السؤال :
شيخي الفاضل
هل نفقة الزوج على الزوجة مُقَدَّرة أم غير مُقدَّرة ؟
أرجو الرد للأهمية .
الجواب/
بارك الله فيك .
نَفَقة الزوج على زوجته غير مُقدَّرة بِقَدْر مُعيَّن ، إذ هي راجِعة للعُرْف ؛ لأنها مما يَختَلِف باخْتِلاف الزّمان والمكان ، وهذا مِن حِكَم التَّشْرِيع ؛ لأنَّ هذه الشريعة صالحة لكل زمان ومكان .
ولذا جُعِل العُرف حاكِمًا في أمور كثيرة ، منها مسألة الـنَّفَقَة والسُّكْنَى والْخِدْمَة ، وغير ذلك .
قال تعالى : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَة مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ) .
وقال جَلَّ جَلاله : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) .
وسُئل عليه الصلاة والسلام: ما حَقّ زوجة أحَدنا عليه ؟ فقال : أن تُطعمها إذ طَعمت ، وتَكسوها إذا اكتسيت - أو اكتسبت - ، ولا تضرب الوجه ولا تُقَبِّح ، ولا تَهجر إلا في البيت . قال أبو داود : " ولا تُقَبِّح " أن تقول : قَبَّحَكِ الله . رواه أحمد وأبو داود واللفظ له .
وأحال عليه الصلاة والسلام هِند بنت عُتبة على العُرْف .
فقد جاءت هند زوجة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم تَشْكُوه ، فقالت : أن أبا سفيان رجل شحيح فهل عليّ جناح أن آخذ مِن مَالِه سِرًّا ؟ قال : خُذي أنت وبَنُوك مَا يكفيك بِالْمَعْرُوف . رواه البخاري ومسلم .
وهذا لا يُمكن أن يُحَدّ بِحَدّ ، ولا أن يُقدَّر بِقَدْر مُعيَّن يُلزَم به كّل الناس في كل الأزمان ، وعلى جميع الطَّبَقات والفِئات .
إلاَّ أن تكون المسألة مُتنازَع فيها عند القاضي ، فيَحكُم القاضي بقضيَّة مُعيَّنَة بنفقة مُقَدَّرة ، وتكون هذه واقِعة عين لا عموم لها .
وإذا حَكَم القاضي فإنما يَحكُم في قضية دون أخرى ، وحُكم القاضي يَرْفَع الْخِلاف ، ويُلزَم به الزوج .
هذا عند الـتَّنَازُع بين الزوجين .
وكما أن القاضي يَحكم في قضية مُعيَّنَة ، فهو لا يُعمِّم حُكمه على جميع القضايا ؛ لأنه ينظر في ل قضية بِما يُناسِب حال الزوج .
ولا يُمكن أن يُعَمم حُكم القاضي أيضا على المجتمع الواحد فضلا عن جميع المجتمعات .
ولذلك يَنُصّ الفقهاء في مسائل السُّكْنى والْخِدْمَة والنفقة والمهر أيضا على أنَّ لها ما لِمِثْلِها .
أي : من تكون قريبة من وصفها وحالها .
والله تعالى أعلم .
فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد