والجواب :
أنّ الله أبَاح زَواج الكِتابية رغبة في إسلامها ، ولِمَا في ذلك مِن تكثير سواد المسلمين ، وتقليل سَواد الكُفَّار .
ولو كان اليهودي أو النصراني مُؤمِنا - كَما فهمته أنت - ولم يَكن مُشْرِكا لأذِن الله للنصراني أن يَتزَوَّج المسلمة !
ومع ذلك فإن آية البقرة في مَنْع نِكاح المشرِكات عموما كان سابِق على آية المائدة التي أباحَتْ نِكاح الكِتابيات إذا كُنّ مُحصَنات ، أي : غير معروفات بالزِّنا والفُجُور .
ولو لَم يَنْزِل إلا آية البقرة لَكان يَدخُل في وَصْف ( الْمُشْرِكين والْمُشْرِكات ) كل من لَم يَكن على دِين محمد صلى الله عليه وسلم ، إلاَّ أن آية المائدة لَمَّا نَزَلَتْ أباحَتْ الكِتابيات ، وهذا مما يُسميه العلماء من العام الْمَخْصُوص .
فآية البقرة : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَة وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِك وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) .
وهذا الوصْف لفظ عام يَدْخُل فيه اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين .
ولذا كان ابن عمر إذا سُئل عن نِكَاح النَّصْرانِيَّة واليهودية قال : إن الله حَرّم الْمُشْرِكات على المؤمنين ، ولا أعْلَم مِن الإشْراك شيئا أكْبر مِن أن تَقول الْمَرْأة : رَبها عيسى . وهو عَبْدٌ مِن عِباد الله . رواه البخاري .
ثم جاء اللفظ الخاص في آية المائدة ، في قوله تعالى : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) .
وأنصحك بالرجوع إلى كلام أهل العِلْم ، وأن لا تعتدّ برأيك كثيرا !
لأني أراك تعتدّ برأيك في مسألة اعتقادية خطيرة ، بل وفي تفسير القرآن ، دُون بَيِّـنَـة مِن كلام أهل العِلْم .
ذلك أن القرآن والسنة لهما فَهْم ، فإما أن تأتي بِفَهْم السلف من الصحابة والتابعين ، ومن كانوا في القرون الْمُفضَّلة ، وإما أن تأتي بأفهام متأخِّرة ، أو بِفهمك .
قال سهل بن حنيف رضي الله عنه : اتهموا رأيكم ، فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي صلى الله عليه وسلم لَرَدَدْته . رواه البخاري ومسلم .
وأسأل الله أن يُرينا الحق حقا ويرزقنا اتِّبَاعه ، وان يُرينا الباطل باطلا ويوفّقنا لاجتنابه .
واعلم أن الرجوع للحق خير مِن التمادي في الباطل .
وهنا :
الرد على من ينادي بتقارب الأديان ووحدتها
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=4334
المجيب فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم