نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم القـرآن وعلـومه
افتراضي كيف الجمع بين ( ولكـل أمة أجل ) وبين ( ويؤخركم إلى أجل مسـمى ) ؟
قديم بتاريخ : 28-12-2016 الساعة : 07:02 AM


السـلام عليكم ورحمة الله وبـركاته
أحسـن الله إليكم ونفع بعلمـكم
كيـف الجمع بين قول الله عز وجل (ولكـل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون عـنه ساعة ولا يستقدمون) وبين قول الله تعالى علـى لسان نبيه نوح عليه السلام حين كـان يدعو قومه قائلاً (ويؤخركم إلى أجل مسـمى) وما ورد في الحديث الذي رواه الشيـخان وغيرهما عن أبي هريرة وأنـس رضي الله عنهما.. عن النبي صلى الله عليه وسـلم أنه قال "من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسـأ له في أثره، فليصل رحمـه" ؟
وجزاكم الله خيـراً ..



الجواب :

وعليكم السلام ورحمـة الله وبركاته، وجـزاك الله خيـرا .

أوّلاً: الآيـة الأُولَى آية الأعراف (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَـلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسـْتَقْدِمُونَ) والثانية ليست خاصـة بِقوم نُوح، بل وَرَدَتْ في غير موضـع، ووَرَدتْ على العُموم في الأُمَم، فمن ذلـك: قوله تعالى بَعَد ذِكْرِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَـادٍ وَثَمُود وَالذِين مِنْ بَعْدِهِم: (قَالَـتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِـرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُـمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّـى ).

وجـاءت في خِطَاب نوح لقومه ( وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسـَمًّى ).

ثانـيا: لا تَعارُض بَيْن الآيات، ولا بين الآيات والأحـاديث النبوية، ولا تعارُض بيْن الأحاديث النبويـة.

ثالـثا: التأخير إلى أجَل مُسمّى، هو أن لا يُعَاجَلُوا بـالعُقُوبة. فإن قيل: أليسوا إذا عُوجِلُـوا بالعُقوبة كان ذلك عند انقضـاء آجالهم ؟
فالجواب مِن وجـوه:
/ الأول: أنَّ مَن عوجِل بالعُقوبة وأُخِذ على حِين غِرَّة، يَكـون كأنه قد قُضي إليه أجَلُه ولم يُمهَل، ولذا كـان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوّذ مِن الانتـقام المفاجئ، ففي صحيح مسلم من حديث ابن عمـر رضي الله عنهما قال: كان مِن دُعـاء رسول الله صلى الله عليه وسلـم: اللهم إني أعوذ بك مِن زَوال نِعمتـك، وتَحَوّل عَافيتك، وفُجاءة نِقْمَتك، وجميع سخطـك.

الثانـي: أنَّ من أُخِذ على حين غِرّة وغَفْلَة إذا عايـن العَذَاب والْهَلاك ينسى ما مضى مِن عُمُره، فيكون ما مـضى مِن عُمره كأنه لم يُمتَّع به. وفي هذا المعـنى ما جاء في حديث أنس عند مسلم، وفيه: يُؤتَى بِأنْعَـم أهل الدنيا مِن أهل النار يوم القيامة فيُصْبَغ في النار صَبغة، ثـم يُقال: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قَطّ ؟ هـل مَرَّ بِك نَعيم قَطّ ؟ فيقول : لا والله يا رب . ويُؤتَى بأشَدَّ النـاس بُؤسًا في الدنيا مِن أهل الجنة فيُصْبغ صَبغة فـي الْجَنَّة، فيُقَال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط ؟ هـل مَرَّ بِك شِدَّة قط ؟ فيقول : لا والله يا رب مَا مَرَّ بي بُؤس قَـطّ ، ولا رأيت شِدَّة قَطّ .

الثالـث: أن للطاعة بَرَكة في فُسْحَة الأجَل، وللمعصية مـن الشؤم ما يُذْهِب تِلك البَرَكـة، كما سيأتي تفصيله فيما يتعلّق بالحديـث.

والتأخيـر في الآجال مُختَلَف فيـه على أقوال :
الأول: أن التأخيـر معنوي، ويَكون بالبرَكة، بحيث يَعمـل الإنسان في العمر القصير ما يعمله غيره فـي العمر الطويل.
الثانـي: زيادة العُمر بالذُّرية الصالحة يَرزقهـا العبد فَيَدْعُون له مِن بَعده فَيلْحَقـه دُعاؤهم في قَبره؛ فذلك زيادة العُمـر.
الثالـث: أن التأخير في الآجال علـى حقيقته، أي يَكون تأخيرًا حقيقـيا.
فـإن قيل: أليس الله قد قدَّر الآجَال ؟ فـلا يُزَاد على ما في اللوح المحفوظ ولا يُنقَص مـنه ؟
فالجـواب: بلى. ما في اللوح المحفـوظ لا يَزاد عليه ولا يُنقـص.

إذا كيـف يكون مَن وَصَل رَحِمه يُنْسـَأ له في أجَلَه ؟
هـذا قد أجاب عنه العُلَماء بأنّ ما يُكْتَب عـلى الجنين وهو في بطن أمِّـه، هو الذي بأيدي الملائكـة، وهو قابل للزيادة والنُّقْصَان، وليـس هو الذي في اللوح المحفوظ. ففي حديث ابن مسعود: ثـم يَبْعَث الله مَلَكًا فيؤمر بأربع كلمات، ويُقَال لـه: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعـيد. رواه البخاري ومسلم. فهذه الكِتَابَة هي التي بأيـدي الملائكة، وقد يكون المكتوب لـ " زيد " مِن الناس 40 سنة، فـإن وصل رَحِمَه زيد في أجله – مثلا – إلى 60 سـنة. والْمَلَك لا يَعلَم ما يَكون مِن هذا الإنسـان مِن صِلَة رَحِم أو قَطِيعَة، فيَكتُب له 40 سنـة.

قـال الإمام السمعاني في تفسيره: وفـي بعض الآثار أن الرَّجُل يكون قـد بَقي له مِن عُمره ثلاثون سنة فيقطـع رَحِمَه فَيُرَدّ إلى ثلاثة أيام، والرَّجُـل يكون قد بَقِي له مِن عُمـره ثلاثة أيام فيَصِل رَحِمه فَيُمَدّ إلى ثلاثين سـنة. اهـ.

وأمـا بالنسبة لِعِلْم الله فإنه عَلِم ما كان وما سيكـون، ويَعلَم سبحانه وتعالى أن هذا الإنسـان يَصِل رَحِمَه أوْ لا. وبناء عـلى هذا العِلْم السابق يَكون ما فـي اللوح المحفوظ. فالذي يتغيّر هو ما في أيـدي الملائكة، وليس ما في اللوح المحفـوظ. وهذا قد دَلَّت عليه أدلّة، منها: قوله تعـالى (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَـصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ ) وقوله تعالى (يَمْحُـوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَـابِ) فَالْمَحْو والإثبات بما في الصُّحُف التي بأيـدي الملائكة، مـما كَتَبوا من الآجال والأرزاق وغير ذلك، وأما مـا في أمِّ الكِتاب، فهو الذي في اللوح المحفـوظ لا يتغيّر ولا يتبدّل. وكذلك الآية التي قبلها – آيـة فاطِر – دالّة على الزيادة والنُّقْصَان في الأعـمار.

قـال القرطبي في تفسيره:
قيل لابن عباس لَمَّا رَوى الحديـث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قـال: " من أحَبّ أن يَمُدّ الله في عُمره وأجَله ويُبْسَـط له في رزقه فليتق الله وليَصِل رَحِمه " كيف يُزَاد في العُمـر والأجل ؟ فقال: قال الله عز وجل (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضـَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) فالأجَل الأوَّل أجَل العَبد مِـن حين وَلادته إلى حِين مَوته، والأجَل الثاني - يَعني الْمُسَمَّى عِنده – مِـن حِين وَفَاته إلى يوم يلقاه، في البرزخ لا يَعلمه إلاَّ الله، فـإذا اتَّقَى العبدُ رَبه ووصل رَحِمه زاده الله في أجَل عُمره الأوَّل مِن أجَـل البَرْزخ مَا شاء، وإذا عَصَى وقَطَع رَحِمَه نَقَصَه الله مِن أجَل عُمره في الدنيـا مَا شاء، فَيَزِيده في أجَل البَـرْزَخ. اهـ.

كَمَـا دَلّ على الزيادة والنَُقْصَان فـي الأعْمَار مَا جاء في خَبر أبِينَا آدَم عليه الـصلاة والسلام حين أُخْرَجَتْ له ذُرِّيّتـه.
قـال عليه الصلاة والسلام: لَمَّا خَلَق اللهُ آدَم مَسَح ظَهْرَه فَسَقَطَ مِـن ظَهْرِه كُلّ نَسَمَة هُو خَالِقُها مِن ذُرِّيَّتِه إلى يَوم القِيامَة، وجَعَل بَيْن عَيْنَـيّ كُلّ إنْسَان مِنْهم وَبِيصًا مِن نُور، ثـم عَرضَهم على آدَم، فقـال: أيْ رَبّ ! مَن هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذُرِّيَّتُك ، فَرَأى رَجُلاً مِنهم فأعْجَبَه وَبِيـص مَا بَين عَينَيه ، فقال : أيْ رَبّ ! مَن هَذا ؟ فقال : هذا رَجُل مِن آخِـر الأمُم مِن ذُرِّيَّتِك يُقَال له : دَاود ، فقال : رَبّ كَم جَعَلْتَ عُمُرَه ؟ قال: سِتِّين سَنَـة. قال: أيْ رَبّ ! زِدْه مِن عُمُري أرْبَعين سَنَة، فلما قَضَى عُمُر آدَم جَاءه مَلَـك الْمَوْت، فقال: أوَ لَم يَبْقَ مِن عُمُرِي أرْبَعُون سَنَـة ؟ قال: أوَ لَم تُعْطِها ابْنَك دَاود ؟ قال: فَجَحَد آدَم فَجَحَـدَتْ ذُرِّيَّتُه، ونَسِي آدَم فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُه، وخَطِئ آدَم فَخَطِئتْ ذُرِّيَّتُـه. رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحـيح، وقد رُوي مِن غَير وَجْه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الألبانـي: صحيح ( صحيح الجامع ).

فهـذا آدم عليه الصلاة والسلام كان عُمُره / 1000 سنة، ثـم أعْطَى ابنه داود عليه الصلاة والسلام منها 40 سنة، فـصار عمر آدم 960 سنة. وهذا دَالّ على زيادة الأعمار ونُقصانـها. وإلى القول بالزيادة والنُّقْصَان الحقيقة في الأعـمار ذَهَب الإمام النووي ورجّحه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميـذه ابن رجب، وجَمْع مِن أهل العِلْم.

والله تعالى أعـلم.

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجمع بين (فبما كسبت أيديكم) وبين (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) طالبة علم منتـدى الحـوار العـام 1 06-09-2016 01:52 PM
الجمع بين رواية «لا يرقون» وبين فعل النبي صلى الله عليه وسلم طالبة علم منتـدى الحـوار العـام 1 31-08-2016 03:42 PM
الجمع بين قول ابن عمر و القاعدة القرآنية جوزي أبو عثمان قسـم الأراشيـف والمتابعـة 0 30-07-2016 08:12 AM
كيف الجمع بين حديث (لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت) وبين أكل الرسول طعام اليهود ؟ راجية العفو قسم أراشيف الفتاوى المكررة 0 31-12-2014 10:51 PM
كيف الجمع بين حديث " لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت " وبين أكل الرسول ﷺ من طعام اليهود ؟ نسمات الفجر قسـم السنـة النبويـة 0 25-11-2014 11:14 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 12:49 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى