عرض مشاركة واحدة

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : الأمل بالله المنتدى : اكتب سؤالك هنا
افتراضي
قديم بتاريخ : 22-01-2017 الساعة : 09:20 AM

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأعانك الله .

الصبر على الابتلاء والمصائب والأمراض واحتساب ذلك عند الله يَرفع درجات العبد ، ويُكتب له بها الأجر العظيم .
قال الله تبارك وتعالى : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سَبَقَتْ للعبدِ من الله مَنْزِلَة لم يَبْلُغْهَا بِعَمَلِه ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ، ثم صَبَّرَه حتى يُبَلِّغَه المنْزلة التي سَبَقَتْ له منه . رواه الإمام أحمد وأبو داود ، وصححه الألباني ، وقال الأرنؤوط : حسن لغيره .

وما يُصيب المسلم كفّارة لِذنوبه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما مِن مسلم يُصيبه أذى إلاّ حَاتّ الله عنه خطاياه كما تَحاتّ وَرق الشَّجر . رواه البخاري ومسلم .

وأما أثر التقوى ؛ فقد يَراه المسلم في الدنيا ، وقد لا يَراه إلاّ في الآخِرة ، وجزاء الآخِرة أعظم وأفضل .
قال رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم : يَوَدُّ أَهْلُ العَافِيَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْل البَلاء الثَّواب لو أَنَّ جُلُودَهم كَانَتْ قُرِضَتْ في الدُّنيا بِالمَقَارِيضِ . رواه الترمذي ، وحسنه الألباني .

وقد ذَكَر شيخ الإسلام ابن تيمية أقسام الناس تجاه التقوى والصبر على أقدار الله ، وأنهم أربعة أقسام :
أحدها : أهل التقوى والصبر ، وهُم الذين أنعم الله عليهم مِن أهل السعادة في الدنيا والآخرة .
والثاني : الذين لهم نوع مِن التقوى بلا صبر ، مثل : الذين يَمْتَثِلُون ما عليهم من الصلاة ونحوها ، ويَتْرُكُون الْمُحَرَّمَات ، لكن إذا أُصِيب أحدهم في بَدَنه بِمَرض ونحوه ، أو في مالِه ، أو في عِرضه ، أو ابْتُلِي بِعدوّ يُخِيفه عَظُم جَزعُه ، وظَهَر هَلَعُه .
والثالث : قوم لهم نوع مِن الصبر بلا تقوى ، مثل : الفُجّار الذين يَصبرون على ما يصيبهم في مثل أهوائهم ؛ كاللصوص والقُطّاع الذين يَصبرون على الآلام في مثل ما يَطلبونه مِن الغصب وأخذ الحرام ، والكُتّاب وأهل الديوان الذين يَصبرون على ذلك في طلب ما يَحصل لهم مِن الأموال بالخيانة وغيرها . وكذلك طُلاّب الرئاسة والعُلوّ على غيرهم يَصبرون مِن ذلك على أنواع من الأذى التي لا يَصبر عليها أكثر الناس ، وكذلك أهل المحبة للصُّوَر الْمُحَرَّمَة مِن أهل العشق وغيرهم يَصبرون في مثل ما يَهوَونه مِن الْمُحَرَّمَات على أنواع مِن الأذى والآلام . وهؤلاء هم الذين يريدون علوا في الأرض أو فسادا مِن طُلاّب الرئاسة والعُلوّ على الْخَلْق ، ومِن طُلاّب الأموال بالبَغي والعدوان ، والاستمتاع بالصُّوَر الْمُحَرَّمَة نظرا أو مباشرة ، وغير ذلك ؛ يَصبرون على أنواع مِن المكروهات ، ولكن ليس لهم تقوى فيما تَرَكُوه مِن المأمور ، وَفَعَلُوه مِن الْمَحْظُور . وكذلك قد يصبر الرجل على ما يُصيبه مِن المصائب ؛ كالمرض والفقر وغير ذلك ولا يكون فيه تقوى إذا قَدَر .
وأما القسم الرابع - فهو شَرّ الأقسام - : لا يَتّقون إذا قَدَروا ، ولا يَصبِرون إذا ابْتُلُوا ؛ بل هُم كما قال الله تعالى : (إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) ، فهؤلاء تَجِدهم مِن أظلم الناس وأجبرهم إذا قَدَروا ، ومِن أذلّ الناس وأجزعهم إذا قُهِرُوا . إن قَهَرتهم ذَلّوا لك ونافَقوك وحابَوك واستَرحَمُوك ، ودخلوا فيما يدفعون به عن أنفسهم مِن أنواع الكذب والذلّ وتعظيم المسئول . وإن قَهروك كانوا مِن أظلم الناس وأقسَاهم قَلبًا ، وأقلّهم رحمة وإحسانا وعَفوا ، كما قد جَرَّبَه المسلمون في كل مَن كان عن حقائق الإيمان أبْعَد ، مثل : التتار الذين قاتلهم المسلمون ومَن يُشبههم في كثير مِن أمورهم . وإن كان مُتَظاهِرًا بِلِبَاس جُند المسلمين وعلمائهم وزُهّادهم وتُجارهم وصُنّاعهم ؛ فالاعتبار بالحقائق " فإن الله لا ينظر إلى صُوَركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " . اهـ .

وعلى الإنسان أن يُكثِر مِن الشُّكر ، وأن ينظر إلى ما عنده مِن النِّعَم والصِّحّة ، ولا ينظر إلى ما عند غيره ، أو ما ضعف عنده ؛ فيَقلّ عند ذلك شُكره ، أو يَجزع ، أو يَتسخّط .

ولا يبتلي الله المسلم الموحد ليُبعده عن الدِّين ، وإنما يُبتَلى ليُمتحَن صبره وإيمانه وصِدقه مع الله .
وقد ابتُلِي سادات الْخَلْق ، وهُم الأنبياء ، وابْتُلِي الصالحون .

وأعظَم ما تُفرَج به الهموم :
الصدقة ، ولو باليسير لِمن لا يجد .
وكثرة الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، بحيث يُخصص الإنسان أوْقاتًا يتفرّغ فيها ويَلزم الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو يَجعل له عددا منها لا يَتركه ، ولا يَجعل لها فَضْلَة الوقت .
وكان السلف يُلزِمون أنفسهم بتسبيح أو استغفار بعدد مُعيَّن مِن باب إلْزَام النفس به .
أخرج ابن سعد بسند صحيح عن عكرمة أن أبا هريرة كان يُسَبِّح كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة ، يقول : أُسَبِّح بِقَدْرِ ذَنْبِي . ذَكَره ابن حجر في الإصابة .

والدعاء والإلحاح على الله خاصة في أوقات الإجابة .
وقيام الليل ، ولو ساعة قبل الفجر ، فإنه مِن أعظم أسباب تفريج الْهَمّ ، ومِن أسباب الشفاء التي يَغفل عنها كثير مِن الناس ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : علَيْكُم بِقِيَام اللَّيْل فإنّه دَأَب الصَّالِحِين قَبْلَكُم ، وإنَّ قِيَام اللَّيْل قُرْبَة إلى اللَّه ، وَمَنْهَاةٌ عن الإِثْم ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنْ الْجَسَدِ . رواه الترمذي ، وحسّنه الألباني بِشَواهِدِه .

وشُرب ماء زَمزم بِنيّة تفريج الْهَمّ .

وبعض الناس لَمّا اشتدّ به البلاء والكرب لَزِم المسجد الْحَرَام أيام إلاّ يخرج منه إلاّ لضرورة ، وألَحّ على الله وأكثر الدعاء والتضرّع ؛ ففُرِّج عنه .

وسبق الجواب عن :
يعاني مِن الضيق فى الصدر وعدم الرضا عن نفسه . ماذا يفعل؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=399

أنا غير سعيدة وأموري دائما متعسرة ، وكل شيء أتمناه يتأخر أو لا يتحقق ، فما النصيحة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18810

نريد توجيها لأخت وصلت إلى درجة خطيرة من اليأس
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18941

هل يوجد دعاء مستجاب من القرآن والسنة لقضاء الحوائج ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18738

كيف يكون تجديد وتقوية العقيدة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18890

كيف يكون الإنسان مُتوكِّلاً على الله حقًّا ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16648

ما حكم تسخّط الأقدار ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15686

ما حكم من قال عن أقدار الله (ما يحدث لي إهانة وتقزيم لي أمام الناس من القدر) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14844

هل ثمرات الاستغفار تتحقق في الدنيا أم قد لا تتحقق ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13632

خُطبة جمعة .. يا صاحب الهمّ
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14049

والله تعالى أعلم .

رد مع اقتباس