كيف يكون تجديد وتقوية العقيدة ؟
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك شيخنا ، ونفع بك الإسلام والمسلمين
سائل يقول : كيف أقوي عقيدتي ؟ الحمد الله أقوم بالفرائض والسنن وأريد تقوية عقيدتي ، وأتوكل ولا أخاف غير من الخالق
أتمنى النظر لسؤالي من جميع الجوانب تعبت يا شيخ
أفتنا مأجورين

http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك .


أما كيف يُقوّي المسلم عقيدته ؛ فيكون بزيادة الإيمان بالله عزَّ وجَلّ .

وزيادة الإيمان لها أسباب ، منها :

معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله ، فإنه كلما ازدادت معرفته بالله تعالى ازداد إيمانه ويقينه بالله عز وجل .
وتلاوة كلام الله تبارك وتعالى بالتدبّر والتفهّم لِمعانيه .

قال شيخنا العثيمين رحمه الله في قوله تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ) ، فَبَرَكة القرآن في تلاوته وتدبّره ، والعمل به ، وما يحصل فيه مِن التأثير على القلب لزيادة الإيمان ، ومعرفة الله عز وجل وأسمائه وصفاته وأحكامه ، وكذلك ما حَصل فيه مِن التأثير على الأمم ، حيث فتح الله بهذا القرآن مشارق الأرض ومغاربها ؛ كل هذا من بركاته ، وكذلك ما حَصل للمتمسّكين به مِن الرفعة والعزة والظهور على جميع الأمم ، وكذلك ما يحصل للمتمسك به من صحة القصد ، وسلامة المنهج ، والسعادة في الدنيا والآخرة،فالمهم أن بركات هذا القرآن لا تحصى .
وقوله: (لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ) ، هذا فيه ثناء عظيم على مَن تذكّر بالقرآن واتَّعَظ به ، وأنه هو صاحب اللب ، أي العقل . اهـ .

وقال رحمه الله عن أسباب زيادة الإيمان
للزيادة أسباب :
السبب الأول: معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، فإن الإنسان كلما ازداد معرفة بالله، وبأسمائه، وصفاته ازداد إيماناً بلا شك ، ولهذا تجد أهل العلم الذين يعلمون من أسماء الله وصفاته ما لا يعلمه غيرهم ، تجدهم أقوى إيمانا مِن الآخرين من هذا الوجه.
السبب الثاني : النظر في آيات الله الكونية، والشرعية، فإن الإنسان كلما نظر في الآيات الكونية التي هي المخلوقات ازداد إيمانا ، قال تعالى : (وَفِي الأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) ، والآيات الدالة على هذا كثيرة ، أعني الآيات الدالة على أن الإنسان بتدبره وتأمله في هذا الكون يزداد إيمانه.
السبب الثالث : كثرة الطاعات ، فإن الإنسان كلما كثرت طاعاته ازداد بذلك إيمانا سواء كانت هذه الطاعات قولية ، أم فعلية ، فالذِّكْر يزيد الإيمان كمية وكيفية، والصلاة والصوم، والحج، كل ذلك يزيد الإيمان أيضا كمية وكيفية . اهـ .

وكذا النظر في آيات الله الكونية ، فإن الله عزَّ وجَلّ أمَر بالسير في الأرض ، والنظر في آياته الكونية ، نَظَر تفكّر واعتبار ، ونَظَر بَصَر وتأمّل .

قال الشيخ الشنقيطي : كَلُّ مَوْضِعٍ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِيهِ بِالْمَسِيرِ فِي الأَرْضِ ، سَوَاء كَانَ السَّيْرَ الْحِسِّيَّ عَلَى الأَقْدَامِ وَالدَّوَابِّ، أَوِ السَّيْرَ الْمَعْنَوِيَّ بِالتَّفْكِيرِ وَالاعْتِبَارِ ، أَوْ كَانَ اللَّفْظُ يَعُمُّهُمَا ، وَهُوَ الصَّوَابُ ؛ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الاعْتِبَارِ وَالْحَذَرِ أَنْ يَحِلَّ بِالْمُخَاطَبِينَ مَا حَلَّ بِأُولَئِكَ ؛ وَلِهَذَا أَمَرَ سُبْحَانَهُ أُولِي الأَبْصَارِ بِالاعْتِبَارِ بِمَا حَلَّ بِالْمُكَذِّبِينَ . اهـ .

ويَزيد اليقين بالله عزَّ وجَلّ بكثرة العَمَل الصالح .
ولذلك أُمِر بالعمل الصالح عند اشتداد الفتن ، كما قال عليه الصلاة والسلام : الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ . رواه مسلم .
وكلّما قَوِيت صِلَة العبد بِربِّه كلما كان أقوى وأثبَت لإيمانه ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : المؤمن القوي خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير . رواه مسلم .
فالقوّة قوّة القلب ، وإنما يَقوى القلب بِحسب ما فيه من إيمان .

وكلّما كانت صِلَة الإنسان بِربِّه أقوى كلَّمَا كان أصْلَب عُودا ، وأشدّ ثباتا ، وأقوى إيمانا ، كما قال تبارك وتعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) .

وأنصح بالقراءة في الكتب التي تُعنَى بزيادة الإيمان والتفكّر في خَلْق الله وبديع صُنعه ، مثل كتاب : مفتاح دار السعادة ، لابن القيم ، وكتاب : شفاء العليل ، له أيضا .

وسبق :
مُحاضرة بعنوان : مِن أسباب الثبات
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11622

خُطبة جُمعة (مِن أسبابِ الثباتِ)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=14752

كيف يكون الإنسان مُتوكِّلاً على الله حقًّا ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16648

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض