|
رحمه الله وغفر الله له
|
|
|
|
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
|
|
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
مُسلم
المنتدى :
إرشـاد الأدعـيــة
بتاريخ : 27-05-2016 الساعة : 02:23 PM
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
كلّه بِقَدَر الله وقضائه .
فالذي قدَّر الأقدار ، هو الذي أمَر بالدعاء ، كما أن الذي أنزل الداء أنْزل الدواء . فلا تعارُض بينهما .
والله قد أمَر بالدعاء ووعَد بالإجابة إذا انْتَفَتْ مَوانِع إجابة الدعاء .
ونُزول رَاتب الموظف مثلا ، هو بِقَدر الله ، والموظف بذل السبب الذي أُمِر به ، وهو العَمَل ، ولم يجلس في بيته حتى يأتيه راتب الوظيفة دون بذل سبب !
ويُشرَع لِمن أتاه مال أن يدعو بالبركة .
ومَن دخل بيته ، أو دخل بيت الخلاء ، أو ركب سيارة ، شُرِع له أن يقول الذِّكْر الوارد ؛ لأن قول الذِّكْر الوارد سبب ، والنتيجة مُعلَّقة بالسبب .
فالذي قدَّر الأقدار هو الذي أمَر بِفعل الأسباب .
ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم للرَّجُل الذي لَدَغته العقرب : أَمَا لَوْ قُلْتَ ، حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ تَضُرّكَ . رواه مسلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم : مَن نَزل مَنْزِلاً ثم قال : " أعوذ بكلمات الله التامات مِن شَرّ ما خلق " لم يَضُرّه شيء حتى يَرْتَحِل مِن مَنْزِله ذلك . رواه مسلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم : لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فقضي بينهما ولد لم يضرّه الشيطان . رواه البخاري ومسلم .
فهذه نتائج مُرتَّبَة على أسباب ، كما أن الذي يُريد الولد لا يقول : إن كان هذا الأمر مُقدَّر لي فسيأتي الولد ، ولو لم أبذل السبب !
بل يَسعى للزواج ويَفعل الأسباب التي جُعِلَت سببا في حصول الولد .
وأما قول القائل : ربما لا يستجيب الله دعائي بسبب ذنوبي ؛ فإن كان هذا القول يبعث على الندم والتوبة وترك الذنوب ، وإساءة الظن بِنفسه ؛ فهو مطلوب .
وإن كان يبعث على ترك الدعاء ، فهو مَنهي عنه ؛ لأن الإنسان مأمور بالدعاء ، وإحسان الظنّ بِربِّه .
قال ابن القيم : والله سبحانه وتعالى يُحب تَذلّل عبيده بين يديه ، وسؤالهم إياه ، وطلبهم حوائجهم منه ، وشكواهم إليه ، وعِياذهم به منه ، وفرارهم منه إليه ...
وقال عن الدعاء :
وفي هذا المقام غلط طائفتان مِن الناس :
طائفة ظَنّت أن القَدَر السابق يَجعل الدعاء عديم الفائدة .
قالوا : فإن المطلوب إن كان قد قُدّر فلا بُدّ مِن وصوله ، دعا العبد أو لم يَدعُ ، وإن لم يكن قد قُدِّر فلا سبيل إلى حصوله دَعَا أو لم يَدعُ !
ولَمّا رأوا الكتاب والسنة والآثار قد تظاهرت بالدعاء وفضله والحث عليه وطَلبه قالوا : هو عبودية مَحضة لا تأثير له في المطلوب البتّة ، وإنما تَعبّدنا به الله ، وله أن يَتعبد عباده بما شاء كيف شاء !
والطائفة الثانية ظَنّت أن بِنفس الدعاء والطلب يُنال المطلوب ، وأنه موجب لحصوله حتى كأنه سبب مُستقل ، وربما انضاف إلى ذلك شهودهم أن هذا السبب منهم وبهم ، وأنهم هُم الذين فعلوه ، وأن نفوسهم هي التي فعلته وأحدثته ، وإن عَلِموا أن الله خالق أفعال العباد وحَركاتهم وسكناتهم وإراداتهم فَرُبما غاب عنهم شهود كَون ذلك بالله ومِن الله ، لا بِهم ولا مِنهم ، وأنه هو الذي حَرّكهم للدعاء وقَذَفه في قَلب العبد وأجْرَاه على لسانه .
فهاتان الطائفتان غالطتان أقبح غلط ، وهما محجوبتان عن الله .
فالأولى مَحجوبة عن رؤية حِكمته في الأسباب ونَصبِها لإقامة العبودية ، وتعلّق الشرع والقَدَر بها ؛ فَحِجابها كَثيف عن معرفة حكمة الله سبحانه وتعالى في شرعه وأمْره وقَدَره .
والثانية مَحجوبة عن رؤية مِنَنه وفضله ، وتفرّده بالربوبية والتدبير ، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يَكن ، وأنه لا حول للعبد ولا قوة له بل ولا للعالم أجمع إلاّ به سبحانه ، وأنه لا تتحرك ذرّة إلاّ بإذنه ومَشيئته . اهـ .
والنصيحة أن لا تُكثِر مِن إيراد الشبهات على قلبك .
قال ابن القيم رحمه الله: وقال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه - وقد جَعَلْتُ أُورِد عليه إيرَادًا بعد إيرَاد - : لا تَجعل قَلْبَك للإيرَادات والشُّبُهَات مثل السفنجة فَيَتَشَرّبها ، فلا يَنْضَح إلاَّ بها ، ولكن اجْعَله كالزُّجَاجة الْمُصْمَتَة تَمُرّ الشُّبُهات بِظاهرها ولا تَسْتَقِرّ فيها ، فَيَرَاها بِصَفائه ، ويدفعها بِصلابته ، وإلاَّ فإذا أَشْرَبْتَ قلبك كل شُبهة تَمُرّ عليها صار مَقَرًّا للشبهات . أو كما قال . فما أعلم أني انتفعت بِوَصيّة في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك .
وسبق أن أجبتك :
كيف التوفيق بين الدعاء مع اليقين بالإجابة وبين أن الدعاء قد لا يستجاب بسبب الذنوب ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13582
وسبق الجواب عن :
كيف نفهم الحديث الذي ذكر فيه نفح الروح وكتابة الرزق والعمل والأجل والشقاء والسعادة
http://ashwakaljana.com/vb/showthread.php?t=28457
هل الدعاء يرد القضاء أو يرد القدر ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4163
ما التوجيه لأهل البلاء الذين يدعون ولا يُستجاب لهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15216
لا تكن أعجز الناس فتترك سلاحك
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1686
ماذا أصاب هذا الرجل لَمّا نَسيَ الذِّكر ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7866
تدخّـلات الشياطين في حياة الآدمييـن
https://saaid.net/Doat/assuhaim/208.htm
كيف نجمع بين رفض اليهود لأي شخص اعتناق ديانتهم وبين قوله تعالى (حتى تتبع ملتهم) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14480
خُطبة جُمعة عن .. (الرضا عن الله )
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13874
والله تعالى أعلم .
وأعتذر عن الإجابة عن أي إشكال تُورِده !
|
|
|
|
|