هل يجوز الإكثار مِـن الاستغفار بنيّـة تحقيق أمر ما ؟
بتاريخ : 24-02-2010 الساعة : 08:20 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير فضيلة الشيخ ممكن إجابة هذا السؤال هل يعتبر الاستغفار بنية معينة ومخصوصة من السنة أم أنه لا يجب التحديد
بحيث يقول لك :خصصي نية الاستغفار مثلا لطلب الذرية أكثري منه
أو لطلب الزواج أكثري منه أو الرزق وهكذا
هل هذا من السنة أم مخالف ؟؟؟
بارك الله لكم فى عطائكم وجعله الله فى موازين أعمالكم يا رب دعواتنا لكم في المغفرة والرضا من رب العباد
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
وبارك الله فيك .
لا إشكال في ذلك ، فيجوز أن يَكون العمل الصالح بِنية التقرّب إلى الله ويَكون معها نِيّة أخرى .
ولذلك قال نوح عليه الصلاة والسلام لِقومه مُرغِّبا لهم على الاستغفار : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) .
وقال الله تعالى على لسان هود عليه الصلاة والسلام : (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ) .
وقال عزّ وَجَلّ لهذه الأمة : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) .
ويَدُلّ على ذلك عموم قوله عليه الصلاة والسلام : إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى . رواه البخاري ومسلم .
وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يُكثر من الاستغفار إذا أشكلتْ عليه مسألة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تُشْكِل عليّ فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر ويَنْحَلّ إشْكال ما أشْكَل .
قال : وأكون إذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو المدرسة لا يمنعني ذلك مِن الذِّكْر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي . اهـ .
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم لِمَن عَجز عن النكاح ، فقال : " مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ" :
قال ابن حجر في شرح الحديث : وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ حُظُوظَ النُّفُوسِ وَالشَّهَوَاتِ لا تَتَقَدَّمُ عَلَى أَحْكَامِ الشَّرْعِ بَلْ هِيَ دَائِرَةٌ مَعَهَا .
وَاسْتَنْبَطَ الْقَرَافِيُّ مِنْ قَوْلِهِ " فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " أَنَّ التَّشْرِيكَ فِي الْعِبَادَةِ لا يَقْدَحُ فِيهَا بِخِلافِ الرِّيَاءِ ، لأَنَّهُ أَمْرٌ بِالصَّوْمِ الَّذِي هُوَ قُرْبَةٌ ، وَهُوَ بِهَذَا الْقَصْدِ صَحِيحٌ مُثَابٌ عَلَيْهِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَأَرْشَدَ إِلَيْهِ لِتَحْصِيلِ غَضِّ الْبَصَرِ وَكَفِّ الْفَرْجِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمِ . اهـ .