نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم الخُطب المنبرية
افتراضي خُطبة جمعة .. عن (الأمر بالاجتماع والائتلاف والتحذير من التفرق والاختلاف)
قديم بتاريخ : 25-01-2021 الساعة : 03:23 AM

خُطبة(الأمر بالاجتماع والائتلاف والتحذير من التفرق والاختلاف)*
مرئية :
https://www.youtube.com/watch?v=4Uuxnoe6JYw&t=33s

مسموعة :
https://f.top4top.io/m_1850ntokm1.mp3

الخطبة الأولى:
إنّ الحمد لله، نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا وسيئّات أعمالنا. مَن يهدهِ الله فلا مُضلّ لهُ، ومِن يُضلل فلا هاديَ له. وأشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أن مُحمّدًا عبدهُ ورسوله، بلّغ الرّسالةَ وأدّى الأمانة، ونصح للأمّة، وتركها على المحجّة البيضاء لا يزيغُ عنها إلاّ هالكٌ، فصلاةُ ربّي وسلامهُ عليه أزكى صلاةٍ وأتمّ تسليمٍ.

أمّا بعدُ
فإنّ الله عزّ وجلّ أمرَ عِباده بالاجتماع، وأمرهُم بالائتِلاف، ونهاهُم عنِ التّفرق والاختِلاف، وكذلك أمرَ رسولُ الله صلّى عليه وسلّم، بالاجتِماع والائتِلاف، ونَبْذ التّفرُّق والاختِلاف، ونهاهُم عَن كُلّ ما مِن شأنه ُيفرّق كلمتَهم، أو يشقّ صفّهم، قال الله عزّ وجلّ: ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ). وقال سُبحانهُ وتعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ). ثمّ أعقبَ ذلكَ سُبحانهُ وتعالى بقوله: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ).
قال ابن عبّاس رضي اللهُ عنهما: " تبيّض وُجوهُ أهل السُّنّة، وتسودُّ وُجوهُ أهلِ البِدعه ".

وإنّ مّما أوصى الله عزّ وجلّ بهِ الأنبياء من أوّلهم إلى آخرهم، وأوصى به أولي العَزم من الرُّسل، وأوصى به الأنبياء جميعًا: الاجتماع، وعَدم التفرّق والاختِلاف، قال سُبحانه وتعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ).. من أوّلهمُ إلى آخرهمُ ( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ). ما هذه الوصيّة العظيمة التي أوصى الله عزّ وجلّ بها أولي العَزم من الرُّسل؟! (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )

ولأهميّة هذا الأمر وعِظمهِ أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم – كما في الصّحيح – . بقتلِ مَن جاء ليُفرّق كلمة المُسلمين. فقال عليه الصّلاة والسّلام: " من جاءكم وأمركمُ جميعٌ – مُجتمعٌ - فاضرِبوا عنقهُ كائنًا مَن كانَ ". وقال: " إذا بويع لخليفتين فاضربوا عنق الآخر كائنًا مَن كانَ " .
لأنّ في هذا .. اجتِماعَ كلمةِ المُسلمين واتّحادَ صفّهم.
ومن هُنا كان النّبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن كُلّ ما من شأنه أن يُفرّق الكلمة، أو يشقّ الصّف؛ فنَهى النّبي صلى الله عليه وسلم عن بيعِ المُسلم على بيعِ أخيهِ، وعن خِطبة المُسلم على خطبة أخيهِ، وعن النّجش وهو أن يزيدَ في السّلعة وهو لا يُريد أن يشتري. ثمّ ختمَ ذلك بقوله: " وكونوا عِباد الله إخوانًا ".
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التفرّق في الأبدان، وأن يُولّي كُلّ واحد من المُسلمين أخاه دُبره؛ فقال: " لا تهاجروا ولا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عِباد الله إخوانًا " .
والتّفرق في الأجساد سبيلٌ إلى تفرُّق القُلوب، وإلى تنافُرها؛ ولذلك كان النّبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلاً في سفر، تفرّق أصحابُهُ تحت الشّجر، يتفرّقون طلبًا للظّلّ؛ فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " إنّ تفرّقكُم هذا مِن الشّيطان "، وهو تفرّق بلا تباغُض ولا تحاسُد، ولا تحزُّبات، ولا تجمّعات، ولا ولاءات؛ وإنّما هو تفرّقٌ لطلب الظّلّ و الشّجَر. فقال: " إنّ تفرّقكُم هذا من الشّيطان " !
فكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا نزل منزلاً اجتمعوا حتّى لو بُسِط عليهم رداء لوسِعهم. لو غطّيتهم برداء أو بساط كفاهم؛ كنايةً عن شدّة اجتماعهم.
وفي هذا الحَديث الصّحيح سُرعة استِجابة أصحابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم لأمره، ولعدم مُخالفتهِ عليه الصّلاة والسّلام؛ لأنّ المُخالفة شؤمٌ ومعصية.

والاعتِراض نقصٌ في الإيمان. روى البُخاريّ ومُسلم أنّ الزُّبير رضي الله عنه، كان له مزرعة في المدينة وله جارٌ في مزرعته، فاختَصموا في سَقي الماء الذي يأتيهم مِن بَقايا المَطر. فاختَصموا إلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: " اسقِ يا زُبير ثمّ أرسِل الماء إلى جارك "، وهذا منهُ عليه الصّلاة والسّلام إرشادٌ وتوجيهٌ وصُلحٌ إصلاحٌ؛ لجَمع الكَلمة. فقال الرّجلُ الآخر: يا رسول الله أن كان ابن عمّتك؟! أي لأجل أنّه ابنُ عمّتك قُلت هذا؟! فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: " اسقِ يا زُبير حتّى يبُلغ الجَذر ثُمّ أرسلِ الماء إلى جارِك ".

أعطاهُ حقهُ وافيًا لمّا اعترضَ الآخرُ. فنزل قولُ الله عزّ وجلّ: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).. (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) أي لا يرونَ أنّ لهمُ رأيًا مَع رأيِ رَسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يرون أنّ لهمُ حُكمًا مع حُكم الله ورَسوله صلى الله عليه وسلم. فاتّقوا الله عِباد الله.

وإنّ من النّاس من اخترَعوا تجمّعاتٍ وتحزُّبات، وجَماعاتٍ تُعقدُ عليها الولاءاتُ؛ يُحَبُّ من أجلها ويُعادَى مِن أجلها. وما هكذا كانَ أصحابُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
فقد جاء في صفتهم أنّهم ما كانوا مُتحّزقين أي مُتجَمّعين؛ بحيثُ أنّ هذا أوسيٌّ، وهذا خزرجيّ وهذا مُهاجريّ؛ بل هُم يدٌ واحدة رضي الله عنهم.
وهكذا كانَ سلفُ الأمّة لا يُعرفُ لهمُ تسمِيات، ولا يعرفون هذه الولاءات إلاّ لله ولرسولهِ وللمؤمنين؛ امتثالاً لقوله عزّ وجلّ: (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ ).
حتّى نشأت البِدعُ، وظهرَت قُرونُها؛ فبدَأت التّسمياتُ، والتّحزّباتُ، والولاءاتُ. وقد سُئل الإمامُ مالك رحمه الله: مَن أهلُ السُّنّة يا أبا عبدالله؟ قال: " الذين ليس لهُم لقبٌ يُعرفون بهِ " ، لا قالَ: جَهميّ، ولا رافِضيّ، ولا قَدريّ.
أهلُ السُّنّة ليسَت لهُم هذه التّسميات، ولا التّحزّبات ولا التّجمّعات، ولا تِلك الوَلاءات على الجَماعات، ولا على القبيلَة؛ وإنّما هُم يَجتمعون على دينِ الله عزّ وجلّ وعليه تأتلفُ القٌلوب.
أعوذُ بالله من الشّيطان الرّجيم: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ).
أقولُ قولي هذا وأستغفرُ الله لي ولكُم فاستغفروهُ إنّهُ هو الغَفورُ الرّحيم.

الخطبة الثانية:
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مُباركًا فيه كما يُحبّ ربّنا ويرضى، وأشهدُ أنّ مُحمّدًا عبده ورسولهُ. ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ). (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ). قال ابنُ القيّم رحمهُ الله وقد سُئل بعضُ الأئمّة عن السُّنّة؛ فقال: ما لا اسمَ لهُ سِوى السُّنّة "؛ يعني أنّ أهل السُّنّة ليس لهُم اسمٌ يُنسبون إليه سِواها.

فمن النّاس من يتقيّد بلباسٍ لا يلبسُ غيره، أو بالجلوس في مكان لا يجلسُ فيهِ غَيرَه، أو مشيةٍ لا يمشي غَيرها، أو بزيٍّ - أي لِباس –وهيئةٍ لا يخرُج عنهما، أو عبادةٍ مُعيّنة لا يتعبّدُ بغَيرها؛ وإن كانت أعلى منها؛ أي العبادة التي ترَكها، أو شيخٍ مُعيّنٍ لا يَلتفتُ إلى غَيرهِ، وإن كان المُلتفت عنهُ؛ أقربُ إلى الله ورسولهِ منه.
فهؤلاء - هذا تتمّة كلام ابن القيّم رحمه الله -: فهؤلاء مَحجوبون عن الظّفر بالمَطلوب الأعلى، مصدودون عنه، قد قيّدتهم العوائدُ والرّسوم، والأوضاعُ والاصطِلاحات، قيّدتهم عن تجريد المُتابعةِ للرّسول صلى الله عليه وسلم؛ فأضحَوا عنها بمَعزل، ومنزلتهمُ منها أبعدَ مَنزل. انتَهى كلامُه رحمه الله.

لما وعظ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في آخر حياته؛ قالوا: يا رسول الله كأنّها موعظةُ مُودّع فأوصِنا؛ فأوصاهُم أن يتمسّكوا بالسُّنّة وأن يعضّوا عليها بالنّواجِذ – بالأضراسِ – كنايةً عن شدّة التّمسُّك بالسُّنّة. قالَ: " فإنّه من يعِش منكُم فسَيرى اختِلافًا كثيرًا؛ فعليكمُ بسُنّتي وسُنّة الخُلفاء الرّاشدين المهديّين من بَعدي عضّوا عليها بالنّواجذ ". ولمّا ذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم افتِراق الأمم، وأنّ هذه الأمّة ستفترق إلى ثلاثٍ وسبعين فِرقة كُلّها في النّار؛ إلاّ واحدة. قالوا: يا رسولَ الله مَن؟! كُلّ الفِرق التي تفترِق في النّار؛ إلاّ واحدةً! ما صِفة هذه الواحدة يا رسولَ الله؟! قال: " مَن كانَ على مِثل ما أنا عليهِ وأصحابي ". رواهُ التّرمذيّ وغيرهُ وهو حديثٌ صحيحٌ.
الذي يَنجو هو مَن كان على ما كانَ عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وما كان عليهِ أصحابهُ رَضي الله عنهم. لا وَلاءات، ولا تَحزُّبات، ولا جَماعات، ولا انتِماءات؛ التي تُفرّق ولا تَجمَع.

قال الإمامُ مالِك رحمهُ الله: " السُّنّة مِثل سفينة نوح، من رَكِب فيها نَجا، ومَن تخلّف عَنها غرِقَ ". فاستَمسِكوا عِباد الله بسُنّةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ودَعوا ما سِوى ذلِك.

اللّهمّ أصلِح الرّاعي والرّعيّة، اللّهمّ أصلِح أئمّتَنا ووُولاة أمورِنا، اللّهمّ اجعَل وِلايتنا وولايةَ المُسلمينَ فيمن خافكَ، واتّقاكَ واتّبعَ رضاكَ يا ربّ العالمين، اللّهمّ فرّج همّ المهمومينَ، ونفّس كربَ المكروبين، واقضِ الدّين عن المَدينينَ، اللّهمّ اشفِ مَرضانا، وعافِ مُبتلانا، وارحَم موتانا، اللّهمّ صلّ وسلّم وزِد وبارِك وأنعِم على عَبدكَ ورسولِك مُحمّد.
_________________________

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خُطبة جمعة .. عن (الاختبارات) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 20-01-2017 09:03 PM
خُطبة جمعة عن .. (حقوق الأخوّة) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 05-08-2016 12:22 AM
خُطبة جمعة عن .. (الاستعفاف عن المسألة) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 31-07-2016 05:11 AM
خُطبة جمعة عن .. (تعظيم السنة) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 28-11-2015 11:58 PM
خُطبة جمعة عن (التحذير من التدخين) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 04-11-2014 08:28 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 05:23 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى