العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

راجية العفو
الصورة الرمزية راجية العفو

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.85 يوميا

راجية العفو غير متواجد حالياً عرض البوم صور راجية العفو


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي أبعده الله .. ما أشقاه !
قديم بتاريخ : 08-03-2010 الساعة : 10:24 PM


أبعده الله .. ما أشقاه !

تُزَفّ مواسم الخيرات للمؤمن كَما تُزفّ العروس ، وتُهدَى إليه كأعظم هدية ، ويُبشَّر بها كما يُبشّر بِقدوم مولود بعد طول انتظار ، أو قُدُوم عزيز غائب طال غيابه .

ولذا كان أبو سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه يقول : ما كان في الأرض ليلة أُبَشَّر فيها بِغُلام ويُهْدَى إليّ عَروس أنا لها مُحِبّ أحبّ إليّ من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أُصَـبِّح بهم العدو . رواه ابن أبي شيبة وأبو يَعلى . وقال الهيثمي : رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح .

وما ذاك إلاّ لِشِدّة حرص الصحابة رضي الله عنهم على الخيرات ..
قال أبو هريرة رضي الله عنه يَصِف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم : وكانوا أحرص شيء على الخير . رواه البخاري .

ولَمّا كانوا كذلك .. كَتَب الله لهم الفلاح مع ما نالُوا من الخيرات ..
قال تعالى : (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .

أولئك آبائي ..
إذا أقبلت مواسم الخيرات جَدّوا ..
وإذا أظلّتهم سحائب المغفرة استمطروها ..
وإن طرقتهم نَفَحات ربِّهم تعرّضوا لها ..
وإن هَبّت بهم لَفَحات الهاجرة استعذبوا العذاب في ذات الله ..

إن علموا شيئا من الخير طاروا إليه زُرافات ووحدانا ..
وإن اشرأبّت أعناق الفِتَن .. وجدتهم أحلاس بيوتهم ..
تسمو بِهم هِممهم إلى الثريا ! بينما تقصُر بهم دون ثرى الشرّ !

كانوا إذا علِمُوا شيئا من الخير تسابقوا إليه ، وتنافَسُوا فيه ..
كانوا يُؤثِرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة .. إلاّ أنهم لا يُؤثِرُون أحدا بِنصيبهم من الآخرة ..
قال أبو الفتح البستي :
دع التكاسل في الخيرات تَطلبها = فليس يَسعد بالخيرات كسلان
لا ظِلّ للمرء يَعْرى مِن تُقى ونُهى = وأن أظلّته أوراق وأغصان

وقال الثعلبي : من أغلب العادة ان الكسل لا يجتمع والسعادة .
وقال ابن القيم : أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يُدْرَك بالنعيم ، وأن من رافق الراحة .
" ولِهذا قالت العقلاء قاطِبة على أن النعيم لا يُدْرك بالنعيم ، وأن الراحة لا تُنال بالراحة ، وأن من آثر اللذات فاتته اللذات " .

يُذمّ التكاثر إلاّ في الخيرات ..

قال ابن القيم :
والتكاثر أن يَطلب الرجل أن يكون أكثر مِن غيره ، وهذا مذموم إلاَّ فيما يُقَرِّب إلى الله ، فالتكاثر فيه منافسة في الخيرات ومُسَابَقة إليها . اهـ .

في هذا كانت مُنافسة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم ..
فقد جاء فقراء الْمُسْلِمِينَ إلى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَدْ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ .
قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟
قَالُوا : يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي , وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ , وَيَتَصَدَّقُونَ وَلا نَتَصَدَّقُ ، وَيُعْتِقُونَ وَلا نُعْتِقُ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ , وَتَسْبِقُونَ مَنْ بَعْدَكُمْ ، وَلا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ , إلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ ؟
قَالُوا : بَلَى , يَا رَسُولَ اللَّهِ .
قَالَ : تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاة : ثَلاثاً وَثَلاثِينَ مَرَّةً . رواه البخاري ومسلم .
زاد مسلم : قَالَ أَبُو صَالِح : فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ , فَقَالُوا : سَمِعَ إخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا , فَفَعَلُوا مِثْلَهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ .

قال ابن رجب : فَكَان الفقراء يَحزَنُونَ على فواتِ الصَّدقة بالأموال التي يَقدِرُ عليها الأغنياء ، ويَحْزَنُون على التخلُّف عن الخروجِ في الجهاد ؛ لِعَدَم القُدْرَة على آلَتِه . اهـ .

لقد كان التنافس على أشدِّه بين سلف هذه الأمة على فعل الخيرات .. حتى كان بعض سادات التابعين يقولون : أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يفوزوا بمحمد صلى الله عليه وسلم دوننا ؟ والله لأزاحمنهم عليه حتى يعلموا أنهم خَلّفوا بعدهم رجالاً !

سَارِع إلى الخيرات في موسم الخيرات .. وحَذَارِ أن تكون مَحروما ..

فقد صَعَد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال : آمين ، آمين ، آمين . قيل : يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت : آمين ، آمين ، آمين . فقال : إن جبريل عليه السلام أتاني فقال لي : مَن أدرك شهر رمضان فلم يُغْفَر له ، فدخل النار ، فأبعده الله ، قُل آمين ، فقلت : آمين . ومَن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يَبرّهما فمات ، فدخل النار ، فأبعده الله ، قل آمين ، فقلت : آمين . ومَن ذُكِرْتَ عنده فلم يُصَلّ عليك فمات ، فدخل النار ، فأبعده الله ، قل آمين ، فقلت : آمين . رواه ابن خزيمة والحاكم وصححه ، ورواه ابن حبان .

والـبُعد هنا بِمعنى الطرد والهلاك ، ففي رواية : فأبعده الله وأسحقه .
" مَن أدرك شهر رمضان فلم يُغْفَر له ، فدخل النار ، فأبعده الله " ..
مَن أدرك رمضان فلم يُغفَر له فَمتى يلتمس المغفرة ؟
من أدرك مواسم الخيرات فلم يُغفَر له فمتى يرجو المغفرة ؟
من لم يستغل هذه الفرصة فأي فرصة يرجوها ؟
..
" فأبعده الله " .. وذلك لأنه اجتمع له في شهر رمضان ما لم يجتمع له في غيره من سائر الأيام ..
شهر فُتِحت فيه أبواب الجِنان ، وغُلِّقَت فيه أبواب النيران .. ويُنادي فيه مناد : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر .. ولله عتقاء من النار في هذا الشهر ، وذلك كل ليلة .
شَهْر صُفِّدَت فيه مَرَدَة الشياطين ، فلم تخلص إلى ما كانت تخلص إليه في غير رمضان ..
شهر يجِد فيه المؤمن على الخير أعوانا ..
شهر يضعف فيه سُلطان الشهوات .. ويقوى فيه سُلطان العقل ..

فلما اجتمعت كل هذه الخصال في شهر الخير .. كان المحروم من حُرِم خير هذا الشهر ..
ولذا لَمَّا دخل رمضان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن هذا الشهر قد حَضَركم ، وفيه ليلة خير من ألف شهر ، مَن حُرِمها فقد حُرِم الخير كله ، ولا يُحْرَم خَيرها إلاَّ مَحْرُوم . رواه ابن ماجه ، وحسّنه الألباني .

وأوصي نفسي وإياك بِوصية علي بن محمد البسامي إذ يقول :

سابِق إلى الخير وبادِر بِهِ = فإن مِن خَلفك ما تَعلم
وقَدِّم الخير فُكُلّ امرئ = على الذي قَدَّمه يُقْدِم

ولو لم يكن في المسارعة إلى الخيرات وفيها ، إلاّ السلامة من البُعد عن الله ، والفوز بِثناء الله ، إذ يقول : (وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) .

شعبان – 1429 هـ ..


كتبه

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم




إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل يجوز قولي : شكر الله سعيك وغفر الله ذنبك بإذن الله راجية العفو إرشـاد الأدعـيــة 0 30-10-2014 10:10 PM
هل صحيح أن من يرى أسد ويذكر اسم الله ثم اسم نبي الله دانيال فإن الله يسلمه من أذى الأسد ؟ نسمات الفجر إرشـاد الأذكـار 0 20-11-2013 12:45 AM
هل من التألي على الله أن يقال:. (ويلك من الله) أو (سيحاسبك الله يوما) ? راجية العفو قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 05-01-2013 03:23 PM
لماذا فضل الله رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأنبياء السابقين ؟ ناصرة السنة قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 06-12-2012 02:49 PM
حكم قول (شاءت الأقدار - أطال الله بقاءك - الله ما يضرب بعضا ) و(الإقسام على الله) عبق قسـم العقـيدة والـتوحيد 1 04-03-2010 11:07 AM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 06:12 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى