عرض مشاركة واحدة

راجية العفو
الصورة الرمزية راجية العفو

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.85 يوميا

راجية العفو غير متواجد حالياً عرض البوم صور راجية العفو


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفتـاوى العامـة
افتراضي هل صحيح أنّ مَن همَّ بذنب ولم يعمل يُبتلى بالغمِّ ؟
قديم بتاريخ : 23-10-2013 الساعة : 12:15 AM

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم حفظه الله
من فضلك هل ما ذكر صحيح؟
سئل سفيان بن عيينة عن غم لا يعرف سببه ؟ فقال هو ذنب هممت به في سرك ولم تفعله . فجزيت هماً به
قال شيخ الإسلام معلقاً : ( فالذنوب لها عقوبات السر بالسر والعلانية بالعلانية )
وجزاك الله خيراً



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وحفظك الله ورعاك .

ذَكَره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى .
قال رحمه الله : رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ : مَا أَعْلَنْت فَإِنَّ اللَّهَ يُحَاسِبُك بِهِ ، وَأَمَّا مَا أَخْفَيْت فَمَا عُجِّلَتْ لَك بِهِ الْعُقُوبَةُ فِي الدُّنْيَا .
وَهَذَا قَدْ يَكُونُ مِمَّا يُعَاقَبُ فِيهِ الْعَبْدُ بِالْغَمِّ ، كَمَا سُئِلَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة عَنْ غَمٍّ لا يُعْرَفُ سَبَبُهُ ؟ قَالَ : هُوَ ذَنْبٌ هَمَمْت بِهِ فِي سِرِّك وَلَمْ تَفْعَلْهُ ؛ فَجُزِيت هَمًّا بِهِ .
فَالذُّنُوبُ لَهَا عُقُوبَاتٌ : السِّرُّ بِالسِّرِّ وَالْعَلانِيَةُ بِالْعَلانِيَةِ . اهـ .

ومِن قبل قال ابن الجوزي رحمه الله :
نازعتني نفسي إلى أمْرٍ مَكروه في الشرع ، وجعلت تنصب لي التأويلات وتدفع الكراهة ، وكانت تأويلاتها فاسدة ، والحجة ظاهرة على الكراهة .
فلجأت إلى الله تعالى في دفع ذلك عن قلبي ، وأقبلت على القراءة ، وكان درسي قد بلغ إلى سورة يوسف فاتِحَتها، وذلك الخاطر قد شغل قلبي حتى لا أدري ما أقرأ ، فلما بلغت إلى قوله تعالى : (قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ) انْتَبَهْتُ لها وكأني خُوطِبت بها .
فأفَقْتُ مِن تلك السَّكْرة ، فقلت : يا نفس أفهمت ؟
هذا حُـرٌّ بِيع ظُلْما ، فَرَاعَى حق مَن أحسن إليه ، وسَمَّاه مَالِكا ، وإن لم يكن له عليه ملك ، فقال : إنه ربي .
ثم زاد في بيان مُوجب كّفّ كَفّه عَمّا يُؤذيه ، فقال : أحسن مثواي .
فكيف بك وأنت عبد على الحقيقة لمولى ما زال يُحسن إليك مِن ساعة وُجُودِك .
وإن ستره عليك الزلل أكثر مِن عَدد الحصا .
أفما تذكرين كيف رباك وعلمك ورزقك ودافع عنك ، وساق الخير إليك ، وهداك أقوم طريق ، ونجاك من كل كيد ؟
وضَمّ إلى حسن الصورة الظاهرة جودة الذهن الباطن ؟
وسَهّل لك مَدَارك العلوم حتى نِلْتِ في قصير الزمان ما لم يَنَلْه غيرك في طَوَيلِه .
وجَلّى في عَرصَة لِسانك عرائس العلوم في حُلل الفصاحة بعد أن سَتر عن الخلق مَقَابِحك ، فتلقوها منك بِحُسن الظن .
وساق رزقك بلا كُلْفة تَكَلُّف ولا كَدَر منّ ، رَغَدا غير نَزر ؟
فوالله ما أدري أي نعمة عليك أشرح لك ، حُسن الصورة وصِحة الآلات ؟ أم سلامة المزاج واعتدال التركيب ؟ أم لُطف الطبع الخالي عن خَسَاسة ؟ أم إلْهَام الرشاد منذ الصغر ؟ أم الحفظ بحسن الوقاية عن الفواحش والزَّلل ؟ أم تَحبب طريق النقل واتباع الأثر من غير جمود على تقليد لِمُعَظَّم ، ولا انخراط في سِلْك مُبْتَدِع ؟
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)
كم كائد نَصَب لك المكايد فَوَقَاك ؟
كم عدوّ حَطّ منك بالذَّمّ فَرَقّاك ؟
كم أعطش مِن شراب الأماني خَلْقًا وسَقَاك ؟
كم أمات مَن لم يبلغ بعض مُرادك وأبقاك ؟
فأنت تُصْبِحين وتُمْسِين سَليمة البَدَن ، مَحْرُوسة الدِّين ، في تَزَيّد مِن العِلم وبلوغ الأمل .
فإن مُنِعْت مُرَاد فَرُزِقت الصبر عنه بعد أن تبين لك وَجْه الحكمة في المنع فَسَلِّمِي حتى يقع اليقين بأن المنع أصلح .
ولو ذهبت أعدّ مِن هذه النعم ما سَنح ذِكْره امتلأت الطروس ولم تنقطع الكتابة .
وأنت تعلمين أن ما لم أذكره أكثر ، وأن ما أوْمَأتُ إلى ذِكْره لم يُشْرَح .
فكيف يَحسن بك التعرض لِمَا يَكْرَهه ؟ (مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) .

وقال أيضا : ما رأيت أعظم فتنة مِن مقاربة الفتنة . وقَلّ أن يقاربها إلاَّ مَن يقع فيها .
ومَن حام حول الحمى يُوشِك أن يقع فيه .
قال بعض المعتبرين : قَدرت مرة على لذة ظاهرها التحريم وتحتمل الإباحة ، إذ الأمر فيها مُرَدَّد .
فجاهدت النفس فقالت : أنت ما تَقْدر فلهذا تَتْرُك ، فَقَارِب المقدور عليه فإذا تَمَكَّنْت فَتَرَكْت كُنْت تَارِكا حقيقة .
فَفَعَلْت وتَرَكْت ، ثم عَاوَدْت مرة أخرى في تأويل أرتني فيه الجواز وإن كان الأمر يَحْتَمِل .
فلما وافقتها أثَّـر ذلك ظلمة في قلبي لخوف أن يكون الأمر مُحَرَّما .
فرأيت أنها تارة تقوى عليَّ بالترخُّص والتأويل ، وتارة أقوى عليها بالمجاهدة والامتناع .
فإذا تَرَخَّصْت لم آمن أن يكون ذلك الأمر محظورا ، ثم أرى عاجلاً تأثير ذلك الفعل في القلب .
فلما لم آمَن عليها بالتأويل تفكرت في قَطع طَمَعها من ذلك الأمر المؤثر فلم أرَ ذلك إلاَّ بأن قُلت لها : قَدِّري أن هذا الأمر مُباح قطعا ، فوالله الذي لا إله إلاَّ هو لا عُدْت إليه .
فانقطع طمعها باليمين والمعاهدة ، وهذا أبلغ دواء وجدته في امتناعها ؛ لأن تأويلها لا يبلغ إلى أن تأمر بالحنث والتكفير .
فأجود الأشياء قطع أسباب الفتن ، وترك الترخُّص فيما يجوز إذا كان حاملاً ومؤدِّيًا إلى ما لا يجوز. والله الموفق .


وللفائدة :

هل ثمرات الاستغفار تتحقق في الدنيا أم قد لا تتحقق ؟

http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13632

وبالله التوفيق .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم



رد مع اقتباس