[محب السلف]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شيخنا الفاضل هذه شبهة يروج لها أهل البدع في التوسل ولا نعرف صحتها، يقول ابن قدامة رحمه الله في المغني

ثُمَّ تَأْتِي الْقَبْرَ فَتُوَلِّي ظَهْرَكَ الْقِبْلَةَ ، وَتَسْتَقْبِلُ وَسَطَهُ ، وَتَقُولُ : السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، وَخِيرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَشْهَدُ أَنَّك قَدْ بَلَّغْت رِسَالَاتِ رَبِّك ، وَنَصَحْت لِأُمَّتِك ، وَدَعَوْت إلَى سَبِيلِ رَبِّك بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، وَعَبَدْت اللَّهَ حَتَّى أَتَاك الْيَقِينُ ، فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْك كَثِيرًا ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى ،

اللَّهُمَّ اجْزِ عَنَّا نَبِيَّنَا أَفْضَلَ مَا جَزَيْت أَحَدًا مِنْ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْته ، يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِ مُحَمَّد ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِ مُحَمَّد ، كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ إنَّك قُلْت وَقَوْلُك الْحَقُّ : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } .

وَقَدْ أَتَيْتُك مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذُنُوبِي ، مُسْتَشْفِعًا بِك إلَى رَبِّي ، فَأَسْأَلُك يَا رَبِّ أَنْ تُوجِبَ لِي الْمَغْفِرَةَ ، كَمَا أَوْجَبْتهَا لِمَنْ أَتَاهُ فِي حَيَاتِهِ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ أَوَّلَ الشَّافِعِينَ ، وَأَنْجَحَ السَّائِلِينَ ، وَأَكْرَمَ الْآخَرِينَ وَالْأَوَّلِينَ ، بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ

وجزاكم الله خير



الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وجزاك الله خيرا .

أهل البِدَع لا يعرفون إلاّ هذه وأمثالها !
وإلاّ فأين هُم عن سائر مُعتقد الحنابلة ؟!

والجواب عن هذا مِن وُجوه :
الوجه الأول : أنه قول عَالِم ، والعَالِم يُحتَجّ لِقوله ولا يُحتَجّ به ؛ لأننا لو جعلنا كلام العالِم حُجّة ، لَرَفَعْنَاه إلى مرتبة النبوة ! وليس كلام العَالِم حُجّة على غيره مِن العلماء ، وليس أحد مِن العلماء بأحقّ بالتقديم على غيره ، إلاّ أن يكن أعلم وأفضل .

الوجه الثاني : أن الآية التي أوردها ابن قدامة رحمه الله نَزَلت في شأن المنافقين . وسبق بيان ذلك هنا :
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8619

الوجه الثالث : أن هذا القول لا يُعرَف عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم . ومِن منهج ابن قدامة ذِكْر الدليل والحجة ومن قال بها من الصحابة والعلماء . فلو كان ابن قدامة قد وقَف على قائل قال به لَذَكَرَه .

بل إن الصحابة رضي الله عنهم لَمّا استسقوا وفيهم كبار الصحابة مثل عمر والعباس رضي الله عنهم لم يأتوا إلى قبره عليه الصلاة والسلام ، ولم يسألوه عليه الصلاة والسلام شيئا . بل طلب عمر من العباس أن يدعو لهم . كما في صحيح البخاري .

وهذا مِن دعاء الحيّ بِطلب السُّقْيَا .

الوجه الرابع : أن ما ذكره ابن قدامة ليس فيه سؤال النبي صلى الله عليه وسلم كما يفعل أهل البدع ، ولا طلب الحاجات منه ! فإنه قال عن الزائر يقول : (وَقَدْ أَتَيْتُك مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذُنُوبِي ، مُسْتَشْفِعًا بِك إلَى رَبِّي ، فَأَسْأَلُك يَا رَبِّ أَنْ تُوجِبَ لِي الْمَغْفِرَةَ)

فهو لم يقُل : اغفر لي ! ولا اشفِ مريضي .. ولا غير ذلك مِن مسائل أهل البدع . بل قال : مُستغفِرًا مِن ذنوبي . والمغفرة إنما تُطلب مِن الله . ثم خَتَم ذلك بقول : (فَأَسْأَلُك يَا رَبِّ أَنْ تُوجِبَ لِي الْمَغْفِرَةَ) .

وسبق :
الجواب المفصل عن شبهات في التوسل ..
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2142

وسبق أيضا :
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8223

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد