[عبد الرحمن السحيم]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله الفردوس الأعلى وبارك فيكم وحفظكم اللهم آمين
ما قولك في هذا الموضوع وهو لأخ داعية لدين الله كأنه يقول فلتكن نصرانيا المهم أن تكون علاقتك بالله قوية
إليكم الموضوع
( فليَكُن اسمُكَ جورج )
يروحُ الإنسانُ ويجيء ويغتني ويفتقر ويصحُّ ويسقم وفي جميعِ هذه الحالات سيبقى هذا الإنسان يُعلِنُ بلسانِ مقالهِ أو بلسانِ حالهِ أنّهُ مُحتاجٌ لربّه تعالى ولا يملِكُ أبداً أن يستغني عنه والله تبارَكَ وتعالى يُنادي الناسَ بهذه الحقيقة الكُبرى فيقولُ لهم في سورة فاطر: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) . فمن وَعى هذه الحقيقة واستحضَرَها كانَ أوّاباً إلى ربّه يطلُبُهُ العونَ والسداد وأوّاباً إلى كتابِهِ وهُداه ليستضيءَ بِهِ في كلِّ مناحي الحياة ومجالاتِها وأوّاباً إلى رُسُلِهِ وأوليائه يتفيَأ ظلالَ سيرتِهم ويستطعمُ من لذائذِ مَعينِهم حتى يَصِلَ في يومِ من الأيّامِ إلى الاطمئنانِ المُطلق والسعادَةِ السرمديّة .
وأمّا من غفل عن هذه الحقيقةِ الربّانيّة فإنه سيتيهُ في ظُلُماتِ الكبرياءِ والاعتدادِ بالنفس فيركَنُ إلى أركانٍ ضعيفة ، ويهتدي بمعالمَ مُهلكة ، ويستضيءُ بمصادِرَ لا نورَ فيها فينقَطِعُ طريقُه ويتشتّتُ قلبه ويكثُرُ تناقضه ، لأنَّ مصدَرَهُ من عندِ غيرِ الله : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا )
إنَّ الإنسان ليملِكُ أن يعيشَ حياتهُ بدونِ صديقِه بل بدونِ أخيه وأُخته بل إنَّه ليملِكُ أن يعيشَ حياتَهُ كامِلة بدون زوجَته أو أمّه وأبيه .
لكنّهُ ( يقيناً ) لن يملكَ العيشَ بدونِ ربّه العزيز الذي خَلَقه فهو سبحانَهُ حيٌّ قيّوم فالمخلوقاتُ كلّها حيّةٌ بحياتِه وقائمةٌ بقيّوميَّته . وهنا تأتي النتيجة المهمّة ففريقٌ سيُحالِفُهُ الخُذلان وفريقٌ سيفوزُ بالقمّة .
فمن أصلَحَ علاقَتَهُ مع الله نالَ السعادةَ في الدنيا والآخرة أتدري من هو الله؟!
إنَّهُ الذي أحياكَ وخَلَقَكَ وسَيُميتُكَ ثمَّ يبعَثُك لتَقِفَ موقِفاًُ لم تقف قبلَهُ قط ولا بعده فانجح في علاقَتِكَ معه وأحسِنِ الظنَّ به ولن يَضيرك أن تكون أعجميّاً أو عربيّاً أو أسود أو أبيض إذا أصلحتَ علاقَتَكَ مع الله فلن يَضيرك أن يكون اسمك جورج أو ديفيد أو مايكل إذا أصلحتَ علاقَتَكَ مع الله وقَدِرتَ على إقامة دينك فلا مانع أن تعيشَ في أمريكا أو كنَدا أو تقضيَ شطراً من حياتِكَ في الصينِ أو اليابان . إذا أصلحتَ علاقَتَكَ مع الله فكن في أيِّ مجالٍ شئت كن سِياسيّاً حاذِقاً أو اصنع من نفسِكَ تاجِراً صادِقاً أو شمّر عن ساعِدِ الجدِّ لتَكونَ مُصلِحاً وإلى الخيرِ سائّقاً وأمّا إذا أخفقتَ في العلاقةِ مع الله فاخترتَ منهجاً غيرَ منهجِه أو زدّتَ في ذلكَ فأصبحتَ مُحارِباً له ولأوليائِه أو ضَعُفتَ في إتّباعِ دينه فهنا لن ينفَعَكَ مُجرّد أن يكون اسمُكَ محمّداً أو إبراهيم بل لن ينفَعَكَ لو عِشتَ عند الكعبة أو في جوفِها
فلنفهَمِ المعادلة بشكلٍ صحيح ولنُدرك الوقت فالنذيرُ يَصيح
ـــ
ما رأى سيادتكم؟

جزاكم الله خيرا


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

أما قوله : (ولن يَضيرك أن تكون أعجميّاً أو عربيّا أو أسود أو أبيض إذا أصلحتَ علاقَتَكَ مع الله ) فهذا صحيح ؛ لأن أكْرَم الْخَلْق أتقاهم ، كما قال تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) .
ولَمَّا سُئل النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ ؟ قَال : أَتْقَاهُم . رواه البخاري ومسلم .

وأما قوله : (فلن يَضيرك أن يكون اسمك جورج أو ديفيد أو مايكل إذا أصلحتَ علاقَتَكَ مع الله وقَدِرتَ على إقامة دينك فلا مانع أن تعيشَ في أمريكا أو كنَدا أو تقضيَ شطراً من حياتِكَ في الصينِ أو اليابان) فهذا خطأ ؛ لأن للاسْم تأثير على صاحبه ، وللبيئة التي يعيش فيها تأثير أيضا ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : أنا بَريء مِن كل مسلم يُقيم بين ظهراني الكفار . رواه أبو داود .

والمرء مع مَن أحَبّ ، ولم يعذر الله الذين لم يُهاجِروا من بين أظهر الكفّار مع قُدرتهم على الهجرة ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) ، وكما قال عزّ وَجَلّ : (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا) .
وفي الصحيحين مِن حديث أنس رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله متى الساعة ؟ قال : وما أعددتَّ للساعة ؟ قال : حُبّ الله ورسوله . قال : فإنك مع مَن أحببت . قال أنس : فما فَرِحنا بعد الإسلام فَرَحًا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم : فإنك مع مَّن أحببت . قال أنس : فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر ، فأرجو أن أكون معهم ، وإن لم أعمل بأعمالهم .

ويَضير المسلم إن شابَه قَلْبه قَلوب الكفار ، أو شابَه لبسه لبسهم ؛ لأن هذا له تأثير على القلب ، وبالتالي على علاقته مع ربِّـه تبارك وتعالى .

قال ابن مسعود : إذا شابَه الزيّ الزيّ شابَهَ القلب القلب .
يعني : أن المشابَهة في الظاهر تُورِث المشابَهة والمشاكَلة في الباطن .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : المشابهة في الظاهر تُورِث نوع مَودة ومحبة ومُوالاة في الباطن ، كما أن المحبة في الباطن تُورِث المشابهة في الظاهر ، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة .
وقال أيضا : النَّاس كَأَسْرَابِ الْقَطَا ؛ مَجْبُولُونَ عَلَى تَشَبُّهِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِ . اهـ .
فينجذب القلب إلى من شابَهه ، وإلى من تشبّه به ، ويكتسب من أخلاقهم من غير أن يشعر بذلك .

وللاسم تأثير على صاحبه ، ولهذا غيّر النبي صلى الله عليه وسلم الأسماء التي ليست لائقة ، أو فيها محذور شَرعي .
ونَهَى النبي صلى الله عليه وسلم عن التّسمية بأسماء فيها محاذير شرعية .

وسبق الجواب عن :
ما حكم تسمية المولود باسم (شهاب) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12733

والله تعالى أعلم .