ما حكم اللعب بألعاب إلكترونية تتطلب البحث في داخل المساجد والأماكن المقدسة ؟
بتاريخ : 18-08-2016 الساعة : 02:13 PM
السلام عليكم و رحمة الله الشيخ الفاضل ، يسر الباري أمركم
هناك لعبة نزلت على الأجهزة الذكية و هي تعتمد على اصطياد وحوش ، و حتى يتمكن اللاعب من اصطيادها فعليه أن يسير في الشوارع و الطرقات أو في أرجاء المنزل ، فيظهر الوحش و يقوم بإمساكه ، و قد انتشرت اللعبة بشكل مهول ، إلا أن فيها شيئًا أثار استفزازي و لا أدري ما الحكم فيه ، ألا و هو أن تلك الوحوش يتم إمساكها بالكرة و قد تنفذ الكرات ، و حتى تحصل على كرات عليك أن تذهب إلى أماكن مشهورة كالمساجد و المجمعات و الحرم المكي أو النبوي !!! إلى هذا الحد وصلت المسخرة يا شيخ ، الدخول للمساجد لأجل الإمساك بوحش له ملامح و جسد ، يعني من ذوات الأرواح ، والله لم أتقبل الفكرة و لا أدري يا شيخ ما توجيهك لمن يستسهل مثل هذا الأمر و يتقبل أن يبحث عن الكرات أو يمسك بالوحوش في الأماكن الطاهرة و المقدسة ؟؟؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
إذا كان الأمر كما ذُكِر في السؤال ؛ فلا يجوز اللعب بمثل هذه الألعاب ؛ لاشتمالها على الاستخفاف والاستهانة بِشعائر الله تبارك وتعالى .
وإذا كانت المساجد تُصان عن رفع الأصوات فيها ، وعن البيع والشراء ، وعن إنشاد الضالّة ؛ فكيف بِاللعب وتربية الصغار على الاستخفاف بها ؟
روى الإمام البخاري من طريق السائب بن يزيد قال : كنت قائما في المسجد فَحَصَبَنِي رَجل ، فنظرت فإذا عُمر بن الخطاب ، فقال : اذهب فأتِني بِهَذَين ، فجِئته بهما . قال : مَن أنتما ؟ أوْ مِن أين أنتما ؟ قالا : مِن أهل الطائف . قال : لو كُنتما مِن أهل البلد لأوجَعْتُكما ! تَرفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وبوّب عليه الإمام البخاري : باب رفع الصوت في المساجد .
وهذا التبويب دالّ على إرادة عموم المسجد ، وعدم اختصاص المسجد النبوي بالمنع ، إلاّ أن المسجد النبوي أشدّ في المنع ؛ لِجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن بطّال : قال بعض الناس : أما إنكار عُمر رفع الصوت في المسجد ، فيدلّ أنهم رَفعوا أصواتهم فيما لا يَحتاجون إليه مِن اللغط الذي لا يجوز في المسجد ، ولذلك بَنَى عُمر البطحاء خارج المسجد ؛ ليُنَزّهه عن الْخَنا والرَّفث ، فسألهم إن كانوا مِن أهل البلد ممن تقدّم العِلم إليهم بإنكار رفع الصوت في اللغط فيه ، فلما أخبراه أنهما مِن غير البلد عَذَرَهُما بالجهل . اهـ .
وقال الباجي : وقال ابن القاسم في المبسوط : قد رأيت مالِكا يَعيب على أصحابه رفع أصواتهم في المسجد .
وقد علل ذلك محمد بن مسلمة بِعِلّتين :
إحداهما : أنه يَجب أن يُنَزّه المسجد من مثل هذا ، ومعنى هذا أن المسجد مما أُمِرنا بتعظيمه وتوقيره .
والثانية : لأنه مَبنيّ للصلاة ، وقد أمرنا أن نأتيها وعَلينا السّكينة والوقار . اهـ .
وقال ابن رجب : إنما فَرّق عُمر بَين أهل المدينة وغيرها في هذا ؛ لأن أهل المدينة لا يَخفى عليهم حُرمة مسجد رسول الله وتعظيمه ، بخلاف مَن لم يكن مِن أهلها ؛ فإنه قد يَخفى عليه مثل هذا القَدْر مِن احترام المسجد ، فعَفَى عنه بِجهله .
وقال ابن حجر : قوله : باب رفع الصوت في المسجد ، أشار بالترجمة إلى الخلاف في ذلك ؛ فقد كَرِهه مالِك مُطلقا سواء كان في العِلم أم في غيره ، وفَرّق غيره بين ما يتعلّق بِغَرض ديني أو نفع دنيوي وبَين ما لا فائدة فيه . اهـ .
فإذا كانت المساجد تُصان عن البيع والشراء ، وإنشاد الضالة ، وعن رفع الأصوات ، فكيف بِغيرها ؟!
ويجب تربية الناشئة على تعظيم شعائر الله تعالى .