عرض مشاركة واحدة

نبض الدعوة
الصورة الرمزية نبض الدعوة

مشرفة عامة


رقم العضوية : 67
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 469
بمعدل : 0.09 يوميا

نبض الدعوة غير متواجد حالياً عرض البوم صور نبض الدعوة


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفتـاوى العامـة
افتراضي مَن يدعو إلى الله ويؤذى هل يستوي في الأجر مع مَن لا يجِد الأذى ؟
قديم بتاريخ : 14-02-2013 الساعة : 02:20 AM


السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله أن يجزيكِ الفردوس الأعلى شيخنا الفاضل
سؤالي هو باركَ الله فيكم : الداعية إلى الله وما يلاقيه في هذا المجال من أذى و سب و شتم أو تكذيب لفتواكم وفتوى علمائنا رحمهم الله أمثال : ابن باز أو ابن عثيمين أو الألباني و نلاقي ردود من هؤلاء الأشخاص وكيفية تطاولهم على الفتاوى والكلمة التي ترددت على مسامعنا كثير الأعمال بالنيات ( يعني مثلا يكون رد منهم أنا مو قصدي إني أسوي هالشيء لأنه حرام أو أغضب الله لا أنا قصدي غير والأعمال بالنيات) . أو بعض الأحيان حذف موضوع لفتوى معينة أو حذف موضوع مختص بالغناء إذا كان منتداهم يحمل قسم غناء أو حذف موضوع فيه تنبيه لأمر بدعي . أو تشكيك في مصداقية مجال دعوتنا إلى الله بأن مقصدنا ليس بمقصد الدعوة بل مقصد آخر .
ما حكمه ؟ وهل بإذن الله تعالى نحن مأجورون على ذلك ؟
لأن البعض يقول الحمد لله ما أواجه مثل هذه الفئات اللي تسب وتشتم
فهل اللي يلاقي السب والشتم والإيذاء سواسية مع اللي ما يلاقي سب وشتم ولا يلاقي إيذاء.
والفتاوى لو نقلناها للمنتديات وجاتنا من بعض الناس ردود تكذيب أو اعتراض هل يلزم الرد عليهم وإلا عادي لو ماردينا ( لأني شخصيا أتنرفز لا شفت مثل هالردود ما أعرف أمسك نفسي وأحس إني ما أعرف أرد عليهم ، وشيء ثاني إن المنتديات اللي ننقل لهم الفتاوى كثير ما نلحق نطلع على كل الردود اللي بالمواضيع اللي نزلناها ) .
و جزاك الله خير الجزاء ووفقك وإيانا إلى ما يحب و يرضى .



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

لا شكّ أن الذي يَجِد الأذى في سبيل دعوته أعظم أجرا مِمن لا يَجِد أذى ، ولذا عَظُمت مَنْزِلة أولي العَزْم مِن الرُّسُل .
ولذلك قال الله عَزّ وَجَلّ لِنبيِّه صلى الله عليه وسلم : (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) ، وقال الله تبارك وتعالى : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) .

وعلى الداعي إلى الله أن يعلم أن الله تبارك وتعالى وتقدّس لم يختصّ نفسه بالسلامة مِن ألْسِنة شِرار الْخَلْق !
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَا أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ؛ إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ نِدًّا وَيَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرْزُقُهُمْ وَيُعَافِيهِمْ وَيُعْطِيهِمْ . رواه مسلم .

وما سلِم أحَد مِن النقد والأذى حتى الأنبياء .
فقد أُوذي رَسُولنا وقُدوتنا صلى الله عليه وسلم ، وتعرّض عليه الصلاة والسلام للنقد الآثِم ، فقال له رجل : يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ . فقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وَيْلَكَ مَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ؟
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه : فَقَال : فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ؟ رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ . رواه البخاري ومسلم .

قيل للحسن البصري : يا أبا سعيد ! إن قوما يحضرون مَجْلِسك ليس بُغْيتهم إلاَّ تتبع سقطات كلامك ، وتَعْنِيتك بالسؤال . فَتَبَسَّم ، وقال للقَائل : هَوّن على نفسك ، فإني حَدَّثْتُ نَفْسِي بِسُكْنَى الْجِنان ومُجَاورة الرحمن فَطَمِعَت ، وما حَدَّثْتُ نَفْسي بالسلامة مِن الناس ؛ لأني قد عَلِمْت أن خَالِقهم ورَازقهم ومُحْييهم ومُميتهم لم يَسْلم منهم ! وقال موسى عليه السلام : يا رب احبس عَنِّي ألْسِنة الناس ، فقال : يا موسى هذا شيء لم أصطفه لِنَفْسي ، فكيف أفعله بك ؟

قال ابن حَزْم : مَن قَدّر أنه يَسْلَم مِن طَعن الناس وعَيبهم فهو مجنون !

ولا يهولنّك أولئك ، إنما يتّبِعون أهواءهم في ردّ كلام أهل العِلْم .
قال تعالى لِنَبِيِّه صلى الله عليه وسلم : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) .
وقال تبارك وتعالى : (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) .
وقال عَزّ وَجَلّ : (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى)
قال القرطبي في تفسيره : قوله تعالى : (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى) نَهْي ، فإن اتِّبَاع الْهَوى مُرْدٍ ، أي : مُهْلِك؛ قال الله تعالى : (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) ، فَاتِّبَاع الْهَوى يَحْمِل على الشهادة بِغَير الْحَقّ ، وعلى الْجَور في الْحُكْم ، إلى غير ذلك . اهـ .

قال الإمام الشاطبي : جَعل الله اتِّباع الهوى مُضَادا للحق وعَدّه قَسِيمًا له ، كما في قوله تعالى : (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) ، فقد حَصَر الأمْر في شيئين : الوَحي ، وهو الشريعة ، والْهَوى ، فلا ثالِث لهما ، وإذا كان كذلك فهما مُتَضَادّان ، وحِين تَعيّن الحق في الوَحي ، تَوَجّه للهَوى ضِدّه ، فاتِّبَاع الْهَوَى مُضَادّ للحقّ . اهـ

وحُسن النية لا يُسوِّغ العَمَل ، ولا يُعذر الإنسان بِحُسْن نِيّته إذا خالَف الشَّرْع ، خاصة مع عِلْمه بالمخَالَفة وتذرّعه بِحُسْن النيّة .

وما ابْتُدِع في الإسلام بِدعة إلاّ وحُجّة أصحابها حُسن المقصد !

ولا يلزَم الردّ على كل مُعانِد ، بل قد يَكون مِن الحكمة أن يُتْرَك ؛ لأن هذيانه لا يستحقّ الردّ !

وسبق :
يقولون إنهم لا يأثمون على البِدعة لأنها فِعل طاعة !
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3089

والله تعالى أعلم .



المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد



رد مع اقتباس