عرض مشاركة واحدة

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفتـاوى العامـة
افتراضي هل الخوف من المقابر يدلّ على ضَعف الإيمان ؟
قديم بتاريخ : 05-03-2016 الساعة : 12:53 AM


لي صديق يخاف من المقابر فهل هذا دليل على ضعف الإيمان ؟ أرجو من فضيلتكم التوضيح وجزاكم الله خيرا



الجواب :

جزاك الله خيرا .

لا يَلْزَم أن يكون ذلك دليل ضَعْف إيمان .
ومَن كان له قَلْب تأثّر برؤية المقابِر .
قال عليه الصلاة والسلام : زُورُوا الْقُبُورَ ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ . رواه مسلم .

وكان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر بَكى حتى يبلّ لحيته ، فيقال له : تَذْكُر الجنة والنار فلا تبكي ، وتبكي مِن هذا ؟ فيقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن : القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه . قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما رأيت منظرا إلاَّ والقبر أفظع منه . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه .

قال القرطبي في تفسيره : قال العلماء : ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يُكثر من ذِكر هاذم اللذات ، ومُفَرق الجماعات ، ومُوتم البنين والبنات ، ويُواظب على مشاهدة الْمُحْتَضَرين ، وزيارة قبور أموات المسلمين ؛ فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قَسَا قلبه ولَزِمه ذَنبه أن يَستعين بها على دواء دائه ، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه ، فإن أنتفع بالإكثار من ذكر الموت وأنْجَلَتْ به قَسَاوة قلبه فذاك ، وإن عظم عليه ران قلبه واستحكمت فيه دواعي الذنب فإن مُشَاهدة الْمُحْتَضَرِين وزيارة قبور أموات المسلمين تَبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول ؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير ، وقائم له مقام التخويف والتحذير ، وفي مشاهدة مَن أحْتُضِر وزيارة قبر من مَات من المسلمين مُعاينة ومُشاهدة ، فلذلك كان أبلغ من الأول ... فأما الاعتبار بِحال الْمُحْتَضَرِين فغير ممكن في كل الأوقات ، وقد لا يَتَّفق لمن أراد علاج قلبه في ساعة مِن الساعات ، وأما زيارة القبور فوجودها أسرع والانتفاع بها أليق وأجدر ؛ فينبغي لمن عَزَم على الزيارة أن يتأدب بآدابها ، ويُحْضِر قلبه في إتيانها ، ولا يكون حظه منها التطواف على الأجداث فقط ، فإن هذه حاله تشاركه فيها بهيمة ، ونعوذ بالله من ذلك ، بل يقصد بزيارته وجه الله تعالى ، وإصلاح فساد قلبه ... ثم يعتبر بمن صار تحت التراب ، وانقطع عن الأهل والأحباب ، بعد أن قاد الجيوش والعساكر ، ونافس الأصحاب والعشائر ، وجَمَع الأموال والذخائر ؛ فجاءه الموت في وقت لم يحتسبه ، وهَوْل لم يَرْتَقِبه ، فليتأمل الزائر حال مَن مَضى مِن إخوانه ، ودَرَج مِن أقرانه ، الذين بَلَغُوا الآمال ، وجَمَعوا الأموال ، كيف انقطعت آمالهم ، ولم تُغْن عنهم أموالهم ، ومَحَا التراب مَحَاسِن وجوههم ، وافترقت في القبور أجزاؤهم ، وتَرَمَّل مِن بعدهم نساؤهم ، وشَمِل ذُل اليتم أولادهم ، واقْتَسم غيرهم طَرِيفهم وتِلادَهم ، وليتذكر تَردّدهم في المآرب ، وحرصهم على نَيل المطالب ، وانخداعهم لِمُواتاة الأسباب ، وركونهم إلى الصحة والشباب ، وليعلم أن ميله إلى اللهو واللعب كَمَيْلِهم ، وغفلته عَمّا بين يديه من الموت الفظيع والهلاك السريع كَغَفْلَتِهم ، وأنه لا بد صائر إلى مصيرهم ، وليُحْضِر بِقَلْبه ذِكْر مَن كان مترددا في أغراضه ، وكيف تَهَدَّمت رِجلاه ، وكان يتلذذ بالنظر إلى ما خَوَّله وقد سَالت عيناه ، ويَصول بِبَلاغة نُطْقِه وقد أكل الدود لِسانه ، ويضحك لِمُواتاة دهره وقد أبلى التراب أسنانه ، وليتحقق أن حاله كَحَاله ، ومَآله كَمَآله ، وعند هذا التذكر والاعتبار تَزول عنه جميع الأغيار الدنيوية ، ويُقْبِل على الأعمال الأخروية ، فيزهد في دنياه ، ويُقْبل على طاعة مولاه ، ويَلِين قلبه ، وتَخْشَع جوارحه . اهـ .

وهنا :
هل يُعدّ عدم التفكير بالموت والخوف منه غفلة وقسوة قلب ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3155

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


رد مع اقتباس