العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد أقـسام الفـقـه الإسـلامي قسـم الفقه العـام
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

محب السلف

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 2
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : سلطنة عمان
المشاركات : 2,125
بمعدل : 0.41 يوميا

محب السلف غير متواجد حالياً عرض البوم صور محب السلف


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفقه العـام
افتراضي ما موقف الإسلام من الاستعباد وبيع الإنسان في الأسواق ؟
قديم بتاريخ : 22-02-2010 الساعة : 09:10 PM

...
سأقتبس بعض الأسئلة لو تفضلت من موضوع مراسلة حدثت بيني و بين احد أتباع مذهبكم الجميل فأرجو أن يتسع مجال اختصاصك للرد عليها .
ما موقف الإسلام من الاستعباد و بيع الإنسان في الأسواق... ولماذا حرّمَتْ كثير من الدول العربية الرق و المتاجرة به بعد ضغوط دولية رغم انه حلال كما أخبرني بذلك أكثر من طالب علم شرعي... أليس هذا من باب تحريم ما أحل الله ؟
القاعدة في المعاملة في الحرب واضحة و هي : " و اعتدوا عليهم بمثل ما اعتدي عليكم .." الآية
ماذا لو قرر المارينز العمل بمثل هذه القاعدة و اطلعوا على ما نخبأه لهم لو كنا مكانهم من استرقاق وجز الرؤوس و قرروا اخذ كل بنات العراق سبايا و كل غلمانه رقيقا ؟ وذبح كل رجل بالغ سواء كان محاربا أو لا. ما موقع الآية التي تقول : "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" مما حدث طوال التاريخ الإسلامي من سبي بطريقة آلية لكل النساء والأطفال الصغار وتشريد العائلات تحت مسمى تحليل الغنائم ؟
كيف فهم هؤلاء الآية التي تقول :" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" علما أن النساء و الأطفال وحتى الكثير من سكان البلاد المفتوحة لا يمكن أن يكونوا من المحاربين
لماذا لم نسمع عن سبي القريشيات المشركات مثلا و استرقاق غلمانهم؟ لماذا لم يتبع من جاء بعد رسول الله سنته في إطلاق سراح قريش و العفو عنهم بعد أن انتصر عليهم؟
ما الحكمة من تحديد الزواج بأربع و إطلاق اليد في الجواري بدون تحديد ؟ ما الحكمة من تحريم زواج المتعة إذا كان شراء الجارية من السوق و الاستمتاع بها دون عقد زواج جائز ؟ و قد يعاد بيعها بعد ذلك أو إهداؤها كأي سلعة.
جاء الإسلام لحفظ المال و النفس و الدين، أليس الأحكام المتعلقة بالعبيد من قبيل حفظ المال ؟ أتوقف هنا رغم أن أسئلة أخرى لا تزال تشغلني منذ سنوات و لا أجد لها تفسيرا منطقيا



الجواب :

ومرحبا بك يا صاح ..

أُقَدِّم بمقدِّمة للجواب .. وهي أن العقلاء يَتّفِقون على أنه إذا أُرِيد سُلوك طريق فإنه يُمهّد ويُزال ما يَعوق السالكين من أحجار تتعثّر بها الأقْدَام .. فإن لم يُتمكَّن من إزالة تلك الأحجار إلاَّ بتكسيرها ، فيتم تكسيرها وإزالتها ..

وتتّفِق الشرائع السماوية على وُجوب توحيد الله ، وإفراده بالعبادة ، لأنه هو الربّ الْمُسْتَحِقّ للعبادة دون مَن سِواه، ففي التوراة والإنجيل دعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة ، فمن ذلك ما جاء في :
" - سفر التثنية الإصحاح 4 : 35 " أن الرب هو الإله . ليس آخر سواه
"- سفر التثنية الإصحاح 6 : 4 " الرب إلهنا رب واحد
"- رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس الإصحاح 6 : 16 " الذي وحده له عدم الموت
"- إنجيل متى الإصحاح 4 : 10 من أقوال المسيح عليه السلام :-" للربّ إلهك تَسجد وإياه وحده تَعْبُد
"- إنجيل مرقس الإصحاح 12 : 29 من أقوال المسيح عليه السلام:-"إن أول كل الوصايا ... الرب إلهنا ربّ واحد
"- إنجيل يوحنا الإصحاح 1 : 18 " الله لم يَرَه أحد قط

ولم يَدْعُ نبيّ واحد إلى عبادته مِن دون الله .. بل كلهم دَعَوا إلى عبادة الله وحده ..
وهذا ما جاء به الإسلام (مَا كَانَ لِبَشَر أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ [مُسْلِمُونَ) [القرآن الكريم ـ سورة آل عمران : 79 ، 80

ودَعوة الأنبياء مِن أوَّلِهم إلى آخِرِهم هي دَعوة إلى توحيد الله وإلى عبادته ، وإلى إنقاذ الإنسان من الهلاك..

إذا عُلِم هذا فإنَّ الأنبياء يَدْعُون إلى عبادة الله وحده .. ولا يَسْعَون أول ما يسْعَون إلى القتال .. بل لا يَكون إلا في زَمن مُتأخِّر مِن دَعوتهم ..
وهذا إنما يَكون إذا كان هناك حَجَر عثرة يَقِف في هذا الطريق ـ في طريق تعبيد الناس لِربِّهم ـ ..
واتّفقنا أن الحَجَر الذي يَتَعَثَّر به الناس يُزَال ، ولو أدّى ذلك إلى تكسيره !

وهكذا من يَقِف في طريق تَعْبِيد النَّاس لِرَبِّهم .. يُزال .. لأنه هو الذي اختار هذه الطريقة !
وإزالته بِقِتَالِه ..
وليس القِتال مقصودا لِذاتِه .. بل لأجل تَعْبِيد الناس لِربِّهم .. لأن ذلك الحجر هو الذي منَع الناس من عِبادَة ربّهم .. إذ الناس عادة تَبَع لِكُبرائهم ..
فالمقصود هو إنْفَاذ أمْر الله .. والذي يَعترِض إنما يَعترَض على أمْر الله .

أمّا مَن أسْلَم فإنه يُقَـرّ على مُلكِه ..
ومن أسْلَم واستجاب لِداعِي الله لم يَكن بِحَاجَة إلى قِتال ..

وأما مَن لم يَسْتَجِب فإنه يَحتاج إلى جِدال فإن لم يَنفع فيحتاج إلى جِلاد ! كما قَرَّره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

ولذا جَاء الجهاد في الشَّرائع السَّابقة ، فمن ذلك :
جاء ذِكْر الجهاد في سِفْر العدد - الإصحاح 31 : 1-13
والكافِر الذي كَفَر بِربِّه وبِرُسُلِه مُعانِد لِربِّه .. مُتنكِّر لِسَيِّدِه وخالِقِه .

ولذا جاء قَتل الكافر في الشرائع السابقة :
حيث جاء في :
سفر الخروج الإصحاح 34 : 11-15 تدمير ممتلكاتهم
سفر التثنية الإصحاح 13 : 1-6 وجوب قتل النبي الذي يَدعو لعبادة غير الله سبحانه وتعالى
سفر التثنية الإصحاح 13 : 8-9 وجوب قَتْل الْمُرْتَدّ
سفر التثنية - الإصحاح 13 : 15-17 قَتْل الكفار وحَرْق ممتلكاتهم
سفر التثنية - الإصحاح 13 : 10 وسفر التثنية - الإصحاح 17 : 5
رجم الذي يَعْبُد غير الله سبحانه وتعالى حتى الموت أمام شُهود

وفي إنجيل مَتّى ـ الإصحاح 10 : 34 - 37
لا تَظُنُّوا أنِّي جِئتُ لأحمِلَ السَّلامَ إلى العالَمِ ، ما جِئتُ لأحْمِلَ سَلامًا بَلْ سَيفًا .
فإنّي جِئتُ لأُفرِّقَ بَينَ الاَبنِ وأبـيهِ ، والبِنتِ وأمِّها ، والكَـنَّـة وحَمَاتِها .
[ الكَـنَّـة : زوجة الابن ]
وفي إنجيل لوقا ـ الإصحاح 22 : 36
أمَّا الآنَ ، فمَنْ عِندَهُ مالٌ فَلْيأخُذْهُ ، أو كِيسٌ فَلْيَحمِلْهُ . ومَنْ لا سيفَ عِندَهُ ، فَلْيبِـعْ ثوبَهُ ويَشتَرِ سَيفًا !

إذا اتّفقنا على هذا فإن الرِّق في الإسلام لم يَكن لِمُجَرَّد شَهْوة الـتَّمَلُّك ، ولا مِن أجْل إذْلال الناس ..
بل الإنسان هو الذي وَضَع رِبْقَة العبودية والذّل في رَقَبَتِه .. لأنه لم يَسْتَجِب لله ولا لِرُسُلِه ..
بل حارَب الله ورُسُلَه .. فاستِحقّ هذا الذّلّ ..
وهذا أمْر مُتّفق عليه بين العقلاء ، ولذا كانتْ دَعوة الإسلام : أسْلِم تَسْلَم .

فالذي لم يُسْلِم ولم يُسالِم هو الذي اختار قرار الحرب والمحارَبَة .. فإذن غُلِب فإن الذّل حليف المغلوب غالبا ..
فإذا كان المحارِب كافِرًا فإنه يُسْتَرَقّ ، فيكون رقيقاً .. وهذا أمْر لا يَخلو مِن حِكَم ، منها :
1 - أن يَشْعُر بِذلّةِ وصَغَارِ الكُفْر ، ومُضَادَّة الله ورُسُلِه .

2 - أن يَكون بين المسلمين ، فيَرى أخلاقهم ومُعاملتهم التي بَعثَهم عليها الدِّين فيُؤثِّر فيه فيُسْلِم ، فَيَنْجُو مِن النَّار في الآخِرة .
وهذا مَصْلَحَته راجِعَة إليه قَبْل غَيْرِه .

3 - أن يَكون بعيدا عن قادته وكبراء قومِه ، فيستطيع أن يتّخِذ قراره بِنفسه
أي أنه يَكون حُـرًّا عند اتِّـخَاذ قراراته بعيدا عن أية ضغوط .
وفي عالمنا المعاصر شَهِدتُ حَالات وسَمِعْتُ عن أُخْرَيات ـ عن أُناس يَنْتَحِلُون مَذَاهِب بَاطِلة ، ويُريدون الدخول في الإسلام ، ولكنهم لا يَستطيعون لِسيطرة الأكابر عليهم !
وفي الرِّق إبعاد الشخص عن مُحيط التأثير ليتّخِذ قراره بِنَفْسِه ..

ولا يُعرف دِين أو عُرف أو نِظام أكْرم أسير الحرب ( الرقيق ) كما أكْرَمه الإسلام ، فمن ذلك :
1 - حثّ الإسلام على عِتْقِ الرِّقاب في مناسَبة وفي غير مناسبة ، بِسبب أو بِغير سبب
بل جاء الترغيب الأكيد في عتق الرِّقاب .
روى البخاري ومسلم من طريق سعيد بن مرجانة - صاحب علي بن حُسين ـ قال : قال لي أبو هريرة رضي الله عنه : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أيما رجل أعتق امْرأ مُسْلِمًا استنقذ الله بكل عُضو منه عُضوا منه مِن النَّار . قال سعيد بن مرجانة : فانْطَلَقْتُ به إلى عليّ بن حسين فَعَمِدَ عليّ بن حسين رضي الله عنهما إلى عَبْد له قد أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم أو ألف دينار ، فأعْتَقَـه .
وفي رواية للبخاري ومسلم : مَن أعتق رَقبة مُسْلِمة أعْتَق الله بكلّ عُضو منه عُضوا من النار حتى فَرْجَه بِفَرْجِـه .

2 - حث الإسلام على مُكاتَبة الرقيق إذا رَغِبَ في ذلك ، وأراد فكّ رِبْـقَـة الرِّقّ مِن رَقَبَتِه ، فإنه لا يُمانَع من ذلك ، بِخِلاف أسير الحرب لَدَى أُمَم الأرْض قاطبة !
وانْظُر ـ إن شِئت ـ صُورة أسِير الْحَرْب ومُعامَلَته في ضوء الْحَضَارَة الْمَادِّيَة في " غوانتنامو " !

3 - الأسير إذا اسْـتُرِقّ لا يُجعل في رِجْلِه قيد ، ولا في يَده غِلّ ، بل هو حُـرّ طليق في بلاد المسلمين ، إلا أنه مملوك فحسب
فَشَـتّان ما بين الرِّق في الإسلام ، وما بين معاملة أسرى الحروب في كل مكان !

4 - الأمر بالإحسان إلى الرقيق في كلّ شيء حتى في الملبَس والمشرب .
وقد أمَرَ الله بالإحسان إلى الرقيق فقال تعالى : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ).
وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : إخوانكم خَوَلُكم جَعَلَهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخُوه تحت يده فليُطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يَلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم . رواه البخاري .
وقال عليه الصلاة والسلام : للمملوك طعامه وكسوته . رواه مسلم.
فانْظَر كيف وَصَف نبينا صلى الله عليه وسلم الرقيق بالأخ ، وفي هذا إشارة إلى أن الرقيق المسلم أخٌ للمسلم الْحُرّ ، فيُحسِن إلى أخيه .

5 - لا يُكلِّف الرقيق ما لا يُطيق ، وإذا كُلِف أُعِين .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقيق : لا يُكلّف من العمل إلا ما يُطيق . رواه مسلم .

6 - مُراعاة نَفْسِيّة الرقيق .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين ، أو لقمة أو لقمتين ؛ فإنه وَلِيّ حَـرّه وعِلاجه . رواه البخاري ومسلم
وهذا فيه مراعاة لنفسيته فضلا عن تكليفه ما لا يُطاق .

7 - الرقيق له ما لنا وعليه ما علينا ، فإذا أحْسَن كان له الأجر المضاعَف .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : العبد إذا نَصَحَ سيده وأحسن عبادة ربه كان له أجْره مرتين . رواه البخاري ومسلم .
والمقصود بِالعَبْد أوْ الْمَمْلوك : الرقيق .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : للعبد المملوك الْمُصْلِح أجْران . وكان أبو هريرة يقول : والذي نفس أبي هريرة بِيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبِـرّ أُمِّـي لأحْبَبْتُ أن أموت وأنا مَمْلُوك . رواه مسلم .
وإن كان الرِّقّ في النِّسَاء ، فقد جاء الأمْر بالإحْسَان إليهن ، فإنه إذا أحسن إليها وَلِيُّها ثم أعتقها وتزوّجها كان له أجْران .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كانت له جارية فَعَالَها فأحْسَن إليها ثم أعتقها وتزوّجها كان له أجْران . رواه البخاري .

8 ـ إن شِئت أن تَرى أبْهَى صُوَر مُعامَلة أسْرَى الْحَرْب ، وإكْرَام الرَّقِيق فانْظُر إلى مَن كانوا يوما أرِقَّـاء ثم صَدَّرَتْهم أمَّـة الإسْلام فَصَدَرَتْ عن رأيهم !

يُعْقِد عُلماء مُصْطَلَح الْحَدِيث نَوْعًا مِن أنْوَاع مُصْطَلَح الْحَدِيث ، وهو :
معْرِفَة الْمَوالِي مِن الُّرواة والعلماء !

وخُذ على سبيل المثال أسماء لامِعَة في سَمَاء الأمة الإسلامية :
الإمام محمد بن سِيرين وإخوته وأخته ( 6 إخوة كلهم مِن سَبْي عَين التّمر ) !
ابن المبارَك . قال عنه الذهبي : الإمام شيخ الإسلام ، عَالِم زَمَانِه ، وأمير الأتقياء في وقته .
أبو العالية الرياحي ، الذي قال : كُنْتُ الْزَم ابن عباس فيرفعنى على السَّرير ، فَتَغَامَز بي قُريش وهم أسْفَل مِن السرير ، يقولون : يَرْفَع هذا الْمَوْلى على السرير ! فَفَطِن بِهم ابن عباس فقال : إن هذا العِلْم يَزيد الشَّريف شَرَفًا ، ويُجْلِس الْمَمْلُوك على الأسِرَّة !
ومِن الْموالِي :
الليث بن سعد
ومجاهد بن جَبْر
وسعيد بن جبير
وعطاء بن أبي رَبَاح ـ الذي كان يُقال في حَقِّه : لا يُفتي في الْحَجّ إلاَّ عَطاء ـ !
وعَطاء قال عنه الذهبي : الإمام شيخ الإسلام مُفْتِي الْحَرَم !
قال أبو داود : أبُوه نُوبِيّ ، وكان يَعْمَل الْمَكَاتِل ، وكان عطاء أعْور ، أشَلّ ، أفْطَس ، أعْرَج ، أسود .
وهو الذي قام إليه عبد الملك بن مروان ، وهو خليفة المسلمين ـ قام إليه وسَلَّم عليه ، وأجْلَسَه معه على السَّرير !

وهؤلاء كلّهم علماء كِبار مِن علماء الإسلام

وذَكَر الزهري أن هشام بن عبد الملك قال له : مَن يَسُود أهْل مكة ؟ فقلتُ : عَطَاء .
قال فأهْل اليَمَن ؟ قلتُ : طاوس .
قال : فأهْل الشَّام ؟ فقلتُ : مكحول .
قال : فأهْل مِصْر ؟ قلتُ : يَزيد بن أبي حبيب .
قال : فأهْل الجزيرة ؟ فقلتُ : مَيمون بن مِهران .
قال : فأهْل خُرَاسَان ؟ قلتُ : الضحَّاك بن مُزَاحم .
قال : فأهْل البَصْرَة ؟ فقلتُ : الحسن بن أبي الحسن .
قال : فأهْل الكُوفَة ؟ فقلتُ : إبراهيم النَّخعي .
وذَكَرَ أنه يقول له عند كُلّ واحد : أمِن العَرَب أم مِن الْمَوَالي ؟ فيقول : مِن الْمَوَالي ، فلما انتهى قال : يا زُهْري ، والله لَتَسُودَنّ الْمَوَالِي على العَرَب حتى يُخْطَب لها على الْمَنَابِر ، والعَرَب تَحْتَها !
فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنَّمَا هو أمْرُ الله ودِينه ، فَمَن حَفِظَه سَاد ، ومَن ضَيَّعَه سَقَط .
وسأل بعض الأعراب رجلاً من أهل البصرة ، فقال : مَن هو سَيِّد هذه البَلْدَة ؟ فقال : الحسن بن أبي الحسن البصري .
قال : أمولىً هو ؟
قال : نَعم .
قال : فَبِمَ سَادَهم ؟ فقال : بِحَاجَتِهم إلى عِلمه ، وعدم احتياجه إلى دُنياهم .
فقال الأعرابي : هذا لعمر أبيك هو السُؤدَد

وقد جاء الإسلام بالحث على العِتْق ، وجاء العِتق أيضا في الكفّارات ، فمن ذلك :
في كفارة قَتْل النفس خطأ
وفي كفّارة الظِّهار
وكفّارة الوطء في نهار رمضان
وفي كفارة اليمين
وانظر كيف جاء الحث على العِتق وتحرير الرِّقاب في الكفارة الكبيرة والصغيرة ، فهي في قتل النفس وفي في كفارة الظِّهار وفي كفارة الوطء في نهار رمضان ، وهي تُقابِل صيام شهرين مُتتابِعين .
كما جاءت في مُقابِل صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين .
وجاء الترغيب في العتق من غير سبب طلبا لمرضات الله ، كما جاء الترغيب في العتق تَقرّبا إلى الله
وجاء الأمر بالمكاتبة ، وتخليص الرقيق من رِقِّـهِ إذا رَغِبَ في ذلك ، فقال الله تبارك وتعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ)
ونحن نُطالب اليوم بمعاملة أسْرى الحرب مُعاملة الرقيق في الإسلام ! وقد رضينا بذلك !
سواء من كانوا في جوانتانامو أم كانوا في العراق !

لِـيُـعْـلَم أن الرق في الإسلام رحمـة وليس نِقْمَـة .
أما إلغاء بيع الرّقيق فهناك فَرْق بين أن يُنسب الفِعل إلى الإسلام وشرائعه ، وبين أن يَكون تصرّفا من بعض أتْبَاعِه ..
فإلغاء الرقيق أو أمْر الناس بِبيع الرقيق وإعْتاق مَن أسْلَم له وجْـه ، لأن الحث على عِتق الرقيق جاءت به نصوص كثيرة ، فلو جاء شخص واشترى كل رَقيق يَعْلَمه وأعْتَقَه لم يَكن في ذلك حرَج ، بل يكون مأجوراً مشكورا .
وقد يَكون تَرْك الاسْتِرْقاق مِن باب تَرك بعض الاختيار .. فلا يَكون فيه تحليل حرام ، ولا تحريم حلال ..
مع أن تصرّفات الأشخاص ليست هي الدِّين ، بل قد تكون مِن الدِّين وقد تكون مُنافية له ..
وأما الآية القرآنية التي اسْتَشْهَدتَ بها فهي : (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) .
أما تساؤلك عن المارِينـز .. وماذا لو قرّروا .. إلى آخره
فهذا سؤال لا يَرِد علينا نحن أهل الإسلام !
لماذا ؟
لأن الإسلام يَفتَح البلاد ولا يَحتلّها !
فما يَحصل في العراق أو في أفغانستان - أو في غيرها في الماضي ـ هو احتلال لِتلك البلاد إما للقضاء عليها وعلى أهلها ، أو لاستِغلال خيراتها ..
أما في الإسلام فالأمر على العكس مِن ذلك
لو أسْلَم أهل بَلَد لم يَكن الإسلام بِحَاجَة أصْلاً إلى سَلّ سَيف ولا إلى إشْهار سِلاح
بل يُقَرُّون على ذلك ، ولَهم مَا بأيديهم

ومن هذا الباب أن زكاة أهل البلد تُؤخَذ مِن أغنيائهم فَـتُرَدّ إلى فقرائهم ..
وما كان بأيدي أهل ذلك البلد من أموال أو أعْرَاض فهو لهم ..

فالإسلام يَحقِن الدماء ، ويعصِم الأموال ، ويحفظ الأنفس ..
ولذلك يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : أُمِرْتُ أن أُقَاتِل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فمن قالها فقد عَصَمَ مِنّي مَالَه ونَفْسَه إلاَّ بِحَقِّه ، وحِسَابُه على الله . رواه البخاري ومسلم .

أما قوله تعالى : ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ )البقرة:256
فأولاً : لم يَحدِث ـ كما قُلْتَ ـ سَبي بطريقة آلِية لِكُل النساء والأطفال ..
بل لم يحصل السَّبي إلاَّ في حَال الحرب ، وهذا - كما تقدّم ـ إنما هو خِيار اختاره أصحابه ، وقَرار اتَّخَذوه بأنفسهم ! وهو قَرار الحرب .
فَمَن اكْتَوَى بِنارِها فلا يَلُومَنّ إلاَّ نفسه !

ثانياً : مِن باب العدل والإنصاف أن تُذْكَر الجوانب المشرقة في هذا الباب :
فمعاملة الرقيق ( أو أسير الحرب ) لم تَكن في زمان أوْ في عُرْف كما كانت في الإسلام ، مما تقدّم بعضه من مزايا مُعاملة الرقيق في الإسلام .
ومن ذلك أيضا أن أرباب تلك الأموال ورَعايا تلك الأنفس ( من أطفال ونساء ) إذا جَاءوا مُسلِمين فإنّ دِيننا حَـثَّنا على ردّ ما اُخِذ منهم
وهذا ما حصل في غزوة الطائف التي وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
لما جاء وفدُ هوازنَ مُسْلِمين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَرُدّ إليهم أموالهم وسَبْيَهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحبُّ الحديث إليّ أصْدَقُـه ، فاخْتَارُوا إحْدى الطائفتين ؛ إمّا السّبي وإمّا المال ، وقد كنت اسْتَأنَيْتُ بهم ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انْتَظَرَهم بضع عشرة ليلة حين قَفل من الطائف ، فلما تّبَيّن لهم أن رسول الله غيرَ رادّ إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا : فإنا نختار سَبْيَنَا ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال : أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء قد جاؤونا تائبين ، وإني قد رأيت أن أردَّ إليهم سَبْيَهم فمن أحبَّ منكم أن يُطيِّبَ بذلك فليفعل ، ومن أحبَّ منكم أن يكون على حَظِّه حتى نُعْطيَه إياه من أول ما يَفيء الله علينا فليفعل . فقال الناس : قد طَـيّبْنا ذلك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لا نَدري من أذِن منكم في ذلك ممن لم يأذَن ، فارْجِعُوا حتى يَرفعَ إلينا عرفاؤكم أمرَكم ، فَرَجَع الناس فَكَلّمهم عرفاؤهم ، ثم رَجَعُـوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فـأخْبروه أنهم قد طَـيّبوا وأذِنُوا . رواه البخاري .

ثالثاً : معنى الآية التي أشرتَ إليها :
فالآية قد نَزَلَتْ في أهل الكتاب خاصة ، وأنهم لا يُكْرَهُون على الإسلام إذا أدّوا الجزية ، والذين يُكْرَهون أهل الأوثان ، فلا يُقبل منهم إلا الإسلام .
والحجّة لهذا القول ما رَواه زيد بن أسلم عن أبيه قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لعجوز نصرانية : أسْلِمي أيتها العجوز تَسْلَمِي ، إن الله بعث محمدًا بالحق قالت : أنا عجوز كبيرة والموت إليّ قريب ! فقال عمر : اللهم اشهد ، وتلا : (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) . كما قال القرطبي .

ومِن معنى الآية :
لا إكراه في الدِّين من ناحية إدخال الإيمان إلى القلوب ، لِمَا عُلِّل به الْحُكْم في قوله تعالى : (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)[البقرة:256] . أي إذا كان الحقّ بهذا الوضوح فلا يَحتاج الأمْر إلى إكراه ، كما أنه لا أحد يَستطيع أن يُكْرِه غيره فيُدْخِل الإيمان في قلبه .. لأن هذا الأمر ليس بِيَدِ أحَد مِن البشر .
وأما قوله تعالى : (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) فالْحُكْم للأغلب .
فالذي لم يُقاتِل هو مَن سالَم كبيرا كان أو صَغيرا
أمَّا مَن قاتَل رِجالهم فالنساء والأطفال تبَع لهم .
ومِن هذا المعنى ما جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن الذراري مِن المشركين ، يُبَيَّتُون فيُصِيبُون مِن نِسائهم وذَراريهم . فقال : هُم مِنهم .
فالنساء تبَع للرِّجال .. وإلاَّ فمن المعلوم أن الْمَرْأة لا تُقاتِل غَالبا
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَنْهى عن قَتْل النساء والأطفال لأنهم لا يُقاتِلون ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصَّتِه بتقوى الله ، ومن مَعه من المسلمين خيرا ، ثم قال : اغْزُوا باسم الله في سبيل الله ، قَاتِلُوا مَن كَفَرَ بالله ، اغْزُوا ولا تَغُلُّوا ، ولا تَغْدُرُوا ، ولا تُمَثِّـلُوا ، ولا تَقْتُلُوا وَليداً ، وإذا لَقِيتَ عَدوك من المشركين فادْعُهم إلى ثلاث خصال أو خلال ، فأيتهنّ ما أجابوك فاقْبَل منهم وكُفّ عنهم : ادْعُهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقْبَل منهم وكُفّ عنهم ، ثم ادْعُهم إلى التحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فَلَهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين ، فإن أبَوا أن يَتَحَوّلُوا منها فأخبرهم أنهم يكَونون كأعراب المسلمين يَجري عليهم حُكم الله الذي يَجري على المؤمنين ، ولا يَكون لهم في الغنيمة والفيء شيء ، إلا أن يُجَاهِدوا مع المسلمين ، فإن هُم أبَوا فَسَلْهُم الجزية ، فإن هُم أجابوك فاقْبَل منهم وكُفّ عنهم ، فإن هُم أبَوا فاسْتَعِن بالله وقاتِلهم . رواه مسلم .

ولذلك يُسْبَون لأن رجالهم اخْتَارُوا القِتال .. ولا يُقتَلُون لأنهم لم يُقاتِلوا ..

وإذا أردنا أن نقلِب الدعوى قلنا : ما ذَنْب أطفال أفغانستان والعراق بل وفلسطين ـ حينما يُقْتل ابن الخامسة أو السادسة ؟ أو الطفل في مَهْدِه ؟ أمَام سَمْع العالَم وبَصَرِه مِن غير نَكِير !
ثم إن الإحسان إلى غير المحارِبين لم يُـنْـهَ عنه في دِيننا ..
ولذلك أهْدَى عمر رضي الله عنه جُبّة إلى أخ له بمكة ، وكان مشرِكا . كما في الصحيحين ( البخاري ومسلم )
واستأذَنَتْ أسماء بنت أبي بكر أن تَصِلّ أمَّها ، فإذِن لها النبي صلى الله عليه وسلم . كما في الصحيحين ( البخاري ومسلم) .
وهذا كله داخل في الآية (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
ثم إن هذه الآية أعقبها قول رب العِزّة سبحانه وتعالى : (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) .
وأمَّا البِلاد الْمَفْتُوحَة أو التي أسْلَمَت أو أُعْطِيت الأمَان فلا يُمكن أن تُسْـبَى نِساؤهم .. ولم يَكن ذلك في الإسلام أبَدا .

ولذلك لم يَكن في مَكة سَبْي ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعْطاهم الأمان ، فقال : مَن دَخَل دار أبي سفيان فهو آمِن ، ومَن ألْقَى السلاح فهو آمِن ، ومَن أغْلَق بَابَه فهو آمِن . رواه مسلم .

وهذا يُؤكِّد على أن الإسلام ليس مُتطلِّعًا إلى السَّبايا ولا إلى أخْذ أموال الناس .. فَرَسُولُنا صلى الله عليه وسلم ردّ على أهل الطائف نِساءهم ـ كما تقدّم ـ وأمَّـن أهل مكة بِمُجَرَّد إغلاق الأبواب وتَرْك الْمُحَارَبَة .

كما أن مكة ليست كغيرها فهي بلد مُحرَّم لا يُقتَل صيده ، ولا يُقطَع شجره .. وذلك من زمان إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام .. فجاء الإسلام فَـزَاد ذلك تَوثِيقًا وتَقْدِيسًا .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام يوم الْحَدَيبِيَة : والذي نفسي بيده لا يسألونني خُطة يُعَظِّمُون فيها حُرُمَات الله إلاَّ أعطيتهم إياها . رواه البخاري .
وبعد فتح مكة صارتْ بلد إسلام يُهاجَر إليها ولا يُهاجَر منها ، ولم تُصبَح بعد ذلك بلد كُفْر ولن تُصبِح كذلك ..
فلا يَرِد السؤال : ( لماذا لم نسمع عن سبي القرشيات المشركات مثلا و استرقاق غلمانهم ؟)

فالجواب ما تَقَدَّم :
مِن أنَّ أهل مكة أُعْطُوا الأمان ..
ولأنَّ مكة تختلف عن غيرها من البلاد .

وأما ما يُثار عن التعدد في الإسلام فليس فيه ما يُعاب به الإسلام ، بل هو مَحَلّ مَدْح !
كيف ؟
عندما جاء الإسلام كان الرَّجُل يتزوّج بما شاء من النساء ..
بل كان ذلك قبل الإسلام ففي سِفْر التكوين الإصحاح 4 : 19 تَزَوّج من امرأتين . ما زال المبشِّرُون النصارى يَتغاضون عن تعدد الزوجات في إفريقية وغيرها .
وفي سِفر الملوك الأول الإصحاح 11 : 3
700 زوجة و 300 سُرّية لسليمان عليه السلام
يقول الدكتور مصطفى السباعي : حين كنت في " دبلن " زرت مؤسسة الآباء اليَسُوعيين فيها ، وجَرَى حديث طويل بيني وبين الأب المدير لها ، وكان مما قلته له :
لماذا تَحْمِلُون على الإسلام ونَبِـيِّه ، وبخاصة في كُتبكم المدرسية بما لا يَصِحّ أن يُقال في مثل هذا العصر الذي تَعَارَفَتْ فيه الشعوب ، والْتَقَتْ فيه الثقافات ؟
فأجابني : نحن الغربيين لا نستطيع أن نَحْتَرِم رجلا تزوّج تِسْع نساء !
قلت له : هل تَحْتَرِمُون نبي الله داود ، ونبيّه سليمان ؟
قال : نعم ، وهما عندنا من أنبياء التوراة .
قلت : إن نبي الله داود كان له تسع وتسعون زوجة كما هو معلوم ، ونبي الله سليمان كانت له ـ كما جاء في التوراة ـ سبعمائة زوجة من الحرائر ! وثلاثمائة من الجواري ، وكُنّ أجمل أهل زمانهن فلِمَ يَسْتَحِقّ احترامكم من يتزوّج ألف امرأة ، ولا يَسْتَحِقّ مَن يتزوّج تِسعـاً ؟!
لماذا لا يستحق احترامكم من تزوّج تسعـاً ، ثمانية منهن ثيبات وأمهات ، والتاسعة هي الفتاة البكر الوحيدة التي تزوجها طيلة عمره ؟
فَسَكَت قليلاً وقال : لقد أخطأت التعبير ، أنا أقصد أننا نحن الغربيين لا نَستسيغ الزواج بأكثر من امرأة ، ويبدو لنا أن من يُعَدِّد الزوجات غريب الأطوار ، أو عارِم الشهوة !
قلتُ : فما تقولون في داود وسليمان وبقية أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا جميعاً مُعَدِّدِين للزوجات بدءًا من إبراهيم عليه السلام ؟
فَسَكَت ولم يَجِد جوابـاً !

فالإسلام لم يأتِ بالـتَّعَدُّد ابتداءً ، وإنَّمَا حَدّدَه وضَبَطه وقيَّدَه .
ومبدأ الـتَّعَدُّد تتفّق عليه أُمَم الأرْض قَديما وحَديثا ..
وهو في مصالِح الشعوب ..
وهذا سبق أن بَسَطْتُه في مقال بعنوان :
قضية تعدد الزوجات بأعين الأمم المعاصرة
وهو هنا :
http://saaid.net/Doat/assuhaim/39.htm

أما التّسَرِّي وبيع وشراء الإماء فهو مُختَلِف تماما عن الزواج ، فالزواج له أحكامه الخاصة به ، والتسَرِّي له أحكامه الخاصة به أيضا .
أما نِكَاح الْمُتْعَة فهي بمثابة تأجير قصير ! تَعمل به بعض الطوائف المنتسِبة إلى الإسلام !
ثم إن العمل بِموجب هذا لم يَكن في الإسلام فحسب ، بل هو في الشرائع السابقة .
كما أن التشريع الرباني قد تُعلَم حِكمته وقد لا تُعلَم ، وربّ العِزّة سبحانه وتعالى (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) .

وهنا :
الرد على القائل بحرمة اتخاذ الأرقاء وجواز سفر المرأة بلا محرم وغنائها وتمثيلها وخلع حجابها
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=2138

هل مُلْك اليمين باقٍ وما أحكام المملوكين ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=12567

ووفقك الله لما يُحب ويَرضى

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يُقال : لماذا يُمنع الاختلاط في المعارض الجامعية ويُسمح به في الأسواق ؟ نسمات الفجر قسـم الفتـاوى العامـة 0 02-03-2016 10:34 AM
حكم التبضع من فروع الأسواق الممتازة التي لا تبيع الخمر ؟ نسمات الفجر قسـم الفتـاوى العامـة 0 25-11-2014 11:06 PM
هل الإسلام دِين حق ؟ وهل يوجد جنة ونار ؟ ولماذا يُقيِّد الإسلام حُريات الناس ... ؟ راجية العفو قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 19-11-2012 10:07 PM
قرض وبيع *المتفائله* إرشـاد المعامـلات 0 09-03-2010 12:33 PM
لقاء منتدى (لكِ) حول التبرج وفتن الأسواق أم سيف قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 1 03-03-2010 09:12 AM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 07:39 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى