[ناصرة السنة]

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل بارك الله فيك وأثابك
بخصوص الفتوى التي تفضلتم بها عن محاسبة الله لعباده على حديث النفس إن كان به شيء من الحسد وتمني زوال النعمة من الآخرين ..فهل يؤاخذنا الله إن كـانت بعض تلك المشاعر لا إرادية ولا تتعدى مساحة التفكير إلى العمل أو القول أبـدا بل تسيطر على تفكيرنا الداخلي فقط رغم الاستغفار ومحاولة الدعاء بالتوفيق للمحسود الذي يجبرنـا لا إراديا على تمني زوال النعمة منه بسبب سوء خلقه وتعاليه وانتقاصه للآخرين ربمـا بالتباهي عليهم بما آتاه الله من نعم لم يحسن شكرها ..من مالٍ أو جمالٍ أو نجاحٍ دراسي أو وظيفي أو أسري أو غير ذلك من صور التوفيق ..هل يحاسبنا الله على مشاعر الحسد في هذه الحالة وخاصة أن خرجت عن نطاق التحكم والاختيار والسيطرة وكانت لا إرادية وخصوصا مـع هذه الفئة التي تستنبت بغضها في القلوب استنباتا وتزرع الضغائن بسوء أخلاقها وتزداد سوءا كلمـا زادت النعم بين يدها .. فهل يحاسبنا الله على مشاعر الحسد اللا إرادية هنا رغم استغفارنا عنها والدعاء بزوالها من قلوبنـا .. أفتنا يا شيخ بارك الله فيك وأثابك وجزاك عنا وعن المسلمين خير الجزاء اللهم آمين ..




الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

على الإنسان مُدافعة ذلك ، وليس هناك ما يُسوِّغ الحسد ؛ لأن تلك النعمة التي يكون فيها قد تكون استدراجا ، كما قال عليه الصلاة والسلام : إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) . رواه الإمام أحمد ، وصححه الألباني والأرنؤوط .

ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية إذا كان يدعو لخصومه ولا يدعو عليهم !
قال ابن القيم رحمه الله : وجئت يوما مُبَشِّرًا له بِمَوت أكبر أعدائه وأشدّهم عداوة وأذى له ، فنهرني وتنكّر لي واسترجع ، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزّاهم وقال : إني لكم مكانه ، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلاَّ وساعدتكم فيه ، ونحو هذا مِن الكلام ، فَسُرّوا به ، ودَعوا له ، وعَظّموا هذه الحال منه . فرحمه الله ورضي عنه . اهـ .

والله تعالى أعلم
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد