العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

راجية العفو
الصورة الرمزية راجية العفو

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.85 يوميا

راجية العفو غير متواجد حالياً عرض البوم صور راجية العفو


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي الْتِفاتَة قَلْب
قديم بتاريخ : 17-09-2012 الساعة : 11:35 PM

الْتِفاتَة قَلْب

كان عنوان الدرس الماضي " دَعْه نَظيفًا "
ولَمّا تَقَرَّر أن القَلْب بَيْت الرَّبّ تعظيما وإجلالا وإفرادا ، كان لا بُدّ للقَلْب أن يُوحِّد الله ويُفرِده بأعماله ..
ومِن هنا كان تصحيح أعمال القلوب أحبّ إلى الله مِن تصحيح كثير مِن أعمال الجوارح ؛ لأنها إذا صَلَحت أعمال القلب صلَحت سائر الأعمال ..
إذ القَلْب هو الأصل ، والأعمال ثَمَرة ، والقلب مَلِك ، والأعضاء جنوده ..
وفي الحديث : ألا وإن في الجسد مُضْغَة ، إذا صَلَحت صَلَح الجسد كله ، وإذا فَسَدت فَسَد الجسد كله ، ألا وهي القلب . رواه البخاري ومسلم .

قال أبو هريرة : القلب مَلِكٌ والأعضاء جنوده ، فإذا طاب الملك طابَتْ جنوده ، وإذا خَبُثَ الملك خَبُثت جنوده .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقول أبي هريرة تَقْرِيب ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم أحسن بَيَانًا ؛ فإن الملك وإن كان صالحا فالْجُنْد لهم اختيار ، قد يَعْصُون به مَلِكَهم وبالعكس ، فيكون فيهم صلاح مع فَسَاده ، أو فَسَاد مع صَلاحِه ، بِخلاف القلب ؛ فإن الجسد تابِع له لا يَخرج عن إرادته قط ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا صَلَحت صَلَح لها سائر الجسد ، وإذا فَسدت فَسد لها سائر الجسد "
فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الإيمان عِلْما وعَملاً قَلْبِيا ، لَزِم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق . اهـ .

وإن مِن أجلّ أعمال القلب إفراد الله تعالى بالتوكّل عليه .
والتوكّل : هو اعتماد القلب على الله ، والـثِّقَة بما عنده سبحانه وتعالى ، واليأس مما في أيدي الناس . كما قال ابن القيم .
وقال في كِتاب " الفوائد " : وسِرُّ التَّوَكًّل وحَقِيقَتُه : هو اعْتِمَادُ القَلَبِ عَلى اللهِ وحْدَه . اهـ .

وأن لا يَلتَفِت إلى الأسباب ، وإن عَمِل الأسباب لأنه مأمور بها ، إلاّ أنه يعمل بالأسباب ثقَة بِمُسبب الأسباب ..

وأعلى مقامات التوكّل مقامات الأنبياء ..
فَعِندما أُفْرِد خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وحيدا فريدا في المنجنيق ليُرْمَى في النار ، كانت ثقته بالله عزّ وَجَلّ ، ولم يلتفت إلى غيره ، فقال : حسبنا الله ونِعْم الوكيل ، فأتى الأمر مِن فوق سبْع سماوات : (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ) فَوَقَاه الله شرّ النار وشرّ الأشرار .

وعندما خَرَج نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام ببني إسرائيل ، ولحقه فرعون وجنوده ، قال بنو إسرائيل : إنّا لَمْدُرَكون ، فقال موسى عليه الصلاة والسلام بِلسان الواثق بالله عزّ وَجَلّ (كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) ، وهو يَرى البحر مِن أمامه والعدو مِن خَلْفه ، فما أسْرع ما أتاه الفَرَج لِثقته بالله عزّ وَجَلّ (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) .

وعندما نامَ نَبِيُّنا صلى الله عليه وسلم تحت شجرة وعَلَّق سَيفه بِتلك الشجرة ، جاءه رجل من المشركين ، فاخْتَرَط السيف ثم قال : مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهُ . كما في الصحيحين . فَمَنعه الله بِثقته به وتوكّله عليه .

ولَمّا طابَتْ قلوب المؤمنين بالتوكُّل على الله ، وصَدَقَتْ في توكّلها عليه ؛ جزاهم بِما توكّلوا عليه جنة وحريرا ، وأدخلهم الجنة بِغير حِسَاب ..
ففي الحديث : يدخل الجنة مِن أمتي سبعون ألْفًا بغير حساب : هم الذين لا يَسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون . رواه البخاري ومسلم .
فالقاسِم الْمُشْتَرَك بين هذه الأفعال : أنهم على ربهم يتوكّلون ..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : الذي عليه الجمهور أن الْمُتَوكِّل يَحْصل له بِتَوكّله مِن جَلْب المنفعة ودَفْع الْمَضَرَّة ما لا يَحْصل لغيره ، وكذلك الداعي . والقرآن يَدُلّ على ذلك في مواضع كثيرة . اهـ .

وكُلَّما كان توكّل الإنسان على الله أقوى وأتمّ نَفَعه تَوَكّله ..

ولا يجوز أن يلْتَفِت القلب في تَوَكّله على غير الله .. سواء كان ذلك بِجَلْب نَفْع ، أو دَفْع ضرّ ..
قال الله عزّ وَجَلّ لِنبِيِّـه صلى الله عليه وسلم : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)
وقال له سبحانه : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ)
وأمَر المؤمنين بما أمَر به الْمُرْسَلين ، فقال : (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
ذلك لأن التوكّل لا يَصلح إلاّ على الحي الذي لا يموت ، لا إله غيره : (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) .

ولَمّا الْتَفَت قَلْب يوسف عليه الصلاة والسلام إلى بَشَر مثله لَبِث في السجن بِضْع سنين .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : عَثَر يوسف عليه السلام حين قال : ( اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ، فَلَبِث في السجن بِضع سِنين ، وأنْسَاه الشيطان ذِكْر رَبِّـه . رواه ابن جرير في تفسيره .
وقال ابن عباس أيضا : عُوقِب يوسف بِطُول الحبس بِضع سنين لَمَّا قال للذي نجا منهما " اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ" ، ولو ذَكَر يُوسف رَبه لَخَلَّصَه .

فَكُلَّمَا كان اعتماد القلْب على الله أقوى ، كان حُسْن ظنِّ العبد بِربّه أعظم ؛ وكُلّما كان ذلك كذلك كان أسْرع إلى نَيْل المطلوب وتحقيق المقصود .

وقد تكفّل الله عَزّ وَجَلّ بِكفاية مَن توكَّل عليه ، فقال : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) .
قال الفضيل : والله لو يَئستَ مِنَ الْخَلْق حتَّى لا تُريد منهم شيئا ، لأعطاك مَولاك كُلَّ ما تُريد .
قال ابن رجب : ومِن لطائف أسْرار اقْتران الفَرَج بالكَرب واليُسر بِالعُسر : أنَّ الكربَ إذا اشْتدَّ وعَظُمَ وتَنَاهى ، وحَصل للعبد الإياس مِن كَشفه مِن جهة المخلوقين ، وتَعَلَّق قَلبُه بالله وحده - وهذا هو حقيقةُ التوكُّل على الله - وهو مِن أعظم الأسباب التي تُطلَبُ بها الحوائجُ ، فإنَّ الله يَكْفي مَن توكَّل عليه . اهـ .

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
6 / رمضان / 1431 هـ


الْتِفاتَة قَلب ( خُطبة عن التوكل )
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13891


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الْتِفاتَة قَلب ( خُطبة عن التوكل ) عبد الرحمن السحيم قسم الخُطب المنبرية 0 17-10-2015 07:20 AM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 03:22 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى