عرض مشاركة واحدة

أم سيف
عضو نشيط
رقم العضوية : 39
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 58
بمعدل : 0.01 يوميا

أم سيف غير متواجد حالياً عرض البوم صور أم سيف


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي لقاء منتدى (لكِ) حول التبرج وفتن الأسواق
قديم بتاريخ : 03-03-2010 الساعة : 09:02 AM

،

لقاء منتدى لك حول التبرج وفتن الأسواق
مقدِّمَة :
الحمد لله الذي خَلَق الزَّوْجَين الذَّكَر والأنْثى ، أحْمَدُه كَما يُحِبّ رَبُّنا ويَرْضَى .
والصلاة والسلام على نَبيّ الرَّحْمَة والْهُدَى ، وعلى آله وأصحابه أئمَّة الْهُدَى ونُجُوم الدُّجَى .
أما بعد :

فأشْكُر لأخواتي في منتديات ( لكِ ) هذا الجهد الْمُبَارَك ، وهذه الدَّعْوة الكَرِيمة .
وأخصّ بالشُّكْر الأخت الفاضلة .... القائمة على هذه الفِكْرَة ، ومُدِيرَة هذا الحوار ..
وأبدأ - بِحَمْدِ الله - مُبَيِّنًا بعض مَا جَاءَت به الشَّرِيعة مِن مَحَاسِن في هذا الْجَانِب :
وقد جَاءَت الشَّرِيعة بِتَحْقِيق الْمَصَالِح وتَكْميلها ، وتقليل الْمَفَاسِد وإعْدامها ، كَمَا يَقُول ابن القيم .
ولَم يُؤمَر بشيء في الشريعة إلاَّ ومصلحته مُتحققة أو راجِحة ، ولم يُنْهَ عن شيء إلاَّ ومَفْسَدَته مُتحققة أو راجِحة .
فالأوامِر في شريعتنا الغَرَّاء ليست عَبثا ، ولا تَسَلُّطًا ، بل هي تَصُبّ في كِفَّة سَعَادة مُتَّبِعِيها ، ليَنْعَمُوا بالراحة والسعادة والطمأنينة في دُنياهم ، ويَصِلُوا - بِسَلام - إلى دار السَّلام في أُخْرَاهم .
جاءت الشريعة بِحِفْظ الكُلِّيَّات الْخَمْس ( الضَّرُوريَّات الْخَمْس ) ، وهي : الدِّين والنَّفْس والنَّسْل والْمَال والعَقْل .
وأعْظَم هذه الضَّرُورِيَّات هي ( حِفْظ الدِّين ) ، فإن ضَيَاعَه لا يَعْدِله ضَيَاع ..
ولذا قِيل :
في كُلّ شَيء إذا ضَيَّعْتَه عِوَض *** وليس في الله إن ضَيَّعْتَه عِوَض

ومِن مَحَاسِن الشريعة الإسلامية أن رَفَعَتْ مِن شأن المرأة ، ولم تُهنْها - كما فَعَلَتْ الجاهلية القديمة والْحَديثة - !
فقد جاء الإسلام والمرأة تُورَث مع سقط الْمَتَاع ، فجَعَلها وارِثة لا مَوْرُوثة ..
وجاء الإسلام والمرأة تُدْفَن وهي حَيَّة ، فَجَعل رِعايتها وصِيانتها سَبَبًا في دُخول الجنة
وجاء الإسلام والمرأة لا اعْتِبَار لها ، فَجَعل لها اعتبارها ..
قال عمر رضي الله عنه : إن كُنَّا في الجاهلية مَا نَعُدُّ للنساء أمْرًا ، حتى أنْزَل الله فيهن مَا أنْزَل ، وقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَم . رواه البخاري ومسلم .
جَاءت الشريعة فَحَفِظَت المرأة كَمَا يُحفَظ الْغَالِي مِن الْمَال ، بينما ابْتُذِلَتْ - في الجاهليات - ونُبِذَتْ كنَبْذِ الْحِذاء الْمُرقَّع !
حَتى شَهِد بذلك أعداء الإسلام قبل أصدقائه !

يقول أحد علماء الإنجليز ، وهو ( هلمتن ) : إن أحكام الإسلام في شأن المرأة صريحة في وفرة العناية بوقايتها من كل ما يؤذيها ويُشين سُمْعَتِها . اهـ .
وتَقُول جريدة (المونيتور) الفرنسية : قد أوْجَد الإسلام إصلاحاً عظيماً في حالة المرأة في الهيئة الاجتماعية ، ومما يَجِب التَّنْوِيه به أن الحقوق الشرعية التي مَنَحَهَا الإسلام للمرأة تفوق كثيراً الحقوق الممنوحة للمرأة الفرنسية . اهـ .
ويَكفي في هذا المقام أن نُورِد قوله عليه الصلاة والسلام : النِّساء شَقَائق الرِّجَال . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي . وهو حديث حسَن . وأصله في الصحيحين .
وإنَّ مِمَّا تَسْعَى إليه الجاهلية المعاصِرَة - الْمُتَدَثِّرَة بِثِيَاب الحضَارَة ! - إخْرَاج المرأة مِن بَيْتِها إلى مَعامِل ومَصَانِع ومَقَاهي .. لِتُسْلَب سَعَادتها ، وتَكون ألعُوبة في أيدي الرِّجَال ! ليَسْعَد بذلك الذُّكُور وتَشْقَى بِه الإناث !
وشَهِد شاهِد مِن أهلها !

تَقُول الكَاتبة الشهيرة " آتي رود " - في مقالة نُشِرت عام 1901م - : لأن يشتغل بَنَاتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم ، خَير وأخَفّ بَلاءً مِن اشتغالهن في الْمَعَامِل حيث تُصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد ، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين ، فيها الحِشمة والعفاف والطهارة ... نَعَم .. إنه لَعَارٌ على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتَها مثَلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال ، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يُوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت ، وترك أعمال الرجال للرجال سلامةً لِشَرَفِها .
ونَشَرَتْ مجلة " الأسبوع " الألمانية رسالة من امرأة ألمانية بتاريخ 29/8/1959م تقول فيها : إنني أرغب البقاء في مَنْزِلي ولكن طالما أن " أعجوبة الاقتصاد الألماني الحديث " لم تشمل كل طبقات الشّعب فإن أمراً كهذا مستحيل وللأسف .
وذَكَر د . مصطفى السباعي - رحمه الله - أنه كان في رِحْلة عِلْمِية مِن ميناء " دوفر " إلى ميناء " أوستن " فالْتَقَى فتاة إيطالية تَدْرس الحقوق في جامعة أكسفورد ، وتَحَدَّث مع تلك الفتاة عن المرأة المسلمة وحقوقها ، وكيف تعيش . قالت الفتاة : إنني أغبط المرأة المسلمة ، وأتمنّى أن لو كنت مَوْلُودَة في بِلادِكم . اهـ .
وإنَّ مِن وسائل إبليس في إضلال بَني آدم وفي سَبيل إغوائهم : التَّبَرُّج والاخْتِلاط في مَجَامِع النَّاس ، وفي الأماكِن العامَّة ..
تأمّلي - رعاك الله - ما حَكَاه ابن عباس رضي الله عنهما - حَبر الأمَّة وترجمان القرآن ..
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانتِ الجاهليةُ الأولى فيما بين نوح وإدريسَ عليهما السلام ، وكانتْ ألفَ سنة ، وإنّ بَطْنَيْنِ من ولدِ آدمَ كان أحدُهما يَسْكُنُ السَّهْلَ ، والآخرُ يَسْكُنُ الجبَلَ ، فكان رجالُ الجبلِ صِبَاحا ، وفي النساء دَمَامَةٌ ، وكان نساءُ السَّهْلِ صِبَاحا ، وفي الرِّجَال دَمَامَةٌ ، وإن إبليسَ أتى رَجُلاً مِن أهلِ السَّهْلِ في صُورةِ غُلام فَأَجَّرَ نَفْسَه ، فكان يَخْدُمُهُ ، واتَّخَذَ إبليسُ شَبَّابَةً مثل الذي يَزْمُرُ فيهِ الرِّعَاءُ ، فجاءَ بَصَوت لم يَسْمَعِ الناسُ بِمِثْلِهِ ، فَبَلَغَ ذلك مَن حَولَهُ ، فَانْتَابُوهُم يَسْمَعُون إليه ، واتَّخَذُوا عِيداً يَجْتَمِعُونَ إليه في السَّنَةِ ، فَتَبَرَّجَ النساءُ للرِّجَالِ ، وَتَبَرَّجَ الرِّجَالُ لهن ، وإن رَجُلاً مِن أهلِ الجبلِ هَجَمَ عَليهِم في عِيدِهم ذلك فَرَأى النساءَ وَصَبَاحَتِهِنَّ ، فأتى أصحابَهُ فأخْبَرَهم بِذَلِكَ ، فَتَحَوّلُوا إليهِنّ ، فَنَزَلُوا مَعَهُنَّ ، وَظَهَرَتِ الفاحشةُ فيهن ، فهو قول الله : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) .

فانظروا .. بِمَ اسْتَعانَ إبليسُ على الفَسَادِ والإفْسَاد ؟
بأيِّ وسيلة ؟ أم بأيِّ طريقة ؟
استعان على إفساد الناس بغناء وأعياد وخروج نِساء !
وهذه الثلاث : ( الغِناءَ والطَّرَب ، والأعيادَ الْمُحدَثةِ الْمُبتَدَعة ، وإخْراجَ النساء ) هي أسلحةُ إبليس ، وبها يُلوِّحُ وَرَثَتُه ! فيُنادُون بها ، ويُطالبُِون بِوجودها !
" شَبَّابَة " نوعٌ مِن الْمَزِامِير !
فالتَّبَرُّج خِلاف الفِطْرَة .. ثم هَو دَعْوَة إبليسية !
والحِجَاب سَتْر وعَفَاف .. وحِشْمَة وحياء .. وهو أمْر رَبّ العالمين ، ودَعوة إمام الْمُرْسَلِين ..
معنى التَّبَرُّج
تَعْرِيفِ التَّبَرُّج

التَّبَرُّج : هو إظهارُ الزِّينةِ للأجانِب ..
وسواءً كان ذلك بإظهار ألْوانِ الثيابِ ، أو كان بِزركشات وتَطْريزات ، أو كان بِلُبْسِ ما يَصِفُ حَجم الأعضاء ، أو مَا يَشِفّ عَن لَون البَشرة ..
أو كان بأصوات الْحُلِيّ ومَا شَابهها ، أو بِرَوائحِ العُطُورِ وما يُلْحَقُ بها .
كلُّ ذلك مِن صُوَرِ التَّبَرُّج ..
قال العلاّمةُ القاسمي : والتبرّجُ : فُسِّرَ بِالتَّبَختُرِ والتَّكَسُّرِ في المشي ، وبإظهارِ الزينةِ ، وما يُسْتَدْعَى به شَهوةُ الرَّجُل . وبِلُبْسِ رقيقِ الثِّيَابِ التي لا تُوارِي جَسَدَها ، وبِإبداَءِ مَحاسِنَ الْجِيدِ والقَلائدِ والقُرْط . وكلُّ ذلكَ مما يَشْمَلُهُ النَّهْي ، لِما فيهِ مِن المفسَدَةِ والتَّعَرُّضِ لِكَبِيرة .
وإليكِ - حَماكِ الله - طائفةً من أقوالِ المفسِّرين في معنى التبرّج
قال مجاهد في قوله تعالى : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) قال : كانتِ المرأةُ تخرجُ تمشي بين يدي الرِّجَالِ فَذَلِكَ تبرجُ الجاهلية .
وقال قتادةُ (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) : يقول : إذا خَرَجْتُنّ من بُيوتِكُنَّ ، وكانت لهنَّ مِشْيَةٌ وتَكَسَّرٌ وتَغَنُّج ، فَنَهَاهُنَّ اللهُ عن ذلك .
وقال مقاتلُ بنُ حَيَّان : التبرجُ أنها تُلْقِي الخمارَ على رأسِهَا ولا تَشُدُّه فَيُوارِي قَلائدَها وقُرْطَها وعُنُقَها ، ويبدو ذلك كلُّه منها ، وذلك التَّبَرُّج ، ثم عَمَّتْ نِساءِ المؤمنين في التَّبَرُّج.
وهذا يَدلُّ على عمومِ الآية .
وقال ابنُ أبي نُجيح : التَّبَرُّج : التَّبَخْتُر .
( وبَيْن التَّبَرُّج والتَّبَخْتُر عِلاقة وثِيقَة ) .. سأُشِير إليها فيما بعد ..
وقال ابن جُزيّ : (وَلا تَبَرَّجْنَ) التبرُّجُ إظهارُ الزينة . (تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) أي مثلَ ما كان نساءُ الجاهليةِ يَفْعَلْنَ من الانْكِشَافِ والتَّعَرُّضِ للنَّظَر . اهـ .
وقال ابنُ عاشور : التَّبَرُّج : إظهارُ المرأة مَحَاسِنَ ذاتِها ، وثِيابَها وحُلِيَّها بِمَرْأى الرِّجَال.
وقال في مَوضع آخر : والتَّبَرُّج : التَّكَشُّف .
وقال أيضا : فالتَّبَرُّجُ بِالزِّينَةِ : التَّحَلِّي بِمَا لَيسَ مِنْ العَادَةِ التَّحَلِّي بِهِ في الظَّاهِرِ مِنْ تَحْمِير وتَبْيِيض ، وكَذَلِكَ الألْوَانَ النَّادِرَة . اهـ .
ولما أذِنَ اللهُ تبارك وتعالى للكبيراتِ في السِّنِّ أن يَضَعَنَ ثِيابَهُنَّ قَيَّد ذلك بِعَدَمِ التبرُّجِ ، فقال جلّ جلاله : (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَات بِزِينَة) ثم قال عز وجلّ : (يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) . هذا وهُنّ كَبِيرات في السِّنّ .. فكيف بِالشَّابَّات ؟!
قال الإمام السمعاني : وقوله : (غَيْرَ مُتَبَرِّجَات بِزِينَة) أي لا يُرِدْنَ بإلقاءِ الرِّدَاءِ والجلبابِ إظهارَ زِينَتِهِنَّ ومَحَاسِنِهِنَّ ، وأصلُ التَّبَرُّج مِن الظُّهُور . قال الله تعالى : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى)، أي لا تَنْكَشِفْنَ تَكَشُّفَ الجاهليةِ الأولى . وفي التفسير : أنَّ المرأةَ إذا مَشَتْ بين يَدَي الرِّجَال فقد تَبَرَّجَتْ تَبَرُّجَ الجاهليةِ الأولى .
قال القرطبيُّ : من التَّبَرُّج أن تَلْبَسَ المرأةُ ثَوْبَين رَقِيقَين يَصِفَانِها .
وقال القرطبي في قوله تعالى : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى)
مَعْنَى هذه الآيَة الأمْر بِلُزُوم البَيْت ، وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دَخَل غَيرهن فِيه بِاْلَمَعْنَى ، هذا لَو لَم يَرِد دَلِيل يَخُصّ جَمِيع النِّسَاء ، كَيف والشَّرِيعة طَافِحَة بِلُزُوم النِّسَاء بُيُوتِهن والانْكِفَاف عن الْخُرُوج مِنها إلاَّ لِضَرُورَة ... فأمَر الله تَعالى نِساء النبي صلى الله عليه وسلم بِمُلازَمَة بُيُوتِهن ، وخَاطَبَهن بِذلك تَشْرِيفًا لَهُن ، ونَهَاهُنّ عن التَّبَرُّج ، وأعْلَم أنه فِعْل الْجَاهِلِيَّة الأُولى ، فقال : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) .

ثم ذَكَر مَعْنَى التَّبَرُّج فقال : وحَقِيقته إظْهَار مَا سَتْرُه أحْسَن . اهـ .
مِن صُوَر التَّبَرُّج
ضَرْب الْخِلْخَال - ومثله : أصْوَات الأحذيَة والكُعُوب العَالِيَة -
التَّعَطُّر عند الْخُرُوج خَاصَّة إذا كانت المرأة سوف تَمُرّ بِرِجَال أجانب عنها
لبس الْملابِس الْمُزرْكَشَة وإبداؤها ..
لبس الضِّيِّق والشَّفَّاف
إظْهَار الْمحَاسِن للرِّجَال الأجانب
إظهار ما لا يَظْهَر للمَحَارِم أمام النِّسَاء .. كإظْهَار البَطن والصدر أمام النساء ..
وأمَّا أدلّتها فأسوقها إجمالا :
قال صلى الله عليه وسلم : " ربَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة " رواه البخاري .
قال ابن حجر :
واخْتُلِفَ في المرادِ بِقَولِهِ : " كاسية " وَ " عارية " على أوْجُه :
أحدها : كاسيةٌ في الدنيا بالثيابِ لوجودِ الغِنى ، عاريةٌ في الآخرةِ من الثوابِ لِعَدَمِ العملِ في الدنيا
ثانيها : كاسيةٌ بالثيابِ لكنها شفَّافةٌ لا تَسْتُرُ عورتَها ، فتُعاقبُ في الآخرةِ بالْعُرْي ، جزاءً على ذلك
ثالثها : كاسيةٌ من نِعَمِ اللهِ عاريةٌ مِن الشُّكْرِ الذي تَظْهَر ثمرتُه في الآخرةِ بالثواب .
رابعها : كاسيةٌ جسدها لكنها تَشُدُّ خِمَارَها مِنْ وَرَائها فَيَبْدُو صَدْرَها ، فتصيرُ عاريةً فتعاقبُ في الآخرة . اهـ .
وهذا القول الأخير يُشابه تماماً ما إذا وَضَعَتِ المرأة العباءة على كَتِفها ، ثم شدّتْ الخمارَ على رأسِها ، فيبدو حجمَ أعضائها .

وقد أهْدَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأسامةَ بنِ زيد حُلّةً فلم يَرها عليه ، فَسَألَه عنها ، فقال أسامةُ : يا رسولَ الله كَسَوتُها امْرأتي . فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : مُرْها فلتجعلْ تحتها غِلالة ، إني أخافُ أن تَصِفَ حجمَ عظامِها . رواه الإمام أحمد .
وكان عمرُ رضي الله عنه يقول : لا تُلْبِسُوا نِسَاءَكم القَبَاطِيّ ، فإنه إن لا يَشِفّ يَصِفْ .
وقالَ رضي الله عنه : ما يمنعُ المرأةَ المسلمة إذا كانتْ لها حاجةٌ أنْ تَخْرُجَ في أطْمَارِها ، أو أطمارِ جَارَتِها مُسْتَخْفِية لا يَعْلَمُ بها أحَدٌ حتى تَرْجِعَ إلى بَيْتِها .
روى الإمامُ مالكٌ عن علقمةَ بنِ أبي علقمة عن أمِّهِ أنها قالت : دَخَلَتْ حفصةُ بنتُ عبدِ الرحمنِ على عائشةَ زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وعلى حَفْصَةَ خِمَارٌ رَقيقٌ فَشَقَّتْهُ عائشةُ ، وَكَسَتْها خِمَاراً كَثِيفاً .
أي شَقَّتْهُ لئلا تَخْتَمِر به فيما بعد .
ولَو كان يَجوزُ الاختمارُ بِه لما شَقَّتْهُ عائشةُ رضي الله عنها .
ولما قَدِمَ المنذرُ بنُ الزبير من العراقِ فأرْسَلَ إلى أسماءَ بنتِ أبي بكر بِكُسْوَة من ثياب رِقاق عِتاق بَعْدَمَا كَفَّ بصرُها . قال : فَلَمَسَتْهَا بِيَدِها ، ثم قالت : أفّ ! رُدُّوا عليه كِسْوَتَه . فَشَقّ ذلك عليه ، وقال : يا أمَّه ! إنه لا يَشِفّ . قالت : إنها إن لم تَشِفّ ، فإنها تَصِف ، فاشترى لها ثيابا مروية فقَبِلَتْها . رواه ابن سعد في الطبقات .
تقولُ إحدى الأخواتِ عن بعضِ العباءات : فهي أضيقُ من قميصِها الذي تَلْبَسُهُ في مَنْزِلها ، فهي مخصّرةٌ جَذّابةٌ جِداً ؛ تَجْعَلَ النحيفةَ ممتلئة ، وتَجْعَلَ البدينةَ رَشيقة ، فتُخْفِي العيوب ، وتُظْهِرَ المحاسِنَ والمفاتِن .
تزيدُ على ذلك بعضَ العباراتِ التي كُتِبتْ على العباءة ، أو الزركشةَ المُلفتةَ للنظر . انتهى .
وقد نَهى اللهُ نساء المؤمنين عن إظهارِ صوتِ الْخِلخالِ ، فقال : (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) .
هذا .. وهو مُجرَّدُ صَوت !
قال ابنُ عباس : نَهى اللهُ عن ذلك لأنه من عَمِلِ الشيطان .
قال الزَّجاجُ : إسماعُ صوتِ الزينةِ أشدُّ تَحْرِيكاً للشهوةِ من إبْدَائها .
قال الإمام السمعاني : فإن قال قائل : أيش في ضَربِ الخلخالِ ما يُوجِبُ النهي ؟
والْجَوَاب عنه : أنَّ فيه اسْتِدْعَاءَ الْمَيْلِ وتَحْرِيكَ الشَّهْوَة .
ونُهيَتِ المرأةُ أن تَتَعَطَّرَ إذا كانتْ سوفَ تَمُرُّ بِرِجَال أجانب ، فإن فَعَلتْ فَعليها مثلُ إثمِ الزانية .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : أيما امرأة اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بِقَوم لِيَجِدُوا رِيحَها فهي زانية . رواه الإمام أحمد وغيره .
وقال صلى الله عليه وسلم : إذا شَهِدَتْ إحْدَاكُنَّ المسجدَ فلا تَمَسَّ طيباً . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : طِيبُ الرِّجَالِ ما ظهرَ رِيحُه وخَفِي لونُه ، وطِيبُ النساءِ ما ظهرَ لونُه وخَفِيَ ريحُه . رواه الترمذي والنسائي ، وصححه الألباني .
وقد أمَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَن تعطّرتْ أن تَغْتَسِلَ إذا أرادتِ الخروج حتى لو كانت تريد المسجد .
فقد لقيَ أبو هريرةَ رضي الله عنه امرأةً فَوَجَدَ منها ريحَ الطيبِ يَنْفُح ، وَلِذَيْلِها إعصار ، فقال : يا أمةَ الجبار ! جئتِ من المسجد ؟
قالت : نعم .
قال : وله تَطَيَّبْتِ ؟
قالت : نعم .
قال : إني سمعت حِبِّي أبا القاسمِ صلى الله عليه وسلم يقول : لا تُقبلُ صلاةٌ لامرأة تطيَّبَتْ لهذا المسجدِ حتى ترجعَ فتغتسلَ غُسْلَها من الجنابة . رواه الإمام أحمد وأبو داود ، وحسنه الألباني .
" حتى ترجعَ فتغتسلَ غُسْلَها من الجنابة "
ليذهبَ أثرُ الطيبِ وتذهبَ رائحتُه .
وسببُ ذلك ما يكونُ فيهِ مِن تحريكِ الشهوات ، وإثارةِ الفِتَن .
قال العلماء : لئلا يحركن الرجال بطيبهن ، ويلحق بالطيب ما في معناه من المحركات لداعي الشهوة ، كحسن الملبس والتحلي الذي يظهر أثره ، والزينة الفاخرة . كما قالَ العظيم آبادي في عون المعبود .
فتبيّنَ لكلِّ عاقلة أن صورَ التبرّجِ كثيرة ، وقد نهى اللهُ عن التبرّج

أسباب التَّبَرُّج ؟
أسباب التَّبَرُّج كثيرة ، ومنها :
ضَعْف التَّدَيُّن لدى المرأة ، فإنَّ هذه المشكلة هي أساس التَّبَرُّج ، فلو ضَعُف الرَّقِيب ، أو غاب ، أو فُقِد ؛ فلا تتأثَّر المرأة إذا كانت مُتديِّنَة .. أمَّا إذا لم تَكُن مُتدينة فهنا يبدأ الْخَلَل ، ويحصل النقص .
صحيح أنَّ الرَّقيب والوليّ له أثَر تربوي ، وأثَر نفسي .. فقد تترك المرأة التَّبَرُّج لأجْل صَرَامة الولي ، إلاَّ أن الولي يَغفل ويَغيب ويَموت ..
فإذا لم يَكن الْحِرص نِابِعًا من المرأة نفسها فإنها سوف تقع في التَّبَرُّج .. أو في بعض صُوَرِه .
وضَعْف الرِّقابة لله يَصْنَع مثل هذا .. وقد نُربِّي هذا في أنفسنا وفي أولادنا ونحن لا نشعر ..
نفعل ذلك عندما نربط الرِّقابة بأشْخَاصِنَا وذَوَاتِنَا !
ونحن أحْوَج ما نَكون إلى تربية النفوس على الرِّقابة الذاتية لله تبارك وتعالى ، مع عدم إغْفال رِقابة الأهل ..
ومِمَّا يَدْفَع المرأة المسلمة إلى تقوية الجانب الدِّيني وإلى تَرْك ما يُسخِط الله مِن تبَرُّج وسُفور واخْتِلاط وغير ذلك .. أن تَعْلَم أنَّ نِعِيم الدُنيا لا يُساوي غَمْسَة وَاحِدة في العذاب .. كما في الحديث الذي رواه مسلم .
وأنَّ تَعْلَم أن العاقِل مَن يُؤثِر الباقي على الفاني ..
وأنَّ التَّبَرُّج ضَعْف وتَبَعِيَّة .. بل مَرَض وتَخَلُّف .. وهو الداء الذي جَمَع الأدواء !
والْمَرَض الذي جَمَع الأمراض ..

ومِن أسباب التَّبَرُّج
القُدَوات الفاسِدَة .. والناس كأسْرِاب القَطَا ! يَتَشبّه بعضهم بِبعض ..
فالإعلام الفاسِد يَصنَع قُدُوات فاسِدة ! بل يجْعل حُثالة المجتمعات وسَقَطِها هُم القُدُوات ! وهم الأبطال والنّجوم !
ويَتِمّ تلميع قُدُوات وأبطال ونجوم على حِساب كلّ ما هو أصيل !
ولا يُنْكَر تَأثير الصُّحْبَة على الإنسان ..
فالنبي صلى الله عليه وسلم أثْبَت تأثُّر الإنسان بِمُصاحَبَة البهائم العجماوات !
قال صلى الله عليه وسلم : الفخر والخيلاء في الفَدادين أهل الوَبَر ، والسَّكينة في أهل الغنم . رواه البخاري ومسلم .
فصاحِب الإبل يأخذ مِن طِباعها وغِلْظَتِها ! وصاحب الغنم يأخذ مِن سَكِينتها وطِباعها !
فكيف إذا صاحَب إنسانا مثله ، يُؤثِّر عليه .. ويتأثَّر به ؟؟!
ومِن أسباب التَّبَرُّج
ضَعْف الشخصية لدى المرأة !
فلو كانت قوية الشخصية لم تتأثَّر ..
كثيرات يتّبعن الموضة .. ويَتَبرَّجْن .. لا رغبة في التَّبَرُّج ! بل خوفا من وصْمَة ( قَرَويَّة ) !
أو هُروبا مِن أن تُوصَف بالتَّخلُّف !
يَقول د . محمد قطب : حدث منظر على الشاطئ قبل سنوات ، فتاة كان بها بَقِيَّة ضئيلة من الحياء - حَياء الأنثى الطبيعي الفطري - هذه المرأة لَبِسَت "المايوه" وجلست على الرِّمال حول الشاطئ ليلتقط المصور لها صُورة ، فما الذي حدث ؟
جلست بهذه البقية الضئيلة من الحياء مَضْمُومَة الرِّجْلَين ، فقام الْمُصَوِّر يَفْسَح مَا بَيْن رِجْلَيها لِيَلْتَقِط لَها صُورَة تَقَدُّمِيَّة !! ولكنها رَاحت في حَياء َضئيل - تَتَأبَّى عليه- عندئذ قال لها بِلهْجَة ذَاتِ مَعنى : "الله ! هوَّه أنتِ فَلاَّحَة وإلاَّ إيه ؟!! ".
وفي الحال دَبَّتْ هذه الكلمة في صَدْرِها ، فَنَحَرَتْ مَا بَقِي مِن الْحَيَاء ! وجَلَسَتْ مُنْفَرِجَة الرِّجْلَين في طلاقة همجية ، لِتُلْتَقَط لَها الصُّورة ! انتهى .
هكذا فَعَلَتْ مِن غير قَناعة ! ولكن خَوْفا مِن وْصَمة ( فلاّحة ) أو وَصْف ( قروية ) أو لَقَب ( مُتخلِّفَة ) !!
المرأة المسلمة الواثقة بِرَبِّها .. والْمُعْتَزَّة بِدِينها .. لا يهمها ما يُقال عنها ..
فهي تمشي بِخُطُوات واثقة ..
لا تعبأ بما يُقال .. ولا تُصْغِي إلى تُرَّهات ..
فهي مُلْتَزِمة بِحجَابِها .. مُسْتَمْسِكَة بِدِينها .. إن سَافرتْ أو أقامتْ ..
لا تَنْظُر إلى الْحِجَاب على أنه عادة .. بل على أنه عِبادة
هِتافها .. " إنه يا طَالِب النَّجْم حِجَابِي ... لا يُسَاوِمُنِي به غير الْمِنِيَّة "
وحِداؤها .. مُسْلِم يا صِعَاب لن تَقْهَرِينِي ... صَارِمِي قَاطِع وعَزْمِي حَدِيد "
فضعيفة الشخصية والْمَهْزوزة .. ليس لها ثَبَات
وقوية الشخصية ثابتة كَالنَّخْلَة الشَّمَّاء .. أصلها ثَابِت وفَرْعها في السَّماء ..
الْحَلْواء الْمِكْشُوفة ! لا أحَد يَشْتَهِيها .. قد أصابها الغُبار .. ووقع عليها الذُّبَاب ..
وهكذا الْمُتَبَرِّجة .. مُتبَذِّلَة .. قد وقَعَتْ عليها العُيُون ! وأصَابَتْها السِّهَام !
ومِن أسباب التَّبَرُّج
ضَعْف الأمر بالمعروف ولنهي عن الْمنكَر في أوساط النساء .. وتقع مسؤولية تفشي هذا الأمر في أوساط النساء ومجتمعاتهن على عواتق النساء ..
فهناك اجتماعات لا يحضرها الرِّجَال .. ولا يطّلِعون عليها ..
مدارس البنات .. قُصور الأفراح .. الأسواق النسائية .. إلى غير ذلك .. وهذه مُجتمعات نسائية يبدأ تَفْريخ التَّبَرُّج مِنها ! ومِنها تنطلق شرارة التَّبَرُّج الأولى في الغالِب ..
وأنصح بِقراءة كِتاب : مسؤولية النساء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . تأليف الشيخ د . فضل إلهي .

ويُمكن أن يُضاف إلى تلك الأسباب :
ضعف التربية ، وقُصُور التَّنْشئة ..
حضرتُ مرة عند صديق .. وعنده طفلة في الرابعة من عمرها .. فَظَهَر بَعْض سَاق صاحبي فأخذت تُغطِّيه .. وتقول : عيب !
وقديما قيل :
ويَنْشَأ نَاشيء الفتيان مِنَّا *** على مَا كَان عَوَّدَه أبُوه

هذه مُجْمَل أسباب ظُهور التَّبَرُّج ..
وجه الشَّبَه بَيْن تَبَرُّج الجاهلية المعاصرة وتَبَرُّج الجاهلية الأولى ؟
سبق في تعريف التَّبَرُّج ذِكْر ما جاء عن ابن عباس في تَبَرُّج الجاهلية الأولى ، واجْتِمَاع الرِّجال والنساء على مهرجان وفي عِيد وفي غِناء ولَهْو وطَرَب ..
وهذا يُؤكِّد الصِّلَة بين هذه الآثام !

وهذا أيضا يربط بين مقاصد التَّبَرُّج قديما وحديثا !
ومنها :
إخراج المرأة
وإظهار محاسنها ومفاتنها للرِّجَال الأجانب
وأن تَكون سلعة رخيصة ، وألعوبة سهلة يَتَقَاذَفُها سَمَاسِرَة البِغَاء كَتَقَاذُف الكُرَة !
فإذا ما ذَهّبَتْ نَضَارَة وَجْهِها ، وحُسن قَدِّها .. رَمَوها في أقْرب دار عجزة .. أو باتَتْ على الرّصيف بلا مأوى .. وبلا أدنى حقّ
هل سمعتِ بِنِسَاء البَلاستيك ؟!!
يقول الدكتور " روبرت بتلر " - مدير التطوير للكبار في جامعة سيزيا بنيويورك - : أكبر درجة من الخوف تُواجه الفرد في هذه الدولة هي مواجهة الكِبَر ، وفَقْد القدرة على التفكير الصحيح ، ويُصبح نزيلاً لأحد مراكز الرعاية !
وذَكَر الدكتور مختار المسلاّتي في كِتاب " أمريكا كَمَا رأيتها " - وقد عاش أكثر من عشر سنوات في أمريكا - يقول : وهناك نساء يُعرفن بنساء البلاستيك ، منزلها كِيس تحمله في يدها !!
وكان تبرّج الجاهلية الأولى أخَفّ وأهون من تبرّج الجاهلية المعاصرة !
كيف ؟!
الجاهلية المعاصرة امتهنتِ المرأة غاية الْمَهَانَة .. وابْتَذَلَتْها أيما ابتِذال
في بعض دُوَل الحضارة المادِّية .. تتم المتاجَرَة بِجَسَدِ المرأة .. كَمَا يُتاجَر باللحوم !
هناك أماكن خُصِّصت لعرض الأجساد العارية أمام المارة وتَستَعرِض المرأة جسدها - فيما يُشبه ما يُسمّى بـ " فاترينات عرض " - أمام الغادي والرائح بحركات مثيرة علّها تحظى بِذَكَر تصطاده تحصل منه في النهاية على بضع دراهم تَقْتَاتُ منها !
وهذا ما يَسْعَى إليه المفسِدُون تحت شِعارات برَّاقة .. ونداءات تُدغدغ المشاعِر !
يسعون لإخراج المرأة من خِدْرِها بِألْفِ حُجّة وحُجّة .. وبِألْفِ وسيلة ووسيلة ..
فإذا ما تبرّجتِ المرأة فقد مَشَتِ الخطوة الأولى في طريق الفساد
ورِحلة الألْف ميل تبدأ بِخطوة واحدة ، كما يُقال .
وقد جاء التحذير المتكرر في القرآن الكريم مِن خُطُوات الشيطان
سَعى المفسِدُون في دول أوربا وفي بعض الدول العربية لإخراج المرأة وإلى تبرّجها وإلى تمرُّدِها على كل خُلُق فاضل وعلى كُل قِيَم سامية .. حتى تحقق لهم ما يُريدون ..
وصدق الله : (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا) .
انظري إلى اثر مِن تلك الآثار .. وقد شَهِد به شاهِد من أهلها !
نَشَرَتْ صحيفة الشرق الأوسط في العدد (7560 ) الصادر يوم الثلاثاء 28/4/1420هـ تحت عنوان : ( زبائن سوق الدعارة مليون يومياً في ألمانيا )
وجاء في الخَبَر : أعلنت مؤخراً " كريستين برغمان " وزيرة شؤون المرأة والأسرة التي تنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي عن مشروع قانون يُضفي الشرعية !! على نشاط العاهرات اللواتي ينتظرن على الأرصفة … وبمقتضى هذا النص لن يُصبح هذا النشاط مناقضاً للأخلاق الحميدة !! كما سيُتيح للمومسات الاستفادة من الضمان الاجتماعي ، بل سيُعطيهن الحق في اللجوء للقضاء للحصول على هذا الضمان … وأكّدت الوزيرة " برغمان " أنها تعتزم أيضا السماح بإبرام عقود عمل للعاهرات !!… وممارسة البغاء لا تستوجب العقاب من الناحية القانونية وبالرغم من أنه تحكمها العديد من اللوائح . انتهى .

لِتَعْلَم الْمُتَبَرِّجة أنها تَخْدم الرذيلة وتهْدِم الفضيلة شَعُرت أو لم تشعر !

ولِتعْلَم أنها تَضَع قدمها على بداية طريق الزلل ..
يُحدَثني بعض الشباب الذين مَنّ الله عليهم بالهداية .. عن تجارب في عالَم الغَزَل في الأسواق والتَّجمُّعَات ..
يقول بعضهم : كُنَّا والله لا نجرؤ على مُعاكسة المرأة التي تبدو محتشمة .. وإن كُنَّا لا نعلم ما تُخفي وراء ذلك الاحتشام ..
المهم أنها محتشمة .. غير مُتَبَرِّجة .. فلا يَجْرؤ سَفِيه على معاكستها ..
وبَيْن التَّبَرُّج والتَّبَخْتُر عِلاقة وثِيقَة ..
ولذا جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام : خيرُ نِسائكمُ الودودُ الولودُ ، المواتيةُ المواسيةُ إذا اتَّقَينَ الله ، وشَرُّ نِسَائِكُمُ المتَبَرِّجَاتُ الْمُتَخَيِّلاتُ ، وهُنَّ المنافِقَاتُ . لا يَدخلُ الجنةَ مِنْهُنّ إلا مثلُ الغُرَابِ الأعْصَم . رواه البيهقي ، وصححه الألباني .
قال الْمُنَاويّ في فيضِ القدير : وشَرُّ نِسائكم الْمُتَبَرِّجَات ، أي الْمُظْهِرَات زِينَتِهِنَّ للأجانب ، وهو مَذْمومٌ لغيرِ الزَّوج . الْمُتَخَيِّلاتُ ، أي الْمُعْجَبَاتُ الْمُتَكَبِّرات ، والْخُيَلاءُ - بِالضَّم - العُجْب والتَّكَبُّر . وهُنّ الْمُنَافِقَات . اهـ .
فالمرأة المؤمنة لا تتبرّج .. لأنها تؤمن بالله واليوم الآخر ..
وأما الْمُنَافِقَة فهي التي تتبرَّج ..
وهذا بِنصّ هذا الحديث ..
إذا .. فالتَّبَرُّج علامة مِن علامات النِّفاق ..
ولعلي خرجت عن أصل المقارَنة ! بَيْن تَبَرّج الجاهلية الأولى والجاهلية المعاصِرة
وخلاصة القول .. أن تَبَرُّج الجاهلية الأولى أهون وأخَفّ من تبرّج الجاهلية المعاصرة
وكلما زاد البعد عن الدِّين .. زاد التَّبَرُّج
ومن أعْجَب ما قرأت أن عقلاء الغربيين يرفضون التَّبَرُّج !
ولما قام إمبراطور ألمانيا " غليوم " بزيارة تركيا أحبّ أعضاء جمعية الاتحاد والتّرقي التركية أن يُظهروا له تمدّنهم ! فأخْرَجُوا بعض بنات المدارس وهُنّ مُتَبَرِّجَات لاستقباله ، واستغرب الإمبراطور ، وقال للمسؤولين : إني كنت آمل أن أشاهد في تركيا الحشمة والحجاب بحكم دينكم الإسلامي ، وإذا بي أشاهد التَّبَرُّج الذي نشكو منه في أوربا ، ويقودنا إلى ضياع الأسرة ، وخراب الأوطان ، وتشريد الأطفال !!
فهذه أوربا تشكو مِنْ ويلات التّبرج ، وتجني ثمرات الاختلاط ، وتعاني من داء عضال ، اسمه " خروج المرأة من بيتها " الخروج الذي أخلّ بوظيفتها الأساس .
والتاريخ يُعيد نفسه !
فأولئك أخرجوا بعض بنات المدارس وهُنّ مُتَبَرِّجَات .. إنما أخْرَجُوهنّ لإظهار صورة التحضّر - بِزَعْمِهم - أمام الغربيين !
وهذا كَحَال دعاة تحرير المرأة - زَعَمُوا - اليوم عندما يريدون إظهار مجتمعاتنا بالصورة التي تُرضي الغرب !!
ومِن طريف ما قرأت أن سفير الدولة العثمانية اجتمع في بلاد الإنجليز مع كبراء الدولة ، فقال أحد الكبراء للسفير : لماذا تُصرّون أن تبقى المرأة المسلمة في الشرق الإسلامي متخلِّفة معزولة عن الرجال محجوبة عن النور ؟! فردّ السفير العثماني - بذكاء وسرعة بديهة - : لأن نسائنا المسلمات في الشرق لا يرغبن أن يَلِدْنَ من غير أزواجهن ! فخجل الرجل وسكت ، وبُهِت الذي كفر .
أقول " دُعَاة تحرير المرأة " - زَعَمُوا - ، أي : هذا بِزَعْمِهم
وإلاَّ فإنّ الحقيقة أنهم " دُعَاة تَخريب المرأة " ؛ لأن الإسلام هو الذي حَرَّر المرأة ، وهُم إنما يُريدون تَخريب المرأة لا تَحريرها !
أو نَقول - مِن باب التَّنَزُّل مع الخصم - دُعاة تَحرير المرأة .. ولكن مِن كُلّ فضيلة !
يَعني : هم يُريدون تحرير المرأة مِن كُل فضيلة !

والله المستعان ..

_ _ _ _ _ _ _

كتبه الشيخ
عبدالرحمن بن عبدالله السحيم

رد مع اقتباس