العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد أقسـام التواصـل والأسئلـة اكتب سؤالك هنا
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

محب العلم
عضو نشيط
رقم العضوية : 766
الإنتساب : May 2015
المشاركات : 63
بمعدل : 0.02 يوميا

محب العلم غير متواجد حالياً عرض البوم صور محب العلم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : اكتب سؤالك هنا
افتراضي هل الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة والجماعة ؟
قديم بتاريخ : 25-09-2016 الساعة : 10:09 AM

الشيح عبد الرحمن السحيم نسأل الله أن يحفظك ويثبتك

فكل ما أتى به جبريل عليه السلام هو من عند الله تعالى وليس مذهبا لأحد فالمذهب لايكون الا في الاجتهاديات ولذلك الاشاعرة والماتوريدية واهل الحديث كلها مذاهب تندرج تحت مسمى أهل السنة والجماعه فالمتفق عليه هو النص وهذا الذي لايصح ان يخالفه احد من الثلاثة ومن خالف النص ورد على الله ورسوله كفر اما مادون ذلك من اجتهاد الرجال ففيهم من اصاب وفيهم من اخطأ من الثلاثة المذاهب وهذا الخطأ لايخرج ايا من الثلاثة من اهل السنة والجماعه لدالك الاشعرية والماتوريدية هم من أهل السنة والجماعة ولديهم أخطاء مثل ما لدى مدهب السنة والجمعة أخطاء فالصواب والخطأ ورد عن الجميع لدالك هم يصنفون تحت راية مدهب السنة والجماعة وكل فرقة تقول انها على مدهب السنة والجماعة والأصل انه لا يحق لأي مذهب ان يحتكر مسمى أهل السنة والجماعة لنفسه ..
فهل هد الكلام يصح ؟



عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : محب العلم المنتدى : اكتب سؤالك هنا
افتراضي
قديم بتاريخ : 27-09-2016 الساعة : 02:35 PM

الجواب :

آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

هذا غير صحيح .
والأشاعرة والماتريدية ليسوا مِن أهل السنة عند إطلاق " أهل السنة " ، بل هُم مِن أهل البِدَع والطُّرُق الكلامية ، ومتأخِّري الأشاعرة أقرب إلى اعتقادات الجهمية مِن اعتقادات أبي الحسن الأشعري ، كما سيأتي .

وأهل السنة ليس لهم انتساب إلاّ إلى السنة ؛ لأنهم أهلها الذين يأخذون بها , ويَعلمون بِما جاء فيها ، ولا يُحرِّفون الكَلِم عن مواضِعه .
سأل رجلٌ الإمامَ مالك : من أهل السنة يا أبا عبد الله ؟ قال : الذين ليس لهم لَقب يُعرفون به لا جَهْمي ولا رَافِضي ولا قَدَري .

وصدق الإمام مالك رحمه الله ؛ فإن المعتَزِلة ينتسبون إلى واصِل بن عطاء ، الذي اعتَزل حَلْقة الحسن البصري !
والجهمية ينتسبون إلى الجهم بن صفوان .
والخوارِج الحروريّة ينتسبون إلى أرض حروراء ، وإلى خروجهم على عليّ رضي الله عنه .
والمرجئة ينتسبون إلى الإرجاء ، وهو التأخير ؛ لأنهم يُؤخِّرون الأعمال عن مُسمّى الإيمان .
والزيدية ينتسبون إلى زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ رضي الله عنهم .
والإسماعيلية ينتسبون إلى إسماعيل بن جعفر الصادق .
والرافضة يُنسَبون إلى رَفض إمامة زيد بن عليّ بن الحسين .

والأشاعرة ينتسبون إلى أبي الحسن الأشعري .
والماتريدية ينتسبون إلى أبي منصور الماتريدي .

وهكذا ، كل طائفة تنتسب إلى مُسمّى أو إمام لَها .
بينما أهل السنة لا ينتسبون إلى طائفة ولا إلى إمام يُقدِّمون أقواله على أقوال غيره ، ويُقلّدونه في الاعتقاد !
فكيف تُريد الأشاعرة والماتريدية أن تَحتكِر مُسمّى أهل السنة عليها ، وهم يَنتَسِبون إلى أئمتهم دون الانتساب إلى السنة ؟!

ولو صحّ الانتساب إلى السُّنّة بِمُجرّد الدعاوى لادَّعَتْ كل الفِرق الانتساب إلى السنة !
فتنتسب الرافضة والجهميّة والمعتزلة وغُلاة الصوفية إلى السُّنّة ، كما انتسَبَتْ طوائف كثيرة إلى الإسلام ، والإسلام منها براء !

وأهل السنة لا ينتسبون إلى شخص إن ضَلّ ضلّوا معه ، وإن زَلّ اتّبعوه ! ولا يُقدِّمون على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أحدٍ مِن الناس كائنا مَن كان ؛ لأن العصمة لِرَسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليست لأحدٍ مِن بعده .

وما أتى به جبريل عليه الصلاة والسلام ونَزل به على محمد صلى الله عليه وسلم هو دِين الله عَزّ وَجَلّ .
ولا سبيل لِفهم دِين الله إلاّ وِفق فَهم سلف هذه الأمة ؛ لأنهم كانوا على الحقّ المبين والصراط المستقيم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ولَفظ الشَّرع يُقال في عُرف الناس على ثلاثة معان :
الشَّرع الْمُنَزّل : وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا يجب اتباعه ، ومَن خَالَفه وَجَبَت عقوبته .
والثاني : الشّرع الْمُؤوّل ، وهو آراء العلماء المجتهدين فيها ، كَمَذهَب مالك ونحوه . فهذا يَسوغ اتباعه ولا يَجب ولا يَحرُم ، وليس لأحد أن يُلزم عموم الناس به ، ولا يَمنع عموم الناس منه .
والثالث : الشّرع الْمُبَدَّل ، وهو الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أو على الناس بشهادات الزور ونحوها والظلم البَيِّن ؛ فمن قال إن هذا مِن شرع الله فقد كَفَر بلا نِزاع . اهـ .

والحقّ هو ما اجتمعت عليه الأمة في القرون الفاضلة التي امتدحها النبي صلى الله عليه وسلم بِقَولِه : خير الناس قَرْني ثم الذين يَلُونهم ثم الذين يَلُونهم . رواه البخاري ومسلم .
وليس الْحقّ هو ما كان عليه بعض أهل العِلم في عصر مِن العصور ، خاصّة ما خالَف فيه سَلَف الأمة في مسائل الاعتقاد .

ولذلك كان جيل السلف هُم المرجِع في تفسير القرآن العظيم ، الذي هو أعظم الكلام .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إذا لم نَجد التفسير في القرآن ولا في السُّنة رَجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة ، فإنهم أدرى بذلك ؛ لِمَا شَاهَدوه مِن القرآن والأحوال التي اختصّوا بها ؛ ولِمَا لَهُم مِن الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح ، لا سيما عُلماؤهم وكُبراؤهم ؛ كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين ، والأئمة المهديّين . اهـ .
ونحوه قال ابن كثير في مقدمة تفسيره .

وعن السلف تُؤخذ مسائل الاعتقاد .
وقد عُني أهل العِلْم بِبَيان عقائد السلف ، كما صَنَع عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب " السنة " ، والخلاّل في كتاب " السنة " ، والإمام اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " وغيرهم .
فإنهم يَنقلون عقائد السلف في كل مسألة بالأسانيد إلى مَن قالَها .

وهُم الأسوة والقُدوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن عمر رضي الله عنهما : من كان مُسْتَنّا فَلْيَسْتَن بِمَن قد مات ؛ أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة ؛ أبرّها قلوبا ، وأعَمقها عِلما ، وأقلّها تكلّفا ؛ قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ونَقْل دِينه ، فَتَشَبّهوا بأخلاقهم وطرائقهم ، فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على الهدى المستقيم . رواه أبو نُعيم في " الحلية " .

وقال حذيفة رضي الله عنه : اتقوا الله يا معشر القُرّاء ، خُذوا طَريق مَن قبلكم ، فو الله لئن استقمتم لقد سَبَقتم بعيدا ، ولئن تركتموه يمينا وشمالا لقد ضَللتم ضلالا بعيدا . رواه الإمام اللالكائي .

أما أبو الحسن الأشعري رحمه الله فهو متأخِّر عن جيل السلف رُتبة وزَمانا .
وكذلك أبي منصور الماتريدي .

وأبو الحسن الأشعري رَجَع عن مذاهبه إلى مذهب أهل السنة ، وألّف كتاب "الإبانة " ، وذَكَر أنه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل .
قال رحمه الله في كتاب "الإبانة " : قولنا الذي نقول به وديانتنا التي نَدين بها التمسّك بكتاب الله ربنا عزّ وجَلّ ، وبِسُنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما رُوي عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ، ونحن بذلك معتصمون ، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته - قائلون ، ولِمَا خَالَف قوله مُخالِفون ؛ لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق ، ودفع به الضلال ، وأوضح به المنهاج ، وقمع به بدع المبتدعين وزيع الزائغين وشك الشاكّين . فَرَحْمَة الله عليه مِن إمام مُقدَّم ، وجليل معظم ، وكبير مُفهم . اهـ .

وبعض أتباعِه يُنكرون رُجوعه إلى مذهب السلف !
فيٌقال لهم : لقد مرّ أبو الحسن بثلاثة أطوار !
الأول : كان على مذهب المعتَزلة !
الثاني : انفراده في مسائل ، وهو الذي عليه مُتقدّمي الأشاعرة !
الثالث : رُجوعه إلى مذهب أهل السنة .
فإن أنكروا رُجوعه إلى مذهب أهل السنة ، فيُقال لهم : ما الذي يُثبِت رُجوعه عن مذهب المعتَزلة ؟ فكُونوا أنتم أيها الأشاعرة على مذهب المعتَزلة الذي كان عليه أبو الحسن الأشعري أربعين سنة ، فيما قيل !
ثم يُقال لهم : لِمَ b تُقلِّدون شيخ أبي الحسن الأشعري ، وهو أبو علي الجبائي شيخ المعتزلة ؟!
ثم يُقال للأشاعرة أيضا : أنتم الآن لَستُم على مذهب أبي الحسن الأشعري في جميع اعتقاداته !
فإن اعتقاد مُتقدّمي الأشاعرة يَختلِف عن اعتقاد مُتأخّري الأشاعرة !

فإن أبا الحسن الأشعري ومُتقدّمي الأشاعرة يُثبِتون الصفات الخبرية لله تعالى التي في القرآن كالوَجه ، واليدين ، والعينين ، والاستواء ، والعُلوّ ، ونحوها ، ويُبطِلون قول مَن نَفَاها وحرّفها .
والْمُتأخّرين من الأشاعرة يُحَرّفونها ، ويَقولون على الله قَولاً عظيما ، حيث يقولون بِنَفي العُلو ، وإثبات أن الله في كل مكان ، وهذه مِن أقوال الجهمية ! ولم يَقُل بها أبو الحسن الأشعري .

نَقَل ابن درباس في " رسالة في الذب عن الأشعري " عن الحافظ أبي العباس أحمد بن ثابت قال : رأيت هؤلاء الجهمية يَنْتَمُون في نَفي العَرش وتأويل الاستواء إلى أبي الحسن الأشعري .
وما هذا بأوّل باطِل ادَّعوه ، وكَذِب تَعَاطَوه ، فقد قرأت في كتابه المرسوم بـ (الإبانة عن أصول الديانة) أدلة مِن جُملة ما ذَكرتُه في إثبات الاستواء . اهـ .

ثم إنّهُم يُقلّدون الأشعري والماتريدي في الاعتقاد ! وهذا مَسلَك مذموم !

قال القرطبي في تفسيره : التقليد ليس طريقا للعِلم ، ولا مُوصِلاً له ، لا في الأصول ولا في الفروع ، وهو قول جمهور العقلاء والعلماء ..
قال ابن عطية : أجْمَعت الأمة على إبطال التقليد في العقائد ..
قال ابن درباس في كتاب" الانتصار " له : وقال بعض الناس : يَجوز التقليد في أمْر التوحيد ، وهو خطأ لقوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ) ، فَذَمّهم بِتَقليدهم آباءهم وتَركِهم اتّباع الرُّسُل ، كَصَنيع أهل الأهواء في تقليدهم كبراءهم وتَركِهم اتِّباع محمد صلى الله عليه وسلم في دِينه ، ولأنه فَرْض على كل مُكلّف تعلّم أمْر التوحيد والقطع به ، وذلك لا يحصل إلاّ مِن جهة الكتاب والسنة ..
قال ابن درباس : وقد أكثر أهل الزيغ القَول على مَن تَمسّك بالكتاب والسنة أنهم مُقَلِّدون . وهذا خطأ منهم ، بل هو بِهم ألْيَق ، وبِمَذاهِبهم أخْلَق ، إذ قَبِلُوا قَول ساداتِهم وكُبرائهم فيما خَالَفُوا فيه كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الصحابة رضي الله عنهم ؛ فكانوا داخِلين فيمن ذَمّهم الله بِقوله : (رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا) إلى قوله : (كَبِيرًا) ، وقوله : (قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) ثم قال لِنَبِيِّه : (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ) ، ثم قال لِنَبِيِّه عليه الصلاة والسلام : (فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ) الآية . فَبَيَّن تعالى أن الْهُدى فيما جاءت به رُسُله عليهم السلام .
وليس قول أهل الأثر في عقائدهم : إنا وجدنا أئمتنا وآباءنا والناس على الأخذ بالكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح مِن الأمة ، مِن قولهم : إنا وجدنا آباءنا وأطعنا سادتنا وكبراءنا بِسَبِيل ؛ لأنّ هؤلاء نَسبُوا ذلك إلى التنْزِيل وإلى مُتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأولئك نَسبُوا إفْكَهم إلى أهل الأباطيل ، فازدادوا بذلك في التضليل . ألاَ تَرى أن الله سبحانه أثنى على يوسف عليه السلام في القرآن حيث قال : (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ) ، فلمّا كان آباؤه عليه وعليهم السلام أنبياء مُتَّبِعِين للوَحي - وهو الدِّين الخالص الذي ارتضاه الله - كان اتِّباعه آباءَه مِن صِفات الْمَدْح . اهـ .

وقال ابن عبد البر : والتقليد عند العلماء غير الاتِّباع ؛ لأن الاتِّباع هو تَتبّع القائل على ما بَانَ لك مِن فَضل قَوله ، وصِحّة مَذهبه ، والتقليد أن تقول بِقَوله وأنت لا تعرف وَجه القول ولا معناه ، وتأبَى مَن سِواه ، أو أن يتبين لك خطؤه فتتبعه مَهَابة خِلافه ، وأنت قد بَانَ لك فساد قوله . وهذا مُحَرَّم القول به في دِين الله سبحانه وتعالى .
ونَقَل عن الْمُزَنِيّ رحمه الله قوله : يُقال لِمَن حَكم بالتقليد : هل لك مِن حُجة فيما حكمت به ؟ فإن قال : نعم ، أبطل التقليد ؛ لأن الحجة أوْجَبتْ ذلك عنده لا التقليد ، وإن قال : حَكَمْتُ فيه بِغير حجة ، قيل له : فَلِم أرَقْت الدماء ، وأبَحْتَ الفُرُوج ، وأتْلَفْتَ الأموال ؟ وقد حَرَّم الله ذلك إلاّ بِحُجّة ..
فإن قال : أنا أعلم أني قد أصَبْت وإن لم أعرف الحجة ؛ لأني قَلَّدتُ كبيرا مِن العلماء ، وهو لا يقول إلاّ بِحجّة خَفِيت عليّ ، قيل له : إذا جاز تقليد مُعلّمك لأنه لا يقول إلاّ بِحجّة خَفِيت عليك ، فَتَقْلِيد مُعلِّم مُعَلِّمك أوْلى ؛ لأنه لا يَقول إلاّ بِحجّة خَفِيت على مُعلّمك ، كما لم يَقل مُعلمك إلاّ بِحجّة خَفِيت عليك .
فإن قال : نعم ، تَرَك تقليد مُعلِّم مُعلّمه ، وكذلك مَن هو أعلى حتى ينتهي إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن أَبَى ذلك نَقَض قوله ، وقيل له : كيف يَجوز تَقليد مَن هو أصغر وأقلّ عِلمًا ، ولا يجوز تقليد مَن هو أكبر وأكثر عِلما ، وهذا يتناقَض ؟ فإن قال : لأن مُعلِّمي وإن كان أصغر فقد جَمع عِلم مَن هو فَوقه إلى عِلمه ، فهو أبصَر بما أخذ ، وأعلَم بما تَرَك . قيل له : وكذلك مَن تَعلَّم مِن مُعلّمك فقد جمع عِلم مُعلّمك وعِلم مَن فَوقه إلى علمه ؛ فيلزمك تقليده وتَرْك تقليد مُعلّمك ، وكذلك أنت أوْلَى أن تُقلّد نفسك مِن معلمك ؛ لأنك جَمَعت عِلم مُعلّمك وعِلم مَن هو فوقه إلى علمك ! . اهـ .

وقال ابن الجوزي : اعلم أن الْمُقَلِّد عَلَى غير ثقة فيما قَلّد فيه ، وفي التقليد إبطال مَنفعة العَقل ؛ لأنه إنما خُلق للتأمل والتدبّر ، وقبيح بِمَن أُعْطِي شمعة يَستضيء بِهَا أن يُطفئها ويَمشي فِي الظُّلْمة .
واعلم أن عموم أصحاب المذاهب يَعظُم فِي قلوبهم الشخص ، فيتّبعون قوله مِن غير تدبّر لِمَا قَالَ ، وهذا عين الضلال ؛ لأن النظر يَنبغي أن يكون إِلَى القول لا إِلَى القائل ، كَمَا قَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عنه للحارث بن حوط : يا حارِث إِنَّهُ ملبوس عليك ! إن الحق لا يُعرف بالرجال ، أعرف الحق تعرف أهله .
وكان أَحْمَد بْن حنبل يَقُول : مِن ضِيق عِلم الرَّجُل أن يُقَلّد فِي اعتقاده رَجُلاً . اهـ .

وقال ابن القيم : قال الشافعي قدس الله تعالى روحه : أجْمَع المسلمون على أن مَن استبَانَتْ له سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يَدَعها لِقول أحدٍ مِن الناس .
وقال أبو عمر وغيره مِن العلماء : أجْمَع الناس على أن الْمُقلِّد ليس معدودا مِن أهل العِلم ، وأن العِلم مَعرفة الحق بدليله . وهذا كما قال أبو عمر رحمه الله تعالى ؛ فإن الناس لا يَختلفون أن العِلم هو المعرفة الحاصلة عن الدليل ، وأما بِدون الدليل فإنما هو تقليد .
فقد تضمن هذان الإجْمَاعَان إخراج المتعصِّب بالْهَوى والْمُقَلِّد الأعمى عن زُمرة العلماء ، وسقوطهما باستكمال مَن فوقهما الفروض مِن ورثة الأنبياء ، فإن العلماء هُم وَرَثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يُورِّثوا دينارا ولا درهَما ، وإنما وَرَّثوا العِلم ، فمَن أخَذه أخَذَ بِحَظّ وافِر . وكيف يكون مِن وَرَثة الرسول صلى الله عليه وسلم مَن يَجهَد ويَكدَح في رَدّ ما جاء به إلى قَول مُقلِّده ومَتبوعه ؟ ويُضيع ساعات عُمره في التعصب والْهَوى ، ولا يَشعر بِتضييعه ! تالله إنها فِتنة عَمَّت فأعْمَت، ورَمَت القلوب فأصَمَّت ، رَبَا عليها الصغير ، وهَرِم فيها الكبير . اهـ .

والتقليد في مسائل الاعتقاد مذموم ، ولا يَنفع صاحبه أن يُقلِّد في عقيدته .
والمنافق إذا سُئل في قبره قال : لا أدري سَمِعت الناس يقولون شيئا فَقُلتُه . كما في الصحيحين .
قال ابن حجر :
فيه ذمّ التقليد في الاعتقادات ؛ لِمُعاقَبة مَن قال : كنت أسمع الناس يقولون شيئا فَقُلتُه . اهـ .
ولأن الاعتقاد لا بُدّ فيه مِن يقين ورُسوخ ، ولا يكفي فيه الظنّ ، ولا يجوز فيه التقليد .


ومِن عَجَبٍ : أن تَرَى مَن ينتَسِب في الفقه إلى مذهب إمام مِن الأئمة الأربعة ، ويُخالِفه في الاعتقاد ، فَيَقُول مثلا : هو في الفروع على مذهب الإمام الشافعي ، وفي الأصول على مذهب أبي الحسن الأشعري !
وكأنه يَرى أن الإمام الشافعي قد ضَلّ في الاعتقاد ، فبَحث عن مذهب أصحّ اعتقادا مِن اعتقاد الإمام الشافعي !!
ولِمَ ارتَضَيتَ الشافعي إمامًا في أعظَم العبادات العَمَليّة (الصلاة والصيام والزكاة والحج) ولم تَرضَه إماما في الاعتقاد ؟!
هذا تناقض وتنقّص للإمام !
وهكذا في سائر المذاهب ؛ يُوجَد من ينتسب إلى إمام متبوع في الفقه دون الاعتقاد !

وأهل البِدَع والتقليد في الاعتقاد اتَّخَذُوا أئمتهم أنبياء أو أعظم مِن الأنبياء ؛ فإنهم يَردّون النصوص إلى أقوال أئمتهم ، ولا يَردّون أقوال أئمتهم إلى النصوص .
فإذا جاء أحدهم النصّ سأل : ماذا قال إمامه في هذا النص ؟!
ولا يسأل أولاً عن صِحّة النص ، ولا ماذا قال الصحابة وأهل العِلم مِن أهل القرون الفاضلة وأهل الرسوخ في العِلم !
ويسهل عليه ردّ وتضعيف ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء عن أصحابه الكرام ، ولا يَسهل عليه أن يَردّ ما جاء عن إمامِه ومَتبوعِه !

ومَن يَحتَكم في فَهم النصوص إلى أجيال وقُرون فاضلة ؛ فإنه يَحتَكِم إلى أمّة معصومة ، فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
بِخلاف مَن يَحتَكِم إلى إمام مُعيّن ، أو إلى شيخ ، فإنه يَحتَكِم إلى شخص واحد ، وهو أقرب إلى الخطأ خصوصا إذا انفَرَد .
ويُقدِّم أقوال المتأخّرين على أقوال المتقدِّمين وسَلَف الأمة ، ويُقلِّد مَن هو أقلّ عِلما وفضلا !
وكان العلماء يَعدّون هذا أمرًا عظيما .
قال الهيثم بن جميل : قلتُ لِمَالِك بن أنس : يا أبا عبد الله ، إن عندنا قوما وَضَعوا كُتبا يقول أحدهم حدثنا فلان عن فلان عن عمر بن الخطاب بكذا ، وحدثنا فلان عن إبراهيم بكذا ، ونأخذ بِقول إبراهيم ! قال مالِك : صَحّ عندهم قول عمر ؟ قلت : إنما هي رواية كما صحّ عندهم قول إبراهيم ، فقال مَالِك : هؤلاء يُستَتَابُون . رواه ابن حزم في " الإحكام " .

قال ابن القيم : وقد صرَّح مالِك بأن مَن تَرك قول عمر بن الخطاب لِقول إبراهيم النَّخَعي أنه يُستَتاب ، فكيف مَن تَرَك قول اللَّه ورسوله لِقَول مَنْ هو دون إبراهيم أو مثله ؟!

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : مَن ظن أَنه يَأْخُذ من الْكتاب وَالسّنة بِدُونِ أَن يقْتَدى بالصحابة وَيَتّبع غير سَبِيلهم ؛ فَهُوَ من أهل الْبدع والضلال ، وَمن خَالف مَا أجْمَع عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ فَهُوَ ضال ، وَفِي تكفيره نزاع وتفصيل .
وَمن ادّعى الْعِصْمَة لأحدٍ فِي كل مَا يَقُوله بعد الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ ضال ، وَفِي تكفيره نزاع وتفصيل .
وَمَن قَلّد مَن يَسُوغ لَهُ تَقْلِيده فَلَيْسَ لَهُ أَن يَجْعَل قَول متبوعة أصحّ من غَيره بالهوى بِغَيْر هدى مِن الله ، وَلا يَجْعَل مَتبُوعَه مِحنة للنَّاس ، فَمن وَافقه وَالاهُ ، وَمَن خَالَفه عَادَاهُ ؛ فَإن هَذَا حَرّمَه الله وَرَسُوله بِاتِّفَاق الْمُؤمنِينَ . اهـ .

وكان الأئمة يَنهون عن تقليدهم ؛ لأنهم يُصيبون ويُخطئون ، ويَرون الرأي اليوم وربما رَجَعوا عنه غدا .

قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله : لا يَحِلّ لأحد أن يأخذ بِقَولِنا ما لم يَعلم من أين أخذناه .
وقال : حَرام على مَن لم يَعرف دليلي أن يُفتي بِكلامي ، فإننا بَشَر نَقول القَول اليوم ونرجع عنه غدا .

وقال الإمام مالك رحمه الله : إنما أنا بَشَر أخطئ وأُصيب ، فانظروا في رأيي ، فَكُلّ ما وَافَق الكتاب والسنة فَخُذُوه ، وكُلّ ما لَم يُوافِق الكتاب والسنة فاتْرُكُوه .

وقال الإمام الشافعي رحمه الله : كُلّ ما قُلتُ وكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خِلاف قولي مما يَصحّ ، فَحَدِيث النبي صلى الله عليه وسلم أوْلَى ، ولا تُقَلّدوني . رواه ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي" ، وأبو نعيم في " الحلية " ، والبيهقي في " مناقب الشافعي " .
وقال أيضا : إذا وَجَدتم لِرَسول الله صلى الله عليه وسلم سُنّة فاتّبِعوها ، ولا تَلتَفِتوا إلى قَول أحَد . رواه أبو نُعيم في " حلية الأولياء " .

وقال أبو داود : قلت لأحمد [يعني : ابن حنبل] : ألَيس الأوزاعي هو أتْبَع مِن مالك ؟ قال : لا تُقلِّد دِينك أحدًا مِن هؤلاء ، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فَخُذْ به ، ثم التابعين بعدُ الرَّجلُ فيه مُخَيَّر . رواه أبو داود في مسائله .
وهذا يعني : إذا اختلفوا .
وقال أيضا : لا تُقلِّدني ولا تُقَلِّد مالكًا ولا الثوري ولا الأوزاعي ، وخُذْ مِن حيث أخَذُوا .
وقال رحمه الله : مِن قِلّة فِقه الرَّجل أن يُقلِّد دِينه الرجال .

وقال عِصَام بن يُوسُف : كُنت فى مَأتَم ، وَقد اجْتمع فِيهِ أَرْبَعَة من أَصْحَاب أبي حنيفَة رَضِي الله عنه : زُفر وَأَبُو يُوسُف وعافية وَآخر ، فَأَجْمعُوا على أَنه لا يَحِلّ لأحَدٍ أَن يُفْتِي بِقولنَا حَتَّى يعلم مِن أَيْن قُلْنَا .

قال ابن القيم : وقد نَهَى الأئمة الأربعة عن تَقلِيدهم ، وذَمّوا مَن أخذ أقوالهم بغير حُجّة . اهـ .

ومع ذلك : فأهل البِدع لهم حَسَنات ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولا يُنكَر جُهدهم ومُقارَعتهم للخصوم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن أهل البِدع : وكذلك استُحمِدُوا بما رَدّوه على الجهمية والمعتزلة والرافضة والقدرية مِن أنواع المقالات التي يُخالِفون فيها أهل السنة والجماعة .
فَحَسَناتهم نَوعَان :
إمّا موافقة أهل السنة والحديث .
وإمّا الردّ على مَن خالَف السنة والحديث ببيان تناقض حججهم .
ولم يتبع أحدٌ مذهب الأشعري ونحوه إلاّ لأحَد هَذين الوَصْفَين أو كِليهما .
وكل مَن أحبّه وانتصر له مِن المسلمين وعُلمائهم فإنما يُحبه ويَنتصر له بذلك .
فالْمُصَنِّف في مَنَاقِبه الدافِع للطعن واللعن عنه - كالبيهقي والقشيري أبي القاسم وابن عساكر الدمشقي - إنما يَحتَجّون لذلك بما يَقُوله مِن أقوال أهل السنة والحديث ، أو بما رَدّه مِن أقوال مُخَالِفيهم ، لا يَحتَجّون له عند الأمة وعلمائها وأمَرائها إلاّ بهذين الوصفين ، ولولا أنه كان مِن أقرب بني جِنسه إلى ذلك لألْحَقُوه بِطَبَقَته الذين لم يكونوا كذلك ؛ كَشَيخه الأول " أبي علي " وولده " أبي هاشم ". لكن كان له مِن مُوافقة مَذهب السنة والحديث في الصفات والقدر والإمامة والفضائل والشفاعة والحوض والصراط والميزان ، وله مِن الردود على المعتزلة والقدرية والرافضة والجهمية وبيان تناقضهم : ما أوْجَب أن يَمتاز بذلك عن أولئك ، ويُعرَف له حَقّه وقَدره (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) ، وبِما وَافَق فيه السنة والحديث صار له مِن القبول والأتباع ما صار . لكن الموافقة التي فيها قَهر المخالف وإظهار فساد قوله : هي مِن جِنس المجاهد الْمُنْتَصِر . اهـ .

وسبق الجواب عن :
كيف نعرف أن مذهب أهل السنة هو المذهب الحق ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16538

هل هو صحيح أن المذاهب محصورة بالمذاهب الأربعة ، وأنه لا يجوز الخروج على هذه المذاهب ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18367

والله تعالى أعلم .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكم الصدقة والزكاة على غير أهل السنة والجماعة نسمات الفجر إرشـاد الزكـاة والصدقـة 0 03-01-2015 04:23 AM
أحد الدعاة ينتقِص مِن أهل السُنَّة والجماعة ويعظِّم الأشاعرة فكيف نتصرَّف معه ؟ نسمات الفجر قسـم الفتـاوى العامـة 0 29-11-2014 08:57 PM
كيف نرد على تأويلات الأشاعرة ؟ واستشهادهم ببعض العلماء الذين يعتقدون الأشعرية ؟ نسمات الفجر قسـم البـدع والمـحدثـات 0 08-09-2012 11:41 PM
هل ينضم الأشاعرة إلى أهل السنة و الجماعة ؟! عبق قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 07-03-2010 06:00 PM
هل من عقيدة أهل السنة والجماعة أن المسلم يرى الملائكة في الطرقات عبق قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 12-02-2010 11:53 AM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 12:59 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى