|
|
المنتدى :
إرشــاد الـصــلاة
هل يكفر مَن يترك إحدى الصلوات سواء كان عامدا أم متكاسلا ؟
بتاريخ : 11-02-2010 الساعة : 07:32 PM
شخص محافظ على الصلوات الخمس مع جماعة المسلمين في المساجد ، ولكنه أحيانا يضعف ويترك صلاة واحدة أو صلاتين حتى يخرج وقتها ، يحصل منه ذلك عمدا أحيانا ، وأحيانا تكاسلا .
فما حكمه ؟ هل يكفر أم لا ؟ وإن كان يكفر بذلك ، هل نلزمه أن يغتسل غسل الداخل في الإسلام ، أم أن الغسل سنة لا واجب ؟
أفيدونا عاجلا ، وجزاكم الله خيرا .
الجواب :
وإياك
نسأل الله السلامة والعافية ، هذا يهدم ما يَبْنِيه في سنوات في لحظة واحدة . وترك الصلاة كُفر كما جاءت بذلك النصوص .
فالله سبحانه وتعالى جعل الصلاة حَدًّا فاصِلا بين الكُفر والإيمان ، فقال تبارك وتعالى : (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) .
وقال عليه الصلاة والسلام : بَيْن الرَّجل وبَيْن الشرك والكفر تَرك الصلاة . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تَركها فقد كَفَر . رواه الإمام أحمد وغيره .
فالنبي صلى الله عليه وسلّم عَبّر بالتّرْك ، وليس بالجُحود ، ومما يدلّ على أنه مُجرّد الترك وليس الجحود : أن تارِك أي رُكن مِن أركان الإسلام جُحودا كافِر ، فلا يكون لِتخصيص الصلاة بالتّرْك معنى .
وهذا جاء صريحا في حديث مِحْجَن بن أبي مِحْجَن وأنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأُذِّن بِالصلاة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فَصَلّى ، ثم رَجَع ، ومِحْجَن في مَجْلِسه لم يُصَلّ معه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما مَنَعَك أن تُصَلّي مع الناس ؟ ألَسْتَ بِرَجُل مُسْلِم ؟ فقال : بلى ، يا رسول الله ، ولكني قد صَلّيت في أهْلِي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا جِئت فَصَلّ مع الناس ، وإن كنتَ قد صَلّيت . رواه الإمام مالك وأحمد ، وصححه الألباني ، وحَسّنه الأرنؤوط .
قال ابن عبد البر : وفي هذا الحديث وُجُوه مِن الفِقه ، منها :
قوله صلى الله عليه وسلم لِلّذِي لم يُصَلّ معه : ألَسْتَ بِرَجُل مُسْلم " فَدَلّ على أن مَن لم يُصَلّ ليس بِمُسْلِم ، ومَن صَلى الصلاة مُواظِبًا عليها شُهِد له بالإسلام .
ومِنها : أن مَن أقَرّ بِعَمل الصلاة وإقامتها على ما يَجِب ، وُكِلَ إلى قوله ، وقُبِل منه ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قَبِل مِن مِحْجَن الدّيلِي قوله : " قد صَلّيتُ في بيتي " .
وأجْمَع المسلمون على أن جَاحِد فَرْض الصلاة كافِر يُقْتَل إن لم يَتُب مِن كُفْرِه ذلك .
واخْتَلَفُوا في الْمُقِرّ بها وبِفَرْضِها التّارِك عَمْدًا لِعَمَلِها ، وهو على القيام بها قادِر .
فَرُوي عن علي وابن عباس وجابر وأبي الدرداء : تَكْفِير تارِك الصلاة ، قالوا : مَن لم يُصَلّ فهو كَافِر .
وعن عمر بن الخطاب : لا حَظّ في الإسلام لمن تَرَك الصلاة .
وعن ابن مسعود : مَن لم يُصَلّ فلا دِين له .
وقال إبراهيم النخعي والْحَكَم بن عُتيبة وأيوب السختياني وعبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه : مَن تَرَك صلاة واحدة مُتَعَمّدا حتى يَخْرُج وَقْتها لِغير عُذْر وأَبَى مِن أدائها وقَضائها ، وقال : لا أُصِلّي ؛ فهو كَافِر ، ودَمه ومَاله حَلالان إن لم يَتُب ويُرَاجِع الصلاة ، ويُسْتَتَاب فإن تاب وإلاّ قُتِل ، ولا تَرِثه ورَثَته مِن المسلمين ، وحُكْم مَاله حُكْم مَال الْمُرْتَدّ إذا قُتِل على رِدّته .
وبهذا قال أبو داود الطيالسي وأبو خيثمة زهير بن حرب وأبو بكر بن أبي شيبة .
قال إسحاق : هو رَأي أهْل العِلْم مِن لَدُن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا .
قال إسحاق : ويُنْتَظَر تَارِك الصلاة إذا أَبَى مِن أدائها وقضائها في اسْتِتَابَته حتى يَخْرُج وَقْتها ، وخروج وَقت الظهر بِغُروب الشمس ، وخُرُوج وقت المغرب بِطُلوع الفَجْر .
قال إسحاق : وقد أجْمَع المسلمون أن مَن سَبّ الله عز وجل أو سَبّ رسوله صلى الله عليه وسلم أو دَفَع شيئا مما أنْزَل الله تعالى ، أو قَتَل نَبِيّا مِن أنبياء الله تعالى : أنه كَافِر بذلك ، وإن كان مُقِرّ بِكُلّ ما أنْزَل الله ؛ فَكَذَلك تَارِك الصلاة حتى يَخْرُج وَقْتها عامِدًا آبِيًا مِن قَضَائها وعَمَلها وإقَامَتها .
قال : ولقد أجْمَعُوا في الصلاة على شيء لم يُجْمِعُوا عليه في سائر الشرائع . اهـ .
وقال الخَطّابي : وقد اخْتَلَف الناس في حُكم تَارِك الصلاة ؛ فقال مالك والشافعي : يُقْتَل تَارِك الصلاة ، وقال مكحول : يُسْتَتَاب ، فإن تَاب وإلاّ قُتِل . وإليه ذهب حماد بن زيد ووكيع بن الجراح . اهـ .
وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يُشدّدون في ترك الصلاة ، ويَرَون تَرْك الصلاة كُفرا .
قال شقيق بن عبد الله البلخي - وهو من التابعين - : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يَرون شيئا من الأعمال تركه كُفر غير الصلاة . رواه الترمذي .
وروى الإمام مالك في الموطأ أن المِسْوَر بن مَخْرَمة دَخل على عمر بن الخطاب من الليلة التي طُعن فيها فأيقَظ عُمر لصلاة الصبح ، فقال عمر : نعم ! ولا حـظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة ، فصلى عمر وجرحه يثعب دما .
فما عُذرُ امرئ يتركَ الصلاة وهو أنشطُ ما يكون ؟ وعمرُ يُصلّي وجُرحه يثعبُ دما ، حتى إنه سُقيَ اللبنُ فخرج من جُرحه . وصحّ عن عمر رضي الله عنه أنه قال على المنبر : لا إسلام لمن لم يُصلِّ .
وكان ذلك بمرأى من الصحابة ولم يُنكروا عليه أو يُخالِفوه .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : مَن ترك الصلاة فلا دِين له .
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : لا إيمان لِمَن لا صلاة له ، ولا صلاة لِمَن لا وضوء له .
وتتابَع على ذلك السَّلَف :
قال أيوب السختياني : تركُ الصلاةِ كفرٌ لا يُختلف فيه .
وقال سفيان بن عيينة : المرجئة سمَّـوا ترك الفرائض ذنبا بمنـزلة ركوب المحارم وليس سواء لأن ركوب المحارم متعمدا من غير استحلال معصية ، وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر هو كفر
قال ابنرَجب : وقد اسْتَدلّ الإمام أحمد وغيره على كُفر تارك الصلاة بكفر إبليس بترك السجود لآدم ، وترك السجود لله أعظم . اهـ .
فمن ترك الصلاة فبِه شَبَهٌ من إبليس لأنه ترك السجود لله والخضوع له والانقياد لأمْرِه .
وقال إسماعيل بن سعيد : سألت أحمد بن حنبل عن مَن ترك الصلاة متعمدا ، فقال : لا يكفر أحدٌ بذنب إلاّ تارك الصلاة عمدا ، فإن تَرَكَ صلاةً إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى يُستتاب ثلاثا .
وقال أبو أيوب سليمان بن داود الهاشمى : يُستتاب إذا تركها متعمدا حتى يذهب وقتها ، فإن تاب وإلا قُتل ، وبه قال أبو خيثمة .
وقال وكيع بن الجراح عن أبيه في الرجل يحضره وقت صلاة فيُقال له : صَلِّ ، فلا يُصلى . قال : يؤمر بالصلاة ويُستتاب ثلاث صلوات ، فإن صلى وإلا قُتل .
وقال محمد بن نصر المروزي : سمعت إسحاق يقول : قد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر ، وكذلك كان رأى أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمدا مِن غير عذر حتى يذهب وقتُها كافر .
وقال شيخنا العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
مَن يتعمّد ضبط الساعة إلى ما بعد طلوع الشمس حتى لا يصلي فريضة الفجر في وقتها ، فهذا قد تعمد تركها في وقتها ، وهو كافر بهذا عند جَمْع كثير مِن أهل العلم كفرا أكبر- نسأل الله العافية- لتعمده ترك الصلاة في الوقت ، وهكذا إذا تعمد تأخير الصلاة إلى قرب الظهر ثم صلاها عند الظهر ، أي : صلاة الفجر . اهـ .
وعلى من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها من غير عُذر أن يتوب إلى الله وأن يُراجِع دِينه ، وليس عليه أن يغتسل .
وأما الاحتجاج بأن (كثيرا مِن المنتسبين إلى الإسلام يتركون الصلاة ، فلو قُلنا بِكُفر تارك الصلاة كَسَلا وتهاونا ، لَكفّرنا كثيرا مِن المسلمين) ؛ فهو قول باطِل ؛ لأن الْحُكم لا يُبنى على واقِع الناس ! ولا تُخضَع النصوص لِواقِع الناس ، بل يُخضَع واقِع الناس للنصوص ، ويُحاكم حال الناس إلى النصوص ، وليس العكس .
وإذا كان مَن يُصلّي رياء لا تَنفَعه صلاته ، فكيف بِمن لا يُصلّي ؟!
وما يدلّ على خُلود تارك الصلاة في النار : ما جاء في إخراج الْمُوحّدين مِن النار ، وأن شفعاءهم يَعرِفونهم بِمَواضِع السجود ، وفي الحديث : حتى إذا أراد الله رَحمة مَن أراد مِن أهل النار أمَرَ الله الملائكة أن يُخْرِجوا مَن كان يعبد الله ، فيُخْرِجونهم ، ويَعْرِفُونهم بآثار السجود ، وحَرّم الله على النار أن تأكل أثَر السجود ، فيُخْرَجون مِن النار ، فَكُلّ ابن آدم تأكله النار إلاّ أثر السجود ، فيُخْرَجُون مِن النار . رواه البخاري ومسلم .
وأما الغُسل والنطق بالشهادتين ؛ فلا يجب عليه ؛ لأن العلماء يَنُصّون على أن مَن كَان كُفره بِترك شيء أنه يفعل ما كان يتركه ؛ فَمَن كَفَر بِترك الصلاة ، فإسلامه بأداء الصلاة امتثالا لأمر الله .
وهنا :
هل هناك فرق بين تارك الصلاة مطلقا ومَن يتركها أحيانا ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=508
هل يجوز البقاء مع زوج لا يصلي كسلا لا انكار ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8588
وخطبة جمعة بعنوان : (الصلاة وفوائدها)
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12160
والله أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
|
|
|
|
|