[راجية العفو]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
شيخنا الفاضل للقبيلة التي أنتمي إليها موقع على الانترنت وفي قسم شؤون القبيلة الكل يبدي تذمره من تأخر الخدمات وعدم التزام الشيخ ببعض الأمور وغيره
دخلت للموقع وكتبت موضوع جاد وتساءلت فيه عن العادات التي ضيعوها باسم التحضر؟ وعن الشاب في سن 18 الذي لا يصلي ويعتبرونه أهله طفل وكل همه الدخان والسهر والتخزين وعدم إكمال الدراسة ؟ وعن الشايب الذي يدع النساء يحكمن في أمر بيته وهذا أمر بعضهم فقد أوكل المهمة للنساء أو نسي موضوع بيته من الأساس وليس لديه من الحكمة شيئا؟وعن تزويج الفتيات الصغيرات بأصحاب الأموال فقط دون النظر إلى دينهم مما سبب رجوع وطلاق بعض الفتيات إلى أهلهن في نفس اليوم وبعضهن الطلاق خلال سنة كل هذا وأهلهم يتبعون الفلوس فقط وذكرتهم بقول الرسول (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه)وليس من ترضون فلوسه وعمايره؟ وكتبت عن قطيعة الرحم المتفشية في القبيلة؟والدشوش وسماع الأغاني وتقليد لبس الممثلات العاري للأسف الذي والله لم يكن بين بنات القبيلة!والفقير لا يعزم إلى الولائم والغني له التقدير!..........الخ
فجاءت الردود بكل عصبية وسب وتجريح وتكذيب وقذف والدفاع عن الشباب بأنهم أحسن من غيرهم والشيبان بأني عاق ولم أوقرهم وذكروا الآية (وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا)!!! وهل هذه الآية تخص كل كبير في السن أم تخص الوالدين فقط؟؟/وأيضا (ليس منا من لم يوقر كبيرنا) علما أني لم أتكلم بصفة شخصية ولم أذكر اسم شخص معين أو عائلة معينه ولم أعمم بل قلت البعض.والبعض يدعي خوفي لأني لم أذكر اسمي علما أن الجميع يكتب بأسماء مستعارة
عموما يا شيخ أنا أنتقد أمور وعادات سيئة جدا جدا بعضها دينية وبعضها اجتماعية تفشت في القبيلة وسؤالي هو هل ما فعلته يجوز شرعا ؟
أي هل يجوز لي أن أنتقد القبيلة في التصرفات الخاطئة أم أنه خروج على ولي الأمر؟؟؟؟
وهل كل رجل كبير في السن نطلق عليه حكيم ولا يجوز انتقاده وندخل في قول الرسول ليس منا من لم يوقر كبيرنا ؟
وجزاك الله خيرا شيخنا الفاضل عبد الرحمن السحيم ونفع بعلمك



الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

نَقْد الظواهر السلبية في المجتمع أو في القبيلة ليس مِن التجريح ، ولا مِن الاتهام الباطل ، بل هو مطلوب شرعا إذا كان بِقصد الإصلاح لتلك الأخطاء .

قال أبو هريرة رضي الله عنه : قَدِم طُفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إن دوسا عَصَتْ وأبَتْ ، فادْعُ الله عليها . فقيل : هلكت دَوس . قال : اللهم اهد دَوْسًا ، وأتِ بهم . رواه البخاري ومسلم .

وقَالَ أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه :
كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلامِ وَهِيَ مُشْرِكَة ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ ، فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ فَإِذَا هُوَ مُجَاف فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ ، فَقَالَتْ : مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ ، قَالَ : فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا ، فَفَتَحَتْ الْبَابَ ، ثُمَّ قَالَتْ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، قَالَ : فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنْ الْفَرَحِ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَبْشِرْ قَدْ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ خَيْرًا ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا - يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ - وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَبِّبْ إِلَيْهِمْ الْمُؤْمِنِينَ ، فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي وَلا يَرَانِي إِلاَّ أَحَبَّنِي . رواه مسلم .

فالطفيل بن عمرو رضي الله عنه يشكو حال قبيلته بأكملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يُعتبر ذلك مِن فضيحة القبيلة ، ولا مِن التجريح !

وأبو هريرة رضي الله عنه يشكو حال أمِّـه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يُعتبر ذلك من العقوق ولا مِن سُوء الأدب مع أمِّـه .

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد