنه :
ألم تر يا عمر إنما نَزَلتْ آية الرخاء مع آية الشدة ، وآية الشدة مع آية الرخاء ليكون المؤمن راغبا راهبا ؛ لا يرغب رغبة يتمنَّى فيها على الله ما ليس له ، ولا يرهب رهبة يُلقي فيها بيديه . اهـ .

وقالت عائشة رضي الله عنها : قلت يا رسول الله : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) أهو الذي يَزني ويَسرِق ويشرب الخمر ؟ قال : لا يا بنت أبي بكر - أو يا بنت الصديق - ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويُصلي وهو يخاف أن لا يُتقبّل منه . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
وفي رواية لأحمد : لا يا بنت أبي بكر يا بنت الصديق ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل

ولما ذَكَر الله جملة من أنبيائه قال في وصفهم : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) .

وهكذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم ، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يقول : إنه ليُغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة . رواه مسلم .
والمراد هنا ما يَتَغَشَّى القلب ، كما قال النووي .

وكان عليه الصلاة والسلام يقول : يا أيها الناس توبوا إلى الله ، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة . رواه مسلم .

وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أنت أعلم به مني .أنت المقدم وأنت المؤخر ، وأنت على كل شيء قدير . رواه البخاري ومسلم .
ومن دعائه عليه الصلاة والسلام : اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي . رواه البخاري ومسلم .
وكان صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده :
اللهم اغفر لي ذنبي كلَّه ، دِقَّـه وجِلَّه ، وأولَه وآخرَه ، وعلانيتَه وسرَّه . رواه مسلم .

وعلّم النبي صلى الله عليه وسلم أفضل أصحابه ، أَبِا بَكْر الصِّدِّيقِ رضي الله عنه ، فقَالَ : قُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيرَاً ، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي , إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . رواه البخاري ومسلم .

بل لم يَقتصِر الأمر على الأنبياء والصالحين فشمل الملائكة الكرام !
قال النبي صلى الله عليه وسلم : مررت ليلة أسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالْحِلْسِ البالي من خشية الله عز وجل . رواه الطبراني في الأوسط . قوا الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح . وقال الألباني : صحيح بمجموع طرقه .

فأين هذا ممن يُسارع في المعاصي ويَقع فيها ، وهو يتمنّى على الله الأماني ؟
هذا هو الطَّمَع وليس هو الرجاء .

قال معاذ رضي الله عنه : سَيَبْلَى القرآن في صدور أقوام كما يَبلى الثوب فيتهافت ، يقرؤونه لا يجدون له شهوة ولا لذة ، يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب ، أعمالهم طَمَعٌ لا يُخالِطه خوف ، إن قَصَّروا قالوا : سنبلغ ، وإن أساؤوا قالوا : سَيُغْفَر لنا ، إنا لا نشرك بالله شيئا . رواه الدارمي .

والفرق بين الرجاء والطمع :
أن الرجاء يكون مع إحسان العمل ، فيُحسن العمل ، ويرجو رحمة ربِّـه ، وهذا هو حال المؤمن .
وأما الطَمَع فهو أن يُسيء العمل ويطمع في رحمة الله ، وهذا حال المنافق ، الذي جَمَع إساءة وأمنا ، كما قال الحسن البصري رحمه الله .

وأما قول من يقول : إن مآله الجنة فأقول هذا قول من يَطمِع دون عمل .
وهذا من التألي على الله .
كما أنه من الغرور ، وهو يدلّ على الأمن من مَكر الله .

وكان أبو هريرة يقول : وما يُؤمِّنني وإبليس حيّ ؟!

كما أن هذا القول والحال خلاف ما عليه الصالحون ، الذين أقضّ الخوف من الله مضاجعهم .
والخوف من الله وأخذه ومَكره ، والخوف من سوء الخاتمة ، مما أبكَى الصالحين .

وهنا :
نصيحة لِمَن يتباهى بالفواحش والحرام ويتهم أهل الوَرَع بالغباء والعجز
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17048


والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ماذا افعل اذا لم اذكر هل استنجيت جيدا ام لا سماح قسـم الأراشيـف والمتابعـة 1 03-09-2015 09:45 AM
ما حكم صلاة مَن يحمل فى جواله أو حافظته صورا عارية ؟ ناصرة السنة إرشــاد الـصــلاة 0 30-03-2010 05:11 PM
بعض يقول الناس : هَمّ الدِّين . فهل الدِّين هـمّ ؟ *المتفائله* قسم التوبـة والدعوة الى الله وتزكية النفس 0 27-03-2010 10:43 PM
هل المجتمع يحرم أو يحلل ؟؟ إرشاد قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 22-03-2010 07:17 PM
هل يجوز أن يحمل نعش المرأة المسلمة غير محارمها الى المقبرة ؟ راجية العفو قسـم الجـنـائـز 0 21-02-2010 02:31 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 09:58 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى