هل صحيح أن الصيام هو العبادة التي لا يأخذ أجرها من ظلمته أو اغتبته؟
بتاريخ : 20-02-2010 الساعة : 04:59 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
فضيلة الشيخ
عبدالرحمن السحيم ..حفظة الله ....
من فضلك
سؤال:
هل صحيح أن الصيام هو العبادة الوحيدة التي لا يأخذ أجرها من ظلمته أو اغتبته؟
وجزاكم الله خيرا
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .
هذا ليس بصحيح ، وإن قال به بعض أهل العلم ، فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال : أتدرون ما المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا مَن لا دِرهم له ولا متاع . فقال : إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ؛ فيُعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيَتْ حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم ، فطرحت عليه ، ثم طرح في النار . رواه مسلم .
فَذَكَر الصيام ضمن الأعمال التي عملها المفلس ، والتي هي عُرضة للمقاصة في حال المظالم .
والصيام هو العبادة الوحيدة التي لم يُتعبَّد بها لغير الله . فليس هناك أحد يمتنع عن الطعام والشراب لغير الله ، وقد وُجِد من يسجد أو يركع لغير الله ، ووُجِد من يطوف بغير بيت الله ..
وذَكَر العلماء وُجوها في تفضيل الصيام .
قال القرافي : وَرَد في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كل عمل ابن آدم له إلاّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " فَصَحّحه صاحب الشرع بهذه الإضافة الموجبة للتشريف له على غيره ، مع أن الفتاوى على أن الصلاة أفضل منه . وذلك في الحديث أيضا قال : عليه الصلاة : " أفضل أعمالكم الصلاة " ، وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه كتب إلى عماله : " إن أهم أموركم عندي الصلاة " الأثر المشهور ، ومع ذلك فلا بُدّ لهذه الإضافة والتخصيص مِن فارق أوجب ذلك .
وذَكَر العلماء رضي الله عنهم فيه فُرُوقا :
أحدها : أنه أمْر خَفِي لا يُمكن أن يُطَّلَع عليه ، فلذلك نَبّه على شرفه بخلاف الصلاة والجهاد وغيرهما ..
وثانيهما : أن جوف الإنسان يبقى خاليا فيحصل له شَبَه وَصْف الربوبية ، فإن الصمد هو الذي لا جوف له على أحد الأقوال فيه ..
وثالثها : أنه اختص بترك الإنسان لشهواته وملاذّه في فَرْجه وفَمه ، وذلك أمْر عظيم يوجب الثناء والتشريف بالإضافة المذكورة ..
ورابعها : أن جميع العبادات وَقع التقرّب بها لغير الله تعالى إلاّ الصوم ، فإنه لم يُتَقَرّب به لغير الله تعالى ؛ فلذلك خُصِّص بالإضافة ..
وخامسها : أن الصوم يُوجب تصفية الفِكر وصَفاء العقل وَضَعف القوى الشهوانية بسبب الجوع وقِلّة الغذاء ..
وذُكِر مع هذه الوجوه وُجوه أُخُر كلها ضعيفة غير سالمة مِن النقض ، ولم أرَ فيه فَرقا تقرّ به العين ويَسكن إليه القلب ، غير أني أوقفتك على أكثر ما قيل فيه مما هو قَويّ المناسبة . اهـ . (باختصار) .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض