إذا كانت أجنبية عنه ، وكان التواصل بلا حاجة – كَسؤال أهل العِلْم ونحوه – فهو حرام .
وهل يرضاه المسلم لأخْته أو لابْنَتِه وقَريبَته ؟!
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : مَن أحب أن يُزَحْزَح عن النار ويَدْخُل الجنة فَلْتَأتِه مَنِيّته وهو يُؤمِن بالله واليوم الآخر ، وليأتِ إلى الناس الذي يُحِبّ أن يُؤتَى إليه . رواه مسلم .
والشيطان لا يُسوّغ الفعل القبيح للإنسان مِن أول مرة ، بل يأتيه بِتهوين شأن أولى خطواته ، ثم يتدرّج به إلى أن يصِل إلى الفاحشة ، ثم يستدرجه إلى الفجور .
وقد حذّرنا الله مِن خطوات الشيطان ، ومِن اتّباعِها .
جاء عن عليّ رضي الله عنه أنه قال : إن راهبًا تعبَّد سِتين سَنة ، وأن الشيطان أراده فأعْيَاه ، فعَمد إلى امرأة فأجَنّها ، ولها إخوة ، فقال لإخْوَتها : عليكم بهذا القسّ فيُداويها ، فجاءوا بها ، قال : فدَاوَاها ، وكانت عنده ، فبينما هو يوما عندها إذا أعجبته ، فأتاها فحَمَلَت ، فعَمد إليها فقَتلها ، فجاء إخوتها ، فقال الشيطان للراهب : أنا صاحبك ، إنك أعييتني ، أنا صَنعتُ بك هذا فأطِعني أُنَجِك مما صَنعتُ بك ، اسجُد لي سجدة ، فسجَد له ، فلما سَجَد له قال : إني بريء منك ، (إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) ؛ فذلك قوله : (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) . رواه ابن جرير في تفسيره ، ورَوَى نحوه عن ابن مسعود رضي الله عنه ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما .
وقال عثمان رضي الله عنه : اجتنبوا الْخَمْر ، فإنها أم الخبائث : إنه كان رجل ممن خَلا قبلكم تَعبّد ، فَعَلِقَته امرأة غَويّة ، فأرسلت إليه جاريتها ، فقالت له : إنا نَدْعُوك للشهادة ، فانطلق مع جارِيتها ، فطَفِقَتْ كلما دَخَل بابًا أغْلَقَته دونه حتى أفضى إلى امرأة وَضِيئة عندها غُلام وبَاطِية خَمَر ، فقالت : إني والله ما دعوتك للشهادة ولكن دعوتك لتَقَع عليّ ، أو تَشرب مِن هذه الْخَمرة كأسا ، أو تَقْتُل هذا الغلام . قال : فاسقِيني مِن هذا الخمر كأسا ، فَسَقَته كأسا ، قال : زِيدُوني ، فلم يَرم حتى وَقع عليها ، وقتل النفس . فاجتنبوا الخمر ، فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلاّ لَيُوشك أن يُخرِج أحدهما صاحبه . رواه النسائي ، وإسناده صحيح .
والشاهِد مِن هذا اجتناب خُطوات الشيطان ؛ فالشيطان يَرضَى بالقليل مِن الانحراف مِن أجل انحراف أكبر ، ويَرضَى بِالوقوع في معصية صغيرة ، لاستدراجٍ إلى معصية أكبر .