[راجية العفو]

السؤال
السلام عليكم قال تعالى(إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون )
هل يصح أن تفسر بالنحو التالي أي أن الذين خالفوا ما أمر الله به من الدين الذي أنزله سواء من المشركين أو المسلمين فإنك يا محمد صلى الله عليه وسلم بريء منه بدليل قوله صلى الله عليه وسلم (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ، لو دعيت به في الإسلام لأجبت ، تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها ، وأن لا يعد ظالم مظلوما) ابن الملقن - المصدر: البدر المنير - الصفحة أو الرقم: 7/325 خلاصة حكم المحدث: صحيح
وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة ، فلم يحسنوا أن يقولوا : أسلمنا ، فقالوا صبأنا صبأنا ، فجعل خالد يقتل ويأسر ، ودفع إلى كل رجل منا أسيره ، فأمر كل رجل منا أن يقتل أسيره ، فقلت : والله لا أقتل أسيري ، ولا يقتل رجلا من أصحابي أسيره ، فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ) . مرتين . الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7189 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]




الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لا يصحّ أن تُفسّر الآية من دون الرجوع إلى تفاسير السلف والأئمة من بعدهم .
قال البغوي في تفسيره : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) أَيْ: جَعَلُوا دِينَ اللَّهِ وَهُوَ وَاحِدٌ -دِينَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ الْحَنِيفِيَّةَ - أَدْيَانًا مُخْتَلِفَة ً، فَتَهَوَّدُ قَوْمٌ ، وَتَنَصَّرُ قَوْمٌ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (وَكَانُوا شِيَعًا) ، أَيْ : صَارُوا فِرَقًا مُخْتَلِفَةً ، وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فِي قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ .
وَقِيلَ : هُمْ أَصْحَابُ الْبِدَعِ وَالشُّبُهَاتِ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ . اهـ .
وقال القرطبي في تفسيره : (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) تَأَوَّلَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَأَبُو أُمَامَةَ : أَنَّهُ لأَهْلِ الْقِبْلَةِ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ . وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ : الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى . اهـ .
وقال الحافظ ابن كثير في آية الأنعام : وَالظَّاهِرُ أَنَّ الآيَةَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ فَارَقَ دِينَ اللَّهِ وَكَانَ مُخَالِفًا لَه ، فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، وَشَرْعُهُ وَاحِدٌ لا اخْتِلافَ فِيهِ وَلا افْتِرَاقَ ، فَمَنِ اخْتَلَفَ فِيهِ (وَكَانُوا شِيَعًا) ، أَيْ : فِرَقًا كَأَهْلِ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ - وَهِيَ الأَهْوَاءُ وَالضَّلالاتُ - فَاللَّهُ قَدْ بَرَّأ رَسُولَهُ مِمَّا هُمْ فِيهِ .
وقال : وَقَوْلُهُ : (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) ، أَيْ : لا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَدْ فَرَّقُوا دِينَهُمْ أَيْ: بَدَّلُوهُ وَغَيَّرُوهُ وَآمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ . اهـ .

ولا يصحّ أن يُفسَّر بما جاء في الحديث ، من قوله عليه الصلاة والسلام : اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ . لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تبرأ مما صَنَع خالد ، لا أنه عليه الصلاة والسلام تبرأ مِن خالد .

والذين خالفوا ما أمَر الله به مِن الدِّين الذي أنزله ، لا يقتضي براءة رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ، إلاّ أن يُغيِّروا دِين الله ، أو يبدِّلوه .
ولهذا يُطْرَد عن الحوض مَن غيَّر أو بَدّل .

وسبق :
عن صِحة حديث : إني لكم فرط على الحوض
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4574
بماذا يرد على رافضي يقول : خالد بن الوليد قتل مالك بن نويرة وتزوج امرأة مالك ....
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1403
والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد