منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   منتـدى الحـوار العـام (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=2)
-   -   حال السلف مع الوقت (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=16866)

محب العلماء 25-05-2021 04:24 PM

حال السلف مع الوقت
 
حال السلف مع الوقت

جاءت الإجازة وما أدراك ما الإجازة، فكيف سيفعل بالوقت يا عباد الله؟

الدنيا ثلاثة أيام: أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلك لا تدركه، وأما اليوم فهو لك فاعمل فيه. يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك. إن اغتممت بما ينقص من مالك فابك على ما ينقص من عمرك.

كان بعضهم إذا أطال الناس الجلوس عنده قال: أما تريدون القيام؟ إن الشمس لا تمسك عن الجري.

قال ابن القيم: إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.

فما أشد جهالة من يقول: تعال نقتل الوقت، طفشانين، لا ندري ماذا نفعل، ما أشد التفريط والحسرة لمن ضيع عمره فيما لا ينفعه.

قال الحسن البصري: أدركت قوماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم شحاً وحرصاً على دراهمكم ودنانيركم.

قال ابن مسعود: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي.

دخل أحدهم على البيروني يجود بنفسه وقد حشرج نفسه وضاق به صدره وبلغ من العمر ثمان وسبعين سنة، فسأل البيروني وهو في حالة النزع علي بن عيسى في مسألة فقهية، فأشفق عليه وقال: أفي هذه الحالة؟ فأجابه: يا هذا أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، ألا يكون خيراً من أن أخليها وأنا جاهل بها، فأخذ المسألة ووعاها، قال ابن عيسى: فخرجت من عنده فسمعت الصراخ وأنا في الطريق، أي على موته.

قال عمر: إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللاً لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة.

ما أكثر الشباب الذين يصفقون بالأسواق ويطوفون في الطرقات ويتمشون في الشوارع ويدخلون المحلات، سبهللاً، لا في عمل دنيا ينفعه ويعود عليه بمال، ولا في عمل آخرة، وإنما إضاعة أوقات على أحسن الأحوال، ومعاصي ومحرمات في أسوأها.

قال أبو الوفاء ابن عقيل: إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة، أو مناظرة، وتعطل بصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي، وأنا منطرح فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، ولذلك كتب كتاب الفنون في ثمانمائة مجلد، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في الثمانين أشد ما كنت أجده وأنا ابن عشرين.

وإن أجل تحصيل عند العقلاء بإجماع العلماء هو الوقت، فينبغي للمسلم أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، وكان بعض العلماء لا ينام إلا اضطراراً، لا ينام عادة.

وكان النووي يحضر اثنا عشر درساً كل يوم، وكان الشوكاني يدرس لطلابه ثلاثة عشر درساً كل يوم في العلوم المختلفة الشرعية، من التفسير، والحديث، والأصول، والنحو، والمعاني، والبيان، وغير ذلك، سوى ما كان يأتيه من فتاوى تحتاج إلى تحرير الجواب، وكتابته، بالإضافة إلى المؤلفات التي كان يؤلفها.

كان بعض السلف ملأ يومه كله بمجالس العلم، فلا ينتهي من مجلس حتى يذهب إلى آخر، حتى إذا لم يجد من الوقت ما يشوي به طعامه ربما أكله نيئاً.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ، وبالليل للنسخ والمقابلة، نسخ ما سمعوه من الشيوخ والمقابلة لتصحيح النسخ فأتينا يوماً أنا ورفيق لي شيخاً فقالوا: هو عليل، يعني مريض، فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتنا، فاشتريناها، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس فلم يمكنا إصلاحه أي طبخ هذه السمكة، ومضينا إلى المجلس فلم نزل نطوف في المجالس مشغولين بطلب العلم، حتى أتى علينا ثلاثة أيام، وكاد أن يتغير فأكلناه نيئاً لم يكن لنا فراغ أن يعطيه من يشويه، ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد

من خطبة للشيخ محمد صالح المنجد


الساعة الآن 02:17 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى