حكم استخراج ما شجر بين الأعلام النبلاء والمشايخ الفضلاء ؟
بتاريخ : 24-05-2016 الساعة : 05:50 PM
السلام عليكم شيخنا الكريم! وفقكم الله!
بعض الناس يستخرجون من الأرشيفات ما شجر بين الأعلام النبلاء الفضلاء و ما كان بينهم من كلام شديد! كما وقع بين الألباني و التويجري أو حماد الأنصاري أو عبد الله بن حميد !
أو كما بين السخاوي و السيوطي و كما بين مالك بن أنس أو محمد بن إسماعيل و قيسوا على ذلك!
و بعضهم يجعلون هذا مسلكا في الطعن و الانتقاص من الحقوق
ما نصىحتكم ؟ جزاكم الله خيرا!
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
استخراج مثل ذلك ونَشره يُوغِر الصدور ، ولا فائدة منه في كثير من الأحيان .
ومما تقررّ عند العلماء : أن كلام الأقران يُطْوَى ولا يُرْوَى .
قال الإمام الذهبي : وقد عُلِم أن كثيرا مِن كلام الأقران بعضهم في بعض مُهدَر ، لا عِبرة به .
وقال رحمه الله : كلام الأقران إذا تَبَرْهَن لنا أنه بِهوى وعَصَبيّة ، لا يُلتَفَت إليه ، بل يُطوى ولا يُروى ، كما تقرر عن الكفّ عن كثير مما شَجَر بين الصحابة ، وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين ، وما زال يَمرّ بنا ذلك في الدواوين ، والكتب ، والأجزاء ، ولكن أكثر ذلك منقطع ، وضعيف ، وبعضه كَذِب ، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا ، فينبغي طَيّه وإخفاؤه ، بل إعدامه ، لِتصفو القلوب ، وتتوفر على حُبّ الصحابة ، والترضّي عنهم ، وكتمان ذلك مُتعيّن عن العامة وآحاد العلماء ، وقد يُرخّص في مطالعة ذلك خَلوة للعالِم المنصِف العَرِيّ مِن الهوى ، بشرط أن يَستغفر لهم ، كما عَلَّمنا الله تعالى .
وقال أيضا : كلام الأقران بعضهم في بعض يُحتمل ، وطَيّه أولى مِن بَـثِّه .
وقال : وقد عُرف وَهن كلام الأقران المتنافسين بعضهم في بعض .
وقال في " ميزان الاعتدال " : كلام الأقران بعضهم في بعض لا يُعبأ به ، لا سيما إذا لاحَ لك أنه لِعداوة أو لِمَذهب أو لِحَسد ، ما ينجو منه إلاّ مَن عصم الله ، وما عَلِمت أن عصرا مِن الأعصار سَلِم أهله مِن ذلك ، سِوى الأنبياء والصديقين ، ولو شئت لَسَرَدت مِن ذلك كراريس ، اللهم فلا تَجعل في قلوبنا غِلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم . اهـ .
ومِن توقير العلماء وتبجيلهم : أن لا تُذكر مَساوئهم ، ولا يُنشر ما وَقع بينهم ؛ لأن ذلك أدعى لبقاء احترام ورثة الأنبياء في نفوس عامة الناس ؛ ولأن العلماء هم الذين يُبلِّغون عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإذا أُسقِطوا ذَهبت هيبتهم ، وبِذهاب هيبتهم تذهب هيبة العِلْم مِن صدور الناس .
قال سهل بن عبد الله رحمه الله : لا يزال الناس بِخير ما عَظّموا السلطان والعلماء ، فإذا عَظّموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم ، وإذا استَخَفّوا بِهَذَين أفسد دنياهم وأخراهم .