محب السلف

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 2
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : سلطنة عمان
المشاركات : 2,125
بمعدل : 0.41 يوميا

محب السلف غير متواجد حالياً عرض البوم صور محب السلف


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي خذوا زينتكم..
قديم بتاريخ : 20-03-2010 الساعة : 10:17 PM

خذوا زينتكم

لكل حادث حديث ، كما يُقال .

وقد أمرنا ربنا تبارك وتعالى بأخذ الحذر حال الحرب ، وبأخذ العدة عند القتال ، وبأخذ الأسلحة حال الخوف ، وبأخذ الزينة عند كل صلاة ، وهذا الأخير ما سأكتب عنه في هذه العجالة .

إن المتأمل لأحوال بعض المصلين يجد عجباً .

فهذا يأتي إلى المسجد بقميص نومه ، وذاك بزي عمله ، وثالث بثياب مهنته ، وآخر بملابس الرياضة غير آبـهين بما سيُقدمون عليه – وهو الوقوف بين يدي الله سبحانه – بينما تراهم جميعاً يلبسون أفضل ثيابـهم عند حضور مناسبة أو إجابة وليمة ، ولو دُعي أحدهم لمقابلة مسؤول – أياً كان هذا المسؤول – لأخذ كامل زينته ولبس أجمل ما عنده من الثياب ، وتـهندم أحسن هندام ، ووقف أمام المرآة ، واستشار أخاه أو صديقه وتعطّر بأزكى العطور وأرقاها . كل ذلك ليبدوا جميلاً لمن رآه ، ولا غرابة في ذلك فالله جميل يحب الجمال . والنفس تحب التجمل وتحبِّـذه .

وقد أمر الله سبحانه وتعالى بأخذ الزينة عند كلّ صلاة ، فقال : ( يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِد ) قال ابن كثير : ولهذه الآية وما ورد في معناها من السُّنّة يستحب التجمّل عند الصلاة ، ولاسيما يوم الجمعة ويوم العيد ، والطيب لأنه من الزينة ، والسواك لأنه من تمام ذلك ، ومن أفضل اللباس البياض .

قال نافع : تخلفت يوما في علف الركاب ، فدخل عليّ ابن عمر ، وأنا أصلى في ثوب واحد ، فقال لي : ألم تُكْسَ ثوبين ؟ قلت : بلى . قال : أرأيت لو بعثتك إلى بعض أهل المدينة ! أكنت تذهب في ثوب واحد ؟ قلت : لا . قال : فالله أحق أن يُتجمّل له أم الناس ؟

وعن نافع قال : رآني بن عمر ، وأنا أصلى في ثوب واحد ، فقال : ألم أكسك ؟ قلت : بلى . قال : فلو بعثتك كنت تذهب هكذا ؟ قلت : لا . قال : فالله أحق أن تتزيّن له .

ولا يُلام المسلم على أخذ زينته فليس لبس المرقع قُربة ، ولا ارتداء الثياب البالية سُنّة .
والتّجمّل مطلوب على كلّ حال ، ابتداءً من التّجمل للصلاة والوقوف بين يدي الله ، إلى التجمّل للمناسبات ، والتّجمّل لزيارة الإخوان ، والتّجمّل للزوجة ، كما قال ابن عباس : إني أحب أن أتـزين للمرأة كما أحب أن تتـزين لي المرأة ؛ لأن الله تعالى يقول : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) [ وسأفرد موضوعا للتجمل بين الزوجين ]

وروى الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم وعنده مالك بن مرارة الراوي فأدركت من آخر حديثه وهو يقول : يا رسول الله قد قُسِمَ لي من الجمال ما ترى ، فما أحب أن أحدا من الناس فضلني بشراكين فما فوقهما ، أفليس ذلك هو البغي ؟ قال : لا ، ليس ذلك بالبغي ، ولكن البغي من بطر - قال أو - قال : سفه الحق وغمط الناس . والشراك هو سير النعل .

وعند أبي داود عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم - وكان رجلا جميلا - فقال : يا رسول الله إني رجل حُبِّبَ إليَّ الجمال ، وأعطيت منه ما ترى حتى ما أحب أن يفوقني أحد إما قال بشراك نعلي وإما قال بشسع نعلي ، أفمن الكبر ذلك ؟ قال : لا ولكن الكبر من بطر الحق ، وغمط الناس .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجمّل للوفود .

قال الإمام البخاري – رحمه الله – باب التجمل للوفود .
ثم ساق بإسناده عن ابن عمر قال : وَجَدَ عمر حُلة استبرق تُباع في السوق ، فأتى بـها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ابتع – أي اشتر – هذه الحلة فتجمل بـها للعيد وللوفود . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما هذه لباس من لا خلاق له . الحديث .

وإنما أنكر عليه نوع الحلّة لا التّجمل للعيد والوفد .
وقال البراء رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعا ، وقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئا أحسن منه . متفق عليه .

وليست الحلّة المذكورة هنا حمراء خالصة .
وفي قصة مناظرة ابن عباس للخوارج ، قال ابن عباس : فخرجت إليهم ولبست أحسن ما يكون من حلل اليمن . قال أبو زميل : كان بن عباس جميلا جهيراً . قال ابن عباس : فأتيتهم وهم مجتمعون في دارهم قائلون ، فسلّمتُ عليهم فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس . فما هذه الحلة ؟! قال : قلت : ما تعيبون عليّ ، لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الـحُلل .
قال صالح بن أبي حسان : سمعت سعيد بن المسيب يقول : إن الله طيب يحب الطيب ، نظيف يحب النظافة ، كريم يحب الكرم ، جواد يحب الجود ؛ فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود . رواه الترمذي .

وجاء عبد الكريم أبو أمية إلى أبى العالية وعليه ثياب صوف ، فقال أبو العالية : إنما هذه ثياب الرهبان ! إن كان المسلمون إذا تزاوروا تجملوا . رواه البخاري في الأدب المفرد .

ويتأكّد التّجمّل إذا كان يوم الجمعة ، فقد استفاضت الأحاديث في هذا الباب ، وهي مشهورة معلومة – إن شاء الله - .

قال ابن أبي ليلى : أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أصحاب بدر وأصحاب شجرة إذا كان يوم الجمعة لبسوا أحسن ثيابـهم ، وإن كان عندهم طيب مسّوا منه ، ثم راحوا إلى الجمعة .
فإذا كان الأمر كذلك فإنه يجب تعظيم شعائر الله ، فلا تؤتى المساجد إلا برائحة طيبة زكية ، ولباس نظيف ساتر – وسواء في ذلك الكبار والصغار - ، لا أن يأتي المصلِّي إلى المسجد وكأنه خارج إلى البقالة أو داخل غرفة نومه !

إن تعظيم شعائر الله – جل وعلا – مطلب شرعي ، وضرورة مُلِحّة ، ذلك أن المساجد بيوت الله وتعظيمها من تعظيم من تُنسب إليه . (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)

كتبه الشيخ
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف نجمع بين الحديث " إن الله لا ينظر إلى أجسادكم " وبين الآية (خذوا زينتكم) ؟ نسمات الفجر قسـم السنـة النبويـة 0 02-06-2016 07:24 AM
خذوا زينتكم راجية العفو قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 18-09-2012 12:27 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:39 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى