[نسمات الفجر]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير شيخنا الفاضل
سائلة تقول : حصلت موضوع لشخص معين وفي مدونة له لا أريد ذكره ومن ضمن مواضيع بـالمدونة ما في الاقتباس
ومن ناحية أخرى ، فالشجرة لا تهاجم بل تقاوم وتحني رأسها للريح حتى تمر ولا تعاندها ، ثم تعود لوضعها السابق , ورغم ذلك تموت واقفة , ومجهودها في حياتها موجّه لغاياتها فقط وهي " البقاء و العطاء "
ويؤذيها الأحياء من إنسان وحيوان و تقاوم بالصبر والانتشار ، والشجرة تقدم الجمال والغذاء (الجمال مثل الوردة) (والغذاء مثل التمر) جزاء نقل بذورها لكي تنتشر لتعطيهم من جديد .
وبسبب كل تلك الصفات ، صار وجودها هو الأهم للحياة من وجود غيرها ، وصار النبات من أكثر سكان الأرض عدداً وأحسنهم أخلاقاً وأكثرهم عطاءً .
-----
وشيكت على مدونته وحصلت تفسير هذي الآية
إذا تأملنا بعمق آية {و هديناه النجدين} ، سنعلم أن أمام الإنسان نجدين ، و كلاهما طرق ، وكل منها له أدلة فإذا كان اختيارك طيب و خيّر: وترى شخصاً محسناً ويساعد من حوله ، فبإمكانك أن تسميه شخصاً فاضلاً وطيباً ، وإذا أنت اخترت الطريق الآخر: فستصف نفس الشخص بأنه انتهازي و مستغل ويبحث عن كسب التأييد !!
وكلا النظرتين تجد لها أدلة . إذن : لا يوجد شيء عليه دليل قطعي ، وهنا القضية .
اختيارك هو ما يحدد فكرك وهو ما يحدد أدلتك ، وليس العكس ..........الخ
----
هل كلامه صحيح وهل يوجد أعظم من خلق الإنسان كون ميزنا الله بالعقل والعبادة له دون سواه؟
وهل المقصود بالآية صحيح ؟
وهل يحق لكل من معه جراءة القلم أن يكتب ويناقش الليبراليين كما يدعيه الأخ صاحب المدونة ؟
وبارك الله فيك مقدما



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك .

كلامه ليس صحيحا على الإطلاق .
فالإنسان لا يَتَميّز بالعبادة والعقل ؛ فأكثر أهل الملل والعقائد ، لديهم عِبادة ، وإن كانت باطلة ، ولديهم عقول ، لكنهم لا ينتفعون بها ، كما قال الله تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) .
وقال عزَّ وَجَلّ عن أهل الكتاب : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) إلى غير ذلك من الآيات .

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم وصَف الخوارج بِكثرة العبادة ، فقال : يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ ، يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ . رواه البخاري ومسلم .

وإنما ينفع : الإيمان بالله مع العقل السليم من الآفات .
ولا ينتفع الإنسان بالعقل إذا فَقَدَ الإيمان .
فكم هم الأذكياء مِن أُمَم الأرض بلا إيمان ، وَهُم في ضلال مُبين ؟!

وأما تفسير الآية ؛ فغير صحيح .
وغير صحيح أنه (لا يوجد شيء عليه دليل قطعي) بل الأدلة القطعية كثيرة لا تُحصَى ، ولا يُنكرها إلاّ مُكابِر معاند !
فالنار – مثلا – تُحرِق يَد لامِسها ، وعليها يُنضِج الإنسان طعامه ، ولا يُمكن قول عكس ذلك لوجود قناعة مُضادّة !
وغير ذلك كثير .

ومَن يُنكِر مثل ذلك فإنما يُنكِر ما يُعرَف بالْحِسّ !

وسبق :
مَن هو المخوّل والذي يحقّ له تفسير القرآن الكريم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9091

وبالله تعالى التوفيق .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض