السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمنى من سماحتكم كتابة موضوع أو كلمة تتكلم عن شاعر المليون
من حيث الحكم والآثار وغيرها
الجواب/
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مثل هذه الأعمال لا تخلو من عِدّة محاذير ، منها :
1 - الرياء والفخر ، سواء افتخر الشاعر بِنفسه ، أو افتخر بقبيلته ، إذا تضمّن ذلك مُبالغة ، أو كذبا ، أو كان على حساب الطعن في القبائل الأخرى .
وقد سمعت مرّة أحد الشعراء تعاظم في نفسه ! حتى قال فيها ما ليس فيها ! ثم وضَعه الله فَجَعَل الشاعر نفسه حشرة !
وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم : حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنْ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ . رواه البخاري .
2 – تنمية وإحياء العصبيات القبلية ، وذلك لأن أكثر الشعراء يفتخر بقبيلته ، فيؤدِّي ذلك إلى إحياء العصبيات الجاهلية ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : دعوها فإنها منتنة . رواه البخاري ومسلم .
وكان عليه الصلاة والسلام قال ذلك لَمَّا افتخر أنصاري ومُهاجِريّ ، كل واحد افتخر بجماعته ! مع أنها ليست عصبيات ، إلاّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم : دعوها فإنها منتنة .
وقال عليه الصلاة والسلام : أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة . رواه مسلم .
3 – الإسراف والتبذير والتخوّض في مال الله بغير حق ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : إن رجالاً يتخوّضون في مال الله بغير حق فَلَهم النار يوم القيامة . رواه البخاري .
في الوقت الذي يُعاني فيه كثير من فقراء المسلمين من الجوع والفقر ، نجِد أن الأموال الطائلة تُبذل من أجل المنافسة على ترشيح شاعر !
4 – أن أولئك الشعراء الذين على تلك الصِّفَة شبَّههم النبي صلى الله عليه وسلم بالشيطان !
ففي صحيح مسلم من حديث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال : بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُذُوا الشَّيْطَانَ - أَوْ : أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ - لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُل قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا .
قال الإمام القرطبي : قال علماؤنا: وإنما فَعَل النبي صلى الله عليه وسلم هذا مع هذا الشاعر لَمَّا عَلِم مِن حَاله ، فَلعل هذا الشاعر كان ممن قد عُرِف مِن حَاله أنه قد اتَّخَذ الشِّعْر طَريقًا للتَّكَسُّب ، فَيُفْرط في المدح إذا أُعْطِي ، وفي الهجو والذَّمّ إذا مُنِع ، فيؤذي الناس في أموالهم وأعراضهم .
ولا خلاف في أنّ مَن كان على مثل هذه الحالة فكل ما يَكتسبه بالشعر حرام ، وكل ما يقوله من ذلك حَرام عليه ، ولا يَحِلّ الإصغاء إليه ، بل يجب الإنكار عليه ... ولا يَحِلّ له أن يُعْطَى شيئا ابتداء ؛ لأن ذلك عَون على المعصية . اهـ .