*المتفائله*

مشرفة عامة


رقم العضوية : 17
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 706
بمعدل : 0.14 يوميا

*المتفائله* غير متواجد حالياً عرض البوم صور *المتفائله*


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
Lightbulb ما الذي رفـع قَـدرهـم ؟
قديم بتاريخ : 01-03-2010 الساعة : 11:09 AM

أولئك أقوام لا قيمة لهم في موازين الجاهلية

حتى كان أحد صناديد الجاهلية يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : إن سرّك أن نتبعك فاطرد عنك فلانا وفلانا ، ناسا من ضعفاء المسلمين .
فجاء الأمر من فوق سبع سماوات : ( وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ )


كان هذا في مكة قبل الهجرة
وما زاد بعد ذلك إلا شِـــدّة

قال ابن القيم رحمه الله :
وعلا كعب بلال فوق الكعبة بعد أن كان يُجرّ في الرمضاء على جمر الفتنة ، فنشر بَـزّاً طُوي عن القوم من يوم قوله : أحد أحد ، ورفع صوته بالأذان فأجابته القبائل من كل ناحية ، فاقبلوا يؤمون الصوت ، فدخلوا في دين الله أفواجا . اهـ .

إنني سوف أتحدّث عن رجال أفذاذ الواحد منهم بألف
وواحد كالألْفِ إن أمْر عَنَى

وربما كانوا رجالاً لا قيمة لهم في موازين الجاهلية والجاهلين

ولكنهم انفردوا بالصدارة زمنا ، وبقي ذكرهم أزمانا

حتى كان بعض الخلفاء يتمنى أنه مكان ذلك العالم !

لما ابتنى معاوية بالأبطَح مجلسا جلس عليه ومعه ابنه قُرَظَة ، فإذا هو بجماعة على رحال لهم ، وإذا شاب منهم قد رفع عقيرته يتغنى :

من يساجلني يساجل ماجداً = يملأ الدلو إلى عقد الكُرب

قال : من هذا ؟
قالوا : عبدالله بن جعفر .
قال : خلُّوا لـه الطريق ، ثم إذا هو بجماعة فيهم غلام يتغنى :

بينمـا يذكـرنني أبصـرنني = عند قِيد الميل يسعى بي الأغر
قلن تعرفن الفتى ؟ قلن : نعم = قد عرفناه وهل يخفى القمـر


قال : من هذا ؟
قالوا : عمر بن أبي ربيعة .
قال : خلُّوا لـه الطريق فليذهب .
قال : ثم إذا هو بجماعة وإذا فيهم رجل يُسأل ، فيقال لـه : رميت قبل أن أحلق ؟ وحلقت قبل أن أرمي ؟ في أشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج .
فقال : من هذا ؟
قالوا : عبد الله بنُ عمر ، فالتَفَتَ إلى ابنه قُرَظَة وقال : هذا الشرف . هذا والله شرف الدنيا والآخرة .

هكذا يُثير معاوية في ابنه ما يُثير
ويُربي فيه ما يُربي
من حُبّ العلم ، ورِفعة أهله
حتى حلف له : إن هذا لهو الشرف !
وكأنه يُشير إليه من طرف خفي : هذا الشّرف ليس فيما فيه أبوك !

وهذا خليفة آخر يُشير بتلك الإشارة

قال إبراهيم الحربي كان عطاء ابن أبي رباح عبدا اسود لامرأة من مكة ، وكان أنفه كأنه باقلاّء ! فجاء سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين إلى عطاء هو وابْـنَـاهُ ، فجلسوا إليه وهو يصلي ، فلما صلى انفتل إليهم ، فما زالوا يسألونه عن مناسك الحج ، وقد حول قفاه إليهم ، ثم قال سليمان لابْنَيه : قوما ، فقاما ، فقال : يا بَنيّ ! لا تَـنِـيا في طلب العلم ، فإني لا أنسى ذلّـنا بين يدي هذا العبد الأسود !

إن الذي رفعه هو العلم

العِلْم تعلُو به مكانة الشريف ، ويرتفع به الوضيع ..

عَلَتْ هِمّة ابن عباس فصار عَالِمَا عَلَما ، حِبْرا بَحرا !


قال ابن عباس رضي الله عنهما : لَمّا تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قُلتُ لِرَجُلٍ من الأنصار : هلم نسأل أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنهم اليومَ كثير ، فقال : واعجبا ! لك يا ابنَ عباس ، أترى الناس يحتاجون إليك ، وفي الناسِ مِن أصحاب النبي عليه السلام من ترى؟ فَتَرَكَ ذلك ، وأَقْبَلْتُ على المسألة .
وبعد هذا بِزمَن قال ابن عباس : ذَلَلْتُ طَالِبا ، فَعَزَزْتُ مَطْلُوبا .



للعباس بن عبد المطّلب عشرة أبناء ، أشهرهم عبد الله ، وإذا ذُكِر أو قيل : ابن عباس ، فإنما يُراد به عبد الله دون بقيّة أبناء العباس ، وعبد الله بن عباس هو المعروف بِترجمان القرآن ، وحَبْر الأمّة .
وإنما ارتفعت مكانته ، وعَلا شأنه بالعِلْم ، فَبَزّ أقرانه ، وفاق إخوانه .

قال أبو العالية : كنت آتي ابن عباس وهو على سريره وحوله قريش ، فيأخذ بيدي فيجلسني معه على السرير ، فتغامز بي قريش ، ففطن لهم ابن عباس فقال : كذا هذا العِلم ، يَزيد الشريف شرفا ، ويُجلس المملوك على الأسرّة !

وذاك مولى ! رفعه القرآن وعلم الكتاب والسنة

روى مسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يستعمل نافع بن عبد الحارث على مكة فَلَقِيَه عمر بعسفان فقال : من استعملت على أهل الوادي ؟ فقال : ابن أبزى . قال : ومَنْ ابن أبزى ؟! قال : مولى من موالينا ! قال : فاستخلفت عليهم مولى ؟ قال : إنه قارئ لكتاب الله عـز وجل ، وإنه عالـم بالفرائض . قال : عمر أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال : إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ، ويضع به آخرين .

وهذا عالم آخر وعَلَم فـذّ أصله مولى !
نعم أبوه كان عبداً يُباع ويُشترى !

ولكنه علا وارتفع بالعلم النافع ، عِلم الكتاب والسنة

لما قَدِم هارون الرشيد الرَّقة انجفل الناس خَلْفَ عبد الله بنِ المبارك و تقطعت النعال و ارتفعت الغَبَرَة ، فأشرفت أمُّ ولدِ أمير المؤمنين من برجٍ من قصر الخشب فلما رأت الناس قالت : ما هذا ؟ قالوا : عالمٌ من أهل خراسان قدم الرَّقة يُقال لـه عبدُ الله بنُ المبارك ، فقالت : هذا والله الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان . رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد .

ذلكم هو العالم المجاهد البطل الذي لا يُشقّ له غبار ، والعالم الذي فاق الأقران ، هو عبد الله بن المبارك رحمه الله

وذاك علم آخر من أعلام الإسلام ، وإمام من أئمة التابعين
وهو مولى !
لكنه سيّـد من سادات التابعين ، سـاد بالعلم النافع

ذلكم هو الإمام محمد بن سيرين رحمه الله

فمن الذي لا يعرف ابن سيرين رحمه الله ؟

العلم يَرفع بَيْتًا لا عِماد له *** والجهل يَهدم بيت العزّ والشرف

قال ابن الجوزي : واعلم أن العِلم يرفع الأراذل ؛ فقد كان خَلْق كثير مِن العلماء لا نَسَب لهم يُذْكر ، ولا صورة تُسْتَحْسَن .
وكان الحسن مَوْلَى – أي : مملوكًا - وابن سيرين ومكحول ، وخَلْق كثير ؛ وإنما شَرفوا بالعِلم والتقوى . اهـ .

هذا عالم تولى القضاء بمكة عشرين سنة ، وكانت تهابه الخصوم .
ذلكم هو :
محمد بن عبد الرحمن الأوقص ، عُنقُه داخل في بدنه ، وكان منكباه خارجين كأنهما زُجّـان فقالت أمه : يا بني لا تكون في مجلس قوم إلاّ كنت المضحوك منه المسخور به ، فعليك بِطلب العلم ، فإنه يَرفعك ، فولي قضاء مكة عشرين سنة ، وكان الخصم إذا جلس إليه بين يديه يرعد حتى يقوم !
ومَرَّت به امرأة وهو يقول : اللهم اعتق رقبتي من النار ، فقالت له : يا ابن أخي وأيّ رقبة لك ؟!

فبأي شيء ارتفع هؤلاء ؟

إنما رفع الله قدرهم ، وأعلى ذِكرهم ، بالعِلم النافع

(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )


العلم الذي يُورث الخشية
( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )

فالعِلْم النافع ما أوْرَث الخشيَة

قال ابن مسعود رضي الله عنه : ليس العِلم بِكثرة الرواية ، ولكن العِلم الخشية .
وقال سهل بن عبد الله : ما أعطي أحد شيئا أفضل من علم يستزيد به افتقارا إلى الله .
وقال الحارث المحاسبي : العلم يُورِث الخشية .

العِلم الذي لا يكون مقصورا ولا محصورا
بل هم علماء عامّـة
يُعلّمون الناس ، ويُخالطون الناس ، ويصبرون على أذاهم

" المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم "

وأختم بكلمة إمام أهل السنة يوم قال لأهل البدع :

قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز !

فكم شهِد جنازة ذلك العالم الرباني ؟

على أقل تقدير !

قال فتح بن الحجاج : سمعت في دار الأمير أبي محمد عبد الله بن طاهر أن الأمير بعث عشرين رجلا فحزَرُوا كم صَلّى على أحمد بن حنبل ؟ قال : فحزروا فبلغ ألف ألف وثمانين ألفا ، وقال غيره وثلاث مائة ألف سوى من كان في السفن في الماء .

ذلكم هو الشرف !
ذلكم هو العِلم

وقيمة الإنسان في بيانه وأخلاقه وليس في مظهره ..

ضَحِك المعتصم مِن عبد العزيز المكي - وكان مُفرِط القُبح - فقال المكي للمأمون : مما يضحك هذا ؟ والله ما اصطفى يوسف لِجَماله ، وإنما اصطفاه لبيانه ، قال : (فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) ، فَبَيَانِي أحسن مِن وَجه هذا . فضحك المأمون ، وأعجبه كلامه .

وللأسف صارت نظرة كثير مِن الناس إلى الناس مِن خلال : لباسهم ، وجوّالاتهم وأجهزتهم ، وسيارتهم !
فيُقيّم الشخص بل وقد يُحتَرَم بناء على مَظهره !!


وكـفـى .


و

قولوا لأبي عبد الله وجدنا ما وعدت حقـا

كتبه الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل يُجمع المال المدخر الذى لا يبلغ النصاب مع الذهب الذى لا يبلغ النصاب و نزكى عنهم جميعًا؟ ناصرة السنة إرشـاد الزكـاة والصدقـة 0 06-11-2012 09:52 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:03 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى