الجواب/
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .
أولاً : يجب أن يُعلَم أن الله حَكَم عَدْل ، لا يَظلِم الناس شيئا ، ولكن الناس أنفسهم يظلمون .
وأن الله يُحِبّ العُذر ، وقد أخذ على بني آدم الميثاق ، وأشهدهم على أنه ربهم ، كما قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) .
ومع ذلك فإن الله يُرسل الرُّسُل ، لإقامة الحجة ، ويُرسل القوارع والـنُّذُر والآيات البيِّنَات ، كل ذلك مِن أجل الإعذار ، وإقامة الحجة .
وبهذا تكون قامت الحجة على الخلائق .
ومن لم تقُم عليه الحجة ، ومات ولم تبلغه رسالة الإسلام ، فإنه يُمتحَن في يوم القيامة .
وسبق :
لا يسمع ولا يرى . هل يُحاسب ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4529
ويجب أن يُعلَم أن الله لا يُسأل عما يفعل ؛ لأنه أحكم الحاكمين .
وأن أفعال الله لها عَدْل وحِكمة .
وعلينا أن نتّهم عقولنا ، قبل أن نتساءل مثل هذه الأسئلة .
ثانيا : الأطفال الذين يموتون قبل البلوغ مصيرهم مصير آبائهم .
واخْتَلَف العلماء في مصير أطفال الكفّار .
في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أولاد المشركين فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين .
والاشتغال بهذا مِن فضول العِلْم الذي لا يضرّ الجهل به .
وذلك لأن مصيرهم وحسابهم على ربِّهم ، وليس علينا !
وسبق :
ما مصير أطفال المسلمين وأطفال الكفار ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3428
ثالثا : دِين الإسلام هو الدِّين الحق .
ولسنا نحن الذي جعلنا دِيننا هو الدين لحق ، ولكن الله تبارك وتعالى هو الذي حَكَم بذلك ؛ لأن الدِّين مِن عنده تعالى .
قال تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
وذلك أن هذا الدِّين هو خاتم الأديان ، والقرآن هو الكتاب المهيمن على الكُتب السابقة ، وقد نسَخَها ، كما قال عَزّ وَجلّ : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ) .
رابعا : قد أعطَى الله تعالى البشر العقول الْمُميِّزَة ، وجَعَل العقل مناط ومُتعلَّق التكليف .
ولو شاء الله لَهَدى الناس جميعا ، ولكن الله يبتلي عباده ويختبرهم في دار الابتلاء والامتحان .
والإنسان له عقل وتمييز ، يعرف النافع من الضار ، ويُميِّز الخبيث من الطيب ، ولذلك كُلِّف بِما يُطيق . ويُحاسَب بناء على ذلك .
ولولا ذلك لكان الإنسان مسلوب الإرادة ، مسلوب التفكير ، لا يُنسَب غليه فِعْل ، ولا يُحاسب على شيء !
وسبق :
هل كُلّ هؤلاء غير المسلمين سيخلدون في النار ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3434
و
كيف أميز أن هذا بيدي وخطـأي وبين ما كتبه الله عليَّ وقدره
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4530
خامسا : أبواب النار تُغلَق في شهر رمضان ، وليس معنى ذلك أنه لا أحد يدخلها ! لأن من مات على كُفره فهو في النار .
وإنما تُغلَق أبواب النار في هذا الشهر لِكثرة الخير ، والإعانة عليه .
وموت الكافر في شهر رمضان لا يُعتقه من النار ، وذلك لأن دُخوله النار يوم القيامة ، وإن كان في البرزخ يُعذّب في قبره ويأتيه من حرّها وعذابها .
سادسا : كِتابة الله مقادير الخلائق قبل خَلْق السماوات والأرض مبني على سابق علمه تبارك وتعالى ، فهو قد عَلِم منا يعمل كل إنسان ، فالمكتوب عليه بناء على سابق عِلْم الله تعالى .
وهذا المكتوب مخفيّ عن الإنسان ، ولذلك لا يجوز الاحتجاج بِما كُتِب عليه ؛ لأنه لم يطّلع على ما كُتِب عليه .
وقد تقرر عند أهل العِلْم : أن القَدَر يُحتَجّ به في المصائب ، ولا يُحتَجّ به في المعائب !
فلا يفعل الإنسان أمرًا مُحرّمًا ، ويحتجّ بالقَدَر .
ومع ذلك فإن باب التوبة مفتوح ، والله يدعو إلى دار السلام ، ليدخلها الناس بِسلام ..
ولكن الناس هم الذين يظلمون أنفسهم ، وهم الذين يعصون خالقهم ومولاهم .. وهو يدعوهم إلى النجاة .
وهنا :
يتساءل عن عدل الله تعالى وعن مصير الكفار ، وهل كل هؤلاء غير المسلمين سيُخلّدون في النار ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3434
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض