ما صِحة قصة الفقير اليهودي الذي كان يسب الرسول وكان الرسول يطعمه حتى مات ؟
بتاريخ : 11-06-2015 الساعة : 06:46 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احسن الله اليكم شيخنا الفاضل
ماصحة هذه القصة؟
في سوق المدينة كان هناك فقير يهودي أعمى، و كان ينذر كل من مر بقربه و يقول لهم أن محمداً كذاب و ساحر و يسبه و يشتمه. و مع هذا كان الرسول صلى الله عليه و سلم يذهب كل صباح و يطعم هذا الرجل الفقير دون أن يتكلم بشيء أو يخبره من هو. ظل يطعمه كل يوم حتى توفي الرسول صلى الله عليه و سلم، ثم إنقطع الأكل عن هذا الرجل. و في يوم من الأيام، سأل أبو بكر عائشة إذا ما كان هناك أي سنة من سنن الرسول التي لم يفعلها أبا بكر بعد، فقالت انك تتبع السنة في كل شيء إلا شيء واحد، و أخبرته ما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم كل صباح و يطعم اليهودي الأعمى. فأخذ أبا بكر طعام و ذهب يطعمه، لكن اليهودي عرف أنه ليس من كان يطعمه سابقا, فسأله من هو فأخبره أن الذي يطعمه كان الرسول صلى الله عليه وسلم ، فبكى اليهودي و ندم على اساءته للرسول صلى الله عليه وسلم مع أنه هو الذي كان يطعمه، و بكى أبو بكر، و ثم أسلم اليهودي!
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأحسن الله إليك .
القصة باطلة ، وعليها آثار التركيب والصَّنْعَة !
وبُطلانها من أربعة أوْجه :
الوجه الأول : لو كانت القصة تُحْكَى على أنها في مكة لأمْكَن النَّظر فيها ؛ لأنه زمن استضعاف للمسلمين ، أما في المدينة ، فكان زَمن القوّة ، وكانت الدولة للإسلام ، فَبعيد كل البعد أن يكون هذا في زمن القوة والتمكين للإسلام ، مع ما كان فيه اليهود آنذاك مِن ذِلّة واستضعاف !
الوجه الثاني : كيف يُتْرَك يهودي يسبّ النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات النبي عليه الصلاة والسلام ؟ ثم يُزعَم أنه أتاه أبو بكر رضي الله عنه ، ليُحسن إليه ؟!
وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم يَغضبون لأجل كلمة تُقال في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف يُظنّ بهم السكوت عن يهوديّ يَقَع في النبي صلى الله عليه وسلم ويَصِفه بِما ذَكِر ؟!
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : بينما يهودي يَعْرِض سلعته أُعْطِي بها شيئا كَرِهه ، فقال : لا والذي اصطفى موسى على البشر ! فَسَمِعه رجل مِن الأنصار فقام فَلَطَم وَجْهه ، وقال : تقول والذي اصطفى موسى على البَشَر ، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ؟!
الوجه الثالث : أنه لو افترضنا وجوده ، فإن اليهود كانوا أهل عهد ثم غدَرُوا ، وأهل العهد وأهل الذمّة إذا سَبّوا النبي صلى الله عليه وسلم انتقض عهدهم ، وجاز قَتلهم .
لأن سابّ النبي صلى الله عليه وسلم يُقْتَل ولو كان مُسلِما ، وذلك بإجماع المسلمين ، كما حكاه ابن المنذر والقاضي عياض والقرطبي في تفسيره وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن حجر رحمهم الله جميعا ، فكيف لو كان يهودي ؟!
قال ابن قدامة : وقَذْف النبي صلى الله عليه وسلم وقَذْف أُمِّه رِدّة عن الإسلام وخروج عن الملة ، وكذلك سَبّه بِغير القَذْف إلاّ أنّ سَبّه بغير القذف يَسْقط بالإسلام ؛ لأن سبّ الله تعالى يَسْقط بالإسلام ، فَسَبّ النبي صلى الله عليه و سلم أوْلَى . اهـ .
الوجه الرابع : لم يَبْق يهود في المدينة حتى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، بل منهم مَن قُتِل ، كَبَنِي قريظة ، فإنهم قُتِلوا بسبب غدرهم وخيانتهم ، ولم يُترَك منهم إلاّ النساء ومَن لم يَبلُغ الْحُلم .
ومنهم من أُجْلِي ورُحِّل عن المدينة ، كَبَنِي قينقاع ، وبَنِي النضير الذين هَمُّوا بِقَتل النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنهم أُجْلُوا إلى الشام .
وكل هذا تمّ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن القيم : وَحَكم في اليهود بعدة قضايا ؛ فعاهدهم أول مقدمه المدينة ، ثم حارِبه بنو قينقاع فظَفِر بهم ومَنّ عليهم ، ثم حاربه بنو النضير فظَفِر بهم وأجلاهم ، ثم حاربه بنو قريظة فظفِر بهم وقَتلهم ، ثم حاربه أهل خيبر فظفِر بهم وأقرّهم في أرض خيبر ما شاء سوى مَن قَتَل منهم . وَلَمّا حَكَم سعد بن معاذ في بني قريظة بأن تُقْتَل مُقَاتِلتهم وتُسْبَى ذراريهم وتُغنم أموالهم أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا حكم الله عزّ وَجَل مِن فوق سبع سموات . وتضمن هذا الحكم أن ناقضي العهد يَسْرِي نقضهم إلى نسائهم وذريتهم إذا كان نقضهم بالْحَرَب ، ويعودون أهل حَرْب ، وهذا عين حكم الله عز وجل . اهـ .
وأمثال هذه القصص المكذوبة يُروِّج لها دُعاة ما يُسمّى بالتعايش ! وهو في حقيقته الانبطاح أمام أهل الكتاب !
ما صِحة قصة الفقير اليهودي الذي كان يسب الرسول وكان الرسول يطعمه حتى مات ؟
العرض العادي
