|
|
المنتدى :
قسـم الفتـاوى العامـة
هل صح عن الشاطبي قوله (آخر الأشياء نزولا من قلوب الصالحين : حب السلطة والتصدر) ؟
بتاريخ : 26-05-2016 الساعة : 04:35 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يصح هذا القول عن الشاطبي رحمه الله :
آخر الأشياء نزولا من قلوب الصالحين : حب السلطة والتصدر
وإن صحّ ، فما مراده ؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأعانك الله .
لَم أرَه بهذا اللفظ ، ورأيت قريبا منه في كتاب " الاعتصام " نَسَبه إلى الصوفية ، حيث قال :
لا يَخلو المنسوب إلى البدعة أن يكون مجتهدا فيها ، أو مُقَلِّدا ...
فالقسم الأول على ضَرْبَيْن :
أحدهما : أن يصح كونه مجتهدا ، فالابتداع منه لا يقع إلاّ فَلْتَه وبِالعَرَض لا بِالذّات ، وإنما تُسمى غلطة ، أو زلة ؛ لأن صاحبها لم يقصد اتّباع المتشابه ابتغاء الفتنه وابتغاء تأويل الكتاب ، أي : لَم يَتّبع هواه ، ولا جعله عُمدة ، والدليل عليه : أنه إذا ظَهَر له الحق أذعن له ، وأقرّ به ...
والثاني : وإما إن لم يصِحّ بِمِسبَار العِلم أنه مِن المجتهدِين ؛ فهو الْحَرِيّ باستنباط ما خالف الشرع كما تقدم ، إذْ قد اجتمع له مع الجهل بِقواعد الشرع : الْهَوَى الباعث عليه في الأصل ، وهو التّبَعِيَّة ، إذ قد تحصل له مرتبة الإمامة والاقتداء . والنفس فيها من اللذة ما لا مَزيد عليه ، ولذلك يَعسُر خروج حبّ الرئاسة مِن القلب إذا انفرد ، حتى قال الصوفية : حُبّ الرئاسة آخر ما يَخرج مِن قلوب الصديقين . اهـ . (باختصار) .
والمعنى : أن النفوس تُحِبّ الرئاسة والتصدّر ؛ فهو لا يَخرج مِن النفوس إلاّ بِصِدق وطُول مُجاهدة ؛ فيكون آخر ما يَخرج مِن نفوس الصالحين .
وأن حُبّ الرئاسة والتصدّر آخر ما يتخلّص مِنه المخلِص ؛ لِعظم حظّ النفس فيه !
وقد ذَكَر الإمام الذهبي قول إبراهيم بن أدهم : ما صَدَق اللهَ عبدٌ أحب الشهرة .
ثم قال الإمام الذهبي : قلت : علامة المخلص الذي قد يُحب شهرة ، ولا يشعر بها ، أنه إذا عُوتِب في ذلك ، لا يَحْرد ، ولا يبرئ نفسه ، بل يَعترف ، ويقول : رَحم الله مَن أهدى إليّ عيوبي ، ولا يكن معجبا بنفسه ، لا يشعر بعيوبها ، بل لا يشعر أنه لا يشعر ! فإن هذا داء مُزْمِن .
وذَكَر الذهبي قول مُطرِّف بن عبد الله : لأن أبِيت نائما وأُصبح نادِما ، أحب إليّ مِن أن أبيت قائما وأصبح مُعْجَبا .
ثم قال الذهبي : قلت : لا أفلح – والله - مَن زَكَّى نفسه ، أو أعجبته . اهـ .
وقد ذَكَر ابن عبد البر في كتابه " جامع بيان العِلم وفضله " آثارا عن السلف في ذمّ الشهرة ، فمن ذلك :
قول فضيل بن عياض : ما مِن أحدٍ أحب الرئاسة إلاّ حَسد وبَغَى ، وتتبع عيوب الناس ، وكَرِه أن يُذْكَر أحدٌ بِخَير !
وقول أبي نُعيم : والله ما هلك مَن هلك إلاّ بِحُبّ الرئاسة .
وقول سفيان بن عُيينة : الشهوة الخفيّة الذي يُحب أن يُحمَد على البِرّ .
وسبق :
ما رأيك بالناس الذين يبحثون عن الشهرة ؟ وما فائدتهم مِن وراء ذلك ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9094
وبالله تعالى التوفيق .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
|
|
|
|
|