السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
فضيلة الشيخ عبد الرحمن حفظكم الله ورعاكم
ليتكم توضحوا لنا حكم من عمل الحجامة وهو صائم وجزاكم الله خيرا
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وحفظك الله ورعاك .
مسألة الحجامة للصائم محلّ خلاف
هل الحجامة تُفسد الصوم أو لا ؟
أما الحاجِم ، أي الذي يفعل الحجامة فهو مظـنَّـة أن يذهب الدم إلى جوفه ، فيفسد صومه .
وأما المحجوم فالذي يظهر أنَّ مَن كانت الحجامة تُضْعِفه بحيث يحتاج إلى الإفطار يَصدق عليه حديث : أفطر الحاجم والمحجوم .
ومن لم تُضْعِفه فإنه يُحْمَل عليه فِعْله عليه الصلاة والسلام .
وحديث احتجامه صلى الله عليه وسلم وهو صائم : رواه البخاري ومسلم مِن حديث ابن عباس رضي الله عنهما .
وهو أصح مِن حديث : " أفطر الحاجم والمحجوم " ، فإن أسانيد هذا حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " لا تَخلُو مِن مَقال .
وعلى القول بتصحيح الحديث ، فإنه محمول على مَن تُضْعِفه الحجامة كما تقدّم .
وقد روى البخاري من طريق ثابت البُناني أنه سأل أنس بن مالك رضي الله عنه : أكنتم تكرهون الحجامة للصائم ؟ قال : لا ، إلاَّ مِن أجل الضعف .
والجمع بين الحديثين أن يُقال :
إن قوله صلى الله عليه وسلم : أفطر الحاجم و المحجوم . يدلّ على منع الحجامة للصائم .
وفعله عليه الصلاة والسلام يدلّ على جواز الحجامة لمن لا تُضعفه .
ويدلّ على ذلك ترخيصه صلى الله عليه وسلم للصائم بالحجامة ، والرخصة إنما تكون بعد المنع .
روى الدراقطني من طريق ثَابِت الْبُنَانِيِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك رضي الله عنه قَالَ : أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِب احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ ، فَمَرَّ بِهِ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : أَفْطَرَ هَذَانِ . ثُمَّ رَخَّصَ النبي صلى الله عليه وسلم بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ . وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ . قال : كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ ، وَلاَ أَعْلَمُ لَهُ عِلَّة .
قال الإمام مالك : لا تُكْرَه الحجامة للصائم إلاَّ خَشْية مِن أن يَضعف ، ولولا ذلك لم تُكره ، ولو أن رجلاً احتجم في رمضان ثم سَلِم مِن أن يُفْطِر ، لم أرَ عليه شيئا ، ولم آمره بالقضاء لذلك اليوم الذي احتجم فيه ؛ لأن الحجامة إنما تُكره للصائم لِمَوضِع التغرير بالصيام ، فمن احتجم وسَلِم مِن أن يُفطر حتى يمسي فلا أرى عليه شيئا ، وليس عليه قضاء ذلك اليوم .
وروى الإمام مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان .
وروى عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يحتجم وهو صائم ، ثم لا يفطر . قال : وما رأيته احتجم قط إلاّ وهو صائم .
قال الباجي : قَوْلُهُ : " إنَّهُ كَانَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ " ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ لا يُفْسِدُ الصَّوْمَ
وأما القول بأن صومه صلى الله عليه و سلم كان تطوعا ، وكان مريضا صلوات ربي وسلامه عليه .
ولا إشكال في كونه صيام تطوّع ، فإن ما ثبت في الفَرْض ثَبَت في النفل ، وما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا أن يدلّ الدليل على اختصاصه بأحدهما .
وأما القول بأنه صلى الله عليه وسلم كان مريضا ، فيحتاج إلى دليل ، ولو وُجِد الدليل فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
ففعله عليه الصلاة والسلام تشريع ، ولا يُمكن حصره في حال دون حال إلاَّ بدليل .
والله تعالى أعلم .
.المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد