سؤالي حول الحلف بالقران الكريم ، فهو كلام الله المنـزل على عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم فهل يجوز الحلف به أم لا ؟
أفتونا بارك الله بعلمكم .
الجواب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك .
في المسألة تفصيل :
إذا كان الحالف يقصد أن يحلف بالقرآن الذي هو كلام الله ، فلا حرج في ذلك ؛ لأنه يحلف بصفة من صفات الله ، وهي الكلام ، فإن الله تبارك وتعالى تَكلَّم بالقرآن .
وإذا كان يحلف بالقرآن ويقصد به المصحف ، فقد أجازه بعض العلماء ، ومَنَع مِنه آخرون ؛ لأن المصحف يشمل الأوراق والغلاف .
قال قتادة : يُكْرَه الحلف بالمصحف وبالعتق والطلاق .
وقد أجاز بعض العلماء الحلف بالمصحف ، إذا قصد الحالِف القَسَم بِكلام الله وحده ، وتركه أوْلَى .
قال ابن قدامة : وإن حلف بالمصحف ، انعقدت يمينه ... ولم يَكْرَه ذلك إمامُنا وإسحاق ؛ لأن الحالف بالمصحف إنما قصد الحلف بالمكتوب فيه ، وهو القرآن ، فإنه بين دفتي المصحف بإجماع المسلمين . اهـ .
وقال شيخنا العثيمين : إذا كان المصحف يتضمن كلام الله ، وكلام الله تعالى من صفاته ؛ فإنه يجوز الحلف بالمصحف ، بأن يقول الإنسان : والمصحف ، ويقصد ما فيه مِن كلام الله عز وجل ، وقد نص على ذلك فقهاء الحنابلة رحمهم الله .
ومع هذا ، فإن الأوْلَى للإنسان أن يَحلف بما لا يُشوّش على السامعين ، بأن يحلف باسم الله عز وجل فيقول : والله ، ورب الكعبة ، أو : والذي نفسي بيده ، وما أشبه ذلك مِن الأشياء التي لا تَستنكرها العامة ، ولا يحصل لديهم فيها تشويش ، فإنّ تَحديث الناس بما يَعرفون وتطمئن إليه قلوبهم خير وأولى . اهـ .
ومثله الحلف بآيات الله فيقول بعض الناس : قسما بآيات الله .
ففيه التفصيل أيضا :
إن كان قصد آيات الله المتلوّة المقروءة ، فلا حرج .
وإن قصد جميع آيات الله ، فلا ؛ لأنه يدخل في آيات الله الآيات الكونية .
وأما الحلف على المصحف ؛ فبدعة مُحدثة لا أصل لها .
وينتشر عند بعض الناس إذا أراد تعظيم الحلف وتغليظه أن يَحلف على المصحف . وهذا لا يجوز .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة :
يكفي أن يحلف الإنسان بالله دون أن يضع يده على المصحف .
وفيها أيضا :
الحلف على المصحف أو على (صحيح البخاري) لا أصل له في الشرع ، وإنما هو مِن عَمَل بعض الجهال ، فيجب ترك هذه العادة ، وتعظيم اليمين بالله عز وجل مِن غير أن يَكون ذلك على المصحف أو (صحيح البخاري) أو غيرهما . اهـ .
وقال شيخنا العثيمين : إذا حَلف بالله سبحانه وتعالى ، فإنه لا حاجة لأن يأتي بالمصحف فيحلف عليه ، فالحلف على المصحف أمْر لم يكن عند السلف الصالح ، ولم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا في عهد الصحابة ، حتى بعد تدوين المصحف ، لم يكونوا يحلفون على المصحف ، فليحف الإنسان بالله سبحانه وتعالى دون أن يكون ذلك على المصحف . اهـ .
والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض