ناصرة السنة

مشرفة عامة


رقم العضوية : 46
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 3,214
بمعدل : 0.62 يوميا

ناصرة السنة غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصرة السنة


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم العقـيدة والـتوحيد
افتراضي هل صحيح أن مُحَرِّكات القلوب ثلاثة : المحبة والخوف والرجاء ؟
قديم بتاريخ : 23-11-2012 الساعة : 12:52 AM


السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شيخنا الكريم
هل هذا التصنيف بهذه الطريقة صحيحة
وإن كان صحيحا هل توجد آيات أو أحاديث تثبت ذلك ؟

أنه لا بد أن نعلم أن محركات القلوب إلى شيء ما ثلاثة وهي : المحبة والخوف والرجاء، وربما تتحول هذه المحركات إذا لم تقيد بضوابط الشرع الحنيف إلى شرك بالله، فالذي يقدم محبة المخلوقين على محبة الخالق أو يساوي بها فهذا شرك بالله.
وكذلك الذي يخاف المخلوقين أكثر من خوفه من الخالق فهذا شرك بالله عز وجل أو يساوي خوفه من المخلوقين بخوفه من الخالق، والذي يرجوا المخلوقين ولا يرجوا الخالق أو يساوي رجائه للمخلوقين بمثل رجائه من الخالق فهذا شرك بالله .
ووفقكم الله لما فيه الخير




الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ووفّقَك الله لِكل خير .

نعم ، هو صحيح .
والمسلم بين الخوف والرجاء والحب .
إلاّ ما يكون مِن الخوف الطبيعي ، مثل : الخوف مِن العدو ، والخوف مِن السّبَاع ومِن النار ، ونحو ذلك ، والمحبة الطبيعية ، إلاّ أنها لا تكون مثل محبة الله ولا تُساويها ، وكذلك الرجاء .

قال الله عَزّ وَجَلّ عن أنبيائه ورُسُله : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) .
وقال عز وجل آمِرا عباده المؤمنين بذلك : ( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ) .
قال القرطبي في تفسيره : قوله تعالى : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعًا) أمْرٌ بأن يكون الإنسان في حالة تَرَقُّب وتَخَوّف وتَأميل لله عز وجل ، حتى يكون الرجاء والخوف للإنسان كالجناحين للطائر يَحملانه في طريق استقامته ، وإن انفرد أحدهما هَلَك الإنسان . اه .

وقد أوصى أبو بكر رضي الله عنه عمر رضي الله عنه فَكان مما قال : ألم تَر أن الله عز وجل أنزل آية الشدّة عند آية الرخاء ، وآية الرخاء عند آية الشدة ، ليكون المؤمن رَاغِبا رَاهِبا ، ولئلا يُلْقِي بِيدِه إلى التهلكة ، ولا يتمنى على الله أُمْنِية يتمنى على الله فيها غير الحق . رواه الربعي في "وصايا العلماء عند حضور الموت " .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : كَرِهَ مَنْ كَرِهَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالْعِلْمِ مُجَالَسَةَ أَقْوَامٍ يُكْثِرُونَ الْكَلامَ فِي الْمَحَبَّةِ بِلا خَشْيَةٍ ؛ وَقَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ : مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالْحُبِّ وَحْدَهُ فَهُوَ زِنْدِيقٌ ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ فَهُوَ مُرْجِئٌ ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ فَهُوَ حروري ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْحُبِّ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُوَحِّدٌ .
وَلِهَذَا وُجِدَ فِي الْمُسْتَأْخِرِينَ مَنْ انْبَسَطَ فِي دَعْوَى الْمَحَبَّةِ حَتَّى أَخْرَجَهُ ذَلِكَ إلَى نَوْعٍ مِنْ الرُّعُونَةِ وَالدَّعْوَى الَّتِي تُنَافِي الْعُبُودِيَّةَ ، وَتُدْخِلُ الْعَبْدَ فِي نَوْعٍ مِنْ الرُّبُوبِيَّةِ الَّتِي لا تَصْلُحُ إلاَّ لِلَّهِ . وَيَدَّعِي أَحَدُهُمْ دَعَاوَى تَتَجَاوَزُ حُدُودَ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ ، أَوْ يَطْلُبُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَصْلُحُ - بِكُلِّ وَجْهٍ - إلاّ لِلَّهِ ، لا يَصْلُحُ لِلأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ . وَهَذَا بَابٌ وَقَعَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الشُّيُوخِ . وَسَبَبُهُ ضَعْفُ تَحْقِيقِ الْعُبُودِيَّةِ الَّتِي بَيَّنَتْهَا الرُّسُلُ ، وَحَرَّرَهَا الأَمْرُ وَالنَّهْيُ الَّذِي جَاءُوا بِهِ ، بَلْ ضَعْفُ الْعَقْلِ الَّذِي بِهِ يَعْرِفُ الْعَبْدُ حَقِيقَتَهُ ! وَإِذَا ضَعُفَ الْعَقْلُ وَقَلَّ الْعِلْمُ بِالدِّينِ وَفِي النَّفْسِ مَحَبَّةٌ انْبَسَطَتْ النَّفْسُ بِحُمْقِهَا فِي ذَلِكَ ، كَمَا يَنْبَسِطُ الإِنْسَانُ فِي مَحَبَّةِ الإِنْسَانِ مَعَ حُمْقِهِ وَجَهْلِهِ وَيَقُولُ : أَنَا مُحِبٌّ فَلا أُؤَاخَذُ بِمَا أَفْعَلُهُ مِنْ أَنْوَاعٍ يَكُونُ فِيهَا عُدْوَانٌ وَجَهْلٌ ؛ فَهَذَا عَيْنُ الضَّلالِ ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى : (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) ، فَإِنَّ تَعْذِيبَهُ لَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ غَيْرُ مَحْبُوبِينَ وَلا مَنْسُوبِينَ إلَيْهِ بِنِسْبَةِ الْبُنُوَّةِ ، بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ مربوبون مَخْلُوقُونَ .
فَمَنْ كَانَ اللَّهُ يُحِبُّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يُحِبُّهُ مَحْبُوبُهُ ، لا يَفْعَلُ مَا يُبْغِضُهُ الْحَقُّ وَيَسْخَطُهُ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ ، وَمَنْ فَعَلَ الْكَبَائِرَ وَأَصَرَّ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا فَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ مِنْهُ ذَلِكَ ؛ كَمَا يُحِبُّ مِنْهُ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الْخَيْرِ ؛ إذْ حُبُّهُ لِلْعَبْدِ بِحَسَبِ إيمَانِهِ وَتَقْوَاهُ ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الذُّنُوبَ لا تَضُرُّهُ لِكَوْنِ اللَّهِ يُحِبُّهُ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَيْهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ تَنَاوُلَ السُّمِّ لا يَضُرُّهُ مَعَ مُدَاوَمَتِهِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ تَدَاوِيهِ مِنْهُ بِصِحَّةِ مِزَاجِهِ .
وقال رحمه الله :
مُحَرِّكات القلوب إلى الله عز وجل ثلاثة : المحبة والخوف والرجاء . وأقواها المحبة ، وهي مقصودة تراد لذاتها ؛ لأنها تُراد في الدنيا والآخرة ، بخلاف الخوف فإنه يزول في الآخرة ، قال الله تعالى : (
أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) .
والخوف المقصود منه الزجر والمنع من الخروج عن الطريق ، فالمحبة تَلقى العبد في السير إلى محبوبه ، وعلى قَدر ضعفها وقوتها يكون سيره إليه ، والخوف يمنعه أن يخرج عن طريق المحبوب ، والرجاء يقوده .
فهذا أصل عظيم يجب على كل عبدٍ أن يَتنبه له ، فإنه لا تحصل له العبودية بدونه .
وكل أحد يجب أن يكون عبدًا لله لا لغيره . اهـ .

وقال ابن القيم رحمه الله : القلب في سَيْرِه إلى الله عز وجل بِمَنْزِلة الطائر ؛ فالْمَحَبّة رأسه ، والخوف والرجاء جَنَاحَاه ، فمتى سَلِم الرأس والجناحان فالطير جَيّد الطيران ، ومتى قُطِع الرأس مات الطائر ، ومتى فَقد الجناحان فهو عُرْضة لكل صائد وكاسِر ، ولكن السلف اسْتَحَبّوا أن يُقَوي في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء ، وعند الخروج من الدنيا يُقَوي جناح الرجاء على جناح الخوف . اهـ .

ومَن قَدّم محبة المخلوقين على محبة الله ، أو ساوَاها بها فقد وَقَع في شِرك المحبة ، لقوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) .

وسبق :
أنواع المحبة : مَحَبة الله ، والْمَحَبّة له وفيه ، والْمَحَبّة معه
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1430


قال ابن القيم : وأشرفُ العبودية عبوديةُ الصلاة ، وقد تقاسمها الشيوخُ والْمُتَشَبِّهُون بالعلماء والجبابرة ؛ فأخذ الشيوخُ منها أشرفَ ما فيها ، وهو السجود ، وأخذ الْمُتَشَبِّهُون بالعلماء منها الركوعَ ، فإذا لَقِي بعضُهم بعضا رَكَع له كما يَرْكَع المُصَلِّي لِرَبِّه سواء ، وأخذ الجبابرةُ منهم القيامَ ، فيقوم الأحرار والعبيد على رؤوسهم عبوديةً لهم ، وهم جلوس ، وقد نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الأُمور الثلاثة على التفصيل ، فتعاطِيها مخالفةٌ صريحة له ، فنَهى عن السجود لغير الله ، وقال : "لا يَنْبغِي لأَحَدٍ أنْ يَسْجُدَ لأحَدٍ". وأنكر على مُعَاذٍ لَمَّا سَجد له وقال : "مَهْ". وتحريمُ هذا معلوم من دينه بالضرورة ، وتجويزُ مَن جَوَّزه لغير الله مُراغمَةٌ للهِ ورسوله صلى الله عليه وسلم . وهو من أبلَغِ أنواع العبودية ، فإذا جَوَّز هذا المُشرِكُ هذا النوعَ للبَشَر ، فقد جوَّز العبودية لغير اللهِ ، وقد صَحَّ أنه قيل له : الرَّجُلُ يَلقَى أخاه أَيَنْحَنِي له ؟ قال : " لا " . قيل : أَيَلْتَزِمُه ويُقَبِّلُهُ ؟ قال : " لا ". قيل : أَيُصَافِحه ؟ قال : "نعم" .
وأيضاً.. فالانحناءُ عند التحية سُجود ، ومنه قوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا) أي : مُنْحَنِين ، وإلاَّ فلا يُمكن الدخول على الْجِبَاه ، وصَحَّ عنه النهىُ عن القيام ، وهو جالس ، كما تُعَظِّم الأعاجمُ بعضُها بعضا ، حتى منع مِن ذلك في الصلاة ، وأمرَهم إذا صَلَّى جالسًا أن يُصَلُّوا جلوسًا ، وهم أصحَّاء لا عُذرَ لهم ، لئلا يقوموا على رأسه وهو جالس ، مع أنَّ قيامَهم لله . فكيف إذا كان القيامُ تعظيماً وعبوديةً لغيره سبحانه ؟!
والمقصود .. أنَّ النفوس الجاهلة الضَّالَّة أسقطتْ عبوديةَ الله سبحانه ، وأشركت فيها مَن تُعَظِّمه مِن الْخَلْق ، فَسَجَدَتْ لغير الله ، وَرَكَعَتْ له ، وقَامَت بين يديه قيامَ الصلاة ، وحَلَفَتْ بِغَيرِه ، ونَذَرَتْ لغيره ، وحَلَقَتْ لغيره ، وذَبَحَتْ لِغيره ، وطافت بِغير بيته ، وعَظَّمته بالحب والخوف والرجاء والطاعة ، كما يُعَظَّم الخالِقُ ، بل أشدّ ، وسوَّتْ مَن تعبُده مِن المخلوقين بِرَبِّ العالمين ، وهؤلاء هُم المضادُّون لِدَعوة الرُّسُل ، وهُم الذين بِرَبهم يَعْدِلُون ، وهم الذين يقولون وَهُم فى النار مع آلهتهم يختصمون : (تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) ، وَهُم الذين قال الله فيهم : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) . وهذا كُلُّه مِن الشِّرك . اه .

وسبق في الخوف :
أتخـاف من ذُبّـان ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7656

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما حُـكم سفر المرأة لوحدها مع مجموعة مِن النساء والرجال ؟ نسمات الفجر إرشـاد المـرأة 0 28-09-2012 06:16 AM
التقوى في القلوب ،،، والباقي مظاهـر راجية العفو قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 11-03-2010 04:57 PM
المحبة ( أنواعها وضوابطها ) الإدارة قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 03-03-2010 01:04 AM
أحب أن أعرف هل صله الرحم واجبة على النساء والرجال؟ راجية العفو قسم الأسرة المسلمة 0 20-02-2010 11:54 PM
من يعاني عدم الجرأة على قول الحق والخوف رولينا قسـم الفقه العـام 0 20-02-2010 09:53 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 01:08 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى