وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، ووفقك الله لكل خير .
يُتجنّب النقل عن أهل البِدَع ، فإن ما عندهم مِن العِلْم موجود عند غيرهم ، وربما يغترّ بعض الناس ببعض كلامهم ، وربما كان النقل عنهم سببا للدلالة عليهم وعلى مواقعهم .
وكان السلف يُحذِّرون مِن الاستماع إلى أهل البِدَع ، ومِن النقل عنهم .
قال مصعب بن سعد : لا تجالس مفتونا ، فإنه لن يخطئك إحدى اثنتين: إما أن يفتنك فتتبعه ، وإما أن يؤذيك قبل أن تفارقه .
قال رَجُل للحَسَن رحمه الله : يا أبا سعيد تعال حتى أخاصمك في الدِّين ، فقال له الحسن : أما أنا فقد أبصرت ديني ، فإن كنت قد أضللت دينك ، فالتمسه .
وقال الإمام الشافعي : كان مالك إذا جاءه بعض أهل الأهواء ، قال : أما إني على بَيِّنَةٍ مِن دِيني ، وأما أنت فَشَاكّ ! اذهب إلى شَاكّ مِثلك فَخَاصِمه !
وقال مَعْمَر : كان ابن طاوس جالسا ، فجاء رجل من المعتزلة ، فجعل يتكلم قال: فأدخل ابن طاوس إصبعيه في أذنيه قال : وقال لابنه : أي بني ، أدخل إصبعيك في أذنيك ، واشدد ، ولا تَسمع من كلامه شيئا ، قال معمر: يعني أن القلب ضعيف .
وحدّث مسلم بن خالد ، عن ابن خثيم: أن طاوسا كان جالسا هو وطلق بن حبيب ، فجاءهما رَجُل مِن أهل الأهواء ، فقال: أتأذن لي أن أجلس ، فقال له طاوس: إن جلست قُمنا ، فقال : يغفر الله لك أبا عبد الرحمن ، فقال : هو ذاك إن جَلَست - والله - قُمْنا ، فانصرف الرَّجل .
وقال عبد الرزاق : قال لي إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى: أرى المعتزلة عندكم كثيرا ، قلت : نعم ، وَهُم يَزعمون أنك منهم ، قال : أفلا تدخل معي هذا الحانوت حتى أكلمك ، قلت : لا قال : لِمَ ؟ قلت : لأن القلب ضعيف ، والدِّين ليس لمن غلب .
وقال ميمون بن مهران : ثلاث لا تبلون نفسك بهن : لا تدخل على السلطان ، وإن قلت آمره بطاعة الله ، ولا تصغينّ بسمعك إلى هوى ، فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه ، ولا تدخل على امرأة ، ولو قلت أعلمها كتاب الله .
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : أصول السنة عندنا : التمسُّك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والاقتداء بهم ، وترك البدع ، وكل بدعة فهي ضلالة ، وترك الخصومات ، وترك الجلوس مع أصحاب الأهواء ، وترك المراء والجدال والخصومات في الدِّين .