هل قال الرسول ﷺ لأصحابه "قولوا سمعنا وأطعنا وسلّمنا" أم "قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا"
 

السلام عليكم شيخي الفاضل
يا شيخ ورد في صحيح مسلم عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية : وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [البقرة:284]. قال دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم قولوا : سمعنا وأطعنا وأسلمنا قال : فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى : لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا قال: قد فعلت.رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا قال قد فعلت:وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا قال: قد فعلت.
1-د قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الرواية (( قولوا : سمعنا وأطعنا وأسلمنا ))
2-ما في رواية أخرى يوافقها القرآن (( قولوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ))
وكلا الروايتين صحيحتين
فأي القولين قاله لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .؟ الأول أم الثاني ؟ لأن إذا قالوا سمعنا وأطعنا وأسلمنا فهذا خلاف ما في الآية
سمعنا واطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير
وسؤال آخر متعلق بالحديث نفسه والسؤال نفسه هل دعوا الله بالدعاء الوارد في الآية (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فانصرنا على القوم الكافرين )) فقال الله عند دعائهم قد فعلت أم أنه سبحانه أنزل هذه الآيات فلما قرؤوها قال (( قد فعلت )) . ؟
http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

القصة خرجها الإمام مسلم من حديث أبي هريرة ، وفيها : قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير .
ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وفيها : قولوا سمعنا وأطعنا وسَلّمْنا .

وحديث أبي هريرة أرجح في الرواية .

وإن كان يُمكن الجواب عما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه مرويّ بالمعنى ، فيكون حينئذ معنى : " وسَلّمنا " : غفرانك ربنا وإليك المصير .
لأن سؤال الله المغفرة واعتقاد أن المعاد إليه ، متضمّن معنى التسليم .

وما يُؤيّد أن حديث ابن عباس مروي بالمعنى قوله فيه : " فَأَلْقَى اللَّهُ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ " ، بينما في حديث أبي هريرة : " فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا ... " .

وفي رواية لأحمد من حديث ابن عباس : قولوا : سمعنا وأطعنا . قالوا : سمعنا وأطعنا .
فيكون ما بعدها مطويا في هذه الرواية .

وفي حديث ابن عباس : " قال : قد فعلت " ، وفي حديث أبي هريرة قال : " نعم " .
قال القرطبي : قال علماؤنا : قوله في الرواية الأولى : " قد فعلت " ، وهنا قال : " نعم " دليل على نقل الحديث بالمعنى . اهـ .

وقول الله : " قد فعلت " مِـنّـة من الله وفضل ؛ فإن الله أنْزل الآية الأخيرة للتخفيف عن عباده المؤمنين ، فقوله : قد فعلت " أي : إذا قلتم ذلك ، فقد فعلت واستجبت ؛ ويكون مبناه على عِلْم الله تعالى بِصِدق استجابتهم . أو يكون بمعنى أنهم إذا قالوا ذلك ، فإن الله قد فَعَل ، وأجاب ما سألوه من التخفيف .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض