طالبة علم
مشرف
رقم العضوية : 765
الإنتساب : May 2015
الدولة : دار الفناء
المشاركات : 880
بمعدل : 0.27 يوميا

طالبة علم غير متواجد حالياً عرض البوم صور طالبة علم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم القـرآن وعلـومه
افتراضي هل يجوز سؤال الله بحق الرحم أو بالرحم لقوله تعالى (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام)؟
قديم بتاريخ : 16-06-2021 الساعة : 10:17 PM

شيخنا الحبيب رعاكم الله

هل يجوز أن نسأل الله بحق الرحم أو بالرحم لقوله تعالى : " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"

- ولو كان جائزاً فما هي الصيغة الشرعية للسؤال ؟؟

ولو كان منهياً عنه فعلام تحمل الآية الكريمة ؟؟

وجزاكم الله خيراً


الجواب :

وجزاك الله خيرا ، ورعاك الله .

قال البغوي في تفسيره : (وَالأرْحَام) قراءة العامة بالنصب ، أي : واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، وقرأ حمزة بالخفض ، أي : به وبالأرحام ، كما يُقال : سألتك بالله والأرحام . والقراءة الأولى أفصح ، لأن العرب لا تكاد تنسق بِظاهر على مَكني إلاَّ أن تُعيد الخافض فتقول : مَرَرْتُ به وبِزَيد ، إلاَّ أنه جائز مع قِلَّتِه . اهـ .

وقال القرطبي : (وَالأرْحَام) معطوف ، أي : اتقوا الله أن تَعْصُوه ، واتقوا الأرحام أن تقطعوها . اهـ .

وقال ابن كثير : قال الضحاك : واتقوا الله الذي به تَعَاقَدون وتَعَاهَدون ، واتقوا الأرحام أن تَقْطَعوها ، ولكن بِرّوها وصِلُوها ؛ قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، والضحاك ، والربيع وغير واحد . اهـ .

والذي يظهر أنه لا يجوز سؤال أحد بالرَّحِم ، وإنما قد يُسأل بِحِقِّها ، وحَقّها أن تُوصَل ولا تُقْطَع .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قَالَ تَعَالَى (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) ، فَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِالنَّصْبِ : إنَّمَا يَسْأَلُونَ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ لا بِالرَّحِمِ . وَتَسَاؤُلُهُمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى يَتَضَمَّنُ إقْسَامَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِاَللَّهِ وَتَعَاهُدَهُمْ بِاَللَّهِ .

وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْخَفْضِ فَقَدْ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ : هُوَ قَوْلُهُمْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ ، وَهَذَا إخْبَارٌ عَنْ سُؤَالِهِمْ ، وَقَدْ يُقَالُ : إنَّهُ لَيْسَ بِدَلِيلِ عَلَى جَوَازِهِ ، فَإِنْ كَانَ دَلِيلا عَلَى جَوَازِهِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ : أَسْأَلُك بِالرَّحِمِ لَيْسَ إقْسَامًا بِالرَّحِمِ - وَالْقَسَمُ هُنَا لا يَسُوغُ - لَكِنْ بِسَبَبِ الرَّحِمِ ، أَي : لأَنَّ الرَّحِمَ تُوجِبُ لأَصْحَابِهَا بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ حُقُوقًا ، كَسُؤَالِ الثَّلاثَةِ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَعْمَالِهِمْ الصَّالِحَةِ ، وَكَسُؤَالِنَا بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَفَاعَتِهِ .

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ ابْنَ أَخِيهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ كَانَ إذَا سَأَلَهُ بِحَقِّ جَعْفَرٍ أَعْطَاهُ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الإِقْسَامِ ؛ فَإِنَّ الإِقْسَامَ بِغَيْرِ جَعْفَرٍ أَعْظَمُ ، بَلْ مِنْ بَابِ حَقِّ الرَّحِمِ ، لأَنَّ حَقَّ اللَّهِ إنَّمَا وَجَبَ بِسَبَبِ جَعْفَرٍ ، وَجَعْفَرٌ حَقُّهُ عَلَى عَلِيٍّ .

وقال : فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ : بِحَقِّ الرَّحِمِ ؟ قِيلَ : الرَّحِمُ تُوجِبُ عَلَى صَاحِبِهَا حَقًّا لِذِي الرَّحِمِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الرَّحِمُ شَجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ ؛ مَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ . وَقَالَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الرَّحِمَ تَعَلَّقَتْ بِحَقْوَيْ الرَّحْمَنِ ، وَقَالَتْ : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ الْقَطِيعَةِ . فَقَالَ : أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَك ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَك ؟ قَالَتْ : بَلَى قَدْ رَضِيت . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْت الرَّحِمَ وَشَقَقْت لَهَا اسْمًا مِنْ اسْمِي ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْته ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتّهُ ...

وَاَلَّذِي قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ - مِنْ أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يُسْأَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَخْلُوقِ : لا بِحَقِّ الأَنْبِيَاءِ وَلا غَيْرِ ذَلِكَ - يَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ :

أَحَدُهُمَا : الإِقْسَامُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ ، وَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وكَمَا يُنْهَى أَنْ يُقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَشَاعِرِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .

والثَّانِي : السُّؤَالُ بِهِ ، فَهَذَا يُجَوِّزُهُ طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ ، وَنُقِلَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي دُعَاءِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ ، لَكِنْ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ كُلُّهُ ضَعِيفٌ بَلْ مَوْضُوعٌ . وَلَيْسَ عَنْهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ قَدْ يُظَنُّ أَنَّ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةً إلاَّ حَدِيثَ الأَعْمَى الَّذِي عَلَّمَهُ أَنْ يَقُولَ : " أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ" ، وَحَدِيثُ الأَعْمَى لا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا تَوَسَّلَ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَفَاعَتِهِ ، وَهُوَ طَلَب مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّعَاءَ ، وَقَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ . وَلِهَذَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ لَمَّا دَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ مِنْ آيَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .


والله تعالى أعلم .

المجيب فضيلة الشيخ/عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


التعديل الأخير تم بواسطة طالبة علم ; 16-06-2021 الساعة 10:20 PM.

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سؤال عن بعض الأسماء والصفات التي يُقال أنها ليست مِن أسماء الله تعالى وصفاته راجية العفو قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 29-10-2014 10:35 PM
سؤال عن تسجيل الدخول في المنتديات بمدح الله تعالى أو عائشة رضي الله عنها راجية العفو قسـم الأنترنـت 0 02-09-2014 12:55 AM
ما صِحة قصة الرجل الذي صار ولي من أولياء الله بسبب استغفاره بالأسحار عبق إرشـاد القـصــص 0 24-02-2010 08:21 PM
سؤال عن ابن صياد الذي كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم نسمات الفجر قسـم السنـة النبويـة 0 23-02-2010 01:36 AM
قصة الرجل الذي قال اني أعصي الله عز وجل عبق إرشـاد القـصــص 0 10-02-2010 01:16 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 01:38 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى