أنا شاب أحاول قدر الاستطاعة أن أتقي الله تعالى في كل أمور حياتي بدءا من علاقتي بالله رب العالمين وأداء الواجبات والعبادات المفروضة عليٌ وكذلك في علاقتي بالناس ... وبصراحة أمامي فرصة جيدة لتقوية التزامي واستقامتي على شرع الله وأن اكون ملتزما تماما أكثر من هذا بكثير عن طريق حضور دروس العلم في المسجد القريب لي والتفقه في ديني أو عن طريق حفظ وتجويد القرآن الكريم على يد جار لي معه إجازة القرآن الكريم ولكن- بصراحة وبلا خجل كلما سمعت أو قرأت حديث نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم... :" أيُّ الناسِ أشدُّ بلاءً ؟ قال : الأنبياءُ ، ثم الصالحون ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلى الرجلُ على حسبِ دِينِه ...."
فأخاف على نفسي - بصراحة - من الابتلاءات مثل التي نراها في حياتنا اليومية مثل الأمراض الفتاكة أو الحوادث المدمرة لو التزمت بشدة ؛ فإن هذا الأمر يجعلني أبتعد عن الانغماس في الدين وفي طلب العلم الشرعي ..
فما هذا الذي بي يا شيخنا ...هل هي وساوس نفس أم وساوس شيطان أم قلة إيمان؟؟؟ أم ماذا بالظبط ؟؟ وماذا أفعل ؟
وأعذر لي صراحتي يا شيخ فهذا مما يدور في نفسي ..

وجزاكم الله تعالى خيرا ..

الجواب :

وجزاك الله خيرا

هذه مِن وساوس الشيطان ومِن إرجافِه ، كما قال تعالى : (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) .

وما قُدِّر على الإنسان سوف يأتيه ، فإن أتاه وهو على إيمان كان تمحيصًا وابتلاء ورِفعة لِدرجاته ، وإن أتاه وهو على معصية وتقصير كان تكفيرا لسيئاته ، وربما كان عقوبة له .

وعلى الإنسان أن يتّقي الله ، فإن مَن اتّقى الله وقَاه ، ومَن توكّل عليه كَفَاه .

ولئن يَلْتَزِم الإنسان بِدِين الله ، ويَسْتَمْسِك به ، ويَتعرّض للابتلاء والتمحيص ، حتى يلقَى الله وما عليه خطيئة ، خير له مِن أن لا يَسْتَمْسِك بِدِين الله ، ويَلْقَى الله بِذُنوب وافِرة .

وفي حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وقال صلى الله عليه وسلم : إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ . رواه الترمذي ، وصححه الألباني .

وفيما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : " لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده حتى يَلْقَى الله وما عليه من خطيئة " رواه الإمام أحمد والترمذي .

قال ابن القيم : الدنيا مَجَاز والآخرة وَطَن ، والأوْطَار إنما تُطْلَبُ في الأوطان . اهـ .

كما أن الجنة حُفَّت بالْمَكَارِه ، والنار حُفَّت بالشَّهوات .

وسبق :
تأمُلاّت في الْمَرَض
https://al-ershaad.net/vb4/showthrea...C7%E1%D2%D1%DA

وهنا :
لماذا إذا أحبَّ الله إنسانا ابتلاه ؟ ولماذا اختار هذا الإنسان ليحبّه ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthrea...E3%F3%D1%F3%D6

هل البلاء على قدر المحبة ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15414

لماذا كان الأنبياء والصالحون أشد ابتلاء رغم وَرَعهم وتقواهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15339

أحدهم يقول : لجأت إلى المعاصي لأن ابتلائي زاد . فما توجيهك ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4640

هل الابتلاء دليل محبة الله لعبده وهل له مدة ويُرفَع ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12872

كيف يفرق المرء بين العقاب من الله والابتلاء؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2083

إذا أصاب المؤمن ابتلاء هل يؤجر عليه؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5128


والله تعالى أعلم.

المجيب فضيلة الشيخ/عبد الرحمن بن عبد الله السحيم