هل يكفي أن أقول أني مسلِم أم لا بد أن يكون لي منهج وجماعة ؟ وما رأي فضيلتك في الطوائف ؟
بتاريخ : 29-11-2014 الساعة : 08:08 PM
السلام عليكم
يا شيخ ،بارك الله فيكم ونفع بكم الأمة الإسلامية
أولًا هل يكفي في هذا الزمان أن أقول أنا مسلم وفقط أو لا بد أن أفصح عن المنهج الذي أتبعه.
ثانيًا ما رأيكم في تقسيم السلفية ،وأي الطوائف اليوم على منهج أهل السنة والجماعة.
الأصل في الانتساب : أن يكون إلى الإسلام .
قال تعالى : (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) .
ولَمّا لقي النبي صلى الله عليه وسلم رَكْبًا بالرَّوحاء ، فقال : مَن القوم ؟ قالوا : المسلمون ، فقالوا : مَن أنت ؟ قال : رسول الله . رواه مسلم .
إلاّ أنه لَمّا كثُرت الفِرق ، وظَهرت البِدَع ، وكثُر ادِّعاء الانتساب إلى الإسلام ؛ احتاج أهل الحَقّ إلى إثبات صِحّة الدعوى ، وصِدق الانتساب ، فسُمُّوا " أهل السنة " ، لتمسُّكهم بالسُّنّة ، وسُمّوا " أهل الجماعة " ، لاجتماعهم ونبذ الفرقة والتفرّق .
ولا اسم لهم غير هذا الاسم ، كما قال ابن القيم رحمه الله .
وأما الانتساب إلى المذاهب الفقهية ؛ فهو انتساب إلى مدارس فقهية ، لا إلى فِرق ومذاهب اعتقادية تُخالِف ما عليه أهل السنة والجماعة .
فالانتساب إلى الإسلام حين يَكون الإسلام في مقابل غيره مِن الأديان ، فلو سألك غير مسلم عن ديانتك ، فيكفي أن تقول : أنا مسلم .
وفي أوساط المسلمين ومَن ينتسب إلى الإسلام ، يَلزم الانتساب إلى السنة .
وهذا يَعني أن مَن لم ينتسب إلى السنة ، فهو أقرب إلى البدعة !
وأما عامة الناس ، فيكفي انتسابهم إلى الإسلام .
وأمَّا تقسيم السلفية ؛ فَكما قيل :
كُلٌّ يدّعي وصلاً لِلَيْلَى *** وليلى لا تُقِرّ لهم بِذَاكا
وأقرب الفِرق إلى الحق : أكثرهم اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وتَمَسُّكا بالآثار ، واتِّبَاعا للهدي النبوي ، وما كان عليه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا أخبر عن افتراق هذه الأمة ، سُئل عن الفِرقة الناجية ، فقال : ما أنا عليه وأصحابي . رواه الترمذي . وقال الألباني : حسن .
ولأهل السنة علامات يُعرَفون بها ، منها :
أنهم لا يُقدِّمون قول أحدٍ على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأنهم لا يتعصّبون لمذهب ولا لطائفة ولا لِشيخ ، وإنما يطلبون الحق حيث كان .
وأنهم يتميّزون بِعِفّة اللسان وحِفْظِه ، فليسوا كَالمنافقين السَّلاّقين ! (فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) ، وليسوا كأهل البِدَع الذين يَقعون في خصومهم بحَيْف وجور وإجحاف .
بل أهل السنة أهل عَدْل ؛ يَقولون ما لَهم وما عليهم
قال الإمام وكيع : أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم ، وأهل الأهواء لا يكتبون إلاّ ما لهم . رواه الدارقطني ، ونقله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن عبد الرحمن بن مهدي .
وهكذا أدركنا علماءنا الكبار ؛ كانوا أعفَّ الناس ألسِنة ، وأرحمهم بالْخَلْق ، وأقربهم إلى الْحَقّ ، لا تَعرف قلوبهم الحقد ، يقولون بِقَول الأنصار (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) .
وقال العلامة الطيبي في شرح المشكاة – فيما نقله عنه القاسمي – : عَجبتُ ممن سُمِّي بالسُّنِّي ، إذا سمِع مِن سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وله رأي ، رَجّـح رأيه عليها ! وأي فَرْق بينه وبين المبتدِع ؟! ... وها هو ابن عمر – وهو من أكابر الصحابة وفقهائها – كيف غضِب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وهَجَر فلذة كبِدِه لِتلك الْهَنَة ؟ عِبرة لأولي الألباب . اهـ .