|
|
المنتدى :
قسـم السنـة النبويـة
كيف نطبق حديث "يا عائشة إن مِن شر الناس مَن تَركه الناس، أو وَدَعَه الناس، اتقاء فحشه" ؟
بتاريخ : 19-12-2014 الساعة : 02:11 AM
فضيلة الشيخ عبد الرحمن
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قرأت حديث صحيح عن الرسول صلى الله عليه و سلّم
عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا عنده ، فقال : بئس ابن العشيرة أو أخو العشيرة . ثم أذن له ، فألان له القول ، فلما خرج ، قلت : يا رسول الله قلتَ له ما قلت ، ثم ألنتَ له ؟ فقال : ( يا عائشة إن من شر الناس منزلةً يوم القيامة من تركه الناس ، أو ودعه الناس ، اتقاء فحشه )
فضيلة الشيخ إلى أي مدى يمكن أن نطبق هذا الحديث في حياتنا ؟؟
أحياناً يقع في قلبي شيء على أحدٍ من الناس ، و لكني لا أبيّن هذا الأمر له و لكن الآخرين يعرفون أنني لا يعجبني فلان أو فلانة من الناس
بسبب خُلق ذميم يحملونه أو بسبب سوء تصرف صادر منهم .
و مع ذلك ألين بالكلام معهم و ذلك لأكسب قلوبهم ، و في كثير من الأحيان حتى لا أجرحهم .
فهل يُعتبر هذا من النفاق ؟؟
مع العلم أني لا أرجو منهم شيئاً و لا تنفعني مصلحة من ورائهم .
و جزاكم الله خيراً .

الجواب :
أولاً : الحديث مُخرّج في الصحيحين .
ثانياً : ليس كل من حَمَل خُلُقاً سيئاً ، ولا كل من أساء في تصرّف يُمكن أن يُطَبَّق عليه هذا الحديث .
إذ قد جاء في رواية للبخاري : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة متى عهدتني فَحَّاشاً ؟ إن شر الناس عند الله مَنْزِلة يوم القيامة من تركه الناس اتِّـقاء شَرِّه .
فهذا يُوضِّح المقصود ، وأنه الإنسان الفاحش الذي يُتَّقَى شَـرّه ، ويُخاف من فُحشِه .
أما من أساء التصرّف أو اتّصف ببعض الأخلاق الذميمة ؛ فهذا لا يُوصَف بالفُحْش ، إذ الفحش يوصَف به من اتّصف به بِكثْرَه .
إذ لو كل من كان لديه صفة مذمومة اعتبَرناه فاحِشاً لما سَلِم أحد من هذا الوصف !
ومَن ما ساء قَطّ ؟ ومن له الحسنى فقط ؟
ثالثاً : قد يحتاج الإنسان إلى مداراة بعض الناس ، أو أنه لا يُحبّهم ومع ذلك يبتسم في وجوههم ، وليس هذا من النِّفاق .
قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه : إنا لَنَكْشِر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم . رواه أبو نُعيم في الحلية والبيهقي في شُعب الإيمان ، وعلّقه البخاري ، وبوّب عليه : باب المداراة مع الناس . ويُذْكَر عن أبى الدرداء : إنا لَنَكْشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم .
قال ابن الأثير : الكَشْر : ظُهور الأَسنان للضَّحك . وكاشَرَه : إذا ضَحِك فِي وَجْهه وباسَطه .
قال العيني : قوله : " لنكشر " بسكون الكاف وكسر الشين المعجمة ، من الكشر وهو ظهور الأسنان ، وأكثر ما يطلق عند الضحك ، والاسم الكِشرة كالعشرة . وفي "التوضيح" الكشر ظهور الأسنان عند الضحك ، وكاشره إذا ضحك في وجهه وانبسط إليه . اهـ .
قال ابن بطّال في شرح حديث عائشة : المدارة من أخلاق المؤمنين ، وهي خفض الجناح للناس، ولِين الكلمة ، وترك الإغلاظ لهم في القول ، وذلك مِن أقوى أسباب الألفة وسَلّ السخيمة . اهـ .
وقال النووي في شرح حديث عائشة : وفي هذا الحديث مداراة مَن يُتَّقَى فُحشه ، وجواز غيبة الفاسق المعلِن فسقه ، ومَن يَحتاج الناس إلى التحذير منه . اهـ .
وسبقت الإشارة إلى الفرق بين المداراة والمداهنة في هذا المقال :
مُداهنة أم مُداراة
http://saaid.net/Doat/assuhaim/176.htm
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
|
|
|
|
|