منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسم القـرآن وعلـومه (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=20)
-   -   تفسير آيه: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.. (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8625)

محب السلف 02-04-2010 01:32 PM

تفسير آيه: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا..
 
السلام عليكم ورحمة الله

شيخنا الفاضل

بارك الله فيكم وفي علمكم

كنت أود الاستفسار عن تفسير تلك الآية ( قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) فقد قرأت تفسيرها في السعدي وكان كذلك:

( قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) أي: لا تبعة عليهم فيها. ومفهوم الآية أن من لم يؤمن باللّه، بل استعان بها على معاصيه، فإنها غير خالصة له ولا مباحة، بل يعاقب عليها وعلى التنعم بها، ويُسأل عن النعيم يوم القيامة.

ثم قرأت موضوع فسر فيه كاتبه هذه الآية كذلك: {قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} إذًا؛ هي خالصة كاملة يوم القيامة، أما في الدنيا فناقصة مبتورة. فلذلك لابد أن تترك بعض شهواتك لله

فهل ورد تفسير صحيح يفسر الآية كذلك؟ أم أن هذا التفسير خطأ؟

وجزاكم الله خيرا


http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وجزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك .

القرآن حَمَّال أوْجه ، والآية تحتمل المعنيين .
فعلى المعنى الأولى : تكون للمؤمنين في الحياة الدنيا ،ثم تخلُص لهم يوم القيامة ، ولا يُحاسب المؤمن على تناول الطيبات ، ويُعاقَب الكافر على تناول الطيبات ؛ لأن الكُفر اعظم جُحود .

وعلى المعنى الثاني : أن الطيبات في الحياة الدنيا لا تصفو ؛ لِمَا يعقبها مِن مُنغِّصَات . وترك بعض الطيبات كان طريق السلف خشية التوسّع والتمادي في المباح ، فيُوقِع في المشتابِه ، ويحمِل على الشِّبَع والأشر والبَطَر .

قال القرطبي : وقد اخْتُلِف في تَرْك الطَّيِّبَات والإعْرَاض عن اللذَّات ؛ فَقَال قَوم : ليس ذلك مِن القُرُبات ، والفِعْل والتَّرْك يَسْتَوي في الْمَبَاحَات . وقَال آخَرُون : لَيس قُرْبة في ذَاتِه ، وإنَّمَا هو سَبِيل إلى الزُّهْد في الدُّنيا وقِصَر الأمَل فيها ، وتَرْك التَّكَلُّف لأجْلِها ؛ وذلك مَنْدُوب إليه ، والْمَنْدُوب قُرْبَة .

وقَال آخَرُون : ونُقِل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قَوله : لَو شِئنَا لاتَّخَذْنا صِلاء وصَلائق وصِنَابًا ، ولكني سَمِعْتُ الله تعالى يَذُم أقْوَامًا فَقَال : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا) .

وفَرَّق آخَرُون بَيْن حُضُور ذلك كُلّه بِكُلْفَة وبِغَير كُلْفَة . قال أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي شيخ أشياخنا : وهو الصحيح - إن شاء الله عَزَّ وَجَلّ ، فإنه لَم يُنْقَل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه امْتَنَع مِن طَعام لأجْل طِيبِه قَطّ ، بل كَان يَأكُل الْحَلْوى والعَسَل ، والبطِّيخ والرُّطَب ، وإنما يُكْرَه التَّكَلُّف لِمَا فيه مِن التَّشَاغُل بِشَهَوَات الدُّنيا عن مُهِمَّات الآخِرة .

وقال : والذي يَضْبِط هذا البَاب ويَحْفَظ قَانُونَه على الْمَرْء : أن يَأكُل مَا وَجَد طَيِّبا كان أو قَفَارًا ، ولا يَتَكَلَّف الطَّيِّب ويَتَّخِذه عَادَة ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يَشْبع إذا وَجَد ، ويَصْبر إذا عَدِم ، ويَأكُل الْحَلْوى إذا قَدِر عليها ، ويَشْرَب العَسَل إذا اتَّفق له ، ويَأكُل اللحْم إذا تَيَسَّر ، ولا يَعْتَمِد أصْلا ، ولا يَجْعله دَيْدَنًا .

ومَعِيشَة النبي صلى الله عليه وسلم مَعْلُومَة ، وطَرِيقَة الصَّحَابَة مَنْقُولَة . فأمَّا اليَوْم عند اسْتِيلاء الْحَرَام وفَسَاد الْحُطَام ، فالْخَلاص عَسِير ، والله يَهَب الإخْلاص ويُعِين على الْخَلاص بِرَحْمَتِه . وقِيل : إنَّ التَّوْبِيخ وَاقِع على تَرْك الشُّكْر لا على تَنَاوُل الطَّيِّبَات الْمُحَلَّلَة . وهو حَسَن ؛ فإنَّ تَنَاوُل الطَّيِّب الْحَلال مَأذُون فِيه ، فإذا تَرَك الشُّكْر عليه واسْتَعَان به على مَا لا يَحِلّ له فَقَد أذْهَبه .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد


الساعة الآن 01:30 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى